أحد الأسبوع السادس من زمن القيامة

النصّ الكتابيّ (رو 10: 1-13)

1يا إخوتي، مشيئةُ قلبي وطلبتي هي إلى اللهِ من أجلِهم لكي يَحيوا 2فأنا شاهدٌ لهم أنَّ فيهم غيرةَ اللهِ موجودةٌ، لكن لا بمعرفة 3لأنَّهم ما عرفوا برَّ الله، بل طلبوا أن يُقيموا برَّ أنفسِهم، ولأجلِ هذا ما أُخضعوا لبرِّ الله. 4لأنَّ غايةَ الناموسِ هي المسيح، للبرِّ لكلِّ مؤمن. 5فموسى كتبَ هكذا عن البرِّ الذي بالناموس: مَنْ يفعلُ هذه يحيا بها. 6أمّا البرُّ الذي بالإيمانِ فقائلٌ هكذا: أنتَ لا تقولُ في قلبِك: مَن الذي صعدَ إلى السماء وأنزلَ المسيحَ. 7ومَنِ الذي نزلَ إلى هاوية الشيول وأصعدَ المسيحَ من بينِ الأموات. 8لكن ماذا قال: قريبٌ هو إليك الجواب، لفمِك ولقلبِك. تلك هي كلمةُ الإيمانِ التي نحن كارزون. 9فإذا تعترفُ بفمِك بربِّنا يسوعَ السميح، وتُؤمنُ بقلبِك أنَّ اللهَ أقامَه من بينِ الأمواتِ تحيا. 10لأنَّ القلبَ المؤمنَ به مُبرَّرٌ، والفمَ المعترفَ به يحيا. 11لأنَّ الكتابَ قال: كلُّ مؤمنٍ به لا يخزى. 12وبهذا ما ميَّز، لا اليهودَ ولا الأمميّين، فواحدٌ هو ربُّهم كلِّهم الذي هو غنيٌّ في كلِّ مَن يدعوه. 13لأنَّ كلَّ مَنْ يدعو اسمَ الربِّ يحيا.

*  *  *

ما زلنا في زمن القيامة، الذي يمتدُّ حتَّى يوم العنصرة ضمنًا، يوم الخمسين، إذ ننشد للمرَّة الأخيرة: يا مسيحًا قام من بين الأموات ارحمنا. فرسائل القدّيس بولس مليئة بالإشارة إلى القيامة. هنا محطَّتان. الأولى، الاعتراف بالفم. ذاك ما يُطلب من اليهود ومن كلِّ من يؤمن بالإله الواحد، وينسى الثالوث أو عائلة الله المكوَّنة من الآب والابن والروح القدس. أن يقول: يسوع هو ربّ، كيريوس، يهوه. فإن هو لم يَقُم بهذا الاعتراف يبقى في العهد الأوَّل وما انتقل إلى العهد الثاني، العهد الجديد والنهائيّ.

والمحطَّة الثانية، الإيمان بالقلب. فالقلب هو مركز العاطفة، ومركز الحرّيَّة والإرادة واتّخاذ القرار. فالإيمان الذي نقص الرسل في مرحلة أولى، بقيامة الربّ يسوع، هو ضروريّ لكلّ من يعلن مسيحيّته. فهذه القيامة هي ما يميّز كلّيًّا المسيحيّ عن أيّ مؤمن في أيّ ديانة كانت. كلُّ الأنبياء انتهوا في الموت. إشعيا، إرميا، داود، هوشع. كلُّهم ماتوا ولبثوا في الموت. ويسوع وحده قام في اليوم الثالث. فكانت قيامته باكورة كلّ واحد منَّا.

ها هنا الشرط الوحيد للخلاص من أين جاء الإنسان. فكلّ ما أتى به من ديانته السابقة، سواء كانت توحيديَّة أو أصناميَّة، لا يضيف شيئًا إلى ما يحمله المسيح لنا: أن يكون الإنسان مختونًا أو لا... أن يعمل بشريعة من الشرائع... فمع يسوع هي البداية البداية. يدعونا ونحن نقدّم جواب الإيمان.

 

الربُّ ينادينا

اسمعوا الربَّ يسوع: "في بيت أبي منازل كثيرة" (يو 14: 2). وما هي مشيئته؟ "أجيء مرَّة أخرى وآتي بكم إليّ لكي تكونوا حيث أكون أنا" (آ3).

ويقولون: ما كان يكلّم سوى رسله. وما وعد سواهم بالمنازل العديدة. ماذا؟ كلَّم فقط الأحد عشر رسولاً؟ وماذا تفعلون بهذه التعاليم أنَّهم يأتون من كلّ أطراف العالم ويستريحون في ملكوت الله؟ لأيّ سبب نشكّ بإرادة الله؟ بالنسبة إلى المسيح، حين يريد ينفِّذ.

وإذ أراد أن نعرف مشيئته الحقَّة، أضاف أخيرًا: "أيُّها الآب، أريد أنَّ هؤلاء الذي أعطيتني يكونون معي حيث أكون أنا ليروا مجدي" (يو 17: 14). ما أجمل هذا! بدأ فوعد ثمَّ أعطى. وعد أوَّلاً ليعرّفنا بقدرته. ثمَّ طلب ليفهمنا تقواه. ما طلب أوَّلاً قبل أن يعطي وعدًا لئلاَّ يبدو بالأحرى وكأنَّه يعدُ بما سبق وناله من أن يمنح ما سبق ووعد به. لا تروحوا تظنُّون أنَّ هذا الطلب نافل، بل انظروا فيه كتعبير عن اتّحاده بإرادة الآب، وعلامة الوحدة، لا كتعبير لاختلاف القدرة (بين الآب والابن).

نحن نتبعك أيُّها الربُّ يسوع، فادعُنا لأنَّ أحدًا لا يصعد بدونك. أنت هو الطريق والحقّ والحياة (يو 14: 6). أنت القدرة والإيمان والجزاء. أيَّتها الحياة، هبنا الحياة!

القدّيس أمبرواز أسقف ميلانو

 


 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM