الربّ يحيينا ويقيمنا

قراءة من نبوءة هوشع (6: 1-3)

"تعالوا نرجع إلى الربِّ لأنَّه يمزِّق ويشفي، يجرحُ ويضمِّدُ، يحيينا بعد يومين ويقيمنا في اليوم الثالث فنحيا، لنعرفِ الربَّ كلَّ المعرفة ونتبعه. فيكون ضياؤه كالفجر، ورجوعه إلينا كالمطر، كمطر ربيعيّ يروي الأرض"

 


                                                                                      

راح الشعب في طريق الخطيئة، ابتعد عن أبيه (وأمِّه). وها هو يستعدُّ للرجوع بعد أن فقد كلَّ شيء. تاه في البرِّيَّة. أضاع الطعام والشراب. أين النور الذي كان يناله من شعلة النار السائرة أمامه؟ أين السحابة البارزة في الأفق تقول له كيف يتوجَّه؟

"هلم نرجع". هم مشتَّتون. دعاهم النبيّ. من هنا وهناك أتى بهم الربُّ وهم لا يدرون. فعملُه حاضر حتَّى في قلب ضياعهم. اجتمعوا مثل واحد وهذا ما لم يعرفوه من قبل. صاروا مثل أناس ماضين إلى الحجّ. فالهدف واضح: الربّ. هو في هيكله. ولا مقام له غيره. تصعدون إلى التلَّة التي تُشرف على المدينة. هناك "الصنم". هنا "بعل" السيِّد. أضعتم الطريق. لا تميلوا يمينًا ولا يسارًا. الطريق المستقيمة، لا المعوجَّة. الطريق الصعبة، لا السهلة. الباب الضيِّق. لا ذاك الواسع الذي يقود إلى الهلاك. هلمَّ نرجع.

أيُّ فكر خاطئ عن الله! هو أسد مفترس! سيقول بطرس الرسول: الشيطان مثل أسد يستعدُّ لافتراسنا. بل الربُّ يشفينا من عضَّات الأسد. والربُّ "سيِّد قاسٍ" يحمل العصا ليكسرنا. بل إن كان هناك من كسر فهو يجبر.

واشتكوا! الله أماتنا. لا، ليس الله إله موت بل إله حياة. انتظروا يومًا أو يومين فتستطيعون القول: "الربُّ يحيينا." تذكَّروا تلك العظام التي كانت في السهل ورآها النبيّ حزقيال. جمعها الربُّ بروحه وأعاد إليها الحياة، فقامت جيشًا كبيرًا جدًّا.

"وفي اليوم الثالث". هو اليوم الرائع. يوم اللقاء بالربّ في الكتاب المقدَّس. إبراهيم ماضٍ "ليذبح" ابنه بعد أن اعتبر أنَّ الله طلب منه ذلك. "وحيده، الذي يحبُّه، إسحق". أيُّ ألم في قلبه. أيُّ يأس! إلى أين هو ماضٍ؟ لا يعرف. "وفي اليوم الثالث" استضاء الجبل. هناك المحجَّة. عرف المكان. رأى الربَّ من البعيد. ذاك اليوم كان يوم القيامة، لا يوم الموت، يوم خلاص إسحق، لا ذبحه. أتاه ملاك الربِّ: "لا تمدَّ يدك على الفتى". في نظر إبراهيم مات إسحق، أمّا في نظر الله، فقام وما عاد مع أبيه. بل كان له حياة أخرى.

وموسى يريد ثلاثة أيَّام لشعبه، بحيث يلتقون بالربّ. ذاك ما طلب من فرعون... وتركوا مصر ووصلوا إلى سيناء "في الشهر الثالث" واجتمعوا حول الجبل (خر 19: 1). ولكن ماذا سوف يرون، ماذا سوف يسمعون؟ قال الكتاب: "يكونون مستعدِّين لليوم الثالث، لأنَّ الربَّ ينزل في اليوم الثالث أمام عيون جميع الشعب" (آ11).

"وفي اليوم الثالث" مضَت النسوة إلى القبر. في الليل، في الظلام. هل يعرفن ما ينتظرهنَّ؟ كلاّ. القبر مقفل. والحجر كبير. ثمَّ لماذا يأخذن الحنوط؟ أترى الربّ لا يزال في القبر جثَّة هامدة. تذكَّروه على الصليب ميتًا. ولكن اليوم الثالث بدل الأمور كلِّها. مضى الليل وأتى الفجر، بل أشرقت الشمس. والحجر الكبير؟ دُحرج عن باب القبر. والميت؟ القبر الفارغ. تطلبن الميت! إنَّه قام.

ولكنَّ هوشع تطلَّع أوَّلاً إلى معرفة الربّ. "خروجه". فمنذ الخروج من مصر هو يسير مع شعبه. وخروج يسوع من القبر. النبيّ متأكِّد كما هو متأكِّد أنَّ الفجر يأتي بعد الليل، والمطر بعد الجفاف.

أيبقى أفرائيم ميتًا؟ لا. بل الربُّ يحييه، يقيمه. أتبقى العظام اليابسة عظامًا؟ لا. فهو تصبح جيشًا كبيرًا جدًّا. هل يبقى الشعب عبيدًا في المنفى عائشًا كالموتى؟ لا، بل هو يرجع. شرط أن يقبل بأن يرجع.

أيبقى يسوع في القبر؟ مستحيل. أيصيبه الفساد؟ لا وألف لا. والمؤمنون اليائسون؟ إلى أين هم ماضون؟ فاليوم الثالث يبقى لهم يوم الفرج والقيامة، يوم الحياة.

 


 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM