الله الخالق

رأى الناس الكون، فاعتبروه موجودًا. هم يقيمون فيه، ولهذا لم يطرحوا سؤالاً عن أصله. ورأى بعض الفلاسفة أنَّ الكون أزليٌّ، شأنَه شأنَ الله. كانت الفوضى تعمُّ فيه، فجاء الإله ورتَّبه وزيَّنه، كما الأمُّ تفعل في بيتها. كان فيه بعض الشرِّ، على ما قالت بعض الأساطير البيبليَّة، وكانت نتيجة الطوفان، ولكنَّه قُهر.

حتَّى في الكتاب المقدَّس، نرى أنَّ المادَّة موجودة؛ وأنَّ الله اكتفى بأن يفصل الماء عن اليابسة، ويزيِّن السماء بالنيِّرات، والأرض بالنبات والحيوان. وفي النهاية، خلق الإنسان على صورته ومثاله. وراح العلماء يرون عمر الكون: خمسة مليارات من السنين، عشرة مليارات، ولا أحد يدري إلى أين نصل.

ولكم منذ البداية البداية، انطلق فعل الإيمان: في البدء خلق الله السماء والأرض. هو عنوان الكتاب المقدَّس كلِّه. بداية العالم وبداية الزمن. الربُّ بدأ هذه البداية ساعة أراد هو. العائش في اللامحدود نزل إلى المحدود. هو الكائن خلق قربه كائنات. الكائنات موجودة في قلب الكائن الأزليّ، في قلب العائلة البشريَّة. فالله الذي هو الحبُّ، أراد أن يَفيض هذا الحبَّ في مخلوقات جميلة، حلوة، تنشد كلَّ يوم لتضع الفرح في الكون.

في البدء خلق. ويتردَّد الفعل. خلق "التنانين". كان الناس يخافون منهم. هم خليقة الله، يلعب بهم كما الطفل بلعبته. ثمَّ "خلق الإنسان على صورته كمثاله." ثمَّ "خلق الإنسان ذكرًا وأنثى." وينتهي نشيد الخلق (تك 1) بهذا الكلام: "استراح الله من العمل الذي خلقه..." ويبدأ خبر الخلق (تك 2): "هكذا وُلدتْ السماوات والأرض حين خُلقت." خلق الله في الماضي، وهو يخلق اليوم وكلَّ يوم بانتظار الخلق الأخير حيث تكون "سماوات جديدة وأرض جديدة" بعد أن تصير التي نعرفها عتيقة.


 

سفر التكوين 1: 1-19

في البدء خلق الله السماوات والأرض، وكانت الأرضُ خاوية خالية، وعلى وجه الغمر ظلام، وروحُ الله يرفُّ على وجه المياه.

وقال الله: "ليكن نور"، فكان نور. ورأى الله النورَ أنَّه حسنٌ. وفصلَ الله بين النور والظلام. وسمَّى الله النورَ نهارًا والظلامَ سمَّاه ليلاً. وكان مساءٌ وكان صباحٌ يومٌ أوَّل.

وقال الله: "ليكن في وسط المياهِ جلدٌ يفصل بين مياه ومياه، فكان كذلك: صنع الله الجلد وفصل بين المياه التي تحت الجلد والمياه التي فوق الجلد. وسمَّى الله الجلد سماء. وكان مساءٌ وكان صباح: يومٌ ثان.

وقال الله: "لتجتمعِ المياهُ التي تحت السماء إلى مكان واحد، وليظهرِ اليبس"، فكان كذلك. وسمَّى الله اليبسَ أرضًا ومجتمع المياه سمَّاه بحارًا. ورأى الله أنَّ ذلك حسن.

وقال الله: "لتُنبتِ الأرضُ نباتًا: عُشبًا يبرزُ بزرًا، وشجرًا مثمرًا يحملُ ثمرًا، بزره فيه من صنفه على الأرض"، فكان كذلك. فأخرجتِ الأرضُ نباتًا: عشبًا يبرز بزرًا من صنفه، وشجرًا يحمل ثمرًا، بزره فيه من صنفه. ورأى الله أنَّ ذلك حسن. وكان مساءٌ وكان صباح: يومٌ ثالث.

وقال الله: "ليكن في جلد السماء نيِّراتٌ تفصلُ بين النهارِ والليل، وتشيرُ إلى الأعياد والأيَّام والسنين، ولتكن النيَّراتُ في جلد السماء لتضيءَ على الأرض"، فكان كذلك. فصنع الله الكواكبَ والنيِّرين العظيمين: الشمسَ لحُكم النهار، والقمرَ لحكم الليل، وجعلها الله في جلد السماء لتضيء على الأرض ولتحكمَ النهار والليلَ وتفصلَ بين النور والظلام. ورأى الله أنَّ هذا حسن. وكان مساءٌ وكان صباح: يوم رابع...


 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM