وصار إنسانًا

قدَّمت الرسالة إلى العبرانيِّين وصفًا عن يسوع المسيح: "في أيَّام جسده (أي حين كان بعدُ في هذه الحياة) قدَّم بصراخ شديد ودموع (لماذا يصرخ الإنسان؟ لأنَّه يتألَّم. لماذا يبكي الطفل وتدمع الأمّ؟ بسبب الوجع) طلبات وتضرُّعات (فالكلّيّ القدرة لا يحتاج إلى من يساعده وينجِّي من الضيق. أمّا الكلمة الإلهيّ فصار ضعيفًا فسأل المعونة من الله) للقادر أن يخلِّصه من الموت (الله وحده يخلِّص الإنسان من الموت. وهذا يعني أنَّ الابن كان إنسانًا بكلِّ ما يعني هذا اللفظ من نظر إلى الله. هو أخفى لاهوته، وهذا سرٌّ عظيم. ما أراد أن "يمثِّل" علينا، بأنَّه يتألَّم، فنحسب أنَّه مات وهو ما مات، كما في فيلم سينمائيّ). فسمع له الله من أجل تقواه (كما يسمع لكلِّ واحد منّا).

وتواصل الرسالة إلى العبرانيِّين: "مع كونه ابنًا (هو الابن ولا ابن غيره لله. ولكنَّه أراد أن يشركنا ببنوَّته. هو ابن الله المساوي لأبيه في الجوهر) تعلَّم الطاعة (كما يُطلب من كلِّ واحد منّا، في الحزن وفي الفرح، في الضيق وفي الراحة) ممّا تألَّم به (ابن الله تألَّم؟! أجل تألَّم وإلاَّ لا يكون شابهنا في كلِّ شيء. وإلاَّ يكون تظاهر أمامنا أنَّه إنسان وهو ليس بإنسان).

وإذ كمل. صار كاملاً. فالذبيحة يجب أن تكون كاملة. ينبغي أن لا يكون فها عيب. وبما أنَّ يسوع هو الذبيحة عنّا فهو كامل كلَّ الكمال، وذلك بطاعته حتَّى النهاية، حتَّى الموت على الصليب. عندئذٍ صار لجميع الذين يطيعونه سبب خلاص أبديّ. بدونه لا خلاص. والألم يقود إلى الموت ومنه إلى القيامة. هكذا تكتمل مسيرة يسوع، وتكتمل أيضًا مسيرتنا كما علَّمنا أجدادنا أن نقول في وقت الوجع: "مع آلامك يا يسوع". أو كما رفض أحد المؤمنين أن يقول هذه العبارة متذرِّعًا: "هو تألَّم كثيرًا فلا أريد أن أزيد على ألمه ألمًا."

 


 

الرسالة إلى العبرانيِّين 5: 4-14

وكذلك أيضًا المسيحُ ما امتدحَ نفسَه ليكونَ عظيمَ كهنة، لكنَّ ذلك الذي قال له: أنتَ ابني، أنا اليومَ ولدتُك. كما قال أيضًا في مكانٍ آخرَ: أنتَ هو كاهنٌ إلى الأبدِ على شبه ملكيصادق. وإذ كان أيضًا لابسًا اللحم (والدم)، قرَّب الطلبةَ والتوسُّلَ بصراخٍ شديد وبالدموعِ للذي كان قادرًا أن يحييه من الموتِ فسُمِع. وإذْ هو ابنٌ صالحٌ تعلَّمَ الطاعةَ من الآلامِ والخوفِ التي احتملَ. وهكذا لمّا كُمِّلَ، كان لكلِّ أولئك الذين هم مُطيعون له مُدخِلاً إلى الحياةِ الأبديَّة.

وسُمِّي من قبلِ الله عظيمَ كهنةٍ على شبهِ ملكيصادق. فعليه، على ملكيصادق هذا، كثيرٌ لنا هو الكلام الذي نقولُ وصعبٌ توضيحُه لأنَّكم كنتم أنتم ضعافًا في استماعِكم. فكونوا متأهِّلينَ بحيثُ تكونونَ معلِّمين لأنَّ لكم زمانًا في التعليم، والآنَ أيضًا أنتم محتاجون أن تتعلَّموا تلك المكتوبات الأولى، رأس كلمات الله، وأن تكونوا أنتم محتاجينَ إلى الحليبِ لا إلى المأكلِ الحقيقيّ. فكلُّ إنسانٍ مأكلُه الحليبُ هو غيرُ مقتنعٍ بكلمةِ البرِّ لأنَّه طفلٌ هو. والمأكلُ الحقيقيّ هو للكاملين، أولئك الذين، لأنَّهم مدرَّسون، أخرجت حواسُّهم لتمييز الخيرِ والشرّ.


 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM