من الأسرار الثلاثة إلى الأسرار السبعة

فصل من رسالة القدّيس بولس الرسول إلى أهل أفسس (1: 3-14)

 

3مباركٌ هو اللهُ أبو ربِّنا يسوعَ المسيح ذاك الذي باركَنا بكلِّ بركاتِ الروحِ في السماء بالمسيح. 4كما تقدَّمَ واختارَنا فيه من قَبلِ أساساتِ العالم لنكونَ قدّيسينَ وبلا عيب، وفي المحبَّةِ تَقدَّمَ ورسمَنا له. 5وجعلَنا أبناءً بيسوعَ المسيحِ كما حسُنَ لمشيئتِه. 6ليُمجَّدَ مجدُ نعمتِه، الذي أفاضَ علينا بيدِ حبيبِه. 7الذي به لنا الخلاص، وبدمِه غفرانُ الخطايا بحسبِ غنى نعمتِه 8تلك التي أُفيضَتْ فينا بكلِّ حكمةٍ وبكلِّ فهم. 9وعرَّفَنا سرَّ مشيئتِه التي تقدَّمَ فوضعَها ليعملَ بها. 10لتدبيرِ ملءِ الأزمنةِ بحيثُ يُجدِّدُ كلَّ شيء من جديد في المسيح، ما في السماء وفي الأرض. 11وبه نحنُ انتُخبْنا كما تقدَّمَ ورسمَنا وشاء ذاك الذي هو فاعلٌ كلَّ شيء بحسبِ رأي مشيئتِه. 12لنكونَ نحن أولئكَ الذين تقدَّمنا ورجوْنا المسيحَ لسناءِ مَجدِه. 13الذي أنتم به أيضًا سمعتُم كلمةَ الحقِّ التي هي رجاءُ حياتِكم وبه آمنتُم وخُتمتُم بالروحِ القدسِ الذي كان موعودًا. 14ذاك الذي هو عربونُ ميراثِنا لخلاصِ هؤلاء الذين هم عائشون ولمجدِ وَقارِه.

*  *  *

اعتدنا في صبانا أن نعرف الأسرار الإلهيّة الثلاثة: سرُّ الثالوث الأقدس أو عيلة الله التي نحن مدعوُّون للدخول فيها، وسرُّ التجسُّد حيث الكلمة صار بشرًا وسكن بيننا، وسرُّ الفداء حيث المسيح الإله والإنسان، مات مثلنا وأقامنا مثله.

ففي الأصل "ميستِريون" الذي لا يرد سوى خمس عشرة مرَّة في العهد القديم، دلَّ على وحي الله من خلال الأحلام والرؤى. الربّ يكشف قصده الخفيّ حول إقامة ملكوته. وورد النصُّ في العهد الجديد ثمانيًا وعشرين مرّة، خصوصًا عند بولس الرسول. فنقرأ في 1 كو 2: 1: "أتيتُ أبشِّركم بسرّ الله". وفي 4: 1: "فلْيحسبْنا الناس كخدّام المسيح ووكلاء أسرار الله". وتحدّثت أف 1: 9 عن "سرِّ مشيئته" أي مشيئة الله.

تأخّر العالم الغربيّ للكلام عن "السرّ" في معنًى عباديّ. وما عتَّم أن استعمل لفظَين: واحدًا عن الأسرار الإلهيّة الثلاثة: mystère، وآخر عن الأسرار السبعة: sacrement. ولماذا هذا التأخُّر؟ بسبب العبادات السرَّانيّة التي كانت تُمارَس في العالم الوثنيّ. خافت الكنيسة أن يخلط المؤمنون بين "عبادة سرِّيّة" مسيحيّة، و"عبادة سرِّيّة وثنيّة"، على مثال ما حصل في زمن إيليّا حيث ضاع الناس بين عبادة بعل وعبادة الربّ الإله (1 مل 18: 17ي). وفي النهاية انتشرت عبادة البعل على حساب عبادة الربّ، فأُجبر إيليّا على ترميم مذبح الربِّ ساعة كان مذبح البعل في أجمل إشراقه. وفي أيّ حال، ما زال الخطر حاضرًا اليوم في طقوسنا: هل نأتي إلى القدَّاس لعبادة الله والدخول في السرِّ الذي نشارك فيه، أم من أجل مشاركة بشريَّة، عالميَّة، دنيويَّة.

أمّا العالم السريانيُّ فاستعمل لفظ سرّ (رُزُا) منذ القرن الرابع للكلام على المعموديّة والإفخارستيّا... قال أفراهاط: "فتأمَّلْ يا عزيزي، هذه الأسرار التي أمر بها القدُّوس للاحتفال بها". ثمَّ "عظيمة هذه الأسرار وعجيبة". وأفرام حين الكلام على الحربة التي طعنت يسوع: "الدم يحتوي الحياة، والنعمة تفجِّر سرَّ الحياة لمن استحقَّ الموت". أمّا تيودور المصيصيّ فقدَّم شروحًا في الأسرار. قال: "هذا هو الاستعداد وهذه هي المحبّة المطلوبة في هذه الأسرار المقدَّسة".

فالأسرار السبعة تدخلنا في سرِّ الله الآب الذي أرسل ابنه لخلاصنا. وما فعله الآب والابن يتمُّه الروح الذي يقدِّسنا ويقدِّس كلَّ عمل تقوم به الكنيسة.

 


 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM