ارجعوا إلى الربّ

قراءة من نبوءة هوشع (14: 1-5)

أذنبَتِ السامرةُ وتمرَّدَتْ على الله، فبالسيف يسقطُ شعبُها. أطفالها ينسحقون وتنشقُّ بطونُ الحوامل.

توبوا يا بني إسرائيل إلى الربِّ إلهكم، فأنتم بإثمكم عثرتُم. ارجعوا إلى الربِّ وخذوا معكم هذا الكلام: "ارفع عنَّا كلَّ إثم. اقبل خيرَ ما عندنا. أبرئنا من أكاذيب شفاهنا. أشورُ لا تخلِّصنا ولا يخلِّصنا ركوب خيول الحرب. لن نقول بعدُ لما تصنعه أيدينا أنت آلهتنا، فبك أيُّها الربُّ يجدُ اليتيمُ رحمة."

وقال الربُّ: "أُبرئهم من ارتدادهم عنِّي، وما أكثر ما أحبُّهم. فغضبي فارقني."


 

دفعَتِ السامرة الثمن. هي عاصمة إسرائيل ومملكة الشمال. هي ما تمرَّدت فقط على الأشوريِّين، بل على الله أيضًا. وكانت النتيجة مريعة: الرجال، سقطوا بالسيف. الأطفال، سُحقوا أم تحطّموا. النساء الحوامل، شُقَّت بطونهنَّ (14: 1). نهاية تعسة وأيَّة نهاية! هل أنتم مستعدُّون أن تنطلقوا من جديد، كما في مسيرة البرِّيَّة. لم يبقَ لكم شيء. القصور هُدمت، الشجار اقتلعت، النخبة راحت في طريق المنفى. لا جيش بعدُ يدافع عن البلاد. ولا أسوار تحمي الناس في الليل. عندئذٍ يأتي نداء الربِّ الذي يتألَّم مع المتألِّمين، ويجوع مع الجياع، ويرافق الماضين إلى المنفى، كما قال النبيُّ حزقيال.

"ارجعوا". "ارجعوا إلى الربِّ إلهكم". جرَّبتم كلَّ الآلهة. جرَّبتم القوى الكبرى. تحالفتم مع الجيران، وماذا كانت النتيجة؟ الدمار، الخراب، السيف، الموت. لا موئل لكم سوى الربِّ الإله. لا ملجأ لكم سواه. إلى أين تريدون أن تمضوا بعد؟ عرفتم السبب: خطيئتكم. ابتعدتم عن الربِّ فاعتبرتم أنَّ الربَّ ابتعد عنكم. يا للخطأ. الربُّ قريب من أولاده وإن هم تركوه فهو لا يتركهم. هو بقربهم وإن كانوا لا يرونه بعيونهم. ألا يحسُّون بلمسته الأبويَّة؟ أجل، شرط أن يفتحوا عيونهم. شرط ألاَّ يديروا ظهرهم مثل قايين، الذي اهتمَّ به الله، ووضع له علامة بحيث لا يقتله أحد بعد، كما قتل أخاه.

كيف يرجعون؟ أبذبائح الثيران والعجول؟ هي لم تنفع شيئًا. ولا هي خلَّصت الشعب لأنَّهم كرَّموا الربَّ بلسانهم ولبث قلبهم بعيدًا عنه. فبالذبائح نشتري الله. وكذلك بالنذور والعطايا لمعابدنا. نقدِّم المال فيسكت الله، أو بالأحرى يسكت خدَّامه وحاملو كلامه.

لا الثيران والعجول؟ لكن كلام الشفاه. العودة، التوبة. نمشي وراء الربّ، هل استطاعت أشوريا أن تخلِّصهم؟ كلاَّ. والأصنام التي صنعتها أيديهم؟ والجواد الذي ركبه صدقيَّا وهرب تاركًا مدينته عرضة للدمار. لم يخلِّصه الجواد. الربُّ وحده هو المخلِّص.

"أشفيهم". أحوِّل قلبهم. وهكذا يعودون. أحبّهم حبًّا سخيًّا، هما كانت حياتهم السابقة غضبتُ عليهم، وكان غضبي ألمًا، لأنِّي انتظرتُ فخاب انتظاري. زال الغضب اليوم. "أكون لهم مثل الندى" فتبرد قلوبهم. أجعلهم "يزهرون مثل الزنبق". اقتُلعوا في الماضي، والآن "يغرزون جذوركم مثل غابة لبنان"، أرز لبنان. تمتدُّ أغصانهم كالزيتون، وتكون رائحتهم مثل رائحة لبنان. فماذا ننتظر لنرجع إلى الله؟


 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM