السرّ الثاني عرس قانا الجليل

تلك كانت أولى الآيات التي صنعها يسوع. أظهر مجده فآمن به تلاميذه.

نقرأ النصّ الكامل في يو 2: 1-12

1ولليومِ الثالثِ، كانَ عرسٌ (وليمةٌ) في قانا، مدينةِ الجليل، وأمُّ يسوعَ كانتْ هناك. 2ويسوعُ وتلاميذُه دُعوا أيضًا إلى العرس. 3ونفدتِ الخمرُ، فقالَتْ ليسوعَ أمُّه: "ليسَ لهم خمر." 4فقالَ لها يسوع: "ما لي ولكِ، أيَّتها المرأة، ما أتتْ ساعتي بعد." 5فقالَتْ أمُّه للخدَمِ: "الشيءَ الذي يقولُ لكم اصنَعوا." 6وكانَ هناكَ ستُّ أجاجينَ حجرٍ موضوعةٍ لتطهيرِ اليهود، تسعُ كلٌّ منها كَيلينِ اثنينِ أو ثلاثة. 7فقالَ لهم يسوعُ: "املأوا هذه الأجاجينَ ماءً." فملأوها إلى فوق. 8فقالَ لهم: "صبُّوا الآنَ وقدِّموا لرئيسِ المتَّكأ"، فقدَّموا. 9وعندما ذاقَ رئيسُ المتَّكأ هذا، ذلك الماءَ الذي صارَ خمرًا، وهو ما كان عارفًا من أينَ كانَتْ، أمّا الخدَمُ فكانوا عارفينَ لأنَّهم هم الذين ملأوها ماءً، دعا رئيسُ المتَّكأ العريس، 10وقالَ له: "كلُّ إنسانٍ يقدِّمُ أوَّلاً الخمرَ الطيِّبة، ومتى ارتووا عندئذٍ يقدّمون التي هي أقلّ. أمّا أنتَ فحفظتَ الخمرَ الطيِّبَةَ حتّى الآن." 11هذه هي الآيةُ الأولى التي صنعَ يسوعُ في قانا الجليل، وأظهرَ مجدَهُ فآمنَ به تلاميذُه. 12بعدَ هذه، نزلَ إلى كفرناحومَ، هو وأمُّه وإخوتُه وتلاميذُه، وهناك كانوا أيّامًا قليلة.

*  *  *

لم يبقَ عندهم خمر! فأهل هذا العالم خسروا الإمكانيَّة بأن يحيوا من حياة الله. فجاء يسوع، في وسط عرس يرمز إلى زواج الله مع شعبه، وأعاد إلى العالم طعم الأمور الإلهيَّة بخمر لذيذ، خمر العهد الجديد.

*  *  *

السلام عليك يا مريم

نضيفُ في نهاية القسم الأوَّل من السلام الملائكيّ: يسوع المسيح، "الذي حوَّلَ الماءَ إلى خمر".

السلامُ عليكِ يا مريم، يا ممتلئة نعمة، الربُّ معك، مباركةٌ أنتِ بينَ النساء، ومباركٌ ثمرةُ بطنِك سيِّدُنا يسوعُ المسيح، الذي حوَّلَ الماءَ إلى خمر. يا قدّيسة مريم، يا والدةَ الله، صلّي لأجلِنا نحنُ الخطأة، الآنَ وفي ساعةِ موتِنا. آمين.


 

أوَّل معجزة يذكرها يوحنّا حصلت في عرسٍ. والعرس موضع الفرح، والله جاء يحمل الفرح للبعيدين والقريبين. أمّا العريس فلا يمكن أن يكون سوى يسوع. بدأت أعراسه على الأرض وتتواصل في السماء، لأنَّه يريد أوَّلاً أن يتَّحد بكنيسته ثمَّ بكلِّ واحد منَّا. لهذا لا يُقال لنا من هو العريس ومن هي العروس. وهما لا يقولان كلمة. وحده رئيس المتَّكأ يتكلَّم. هو مدعوّ إلى العرس، ولكنَّه لم يفهم شيئًا. وكذلك الخدم. لم يطرحوا سؤالاً على أنفسهم: نحن ملأنا الأجاجين ماء. كيف أطعنا يسوع وسقينا الناس خمرًا؟ ما الذي حصل؟ لم يطرحوا سؤالاً. فكأنَّهم آلات متحرّكة لا تفقه ماذا تعمل.

انقلاب على مستوى الماء الذي تحوَّل خمرًا. والنقص صار فيضًا. "ملأوا الأجاجين إلى فوق"، وما جعلوا فيها بعض الماء فقط. والتلاميذ الآتين مع يسوع "آمنوا" حين رأوا مجد الابن. دُعيَ يسوع وتلاميذه. أمّا الآن، فتلاميذه هم "معه"، برفقته. ولن يتركوه حتَّى في أصعب الحالات، بعد الكلام على خبز الحياة، حين تركه الكثيرون. سألهم: "أتريدون أنتم أيضًا أن تمضوا؟" فأجاب سمعان بطرس: "إلى من نذهب، يا ربّ، وعندك كلام الحياة الأبديَّة؟"

ومريم، أمُّ يسوع، هي "المرأة"، مثَّلت شعبها، الشعب اليهوديّ. كما مثَّلت حوَّاء نساء العالم وبالتالي البشريَّة كلّها. أمُّ يسوع مرَّت في الساعة، ساعة الموت. قبلت مسيرة الصليب. وهي ستصبح عندذاك أمَّ التلميذ الحبيب، وأمَّ كلِّ واحد منَّا. ومنذ الآن انطلقت في إثر يسوع كالتلميذة الأولى لتصل إلى الصليب، بل إلى القيامة "في اليوم الثالث".


 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM