الله خالق السماء

أنشد المزمور: "السماوات تنطق بمجد الله والفلك يُخبر بأعمال يديه". ما هذا الكلام؟ أمَا تُعبد السماء؟ والشمس هي إله، وكذلك القمر الذي هو "سين" (ومن هنا جبل سيناء)، أو "يرح" ومن هنا اسم الشهور التي ترافق بداية القمر ونهايته كلَّ ثلاثين يومًا تقريبًا. هكذا قال الأقدمون فأخطأوا، على ما قال سفر الحكمة: عبدوا الكواكب والنيِّرات في السماء، وسألوها عن المستقبل المخبَّأ لهم. من هنا "التنجيم" أو عبادة النجوم. قال الكتاب: "انطلاقًا من الكواكب المنظورة، لم يستطيعوا أن يعرفوا الكائن الذي هو." حسبوا الشمس والقمر والكواكب آلهة، وسُحروا بجمالها. فيا ليتهم عرفوا أنَّ سيِّدها، أنَّ خالقَها أجمل منها.

في الكتاب المقدَّس، السماء هي عرش الله والأرض موطئ قدميه. أمَّا الشمس فتشبه السراج الذي يُضاء في الهيكل خلال النهار، والقمر يُشبه ذاك الذي يُضاء في الليل. الربُّ خلق الشمس لتفصل بين النهار والليل، وخلق القمر ليساعد الإنسان على تحديد الأعياد: الفصح والعنصرة والمظالّ. قال المزمور: "صنع الله القمر لتحديد زمن العيد، أمّا الشمس فتعرف متى تغيب. تجعل ظلمة فيصير ليل، فيه تدبُّ كلُّ حيوانات الغاب. تشرق الشمس فتجتمع الوحوش..." ويواصل: "ما أعظم أعمالك يا ربّ!" الشمس، القمر، الكواكب، البحر، النهر... كلُّ هذه التي تعبَّد لها الإنسان وقدَّم لها الذبائح، هي أعمال الله. لهذا في نشيد الخلق، لم يقل الكاتب اسم الشمس والقمر، بل دعاهما "نيِّرين"، "سراجين" في خدمة الإنسان. فكيف يجرؤ الإنسان أن يعبد "مخلوقة" من المخلوقات؟ عبد المصريُّ نهر النيل لأنَّه اعتبر فيه الحياة. ويتعبَّد غيره للشجرة، ونحن نتعبَّد لهذا "الكبير" أو ذاك، فنرتمي على قدميه، فنعطيه فكرَنا وعقلَنا، فلا نعود نفكِّر إلاَّ كما يفكّر.

ما أتفهَ الإنسان وما أصغرَ عقله! رفعه الله إلى السماء، فإذا هو ينزل وينزل...


 

سفر المزامير 33: 1-15

رنِّموا للربِّ أيُّها الصدِّيقون، فالتهليل يليقُ بأهل الاستقامة. احمدوا الربَّ بالكنّارة، وبعودٍ من عشرة أوتار رتِّلوا له. أنشدوا له نشيدًا جديدًا، وأحسنوا التنغيمَ مع الهتاف. كلام الربِّ مستقيم، وكلُّ أفعالِه حقّ. يحبُّ العدلَ والإنصاف، ومن رحمتِه تمتلئ الأرض، بكلمته صُنعتِ السماوات، وبنسمةٍ من فمه كلُّ أفلاكها. يكوِّمُ مياهَ البحر كالتلِّ، ويجعلُ الأعماق مستودعًا للغمر. خافي الربَّ يا كلَّ الأرض. استجيروا به يا كلَّ أهل الدنيا، لأنَّه قال فكان كلُّ شيء، وأوصى فثبَّت كلَّ كائن. الربُّ يبطلُ مشورة الأمم ويقاومُ ما تنويه الشعوب. مشورتُه تثبتُ إلى الأرض، ونيَّاتُ قلبه إلى جيل بعد جيل.

 

هنيئًا لأمِّه إلهها الربّ، لشعبٍ اختارَه ميراثًا له. الربُّ ينظر من السماء فيرى جميع بني البشر. يراقبُ من موضع سكناه، جميع المقيمين في الأرض. يتصوَّر ما في قلوبهم ويتبيَّن أعمالهم كلَّها.

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM