خبر وفاة القدّيس يوحنّا الرسول والإنجيليّ

خبر وفاة القدّيس يوحنّا الرسول والإنجيليّ(*)

نقرأ هذا النصَّ في المخطوط البريطانيّ 12174، الوريقة 279أ. نشره رايت([1]) سنة 1871 في لندن، وأعادت طبعه مؤسَّسة غورجياس([2]) سنة 2005. هو رقٌّ يعود إلى سنة 1508 لليونان، الذي يقابل 1197 مسيحيَّة([3]). هو نصٌّ يونانيّ نشره البروفسور تيشندورف([4]) سنة 1851، منذ بداية ف 15 إلى النهاية([5]). وتبدأ الأرقام في 66 وتنتهي في 27.

(66) وكان مع الإخوة المطوَّبين القدِّيس يوحنّا، وهو يفرح ويبتهج في الربّ. وفي اليوم التالي الذي هو الأحد، إذ كان الإخوة مجتمعين شرع يقول: «يا إخوتي ورفاقي، وأبناء الميراث والشركة في ملكوت المسيح. أنتم تعرفون كم وهب الله لكم بيديَّ، كم من الآيات، كم من المعجزات، كم من المواهب والإراحات والخدم والتعاليم والتدابير والنعم والكرامات. كم من الأمور رأيتم قدَّام أعينكم، وقد وُهبت لكم، فما رأتها العيون، ولا سمعت بها الآذان (1 كو 2: 9). إذًا، تثبَّتوا فيها وأنتم تتذكَّرونه (= الله) في كلِّ عمل من أعمالكم، وتفقهون سرَّ التدبير الذي كان للبشر ولماذا صُنع. فالربُّ يطلب منكم، بيديَّ، هذا الربّ يطلبُ منكم ويتوسَّلُ، هو يطلبُ منّا أن نثبت بلا حقارة، بلا شماتة، بلا نجاسة، فهو يعرف التحقير منكم، يعرف الازدراء، يعرف الإذلال، يعرف العذاب حين لا تسمعون وصاياه المقدَّسة.

(67)  «إذًا، لا يُضايَقْ إلهكم الصالح، ذاك الحنّان، ذاك الرحيم، ذاك القدُّوس، ذاك الذي لا نجاسة فيه، ذاك الوحيد وحده، ذاك اللامتبدِّل، ذاك الحقيقيّ، ذاك الذي لا يعرف المكر ولا الغضب، ذاك الذي هو فوق كلِّ تسمية تُقال أو تفكِّرون بها، الإله يسوع.

«ولهذا فلنفرحْ وأنتم تسيرون حسنًا وتحيون في النقاوة. ليمجَّدْ وأنتم تسيرون في الطهارة، ولا نقلقْ وأنتم تحيون في العالم أشدَّاء. ليهنأ بشركتكم ويمجَّد بنقاوتكم. ليفرحْ وأنتم تحبُّونه. أكلِّمكم بهذه الأمور، يا إخوتي، وأنا معجَّل إلى العمل الذي وُضع لي لكي أُتمَّه في الربّ. فلماذا أقول لكم (هذا)؟ فلكم حلول الله، ولكم عربون نعمته، ولكم مجيئه الذي لا (يجوز) التساؤل فيه. فإن كنتم لا تخطأون بعد الآن، فهو يغفر لكم هذه الأشياء التي صنعتُم بدون معرفة. ولكن إن عرفتموه، ونلتم منه الحنان، وسرتم في مثل هذه الأمور، تُحْسَب لكم الخطايا السابقة ولن يكون لكم حصَّة من عنده ولا رحمة».

وإذ قال لهم هذا، صلَّى هكذا: «يا يسوع، أنت جدلتَ الإكليل بجدلك، أنت ربطت هذه الأزهار الكثيرة بزهرتك التي لا تُنثر، أنت زرعت أقوالك هذه (68). أنت وحدك الشفوق على عبادك. أيُّها الطبيب الذي يطبِّب مجّانًا. أيُّها الخادم الذي وحده لا يتشامخ. يا يسوع، يا من وحدك الحنَّان والرحيم. استُر بنعمتك كلَّ الذين يرجونك. فأنت تعرف جيِّدًا حيَل العدوّ وسبلَه».

وإذ سأل خبزًا، صلَّى هكذا: «أيُّ سبح، أو أيُّ قربان، أو أيُّ شكر! إذ نكسر الخبز نشكرك. بك وحدك نشكر، يا يسوع المسيح، اسمَ الآب الذي به نتلفَّظ. نسبِّحُ دخولك من الباب (كالراعي الصالح) (يو 10: 1). نسبِّح قيامتك التي بيدك أُعلنَتْ بواسطتنا. نسبِّح كلامك، مجدك، مرجانتك (مت 13: 46) التي لا تُوصَف، كنزك (آ44)، شبكتك (آ47)، عظمتك. ذاك الذي من أجلنا دُعيَ ابن الإنسان (مت 8: 20)، الحقّ (يو 14: 6)، المعرفة، الراحة (مت 11: 29)، القوَّة، الوصيَّة (يو 15: 12)، والدالَّة، والحرِّيَّة التي بك (يو 8: 32)، كما بالحقيقة. فأنت أيُّها الربُّ دُعيتَ أهل عدم الموت والينبوع الذي لا يفسد وأساس العالمين. من أجل هذا، نعرف عظمتك التي هي الآن لامنظورة».

وإذ كسر الخبز وبسط لهم يده وصلَّى على كلِّ واحد لكي يُؤهَّل للنعمة التي في الربِّ وللإفخارستيّا المقدَّسة، أكل أيضًا وقال: «لي بالشبه عينه، حصَّةٌ معكم وسلام وحبّ.

(69) عندئذٍ قال لبرُّوس (Byrrhus): «خذ معك أخوين اثنين يكون لهما القفف والمعاول، وتعال ورائي.» أمّا برّوس فما تهامل، بل عمل ما أمرَهُ به يوحنّا، عبد الله.

لهذا خرج يوحنّا المطوَّب من البيت، وأخذ يمشي قدَّام الباب، وطلب من الكثيرين أن ينفصلوا عنه. وعندما مضى إلى قبر إنسانٍ أخينا، قال للشابَّين: «احفرا، يا ابنيَّ». فأخذا يحفران. أمّا هو فقام لديهما مُلحًّا وقال: «لتكن الحفرة عميقة». وإذ كانا يحفران، كان يتكلَّم معهما ويحثُّهما مع هؤلاء الذين خرجوا من البيت، لكي يبنيهم فيكلِّمهم عن عظمة المسيح ويصلِّي لأجل كلِّ واحد منهم.

وحين انتهى الشابَّان من حفر الحفرة، كما أراد، ونحن لا نعرف شيئًا، نزع ثيابه التي كان يلبسها ورماها مثل فراش في عمق الحفرة. وإذ كان قائمًا وحده في موضع التراب (آھ²iع)، رفع يديه وصلَّى هكذا: «أيُّها الإله، أنت اخترتنا رسلاً إلى الشعوب، وأرسلتَنا إلى المسكونة، وأظهرتَ نفسك بيد رسلك الذين يقدرون (أن يخلصوا). عرَّفت شخصك (¶ئثآ؛) بواسطة كلِّ طبيعة (مخلوقة) وكرزت لنفسك حتّى بين الوحوش. وهذه النفس الخربة التي صُنعت فصارت مثل البعير (مز 32: 9: البغل)، مشينة (70) ومرتاحة.

«فحين عطشتْ إلى كلمتك وهبتَ شخصك (¶ئثآ؛) لها. وحين ماتت تراءيت لها عاجلاً. وحين غرقَتْ في الخطيئة تراءيت بنفسك لها. وحين انتصر عليها الشيطان في الحال ظهرتَ لها. ما تركتَها تسير بحسب الجسد، فبيَّنت لها عدوَّها. أنت صنعتَ اتِّحادًا نقيًّا. يا يسوع الإله، يا أبا الذين هم في أعلى السماء، يا ربَّ السماويِّين وإله السماوات، وناموس (أو: قاعدة) الذين في الأثير. يا جريَ الذين في الهواء، وحافظ الذين على الأرض. يا مخافة الأرضيِّين وسلام الذين يخصُّونك. اقبل نفس يوحنّاك الذي ربَّما يؤهَّل قدَّامك، يا يسوع. أنت حفظتَني لك نقيًّا حتَّى هذه الساعة وما جعلتني أختلط اختلاطًا بامرأة.تراءيت لي في شبابي حين طلبتُ أن آخذ امرأة وقلتَ لي: "أنا بحاجة إليك. يا يوحنّا." ما طلبتَ لي خصب الجسدحين لم أستمع إليك ثلاث مرّات وتمنَّيتُ أن أتزوَّج، فقلتَ لي على شاطئ البحر: "أنا بحاجة إليك، يا يوحنّا وإلاَّ أتركك تأخذ امرأة لكي تندب وتبكي".

«وفي السنة الثالثة، فتحتَ لي عينَيْ عقلي ووهبتَ لي عينين تريان. جعلتَني قاسيًا في النظر إلى امرأة والتأمُّل بها ونجَّيتني من التصوُّرات الزمنيَّة، ومن تلك التي تُثمر أكيدًا (71) حفظتَني. نجَّيتني من شناعة الوصمة اللحميَّة (Lpi)، وفصلتني من الموت المرِّ وأقمتني كمحتاج إليك. زجرتَ مرض النفس الخفيّ وقطعتَ العمل القاسي (أو: الشرِّير). ضايقتَ من يبلبلني وجعلتَه خارج الحدود. حفظتَ محبَّتي لك بدون رحمة، ورتَّبت سَيري باتِّجاهك بلا انزلاق. وهبتَني أن أؤمن بك بدون ارتياب ورسمتَ لي المعرفة النقيَّة التي فيك. وهبتَ لكلِّ عمل من أعمالي، الأجرَ الذي يستحقُّ، ووضعتَ لي أن لا يكون لي مقتنى إلاَّ الطهارة. فما الذي أجد أفضل منك!

«فالآن، يا ربّ، أتممتُ عمل البيت (Lذ¦¦رذثرA) الذي كُلِّفتُ به، فأهِّلني لراحتك، وامنحْني التتمَّة التي فيك وهي الخلاص الذي لا يُوصَف ولا يُبشَّر عنه. وحين أتوجَّه إليك، لتبتعدِ النارُ وتُغلَب الظلمة وتُضعَف الهوَّة. ليرتخِ الأتون وتنطفئ جهنَّم. ليرافقْني الملائكة وليخَفِ الأبالسة، لتطرد الرئاسات (أف 2: 2) ولتسقطْ قوَّات الظلام. لتقُمِ الأماكن اليمينيَّة ولا تسمحْ أن تقوم الأماكن الشماليَّة (مت 25: 36ي). ليُلجَم الثلاَّب وليُضحَك على الشيطان وليُحلَّ عملُه وليُحتَقَرْ وقاره. ليبطُلْ غضبُه وليُسقَطْ أبناؤه. ليُقتلعْ جذرُه كلُّه. أمّا طريقي إليك فأبعد عنها الذلّ (72)، وأرسمْها لي بدون عوائق بحيث آخذ هذا الذي وعدتَ به لأولئك الذين عاشوا في النقاوة وأحبُّوك إيّاك وحدك».

وتطلَّع نحو الشرق وسبَّح (الله) وهو قائمٌ كلُّه في النور. وقال: «كُنْ أنت معي، يا يسوع المسيح ربُّنا». عندئذٍ نزل إلى تلك الحفرة حيث سوَّى ثيابَه. وإذ قال لنا: «الأمان والسَّلام لكم، يا إخوتي»، أسلم روحه فرِحًا. صلاته معنا. آمين.

 

انتهى خبر يوحنّا الإنجيليّ. صلاته معنا. آمين.

 


[1](1) W. W. RIGHT, Apocryphal Acts of the Apostles, Edited from Syriac Manuscripts in the British Museum and others Libraries, vol I, The Syriac Texts, p. 66 – 72; vol II, The English Translations, p. 61-68.

[2](2) Gorgias Press, 2005

[3](3) W. W. RIGHT, Catalogue of Syriac Manuscripts in the British Museum Acquired Since the Year 1838, Londres, 1870-1872, part III, p. 1123, n. DCCCCLX (= 960).

[4](4)ActaApostolorum Apocrypha, Leipzig, 1851.

[5](5) حاشية 1، الجزء الثاني، ص X-IX (أي: 9-10)

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM