ملحــقــــــات

ملحــقــــــات

نقدّم هنا ثلاثة ملحقات. الأول أخذناه من فلافوس الايرلندي مع ثلاثة مقاطع: يوحنا والكاهن زوكيس، معجزة التبن الذي تحوّل إلى ذهب، اللقاء مع إبليس الفارس (من رقم 9 إلى رقم 14). والملحق الثاني هو رسالة منسوبة إلى تيطس. والثالث: يوحنا والحجلة.

كتاب فلافوس الإيرلنديّ([1]

يوحنّا والكاهن سوسيب

9        في يوم من الأيّام، نهض يوحنّا ونظَّف يديه البيضاوين وغسل وجهه الطريّ وتلا مزامير الساعات، ثمَّ مضى إلى داخل الكنيسة ليسمع ذبيحة القدَّاس. فإذا بكاهن متجسِّم، ناعم، مهندم، اسمه سوسيب([2]) ووضع سلسلة من ذهب لفَّها على رقبته من الوراء... عرف يوحنّا أنَّ بين يدي سوسيب خطيئة خفيَّة.

10 عندئذٍ بكى يوحنّا... وارتمى على الأرض وقال:

يا الله، يا من جمعتَنا، لا تحكمْ علينا.

يا الله، يا من خلَّصْتنا من اللذات

يا الله، يا من أحببتنا، لا تحكم علينا.

يا الله، يا من بذلتَ نفسك لأجلنا، لا تتجنَّبْنا.

إليك أصلِّي الآن، أيُّها الإله الخالق، أيُّها السيِّد الربّ، لكي تغسل نفس هذا الكاهن، من ظلمة الأفكار الشرِّيرة ومن ضيق الخطيئة الخطيرة التي فيه. فكأنَّه معلَّق بشباك الشرِّير بحيث لا يستحقُّ أن يشارك في الذبيحة أو يخضع للمحامي القدير».

11 وحين سمع الكاهن هذه الكلمات... ترك الذبيحة وهرب من الكنيسة وشرع يبكي خطاياه أمام الله الآب والخالق. ويوحنّا صاحب الكلمات الحلوة، ذاك الذي اتَّكأ على صدر الربّ، نهض وأرسل إليه الشمّاس برُّو صاحب الكلمات الحلوة وقال: «امضِ إلى حيث سوسيب الكاهن وقُل له أن يدخل». وحين أتى كان يبكي خطاياه بصوتٍ عالٍ ويقول للجميع: «صلُّوا على الدوام وباجتهاد إلى الله لكي يمحو خطاياي». ثمَّ سقط على ركبتيه قدَّامه وقال هذه الكلمات:

«يا تلميذ الخالق

يا يوحنّا الملائكيّ الطريّ

يا صاحب العزم بالشَعر الجميل

يا وجهًا منيرًا بعينين زرقاوين

...

أيُّها القدِّيس الشابُّ المعروف

ومُخرج الشيطان الأسوَد

أنت التلميذ الصالح لله».

فسمع الله صلاة الكاهن وعمل من أجله. ويوحنّا الإنجيليّ النبيل، أخذ القربان من جديد واحتفل بالقدَّاس بنقاوة تامَّة.

معجزة التبن الذي تحوَّل إلى ذهب

12 وكان هناك عجائز تقيّات، أرامل. يتبعن يوحنّا، ويقضين حياتهنَّ يسمعن كرازة يوحنّا المنيرة التي يعطيها للشعب. ولم يكن لهنَّ حياة ولا غنى سوى الصدقة من المسيحيِّين. وكنَّ يشتكين دومًا ضدَّ يوحنّا ويفترين عليه، لأنَّهنَّ اعتبرن أنَّ كمِّيَّة المال التي كان يتلقَّاها يوحنّا والصدقات من الشعب، كانت كثيرة جدًّا، واعتبرن أنَّ حصَّتهنَّ قليلة. وقلن: «ماذا يعمل بكلِّ هذا وهو لا يطلب سوى القوت والكسوة. هو يريد أن يكون غنيًّا ونحن نكون فقراء».

13 ذات يوم سمع يوحنّا هذا، وبدلاً من أن يغضب تحلَّى بالصبر. وحصل يومًا أنَّه كان على جسر واسع مع حمير وحيوانات تحمل التبن إلى المدينة. فمدَّ يوحنّا يده البيضاء إلى التبن وقال: «أيُّها الإله الذي أتبعُه، وأؤمن به، إجعلْ هذا كلَّه ذهبًا من دون تأخير». وقال يوحنّا للذين يرافقونه: «عدُّوا هذا الذهب». فعدّوه فكان مئة قصبة من الذهب الجميل اللمّاع. فقال يوحنّا: «يا أبنائي الأعزّاء، خذوا هذا الذهب إلى الذين يستطيعون التعرُّف عليه. فأُخذ ووُضع في النار، وقال الصنّاع إنَّهم لم يروا ذهبًا أفضل منه. وُضع الذهب في يد يوحنّا فرماه في بحر عميق، فانذهل كلُّ إنسان من هذا. فقال يوحنّا: «إذا أردتُ الذهب والغنى أطلبُه من الله نفسه. ولكن أفضِّل بإرادتي أن أكون فقيرًا وبائسًا، لأنَّ السلطان في السماء يخصُّ الفقراء بالروح، كما قال الربّ» (مت 5: 3). وقال للأرامل المنتقدات: «أنا لا أعمل شيئًا بما أنال، بل أعطيه لكنَّ، والباقي للفقراء. وبالنسبة إلى اللباس، أنا أرتدي ما يرتديه تلاميذ الربّ. المسيح أعطانا هذا اللباس وأعطانا اثنين وسبعين لغة ونحن نفهمها كما نفهم اللغة التي علَّمتنا أمُّنا».

اللقاء مع إبليس - الفارس

14 ذات يوم كان يوحنّا في طريقه، فرأى فارسًا مدجَّجًا بالسلاح آتيًا إليه في الطريق ويستعدُّ لقتله. وحين وصل إلى الرسول أخذ يهدِّد كالوحش وبعنف كبير: «من زمان ستكون في سلطتي وستُقتل بيديَّ، بقوَّة الأبطال». فقال له يوحنّا: «ليُطفئ الربُّ تهديدَك البربريّ وغضبَك الحاضر وأنت معهما». حينئذٍ ترك الفارس المكان بسرعة ومضى إلى البعيد مثل الدخان الخارج من النار أو الغبار الرائح مع الريح. فهذا كان إبليس الذي جاء متنكِّرًا بوجه فارس لكي يجرِّب يوحنّا أمام عدد كبير من المؤمنين.

رسالة منسوبة إلى تيطس

هذا النصّ اللاتينيّ ليس في الواقع رسالة، بل قطعة خطابيَّة، وربَّما عظة تدافع عن العفَّة في وجه «الزواج الروحيّ». نجد هنا 120 إيرادًا أو تلميحًا، أُخذت من العهد القديم والعهد الجديد والأدب المنحول. كما نقرأ ثلاثة إيرادات من أع يو:

الأوَّل: إسمع فعل الشكر من يوحنّا. تلميذ الربّ، كما تفوَّه به في الصلاة قبل موته: «يا ربّ، أنت حفظتَني منذ طفولتي حتّى هذا العمر بمنأى عن كلِّ اتِّصال مع امرأة، فأبعدْتَ عنها جسدي بحيث إنَّ مشهد امرأة صار لي أمرًا بغيضًا».

الثاني: فهل ما فعلتم هو من خارج الشريعة؟ تأمَّلْ بأنَّ الأبالسة أنفسهم قالوا حين اعترفوا للشمَّاس بحين وصل يوحنّا: «كثيرون يأتون إلينا في الأزمنة الأخيرة لكي يجرِّدونا من آنيتنا (أي: أجسادنا) قائلين إنَّها نقيَّة ونظيفة من النساء، وأنَّها لم تُسجَن داخل الشهوة. فإن أردنا، نمسك أيضًا هؤلاء الناس في قبضتنا».

الثالث: تقبَّلْ في قلبك تنبيهات يوحنّا الطوباويّ: دُعيَ إلى زواجٍ، فما مضى لكي يدافع عن قضيَّة العفَّة. وماذا قال: «يا أبنائي الصغار، بما أنَّ (جسمكم) البشريّ هو طاهر حتّى الآن، وبما أنَّكم تملكون جسدًا سليمًا، بكرًا، وبما أنَّكم لم تتنجَّسوا بإبليس أكبر عدوّ وأعيَب للعفَّة، ينبغي عليكم أن تعرفوا كلَّ المعرفة سرَّ الاتِّحاد الزواجيّ. فهو تجربة من الحيَّة،وجهل للتعليم، وضررٌ للزرع، وموهبة الموت، ومنظِّم العدم، ومدرِّب الانقسام، وزرع يرميه العدوّ من فوق، وفخاخ الشيطان، ومقاصر صاحب النيَّة الشرِّيرة، وثمرة شرِّيرة للولادة، وسفك الدم، وغضب النفس، وسقوط العقل، وعربون العقاب، وتنبيه العذاب، وعمل النار، وعلامة العدوّ، وشرّ الحسد القاتل، وضمَّة الحيلة، واتِّحاد المرارة،ومِرَّة النفس، واستنباط يقود إلى الهلاك، ورغبة المخيِّلة، وتبديل المادَّة، وتسلية إبليس، وبغض الحياة، ورباط الظلمة، وسكر... وشتيمة العدوّ، وقيدٌ يفصل عن الربّ، وبداية العصيان، ونهاية الحياة، والموت. وبما أنَّكم سمعتم ذلك، يا أبنائي الصغار، اتَّحدوا في زواج لامنفصل، حقيقيّ ومقدَّس، في انتظار العريس الوحيد، الفريد، الحقيقيّ، الآتي من السماء، المسيح، العريس الأبديّ([3])».

يوحنّا والحجلة([4])

كان يوحنّا جالسًا،فطارت حجلة هنا وهناك وأتَتْ تتمرَّغ في التراب قدَّامه. فأخذ يوحنّا يتطلَّع بإعجاب إلى هذا المشهد. أتى كاهن وكان واحدًا من سامعيه. ومضى إلى يوحنّا فشاهد الحجلة تتمرَّغُ في التراب قدَّامه. تشكَّك وقال في نفسه: «رجل بهذه الصفات وهذا العمر يلتذّ (بمشهد) حجلة تتمرَّغ في التراب!». عرف يوحنّا في روحه بما يفكِّر. فقال له: «من الأفضل لك أنت أيضًا، يا ابني، أن تشاهد حجلة تتمرَّغ في التراب بدلاً من أن توسِّخ نفسك في أعمال مشينة ودنسة. فالذي ينتظر اهتداء جميع البشر وتوبتهم، أتى بك إلى هنا بسبب هذا المشهد. أيَّة حاجة لي أن أنظر إلى حجلة تتمرَّغ في التراب! لأنَّ الحجلة هي نفسك». إذ سمع (الكاهن) الشيخ هذا، وإذ رأى أنَّه لا يقدر أن يختبئ بعدُ، لأنَّ رسول المسيح قال له كلَّ ما كان في قلبه، سقط على وجهه إلى الأرض وهتف: «الآن عرفتُ أنَّ الله يسكن فيك، يا يوحنّا الطوباويّ. وطوبى لمن لا يجرِّب الله فيك. فحين يجرِّبك يجرِّب ذاك الذي لا يجرَّب». عندئذٍ طلب منه أن يصلِّي من أجله. وبعد أن علَّمه (يوحنّا) وأعطاه القواعد (الروحيَّة)، أرسله إلى بيته ومجَّد الله المالك على كلِّ شيء.

*  *  *

حدث الحجلة عند كاسيان

كاسيان (Cassien). راهب من الغرب أقام زمنًا في إسقيط مصر. نقل في الاعترافات (24/21) التي تعود إلى سنة 426 حدثًا قريبًا من حدث يوحنّا والحجلة. وإليك السياق: «أباتي إبراهيم وهو راهب مصريّ، كان يمتدح ممارسة الضيافة. في هذه الممارسة وجد الراهب في الوقت عينه مناسبة لتثبيت رغبته في الوحدة ولإعطاء جسده الراحة الضروريَّة. واستخلص الأباتي: «أعطيكم بإيجاز في هذا الشأن، مقابلة موافقة جدًّا عُرفَتْ في خبر قديم».

يُروى أنَّ يوحنّا الطوباويّ (والإنجيليّ)، كما في بعض المخطوطات، كان يدلِّل بيديه وبحَنان حجلة. وفجأة رأى آتيًا إليه فيلسوفًا في لباس الصيد. اندهش هذا الفيلسوف من رجل معروف ومشهور أن يتنازل إلى تسليات صغيرة لا ترفع مقامه. قال:

أأنت يوحنّا، الذي شهرتُه الفريدة والمعروفة دفعَتْني أنا أيضًا إلى الرغبة الكبيرة بأن أعرفك؟ ولماذا أنت مشغول بهذه التسلية المنحطَّة؟

فأجابه يوحنّا الطوباويّ:

ما هو هذا الغرض الذي في يدك؟

قوس.

لماذا لا تكون مشدودة دائمًا وفي كلِّ مكان؟

لا ينبغي ذلك لئلاَّ تتراخى بضغط الحنيَّة فتتراخى قوَّتُها بسبب تصلُّبها فأخسرها. وحين يجب أن أوجِّه سهمًا قويًّا على وحش، لا يمكن أن تنطلق الطلقة بشدَّة كافية، لأنَّ القوس خسرت تصلُّبها لأنَّها خَضعت لانشداد متواصل.

فأجاب يوحنّا الطوباويّ:

ينبغي أيضًا، أيُّها الشابّ، أن لا تغتاظ من هذه الفسحة البسيطة والقصيرة التي نعطيها لنفسنا: فإن كانت بعض المرّات لا تخفِّف ولا ترخي تصلَّب انشدادها بواسطة بعض الاستراحة، فهي لن تستطيع، وهي التي تراخت في مجهود متواصل، أن تخضع لعمل الروح حين يكون ذلك ضروريًّا».

 


[1](1)                المخطوط 48، 23 أو  476في Royal Academy de Dublin. نشره Gearoid Mac NIOCAILL dansEigse7 (1955), p. 248-253; 8 (1956), p. 222-230. Voir M. MAC NAMARA, The Apocrypha in the Irish Church, Dublin, 1975, p. 95-98 = résumé du texte.

[2](2)  Zeuxis ou Seusisp

[3](1) حين سمع العروسان هذا الكلام،ألغيا الاتحاد الجسدي. رج أع تو؛ أع أند.

[4](1)Compilation du Parisianus grec 1468. . رقّ يعود إلى القرن العاشر.

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM