الصليب على رأس الجبل

في الطريق إلى أرض الموعد، أطلَّت الصعوبات من كلِّ نوع، من طعام وشراب، وحرّ وبرد. ولكنَّ العدوَّ الأساسيّ كان "عماليق" الذي دعته الترجمة السريانيَّة: "الخاطئ خصّيصًا".

عماليق هو جمع "عملاق". الرجل الضخم. الذي يفوق الآخرين بقامته. وصيغة الجمع أضحت فكرة هائلة جعلت الشعب الأوَّل يخاف ويرتعد. ثمَّ نحن نعلم أنَّ العبرانيِّين كانوا قصار القامة. قال عنهم سفر العدد: "هم الجبابرة... وكنَّا في أعيننا كالجراد، وهكذا كنَّا في أعينهم" (13: 33).

"اذهبْ وحاربْ عماليق، وأنا أقف على رأس التلَّة وعصا الله في يدي." ذاك ما قال موسى ليشوع. عندئذٍ بدا موسى والعصا في يده كأنَّه صليب على رأس الجبل. يرتفع فينتصر شعبُ الله.

قال يوستين ابن نابلس، في فلسطين: "لمَّا كان الشعب يحارب عماليق، وكان ابن نون الملقَّب يشوع يقود المعركة، كان موسى نفسه يتضرَّع إلى الله باسطًا يديه من جهة وأخرى، وكان حور وهرون يسندانهما مدَّة النهار كلِّه لكيلا يحطَّهما التعب. فإذا تراخى قليلاً من هذا الوضع الذي كان يمثِّل الصليب... كان الشعبُ يُغلَب. ولكن إذا ثبتَ على هذا الوضع كان عماليق يُغلَب. فالغالب كان يَغلب بواسطة الصليب. ما ربح الشعب الحرب لأنَّ موسى كان يصلِّي هكذا، ولكن لأنَّ اسم يسوع كان على رأس المعركة وهو يمثِّل علامة الصليب."

وفي الخطِّ عينه قال أوريجان ابن الإسكندريَّة وقيصريَّة فلسطين، الذي دُفن في صور، في جنوب لبنان: "وقف موسى على الجبل... يداه مرتفعتان نحو السماء وهو يصلِّي بحرارة. طلب المعونة من فوق لا في الأرض... هو واقف على الجبل، قرب السماء، بجانب الكواكب."

وفي حرب على المسيحيِّين، يرفعون عيونهم، يرفعون أيديهم نحو الصليب. نتعب من رفْع أيدينا نُغلَب. نتوقَّف عن الصلاة يغلبنا العدوّ. والتخلِّي عن الصلاة يعني الموت والهلاك ونصبح أعداء نفوسنا. وإن لبثت أيدينا مرتفعة نحو الصليب تزول قوَّة العدوّ.

*  *  *

حربُ عماليق (17: 8-16)

8وأتى عَماليقُ لِيَصنَعَ حَربًا معَ إسرائيلَ في رَفيديم. 9فقالَ موسى لِيَشوعَ: «اخْتَرْ لَكَ رِجالاً وَاخْرُجْ فتَصنَعَ غَدًا حَربًا معَ عماليق. وها أنا قائِمٌ على رأسِ التلَّةِ وعصا الله في يدي.»

10فصنَعَ يَشوعُ كما قالَ له موسى، ومَضى لِيَصنَعَ حَربًا معَ عَماليق، وصَعِدَ موسى وهرونُ وحورٌ إلى رأس التلَّة. 11وحين يكونُ موسى رافعًا يدَيه، يَتشدَّدُ إسرائيل. وحين يكونُ مُريحًا يدَيه، يَتَشَدَّدُ عماليق. 12وتَعِبَتْ يَدا موسى. فأخَذا حَجرًا ووَضعاهُ تحتَه فجلَسَ عليه. وكانَ هرونُ وحورٌ مُمسِكَينِ يدَيه، واحدٌ من هنا وآخَرُ من هناك. ولبِثَتْ يَداهُ ثابِتَتَينِ حتَّى غابَتِ الشمس. 13وكسَرَ يَشوعُ عَماليقَ وشَعبَه بِحَدِّ السَّيف. 14وقال الربُّ لموسى: «اكتُبْ ذِكرانَ هذا في سِفْرٍ وضَعْه قُدَّامَ يَشوعَ بْنِ نُون لأنِّي مَحْوًا ماحي ذِكرانَ عماليقَ منْ تَحتِ السماء.»

15وبنى موسى مَذْبحًا ودعا اسمَه: «الربُّ رايتي»، 16وقالَ: «بما أنَّ يدًا ارتفعَتْ على عرشِ (الربّ) تكونُ حربٌ للربِّ على عماليقَ مِن جيلِ الأجيال.»

 

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM