أسرار النور- السرّ الأوَّل: معموديَّة الربّ يسوع

قال الربّ يسوع: "أنا نور العالم"، على مدّ حياته العلنيَّة خلال ثلاث سنوات، أتاح لنا أن ندرك هذا النور الإلهيّ، الذي يقيمنا، يغفر لنا، يشفينا، يهب لنا الحياة. إذًا، هنا أيضًا خمس محطَّات مميَّزة فيها يبرز بوضوح نورُ المسيح. والمسبحة تتيح لنا أن نتأمَّل هذه الأحداث التي تكشف أنَّ الملكوت حاضر في شخص يسوع.

أنت هو ابني الحبيب، فيك سررتُ.

نقرأ النصّ الكامل في مت 3: 13-17؛ لو 3: 21-22

13حينئذٍ أتى يسوعُ من الجليلِ إلى الأردنِّ لدَى يوحنّا ليَعتمِدَ بيدِه. 14ولكنَّ يوحنّا نفسَه كان صادًّا لهُ وقائِلاً: “أنا محتاجٌ أنْ أُعمَّدَ بيدِك، وأنتَ إليَّ أتيتَ؟” 15أمّا يسوعُ نفسُه فأجابَ وقالَ له: “دعِ الآن. فهكذا واجبٌ علينا أن نُتمَّ البِرَّ كلَّه.” وحينئذٍ ترَكَهُ. 16ولمّا اعتمدَ يسوع، صعدَ للحالِ من الماء وفُتحَتْ له السماء، ورأى روحَ اللهِ نازلاً مِثلَ حمامة، فأتى عليه. 17وها صوتٌ منَ السماءِ قائلٌ: “هذا هو ابني الحبيبُ الذي بهِ ارتَضَيتُ.”

 

21وحدثَ لمّا اعتمدَ الشعبُ كلُّهُ أنَّ يسوعَ اعتمَدَ أيضًا، وإذْ هو مُصلٍّ، فُتحَتِ السماء. 22ونزلَ الروحُ القدُسُ علَيه بشَكْلِ جِسْمِ حمامة، وصوتٌ كانَ من السماء قائِلاً: “أنتَ هو ابني الحبيب، بِكَ ارتَضَيت.”

*  *  *

أخذ يسوع موضع الخطأة، فنزل في مياه الأردنّ. والمياه التي تغسل كلَّ وساخة نالت من يسوع ذاته الإمكانيَّة بأن تغسل، تنقّي: إنَّه حملُ الله الذي يرفع خطيئة العالم (يو 1: 29). وصوت الآب وحضور الروح يضعان الختم الإلهيّ على رسالة الابن الحبيب.

*  *  *

السلام عليك يا مريم

نضيفُ في نهاية القسم الأوَّل من السلام الملائكيّ: يسوع المسيح، "ابن الآب الحبيب".

السلامُ عليكِ يا مريم، يا ممتلئة نعمة، الربُّ معك، مباركةٌ أنتِ بينَ النساء، ومباركٌ ثمرةُ بطنِك سيّدنا يسوع المسيح، ابن الآب الحبيب، يا قدّيسة مريم، يا والدةَ الله، صلّي لأجلِنا نحنُ الخطأة، الآنَ وفي ساعةِ موتِنا. آمين.


 

أتى شابّ من الشبَّان لا يفرق في شيء عن الذين أتوا يعتمدون على يد يوحنّا. ولكن في العمق اختلف عنهم، وخصوصًا عن الذين أتوا دون توبة داخليَّة وانقلاب في التفكير وفي الحياة. أمّا يسوع فقبْل أن يعتمد، شرع يصلّي. وعندئذٍ "انفتحت له السماء". وهذا يعني أنَّه صار في حوار مع أبيه. فالناس يعتبرون الصلاة طلبًا لتلبية حاجاتنا. أمّا الصلاة فهي قبل كلِّ شيء اتّصال بالله فتأتينا ناره وحرارة حبّه وتشعل قلوبنا.

رأى يسوع الروح يحلُّ عليه. فعيناه غير عيوننا. وسمع الآب يتكلَّم. فأذناه غير آذاننا. فهو في الصلاة ينسى حواسّ الجسد وتضحي حواسُّه حواسَّ إلهيَّة. ما من أحد رأى. ما من أحد سمع. وحده يوحنّا قيل له: "الذي ترى الروح نازلاً ومستقرًّا عليه، هو الذي يعمّد بالروح القدس" (يو 1: 31). ذاك هو الوجه الإلهيّ الذي يُعطى لنا في سرّ المعموديَّة. ونور المسيح يندلق علينا فنصبح بدورنا نورًا بأعمالنا الصالحة ونمجّد الآب الذي في السماء.

انظروا يسوع. ينزل في الأردنّ وكأنَّه خاطئ بين الخطأة. ولكن لا. جعله الآب خطيئة من أجلنا، ذبيحة عن الخطأة. ثمَّ هو نزل معنا إلى أعماق شقائنا ليرفعنا إلى ذروة مجده. هو الابن. ونحن معه الأبناء والبنات. هو الوارث ونحن نرث معه. هو يكون في مجد الآب ونحن نكون معه. فهو يريدنا أن نكون حيث هو.


 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM