وصعد إلى السماء

أخبرنا سفر الأعمال أنَّ يسوع المسيح الذي قام من بين الأموات، تراءى للتلاميذ "مدَّة أربعين يومًا بعد آلامه" (1: 3). ظهور بعد ظهور، ولاسيَّما يوم الأحد، يوم الربّ، واليوم الذي فيه تلتئم الجماعة للاحتفال بالإفخارستيّا. وخلال هذه الأيَّام، كان يكلِّمهم عن ملكوت الله. عندئذٍ "ارتفع إلى السماء وهم يشاهدونه، ثمَّ حجبته سحابةٌ عن أنظارهم" (آ9). نتذكَّر هنا أنَّ جسد يسوع بعد القيامة هو جسد ممجَّد. يعني لا يُرى بعينين بشريَّتين إلاَّ إذا هو فتح العيون، كما حصل في التجلِّي. وفي العهد القديم، يتراءى الله ويرتفع، لأنَّ الله، في مفهومنا، يُقيم في السماء، يقيم فوق. "شاهدوه" يبتعد عنهم. يرتفع. أمّا "السحابة التي حجبته" فهي رمز إلى ظهور الله وإخفائه في الوقت عينه.

هذا الذي نزل من السماء صعد الآن وعاد إلى الآب. قال يسوع لنيقوديمس واليهود: "ما صعد أحد إلى السماء إلاَّ ابن الإنسان الذي نزل من السماء" (يو 3: 13). قال يسوع لهم هذا الكلام حين كلَّمهم عن الولادة الجديدة وما فهمها نيقوديمس ولا اليهود الذين "لا يقبلون شهادتنا" (آ11). حينئذٍ قال: "إذا كنتم لا تصدِّقون ما أُخبركم عن أمور الأرض، فكيف تصدِّقون إذا أخبرتكم عن أمور السماء؟" (آ12).

صعد المسيح إلى السماء وأعدَّ لنا مكانًا. فقال الرسول: "لنا في السماء بيت أبديّ من بناء الله غير مصنوع بالأيدي" (فل 5: 1). فكم نتأوَّه وكم نتشوَّق إلى هذا البيت! فهل يعني أنَّنا ننتظر ساعة الموت؟ كلاَّ. فالرسول قال لنا أيضًا: "أمّا نحن فوطننا في السماء ومنها ننتظر مجيء مخلّصنا الربِّ يسوع المسيح. فهو الذي يبدِّل جسدنا الضعيف، فيجعله على صورة جسده المجيد بما له من قدرة يُخضع لها كلَّ شيء" (فل 3: 20-21). إذًا، كيف يجب أن تكون سيرتنا على الأرض؟ أمِثْل جماعةٍ "إلههم بطنهم ومجدهم عارهم وهمُّهم في أمور الدنيا؟" (آ19). كلاَّ ثمَّ كلاَّ.

 


 

سفر الأعمال 1: 1-11

كتابًا أوَّلَ كتبتُ، يا تاوفيلا، على كلِّ التي بدأ ربُّنا يسوعُ المسيح يعملُ ويعلِّمُ، حتّى اليومِ الذي به أُصعِدَ بعدَ أن كان أوصى الرسلَ الذين اختارَ بالروحِ القدس. فأولئك أيضًا أظهرَ لهم نفسَه وهو حيٌّ بعدَ أن تألَّمَ، بآياتٍ كثيرةٍ في أيّامِ أربعين، إذ مُترائيًّا كان لهم ومُتكلِّمًا على ملكوتِ الله. وحين أكلَ معهم خبزًا أوصاهم أن لا يفترقوا عن أورشليم، بل ينتظروا وعدَ الآب، ذاك الذي سمعتُم منّي، أنَّ يوحنّا عمَّدَ بالماء وأنتم تُعمَّدون بالروحِ القدس، لا بعدَ أيّامٍ كثيرة. وهم إذ كانوا مُجتمعينَ سألوه قائلين: "ربَّنا، أفي هذا الزمنِ مُعيدٌ أنتَ المُلكَ لإسرائيل؟" وهو قالَ لهم: "ما كان لكم أن تعرفوا الزمنَ أو الأزمنةَ التي وضعَها الآبُ بسلطانِه الذاتيّ، لكن حين يأتي الروحُ القدسُ عليكم، تقبلون قوَّةً وتكونون لي شهودًا في أورشليمَ وفي اليهوديَّةِ كلِّها وبين السامريّين أيضًا وحتّى أقاصي الأرض."

وحين قالَ هذه، أُصعدَ وهم راؤونَ له وغمامةٌ قبلَتْهُ وغطَّتْهُ عن عيونِهم. وإذ ناظرين كانوا في السماء وهو صاعدٌ، وُجِدَ رجلانِ اثنانِ واقفين لدَيهم بلباسٍ أبيض. وقائلان لهم: "أيُّها الرجالُ الجليليّون، لماذا أنتم قائمون وناظرونَ في السماء؟ فيسوعُ هذا الذي أُصعِدَ منكم إلى السماءِ هكذا يأتي كما رأيتموه حين صعِد إلى السماء."


 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM