وقام في اليوم الثالث

حين نتكلَّم عن قيامة الربِّ يسوع، نكون أمام عبارتين: واحدة تقول إنَّ الله أقامه من بين الأموات، وثانية تقول إنَّه قام بقدرته الإلهيَّة من بين الأموات. ففي الإعلان الإيمانيّ في كورنتوس نقرأ عن يسوع أنَّه "دُفن وقام" (1 كو 15: 4). ويتواصل الكلام: "وما دُمنا نبشِّر أنَّ المسيح قام من بين الأموات، فكيف يقول بعضكم إنَّ الأموات لا يقومون. وإن كان الأموات لا يقومون فالمسيح ما قام أيضًا. وإن كان المسيح ما قام، فتبشيرنا باطل وإيمانكم باطل" (آ12-14). من هنا أهمِّيَّة القيامة كأساس لإيماننا، والقول بأنَّ يسوع ابن الله قام من بين الأموات، لأنَّ الموت لا يمكن أن يتسلَّط عليه. وأنشد الرسول: "واذكر يسوع المسيح الذي قام من بين الأموات" (2 تم 2: 8). هذه العبارة هي التي نقرأ في الأناجيل. قال الملاك للنسوة: "يسوع المصلوب ليس هو هنا. إنَّه قام كما قال" (مت 28: 6). فعلى النسوة أن يُعلنَّ أنَّه قام من بين الأموات وهو يسبق التلاميذ إلى الجليل.

أمّا العبارة "أقامه الله"، فترد أوَّل ما ترد في أعمال الرسل. قال بطرس في خطبته الأولى متوجِّهًا إلى اليهود في شأن يسوع: "صلبتموه وقتلتموه بأيدي الكافرين، ولكنَّ الله أقامه وحطَّم قيود الموت" (2: 23-24). وفي الخطبة الثانية قال بطرس لليهود: "قتلتم منبع الحياة، ولكنَّ الله أقامه من بين الأموات ونحن شهود على ذلك" (3: 15). الله ليس الآب وحده، بل الثالوث الأقدس، الآب والابن والروح القدس. والقيامة تصيب كلمة الله في جسده. مات كما يموت كلُّ إنسان. ولكنَّ الله أقامه بانتظار أن يقيم كلَّ إنسان. وقال بولس في الرسالة إلى رومة: "نحن نتبرَّر بإيماننا بالله الذي أقام ربَّنا يسوع من بين الأموات، وكان أسلمه إلى الموت للتكفير عن زلاَّتنا وأقامه لأجل تبريرنا." (4: 24-25).

"في اليوم الثالث." هو يوم اللقاء بالربّ. فالمسيح الذي قام حالاً، لأنَّ الفساد لا يمكن أن يصل إليه، ظهر في اليوم الثالث على النساء. نحن لا نحسب "الساعات" كما في "كرونومتر" (72 ساعة). بل نقول: الجمعة، السبت، الأحد. هذه العبارة متواترة في العهد القديم. فإبراهيم الآخذ ابنه إسحق إلى الذبيحة، رأى "في اليوم الثالث" موضع الذبيحة (تك 22: 4). وموسى طلب من فرعون ثلاثة أيَّام ليمضي مع شعبه إلى عبادة الله (خر 3: 18). وقال هو 6: 2: "بعد يومين يحيينا وفي اليوم الثالث يقيمنا."


 

رسالة القدِّيس بولس إلى أهل كورنتوس 15: 3-5، 12-20

فأنا سلَّمتُ لكم قبلُ مثلَ الشيءِ الذي قبلتُ: إنَّ المسيحَ ماتَ من أجلِ خطايانا، كما هو مكتوب. وأنَّه قُبرَ وقامَ في اليومِ الثالث، كما هو مكتوب...

لكن إذا المسيحُ يُكرَزُ به أنه قامَ من بينِ الأمواتِ، فكيف يُوجَد فيكم أناسٌ قائلون لا حياة للأموات، وإذا حياةُ الأموات غيرُ موجودة، فالمسيحُ أيضًا ما قام. وإذا المسيح ما قام، فباطلةٌ هي كرازتُنا وباطلٌ أيضًا إيمانُكم، ونُوجَدُ نحن أيضًا شاهدين لله دجّالين لأنَّنا شهِدْنا على الله أنَّه أقامَ المسيح، وهو ما أقامَه. فإذا الأمواتُ لا قائمون، فالمسيحُ أيضًا ما قام. وإذا المسيحُ ما قام، باطلٌ هو إيمانُكم وأنتم حتّى الآنَ في خطاياكم. ولعلَّ هؤلاء الذين رقدوا في المسيح، بادوا هم. وإذا نحن مُترجُّون في هذه الحياة فقط، فنحن أشقى من الناسِ كلِّهم. ولكن الآن، المسيحُ قامَ من بينِ الأمواتِ فصار باكورةَ الراقدين.


 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM