كما رفع موسى الحيَّة

في حديث بدأ مع نيقوديمس ذاك المعلِّم الذي "لا يعرف" (يو 3: 10) أعلن يسوع: "ما صعد أحدٌ إلى السماء إلاَّ ذاك الذي نزل من السماء، ابن الإنسان الذي هو في السماء" (آ13). لم يفهم نيقوديمس. فأعطاه الربُّ حدثًا من العهد القديم. من سفر العدد، فقال: "كما رفع موسى الحيَّة في البرِّيَّة، هكذا ينبغي أن يُرفَع ابن الإنسان، لئلاَّ يهلك كلُّ من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبديَّة" (آ14-15).

فما هو خبر هذه الحيَّة التي قيل فيها "النحاسيَّة"؟ قال سفر العدد (ف 21): "تكلَّم الشعب على الله وموسى..." (آ5) فأتى العقاب حالاً: "أرسل الربُّ على الشعب الحيَّات المحرقة، فلدغت الشعب، فمات قوم كثيرون" (آ6).

يجب أن نعلم أنَّ الحيَّات موجودة بكثرة في البرِّيَّة، ولا حاجة إلى أن يرسلها الله. ولكنَّ الناس اعتبروا أنَّ الله أرسلها. كما نظنُّ اليوم، مع أنَّ هذا خطأ. ولكن في أيِّ حال، شعر الشعب بالخطيئة، فلجأوا إلى موسى. اعترفوا بخطيئتهم وطلبوا من موسى أن يصلِّي من أجلهم. فقال الربُّ لموسى: "اصنع لك حيَّة... فصنع موسى حيَّة من نحاس ووضعها على الراية. فكان متى لدغَتْ حيَّةٌ إنسانًا ونظر إلى حيَّة النحاس يحيا" (آ8-9). أو يُشفى من لدغة الحيَّة.

قال مار أفرام: "حين خطئ الشعب في البرِّيَّة، أمر بني إسرائيل موسى، الذي كان نبيًّا، بأن ينصبوا حيَّة على صليب، أي بأن يقتلوا الخطيئة... حيَّة ينبغي أن ينظروها لأنَّ عقابهم كان من الحيَّة... والذين يرفعون رؤوسهم نحو الخشبة ينجون، لا بفضل الحيَّة، بل بسبب توبتهم. وهكذا حوَّلت توبتُهم البرِّيَّة إلى مسكن الله. وأضحى الشعب الخاطئ، بالتوبة، جماعة كنسيَّة وعبد الصليب، رغمًا عنه."

وقال أوريجان: "لماذا قرَّر الله أن تُشفى عضَّة الحيَّات بحيَّة نحاسيَّة؟ كان هذا صورة مسبقة عن الآلام الخلاصيَّة... فالذين كانت تعضُّهم الحيَّات، يستعيدون الصحَّة حين يرفعون أعينهم نحو الحيَّة النحاسيَّة. وكذلك الذين تجرحهم الخطيئة: إذا آمنوا وما شكُّوا بآلام مخلِّصنا يكونون أقوى من الموت وينالون الحياة الأبديَّة."

والقدّيس أوغسطين؟ "سقط شعبُ إسرائيل في البرِّيَّة بعضَّة الحيَّات... عندئذٍ تجلَّى رمزٌ عجيب للواقع الآتي، كما قال الربُّ في الإنجيل (يو 3: 14). وهكذا لا يستطيع أحد أن يُعطي تفسيرًا آخر سوى الذي قدَّمه من هو الحقّ وطبَّقه على شخصه. ما الذي تمثِّله الحيَّات؟ الخطايا. والحيَّة المرفوعة على الخشبة؟ موت الربِّ على الصليب. عضَّة الحيَّة تعطي الموت. وموت الربِّ يعطي الحياة."

 

في صلب ربّنا (اثنين الحاش)

يا ابن الله، يا من صار ذبيحًا من أجل الخطأة

لك تُذبح أقوال ميامري بامتياز.

يا قابل الذبائح، يا من أراد أن يكون أيضًا قربانًا،

اقبل بحبِّك قربان كلماتي وأنا ساجد.

5      يا ديّان العالمين، يا من قام في بيت الدين من أجلنا،

بدينونتك أستنير وأرتِّل مجدك ترتيلاً غنيًّا.

يا ظافرًا، يا من لُطم على خدِّه من قِبَل المذنبين

قُل كلامًا عن تواضعك، فأتعجَّب وأرتعد.

يا رعد الأصوات، يا من شاء حين يسكت حين سُئل،

10     أرعد في الخفاء فأصرخ بجلاء: كم أنت متواضع.

يا حامل البرايا، يا من حمل خشب الصلب،

ليحمل فكري ثقل حاشك ويتكلَّم لك.

يا ربَّ الأعالي الذي رفعوه وصلبوه على الجلجلة،

بك تُرفَع إلى العلاء كلمتي وترتِّل لك.

15     يا شمسًا عظيمًا، يا من نفخ فانطفأت الشمسُ في موضعها،

أشرقْ فيَّ فأقولك في النور وأنا معترف لك.

يا طاهرًا قبل الرمح والخلَّ من الأثمة

حرِّك كلماتي بصلبك فتردّد خبرك.

افتحْ للعقل بابًا فيدخل ويرى آلامك

20     وللوجدان فيمتلئ بدهشة صلبك.

 

يعقوب السروجيّ

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM