رفع الصليب

تدور هذه الأيَّام حول عيد رفع الصليب. فبصرف النظر عن المناسبة التاريخيَّة للعيد نتَّجه نحو فكرة رفعنا للصليب المقدَّس المسمَّى في العامّيَّة عيد الصليب. نحن في إيماننا وصلاتنا رافعون للصليب بسبب من عبادتنا للمصلوب عليه. نحن في الحقيقة نعظّم إيماننا بالمصلوب أي بالحياة التي انسكبت علينا من الربّ يسوع في سرّ موته وقيامته.

جاء في العهد القديم: "ملعون كلُّ من علّق على خشبة". أخذ السيّد المبارك هذه اللعنة على نفسه لمَّا رفعوه على الخشبة ليرفع عنَّا اللعنة. أداة العار إذ يعلّق عليها المجرمون تصبح أداة الفرح والافتخار. فالصليب بعد موت السيّد عليه صار طريقنا إلى التحرُّر من الخطيئة كما كان طريق السيّد إلى قيامته من بين الأموات.

بطُلت اللعنة إذًا وبطل الخوف من الموت، وصار الصليب لنا دعوة إلى قيامتنا كما كان منطلق السيّد إلى قيامته من بين الأموات، نعلّقه في كنائسنا وبيوتنا وعلى صدورنا على رجاء تحرُّرنا من الخطيئة، فصار في العالم المسيحيّ رمز الرجاء والفرح.

أدخلت المسيحيَّة مفهومًا جديدًا لآلام المؤمن وهو أنَّها يمكن أن تقوده إلى السيّد. لم تبقَ أوجاعنا علامة عن غضب الله ولكنَّها صار صورة لافتقاده إيَّانا. نحن لا نسرّ للآلام ولا نقدّسها. نرتضيها بالإيمان حتَّى نخرج منها إلى الفرح. لا نرحّب نحن بأوجاعنا ولكن نرجو الله أن يحوّلنا بها إلى نور وجهه. غير صحيح أنَّ المسيحيَّة ملازمة للآلام. هي ملازمة لفرح المؤمن المتألّم إذا تألَّم واقتبل وضعه على رجاء رؤية المسيح.

                                                                                    المطران جورج خضر

 


 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM