ومات أفرائيم

قراءة من نبوءة هوشع (13: 1-8)

حين تكلَّم بيتُ أفرايم ألقوا الرعبَ في النفوس. ارتفع شأنهم في بني إسرائيل، لكنَّهم عبدوا البعل فأثموا وماتوا. والآنَ يزدادون خطأ ويصنعون لهم تماثيل وأصنامًا مسبوكة من فضَّة جميعها صنعُ أيدٍ ماهرة، ويقولون: "اذبحوا لها الذبائح. قبِّلوا أيُّها الناس!" لذلك يكونون كسحابة الصبح، أو كالندى الباكر الزائل بل يكونوا كالتبن المتطاير من البيدر أو كالدخان الهارب من الكوَّة.

أنا الربُّ إلهكم منذ كنتم في أرض مصر، لا تعرفون إلهًا غيري ولا مخلِّصًا سواي. عرفتُكم في البرِّيَّة، في أرض العطش. رعيتُكم فشبعتم. شبعتم فطمحت قلوبكم ونسيتموني. أنا لكم كأسد، ومثل نمرٍ أثبُ عليكم في الطريق أنقضُّ عليكم كدبَّة فقدت جراءها، وأشقُّ شغافَ قلوبكم. آكلكم هناك اللبؤة، وكوحش البرِّيَّة أمزِّقكم.


 

كان حيًّا أفرائيم، ولكنَّه مات. كان حيًّا حين كان سائرًا مع الله، عائشًا بحسب وصاياه، ولكنَّه صار في حكم الأموات لمّا راح وراء البعل. وحين كان يتكلَّم كان يلقي الرع في إسرائيل. تخافه النفوس، بعد أن ارتفع شأنه. "ولكنَّهم أثموا وماتوا" (13: 1).

عرفوا سبب موتهم ولكنَّهم لم يتراجعوا. هي الخطيئة، ولكنَّهم غاصوا أيضًا في الخطيئة. بان فنُّهم ف صنع التماثيل. "مسبوكة من فضَّة، جميعها صُنْع أيدٍ ماهرة" (آ2). آلهة! إذاًا تصنع لها المذابح كما للربِّ الإله. ولو تعرفون أيَّة ذبائح! أطفال. خطيئة فوق خطيئة. منذ إبراهيم مُنعت ذبائح الأطفال. أمّا أهل السامرة فلم يمتنعوا. وفي أيِّ حال، سيكون لهم أن يذبحوا أطفالهم خلال حصار المدينة ويأكلوهم. الشرّ يجلب الشرّ: والموت يتبعه الموت. "قبِّلوا أيُّها الناس". أرسلوا قبلة للعجل. أو قبِّلوا رجليه. هنيئًا لكم. لا سيَّما إذا كان هناك بعض الغبار. امسحوه، خذوا بركة هنيئًا لهذا التمثال بعبادتكم.

وما نتيجة عبادتهم؟ أربع تشابيه تدلُّ على زوالهم السريع: "سحابة الصبح"، عادة لا تحمل بعد مطرًا، بل تمضي بدون رجعة. "الندى الماكر". تأتي الشمس فيتبخَّر ثمَّ "التبن على البيدر". هو يتطاير في الهواء. وأخيرًا "الدخان الهارب من الكور" (آ9).

أيرضى الإنسان أن يكون كلا شيء؟ والسبب؟ هو نفسه. لأنَّه أراد أن يستند إلى الريح. رفض أن يستند إلى الربِّ. تناسى حسناته. في مصر كان المخلِّص، في البرِّيَّة حيث العطش، كان الماء حتَّى من الصخرة، بانتظار الماء الحيّ الذي يمنحه يسوع فلا يحتاج الإنسان بعدُ إلى ماء آخر. والطعام! ما إن شبعوا حتَّى "طمعت قلوبهم". نسوا الربّ. قال لهم: أنا وحدي الربّ، أنا وحدي المخلِّص. لا تطلبوا مخلِّصًا آخر.

يتحوَّل الله إلى "دبَّة فقدت جراءها"، "إلى لبؤة". أجل، الله أب وأمّ. يتألَّم لفقدان أولاده. لأنَّهم تركوه ومضوا إلى آخر. فيريد أن يصل إلى قلبهم. وهناك يكلِّمهم. كلُّ الحركات والأعمال الخارجيَّة لا تنفع. إلى الداخل يأتي الربّ. هو ربُّ الفداء. وهو ينجِّي أبناءه من الموت (آ14). هذا هو لهنا، أمسِ واليوم وفي كلِّ يوم. فلماذا نبحث عن "مخلِّص" ضعيف ونجعله إلهًا علينا؟

 


 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM