يعقوب من بطن أمِّه

 

قراءة من نبوءة هوشع (12: 2-7)

بيت أفرايم يرعون الريح ويسيرون وراء الريح الشرقيَّة نهارًا وليلاً. يزيدون الكذب والمكر، فيعقدون معاهدة مع أشور ويحملون الزيتَ تودُّدًا إلى مصر.

الربُّ يتَّهم بيتَ يهوذا، وسيعاقبُ بني يعقوب على طرقهم ويجازيهم بحسب أعمالهم. فيعقوبُ، وهو بعدُ في البطن، قبض على عقب أخيه، وفي أوان رجولتِه صارع الله. صارع الملاك وقاوم. بكى وتضرَّع إليه. وجد الله في بيت إيل، وهناك تكلَّم الله معه. تكلَّم معه الربُّ القدير، الربُّ له المجد.

توبوا، يا بني يعقوب، وتمسَّكوا بالرحمة والعدل. تقوَّوا بإلهكم كلَّ حين.


                                                                           

من أين الشرُّ في الجماعة؟ هل وُلد البارحة أو قبل البارحة؟ بل هو قديم. يعود إلى يعقوب، أبي الأسباط الاثني عشر. منذ كان في بطن أمِّه، تعقَّب أخاه عيسو. تعامل معه بالمكر ومع أبيه بالكذب. ولمَّا بلغ من العمر أشدَّه، تصارع مع الله، أو مع ملاكه.

ولماذا ذكر يعقوب؟ لأنَّه حين هرب من أخيه عيسو، وصل إلى بيت إيل عند المساء. وهناك نام. فأتى الله إليه في الحلم وأراه تلك السلَّم التي يصعد عليها الملائكة وينزلون. هناك كان عهد مع الربّ: إن عدتُ بسلام... وهو عاد بسلام. ولكن هل يبدِّل حياته؟ كلاَّ. خدعه خاله فردَّ له الخديعة خديعتين، واغتنى على حساب أولاد خاله، كما سوف يقولون إنَّه يحتاج بعد إلى صراع مع الله. بدأ يعرج. أحسَّ بالضعف. ليس هو كلّيّ القدرة. إن انتظرنا كلَّ شيء من الله، كان لنا الغنى. وإن أردنا أن نفرض إرادتنا على الله، وصلنا إلى الخراب والدمار. إلى هنا خبرة برج بابل وصلت بالبناة. أمّا إبراهيم فترك كلَّ شيء ، الأرض، القبيلة، البيت الوالديّ، ومضى إلى حيث يدعوه الربّ. لم يتردَّد. لم يجادل. عندئذٍ نال الميراث ونال البنين. وهكذا كان الأمر بالنسبة إلى يعقوب قبل نزوله إلى مصر. قدَّم الذبيحة وانتظر إشارة من الله، لا من البشر.

بيت إيل. بيت الله. ماذا أصبح؟ بيت أون، بيت الإثم. لم يعُد معبد الله، بل معبد البعل، مع ما يُرافق عبادة البعل من سكر ومجون. صار معبد الملك ومن أرض الملك حقَّ له أن يأتي إلى هنا، وإلاَّ فهو مرفوض. وفي أيِّ حال، لا يرغب هوشع في المضيّ إلى بيت إيل. فهناك الكذب والتدجيل لدى القبيلة الكبرى، أفرائيم. ماذا يرعى؟ العشب؟ كلاَّ. بل "الريح". أي الفراغ. ويواصل النبيُّ كلامه: "يجري وراء الريح النهارَ كلَّه" (12: 2). يكثر الكذب. يُكثر أعمال العنف. يكذب تارة على أشوريا ليمضي إلى مصر، وطورًا يكذب على مصر. وفي الحالين، يغتصب خيرات الفقراء لكي يقدِّم الجزية هنا وهناك. وماذا يستفيدون؟ يرعون الريح! وهكذا يشبعون! ويشبعون شعبهم! يا لتعاستهم وتعاسة الناس الذين ينبغي أن يرعونهم!

 


 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM