اثنين الأسبوع السادس من زمن القيامة

النصّ الكتابيّ (فل 3: 1-12)

1إذًا يا إخوتي، افرحوا في ربِّنا. وهذه إذْ أنا أكتبُ لكم، غير مضرةٍ لي لأنَّها محذِّرة لكم. 2احذروا الكلاب، احذروا الفعلةَ الأشرار، احذروا قطعَ اللحم. 3فالختانةُ هي نحنُ هؤلاء العابدون الله بالروح والمفتخرون بيسوعَ المسيح. 4إذْ كان لي أنا أيضًا اتِّكالٌ على اللحم. ولكن إذا إنسانٌ ظانٌّ أنَّ اتكالَه على اللحم هو، فأنا أفضلُ منه: 5مختونٌ ابنَ ثمانيةِ أيّام، من نسلِ إسرائيل، من سبطِ بنيامين، عبريٌّ ابنُ عبريٍّ، في الناموسِ فرّيسيٌّ. 6وفي الغيرةِ مضطهدُ الكنيسةِ وببرِّ الناموسِ كنتُ بلا ملامةٍ. 7لكنَّ هذه التي كانت لي ربحًا، حسبتُها خسرانًا من أجلِ المسيح. 8بل أنا حاسبٌ إيّاها كلَّها خسرانًا من أجلِ عظمةِ معرفةِ يسوعَ المسيح ربّي ذاك الذي من أجلِه خسرتُ كلَّ شيء ومثلَ الزبلِ حسبتُه لكي أربحَ المسيح. 9وأُوجَدَ فيه، إذ ليس لي برُّ نفسي ذاك الذي من الناموس، بل ذاك الذي من الإيمانِ بالمسيحِ الذي هو البرُّ الذي من الله. 10فبه أعرفُ يسوعَ وقدرةَ قيامتِه وأشاركُ في آلامِه وأتشبَّهُ بموتِه. 11لعلّي أقدرُ أن أبلغَ القيامةَ التي من بينِ الأموات. 12لا كأنّي أخذتُ من قبلُ أو اكتملتُ من قبل، ولكن راكضٌ أنا لعلّي أدركُ الشيء الذي من أجلِه أدركَني يسوعُ المسيح.

*  *  *

مسيرة بولس باتّجاه المسيح مسيرتان. واحدة سلبيَّة والثانية إيجابيَّة. أمّا السلبيَّة فهي تجرّده من العالم اليهوديّ. أوَّلاً، احذروا الكلاب. هكذا كان اليهود يدعون الوثنيّين، والكلب حيوان نجس لا يكون داخل البيت، بل خارجه. أتُرى ردَّ بولس الكلام لليهود أو المسيحيّين الذين كانوا يهودًا وما لبثوا يحتقرون المسيحيّين الآتين من العالم اليونانيّ؟ احذروا فعلة الشرّ الذين يعارضون الإنجيل الموجَّه إلى الوثنيّين. لا يريدون أن يكون أحدٌ مسيحيًّا إلاَّ هم. هكذا تكون الكنيسة شيعة منغلقة على ذاتها. مثل هؤلاء عمَّال أشرار في كرم الربّ. وأخيرًا، احذروا المختونين الكاذبين الذين اكتفوا بأن قطعَت غرلتهم، ولكنَّهم لم يتحوَّلوا في قلبهم.

كلُّ هذا الذي حسبه اليهود "غنى" رأى فيه بولس الرسول "نفاية"، "خسارة" هو تحوُّل تامّ في حياة هذا الرسول. وهنا تأتي المسيرة الإيجابيَّة: أربح المسيح. هذا هو الربح الحقيقيّ. أعرف المسيح أي ألتصق به كما العبد يلتصق بمعلّمه، والرسول بمن أرسله. وكيف تكون هذه المعرفة؟ أوّلاً، معرفة قيامته. هي في قلبي، في عمق حياتي. ولكنَّ هذه القيامة تسبقها الآلام. طريق يسوع كانت مرورًا بالآلام قبل القيامة. وكذلك الرسول. وإذا كان يسوع مات فالرسول يموت. وحين مات يسوع قتل بموته الشرّ والخطيئة والموت. وهكذا الرسول. يموت عن الشرّ الذي فيه والبغض والانتقام... بعد ذلك يكون في موكب القائمين من الموت، وإلاَّ يلبث خارجًا، ولا يكون مع المسيح في مجيئه.

 

الإيمان والأسرة

منذ أيَّام مار أوغسطين، دُعيَت الأُسرة كنيسة بيتيَّة. واستعاد فاتيكان الثاني العبارة في الدستور حول الكنيسة "نور الأمم". فتحدَّث عن الوالدين على أنَّهم "أوَّل المنادين بالإيمان". في "هذه الكنيسة التي هي الموقد العائليّ" في نظر الإيمان، يُنظر هنا إلى مسؤوليَّة الوالدين في تربية أولادهم في خطّ معموديَّتهم. وإذ سجَّل هذا الانفتاحُ الحياة الزوجيَّة في قلب سرِّ المعموديَّة، أعدَّ ما سيقول دستور "فرح وإيمان" حول سرّ الزواج.

وإذ تحدَّث يوحنّا بولس الثاني عن العائلة، أعطى اتّساعًا للأسرة التي تصوّرها كنيسةً بيتيَّة، فأقام رباطًا بين الأشخاص والمجتمع وجعل للأسرة دعوة اجتماعيَّة، فحرَّرها هكذا من إطار ضيّق جدًّا. والحبُّ المعاش كلَّ يوم في الأسَر هو وعدٌ لصفة شهادته في العالم. "بفضل محبَّة الأسرة، تستطيع الكنيسة، بل ينبغي عليها أن تتَّخذ صفة الأسرة فتأخذ بأسلوب علاقات أكثر إنسانيَّة وأكثر أخوَّة"، كما قال البابا. وإذ تستقي الأسرة في كنوز الإيمان، تستطيع أن توسّع دعوتها وُسع المجتمع.

وقال دستور "فرح ورجاء" (عدد 12)؛ "جمعُ الرجل والمرأة هو أوَّل تعبير عن شراكة الأشخاص، لأنَّ الإنسان كائن اجتماعيّ" ونحن ننظر إلى الزوجين وإلى الأسرة "كأوَّل مدى لالتزام اجتماعيّ لدى المؤمنين العلمانيّين" لأنَّهم "المكان الأوَّل لأنسنة الشخص البشريّ والمجتمع"

جان – لويس سولاتيس

 


 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM