الفصل الخامس والعشرون: بشر بن سرّي والرسالة الأولى إلى تيموتاوس

الفصل الخامس والعشرون

بشر بن سرّي والرسالة الأولى إلى تيموتاوس

المقدِّمة

بسم الله الرحمن الرحيم.

بيان سبب الرسالة الأولى التي كتبها فولوس إلى تلميذه طيماتاوس.

إنَّ الرسول فولوس كان خلف طيماتاوس في مدينة أفسوس، ليجول في جميع بلاد آسيا، ويسوس البِيَع التي فيها. فكتب إليه هذه الرسالة أوَّل ما فارقه، ليحذِّر المؤمنين من أن ينقادوا إلى الداعين إلى حفظ شرائع اليهوديَّة في النصرانيَّة. وأوعز إليه بعد ذلك، ما ينبغي أن يعمل به إذ كان مدبِّر للبيَع. ولذلك يضيف كلامه في جميع الطبقات، ويبيِّن كيف ينبغي لجميع من يُعَدّ مؤمنًا أن يكون. وفضل (= وأضاف) ما ينبغي للقسيّسين، وما ينبغي للشمامسة وللأرامل ولسائر الأمَّة. وأجرى في خلال ذلك ذكرَ الإيمان لأنَّه يصلح لتعليمه. ولم يقصِّر في ذكر شيء ممّا فيه زين (= حسن) جميع العامَّة في الرسالة.

تمَّ بيان سبب الرسالة الأولى التي إلى طيماتاوس.

شرح الرسالة(2)

1     من فولوس (= بولس) رسول يسوع المسيح بأمر الله محيينا، وأمر المسيح رجائنا.

2     إلى طيماتاوس الابن المحقّ (= الحقيقيّ) في الإيمان، النعمة والرحمة والسلام من الله أبينا والمسيح يسوع ربِّنا.

زاد الرحمة لإفراط محبَّته للقدّيس طيماتاوس.

3     قد كنتُ سألتُك وأنا منطلق إلى ماقيدونية، أن تُقيم في أفسوس، وتوصي إنسانًا إنسانًا أن لا يعلِّموا تعليم مختلفة.

سألتك. أي سألتك وطلبت إليك أن تقيم في هذه المدينة، وتعمل ما فيه مصلحة جميع العامَّة (= الشعب.  ܥܡܐ في السريانيَّة) باجتهاد. ولا يعلِّموا أي يتقدَّم إلى أهل البيعة أن لا يعولوا (= يميلوا) عن صحَّة الديانة بما يسمعون من اختلاف تعاليم المتنصِّرين من اليهود، الذين يأمرون بحفظ شرائع اليهوديَّة في النصرانيَّة.

4     ولا ينقادوا إلى الخرافات وقصص القبائل التي لا نهاية لها، هذه التي إنَّما تهيِّج صنوف الهواء (= الأهواء) خاصَّة لابنائنا بإيمان الله.

لا ينقادوا. قصد بهذا النصارى من الأمم، أن لا يقبلوا أقاويل اليهود. وذلك أنَّهم كانوا يجتهدون أن يشكِّكوا النصارى من الأمم، في المسيح. وينكرون أن يكون المسيح وُلد كما وعد إبراهيم وداود. فكانوا يأتون بنسب الأوَّلين، ويفتعلون في ذلك خرافات مزوَّرة. فحذَّر الأمم من الانقياد إليها.

لا نهاية. سمّاها غير ذات نهاية، أي لا انقضاء لها، لأنَّ الذين يقعون في مثل هذه القصص، يتيهون يمنة ويسرة فينتسبون جنس فلان أحيانًا وجنس فلان أحيانًا، بلا أجدى (= جدوى) ولا نفع.

5     لأنَّ غاية الوصيَّة إنَّما هي الحبُّ الذي من القلب التقيّ ومن النيَّة الصالحة ومن الإيمان الصحيح.

الحبّ. لأنَّ صاحب الحبِّ لا يفعل ما يكرهه الله ولا الناس.

6     ومن هذه الأمور بعينها، ضلَّ أقوام وعدلوا إلى كلام باطل.

7     لأنَّهم التمسوا أن يكونوا معلِّمي التوراة(3)، إذ ليسوا يفهمون الشيء الذي ينطقون به، ولا الشيء الذي عليه يمارون (= يؤكِّدون).

8     ونحن نعلم أنَّ التوراة حسنة، إن كان الإنسان كالتوراة (على أنَّها توراة) يتدبَّر فيها.

التوراة. يقول: قلتُ هذا القول لا لأنّي أذمُّ التوراة، لكن لإلحاق الذمِّ بالذين لا يُحسنون استعمالها. فإن كان الإنسان قصد غرَض التوراة، الذي هو المحبَّة لجميع الناس طوعًا، لا كرهًا ولا قسرًا، فإنَّ هذا أهل للمديحة عندي. وذلك أنَّ التوراة، إنَّما هي مُعينة للسنَّة (= الشريعة) التي في الغريزة والتمييز. ولو كان الأمم لم يُفسدوا الشريعة بعبادة الأوثان، لم يُحتاج إلى هذه. ولكن لأنَّها غيَّرت (في الشريعة)، اجتمع إلى التوراة لحفظ التُقى والحبِّ لله، والقرابة، إلى إتيان (= مجيء) المسيح.

9     إذ نعلم أنَّ السنَّة(4) لم تُوضَع للبرَرَة، لكن للأثمة وللمردة (= وللمتمرِّدين) وللمنافقين وللخاطئين وللدعّار، وللذين ليسوا أنقياء، وللذين يضربون آباءهم، وللذين يضربون أمَّهاتهم وللقاتلين.

توضع للبررة. يقول: أنا عارف أنَّ الأبرار والعدول (= والعادلين) لا يحتاجون إلى هذه السنَّة، لأنَّها مكتوبة على قلوبهم. ولكنَّها وُضعت بسبب الظالمين ولأصحابهم، وهي عندنا فضل (= إضافة فاضلة)، لأنَّنا منذ اعتمدنا نتجنَّب الخطيئة، لا (لنكون) للسنَّة، بل لنتشبَّه بكينونتنا في الآخرة.

10    وللزناة ولمضاجعي الذكور، ولسارقي أبناء الأحرار، وللكذّايبين، وللحانثين في الأقسام، ولكلِّ شيء هو ضدُّ التعليم الصحيح.

ولكلِّ شيء هو. أي جميع القبائح (التي) هي ضدُّ تعليمنا، الذي ننظِّمه ونعلِّم به كإنجيل مجد الله، وهو المجد الذي يقبله (المؤمن) في الآخرة.

11    ذي إنجيل مجد الله المبارك الذي أؤتمنتُ عليه أنا.

المبارك. اليونانيّ يقول بدل المبارك، المغبوط(5)، لأنَّ غبطة الله جوهريَّة له، غير متغيِّرة. وهو ينبوع البركة.

12    وأنا شاكر لربِّنا يسوع المسيح الذي قوّاني، لأنَّه عدَّني أمينًا ورتَّبني لخدمته.

13    أنا الذي كنتُ من قبل مفتريًا ومضطهدًا وشتّامًا. إلاّ أنّي رُحمتُ، لأنّي إنَّما كنتُ أعمل إذ لا أعلم، بلا إيمان.

14    غير أنَّ نعمة ربِّنا جزُلتْ عليّ، والإيمان والحبّ في يسوع المسيح.

15    إنَّ الكلمة لصادقة، وهي أهل للقبول، أنَّ يسوع المسيح جاء إلى العالم ليحيي(6) الخطأة الذين أنا أوَّلهم.

أهل للقبول. لأنَّ جميع الناس يمدحون قول من يقول إنَّ الله بالرحمة أحيا الناس بعد أن كانوا خطأة.

16    ولكنَّه من أجل هذا، رحمني ليبيِّن فيَّ أوَّلاً يسوعُ المسيح طول مهله (= إمهاله) لبرهان (= برهانًا) الذين يزمعون أن يؤمنوا به لحياة أبديَّة(7).

17    ولملك العالمين، الذي لا يَفسد ولا يُرى، الذي هو الله الواحد، الكرامة والحمد إلى أبد الآباد. آمين.

ولملك. هو ملك العالمين أي ملك الآباد (ܥܠܡ  ܥܐܠܡܝܢ في السريانيَّة) الدائم من أجل الخيرات التي لا تزول، التي دعانا إليها. لا يفسد. وهو غير فاسد، لأنَّه قادرٌ أن يعطينا أمورًا لا تتغيَّر ولا تفسد في الآخرة. ولا يُرى. وهو لا يُرى لأنَّه في جوهره غير مُدرَك. وقد وعدنا بخيرات هي الآن لا تُرى، وإنَّما تظهر في الآخرة.

18    أنا مُودعك هذه الوصيَّة، يا بُنيَّ طيماتاوس، كالنبوءات القديمات اللاتي كُنَّ عليك أن تعمل بهنَّ هذه العمالة الحسنة(8).

مودعك هذه. أي أنا أوصيك أن تتقدَّم إلى المؤمنين ألاّ ينقادوا إلى طاغوت (= طغيان، صيغة سريانيَّة ܛܠܘܥܬܐ ) أولئك الذين يجرُّونهم إلى حفظ الشرائع اليهوديَّة(9). كالنبوءات. أي بوحي الله، اخترتُك وقلَّدتُك التعليم، وقد شاء عليك (= لك) أهلُ الوحي أوَّل ما تتلمذت أنَّك تكون مجتهدًا في البشرى، كادٌّا.

19    بالإيمان والنيَّة الصالحة، لأنَّ الذين أقصوا هذه عنهم قد تعطَّلوا من الإيمان.

بالإيمان. أي فأنت محتاج إلى أن ترث ذلك بما تليق به الناصحة (= النصح) وإخلاص الإيمان والنيَّة. لأنَّ الذين. يقول: لأنَّهم لم يقتنوا نيَّة تُشاكل الإيمان، وقبلوا تعليمًا على خلاف ذلك، تبرّأوا من الإيمان، وبشكِّ الفكر حادوا عن تقوى الله وسقطوا.

20    مثل هوموناوس(10) وألخسندروس(11)، هاذين (= هذين) اللذين أسلمتهما إلى الشيطان ليؤدَّبا كي لا يكونا يفتريان(12).

أسلمتهما. أي نفيتهما عن البيعة، فصاروا في حيِّز إبليس ليُقادا بكدِّ التوبة، ويعدلا عن الافتراء، ويرجعا إلى الحقّ. أو لأنّي خفتُ أن يطغيا الناس، انتزعتُ منهما نعمة روح القدس. فلمّا خلَوَا (= خُليا) من الإيمان، صارا مأوى للشيطان كطالوت (= كطاغوت).

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM