وتجسَّد من مريم العذراء

ألفاظ عديدة تدلُّ على ما صنعه ابن الله! تجسَّد. أخذ جسدًا. والجسد يعني في العالم الشرقيّ الإنسان في اتِّصاله بالخليقة. جسدي هو أنا كما يلامس كلَّ شيء. ولا مجال لهرطقة أبولينار، أسقف اللاذقيَّة، بأنَّ الابن أخذ الجسد دون النفس. فالنفس هي أنا. وإذ يطلب المرتِّل "اشفِ نفسي" فهو يعني" اشفني أنا". ونقول: تأنَّس. أي صار إنسانًا. رآه الناس، سمعوه، لمسوه، جلسوا قربه. أكلوا معه، شربوا، مشوا. ونقول أيضًا: الكلمة (الإلهيّ) صار بشرًا، من لحم ودم فاحتمل الضعف البشريّ الذي أوصله إلى الموت. ولماذا صار بشرًا؟ ليسكن بيننا، ليجعل مسكنه وسط مساكننا وخيمته بين خيامنا.

اتَّخذ جسدًا من مريم العذراء. ولكنَّ الهرطقة قالت: الإله لا يرتبط بالمادَّة. خطأ كبير. فهو من خلق المادَّة، وخلق الإنسان ورآه حسنًا جدًّا. الله صار إنسانًا. ذاك ما يقول الكتاب، وتريد الفلسفة اليونانيَّة أن تكذِّب الله. قالت: ظهر لهم كذلك، ولكنَّه لم يتجسَّد حقًّا ولم يمت على الصليب. تظاهر. كدتُ أقول: لبس قناعًا، أو كان "خيالاً" كما حسبه التلاميذ بعد القيامة. الإله الحقّ صار إنسانًا حقيقيًّا. تؤمن أو لا تؤمن. آمنتَ فتكون من رعيَّة المسيح. لا تؤمن فتجعل نفسك في الخارج كما فعل اليهود والذين تبعوهم.

أخذ جسدًا من مريم العذراء. أخذ منها تكاوينه: عينيه، يديه، قلبه. أخذ لحمه، دمه.. أمّا الهرطقة التي تحتقر المرأة، فرفضت أن يكون وُلد كما يُولَد كلُّ إنسان. قالت: مرَّ في مريم العذراء كما المياه تمرُّ في قسطل المياه، فما أخذ منها شيئًا. دخل في أذنها وخرج من فمها! هكذا يكون اللاهوت! فمريم أمُّ يسوع. فكيف تكون أمُّه إن لم تكن ولدته كما المرأة تلد أولادها. لهذا قالت ليسوع إحدى النساء البسيطات ببساطة الله: "طوبى للبطن الذي حملك وللثديين اللذين أرضعاك."

يجب أن يبقى الله "فوق". ولكنَّه صار "تحت". يجب أن يبقى في السماء. ولكنَّه نزل على الأرض. يجب أن يبقى المنزَّه عن البشر وعن الخليقة. ولكنَّه اتَّخذ جسدًا فصار بكر الخلائق بانتظار أن يكون بكر الراقدين ليقوم من الموت ويقيمنا معه.


 

رسالة القدِّيس بولس إلى أهل غلاطية 4: 1-7

فأنا قائلٌ: ما دامَ الوارثُ فتى، فما هو مُميَّزٌ عن العبيد، مع أنَّه سيِّدُهم كلِّهم. لكن تحتَ الأوصياء (الوكلاء) هو حتّى الوقتِ الذي يضعُهُ أبوه. وهكذا نحنُ أيضًا. إذ كنّا أطفالاً، كنّا مُستعبَدينَ لأركانِ العالم. ولمّا بلغ امتلاءُ الزمان، أرسلَ اللهُ ابنَه فصارَ من امرأةٍ، وصارَ تحتَ الناموسِ، لكي يشتريَ أولئك الذين تحتَ الناموس هم، ونقبَلَ نحنُ ذخيرةَ البنين. ولأنَّكم أنتم أبناء، أرسلَ اللهُ روحَ ابنِه إلى قلوبِكم، ذاك الداعي أبّا، يا أبانا. إذًا ما كنتم عبيدًا، إنَّما أبناء. وإذا أنتم أبناء، ورثةُ الله أنتم أيضًا بيدِ يسوعَ المسيح.


 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM