جمعة الأسبوع الخامس من زمن القيامة

النصّ الكتابيّ (فل 2: 12-18)

12إذًا يا أحبّائي، كما أطعتُم في كلِّ وقت، لا فقط إذ أنا قريبٌ منكم بل الآنَ إذْ أنا بعيدٌ عنكم. اعملوا بالأحرى عملَ حياتِكم بخوفٍ وبرعدة. 13فالله هو مُحثُّكم بحيثُ تريدون وتعملون أيضًا ذاك الشيء الذي أنتم مريدون. 14فكونوا صانعين كلَّ شيء بلا دمدمةٍ ولا انقسام. 15بحيثُ تكونون ودعاءَ وبلا لومٍ مثلَ أبناء اللهِ الأطهارِ الساكنينَ في جيلٍ صعبٍ وملتوٍ، وتظهرون بينهم مثلَ النيِّراتِ في العالم. 16إذْ تكونون أنتم لهم في موضعِ الحياةِ لافتخاري أنا في يومِ يسوع، أنّي ما سعيتُ باطلاً ولا عملتُ فراغًا. 17ولكن وإن أنا منسكبٌ على ذبيحةِ إيمانِكم وخدمتِه، فأنا فارحٌ وأنا مسرورٌ معكم كلِّكم. 18فهكذا أنتم أيضًا، افرحوا وسُرُّوا معي.

*  *  *

عاش الرسول مع أهل فيلبّي. طلب منهم: أوصاهم فأطاعوه. عندئذٍ فرح بهم. ولكن هل يحافظون على هذه "الطاعة" عينها إن هو غاب عنهم؟ ذاك هو الخطر الذي عرفه بولس بالنسبة إلى جماعات غلاطية. ما إن تركهم حتَّى عادوا إلى الممارسات اليهوديَّة لكي يتجنَّبوا الصعوبات والاضطهاد. هل ستكون جماعة فيلبّي مثل هؤلاء، أم تقتدي بكنيسة تسالونيكي التي نالت كلَّ مديح من الرسول؟

بدأ أهل فيلبّي مسيرة الخلاص. وضعوا يدهم على المحراث. نظروا إلى الأمام. يا ليتهم لا ينظرون إلى الوراء! يا ليتهم لا يتردَّدون على مثال العبرانيّين الذين تركوا مصر ولبثوا يحنُّون إليها وإلى ما فيها من خيرات! بدأتم فتابعوا وأتمُّوا. وهنا تأتي عبارة كان لها أثر كبير في حياة الكنيسة ولدى الجماعات: "بخوف ورعدة". نحن ضعفاء. الربُّ يطلب منَّا أن نسير في خطى ابنه. إذًا نخاف لأنَّنا ضعفاء ولا نستطيع أن نتمَّ مشيئة الله. فالله الذي دعانا يطلب منَّا لأنَّه يؤمن بنا ويثق. وإن نحن تراخينا وهذا ما يحصل مرارًا، "فالله هو العامل فينا" ولكنَّه يدعونا لأن نعمل معه. وخصوصًا نتخلَّى عن سلوك العبرانيّين، الذين لبثوا يتذمَّرون طوال مسيرتهم في البرّيَّة. لا دمدمة، لا تذمُّر، لا جدال. فالربُّ يريدنا "بلا لوم" مهما كان العالم الذي نعيش فيه. يريدنا في البساطة المسيحيَّة. وسط الوثنيّين "فنضيء مثل أنوار في العالم". قال لنا الربّ: أنتم نور العالم. تكونون كذلك بأعمالكم. فاحذروا أن تكونوا ظلامًا بحيث تُخفون وجه المسيح عن العالم.

 

المشاهدات الروحيَّة

الأولى هي معرفة شدائد هذه الحياة وتجاربها... إنَّها تنتحب على كلّ الشرّ الذي عانته الطبيعة البشريَّة.

الثانية هي معرفة أخطائنا وأفضال الله.

الثالثة هي معرفة التباريح (أو: الشدائد) التي تسبق الموت وتعقبه.

الرابعة هي فهم الحياة التي قضاها في هذا العالم ربُّنا يسوع المسيح، وفهم الأعمال والأقوال الصادرة عن تلاميذه وعن القدّيسين الآخرين، الشهداء والآباء.

الخامسة هي معرفة الطبيعة وتحوُّل الأشياء.

السادسة هي مشاهدة الكائنات، أي معرفة خلائق الله الحسّيَّة وفهمها.

السابعة هي فهم خلائق الله الروحيَّة.

الثامنة هي معرفة الله. وهذه المعرفة نسمّيها "اللاهوت".

تلك هي المشاهدات (أو المعرفات) الثماني. الثلاث الأولى تناسب من لا يزال في طور العمل ليتمكَّن من تنقية نفسه من كلِّ الشهوات. والخمس التالية تناسب المشاهد أو العارف ليتمكَّن دائمًا من أن يحقّق جيّدًا أعمال الجسد والأعمال الأدبيَّة.

بطرس الدمشقيّ

 


 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM