الفصل الخامس عشر: ما أحبّ مساكنك يا ربّنا

الفصل الخامس عشر:

ما أحبّ مساكنك يا ربّنا

هكذا يبدأ مز 84 الذي هو نشيد الحجّاج الصاعدين إلى أورشليم ليعيِّدوا عيد المظالّ. يجتمعون في مكانٍ معيّن، يسيرون معًا إلى أن يتجلّى لهم إله الآلهة في صهيون. هم يعيشون حضورَ الربّ، ويحتلفون بالعيد، وكلّ ذلك في حجّ يقودهم من بيتِهم إلى بيت الله، فيدلّون بذلك على أمانتهم لذلك الذي خلّصهم في الماضي وما زال يخلّصهم.

1- في حضور الربّ

كان المؤمن العائش في حقله أو في مدينته، يرى أنّه بعيد عن الربّ. يؤخذ بالأعمال العاديّة والمتاعب اليوميّة. يهتمّ بتأمين عيشه وعيش الأولاد. وإن هو تذكّر الربّ الذي يعطيه هذا الخير الذي بين يديه، فلا يتذكّره إلاّ وقت الشدّة والضيق والمرض. ولكن هناك مناسبة أخرى يحسّ فيها الإنسان أنّه قريب من الله، في حمى الله: هي مناسبة العيد والحجّ. فالعيد يُوقفُ رتابة الحياة ويَطبعها بطابع الفرح. والحجُّ يقتلع الإنسان من الأرض التي كاد أن يصبحَ قطعة منها، ويُرسله إلى لقاء الربّ. يخلق فيه الشوق إلى ديار الربّ، والحنين إلى خبرة سابقة فيقول: »متى آتي وأحضر أمام الربّ، متى آتي وأرى وجه الله« (مز 42: 3)؟ يشعر المؤمن بشكل خاصّ بهذه الحاجة إلى الحضور الإلهيّ، حين يكون بعيدًا عن أرض الربّ، عن مدينة أورشليم، مدينة السلام، عن الهيكل الذي يرمز إلى حضور الله وسط شعبه. لهذا، نسمع المرسل يقول: »ويلي أنا في غربتي. ويلي لأنّي أسكن في ماشك وقيدار«، وهما موضعان لم يعرفُ فيهما الشعب السلم بل الحرب (مز 120: 6-7). وعند ذاك يتمنّى أن يكون له مسكنٌ في الهيكل كما العصفور الذي يجد له هناك بيتًا، وكما اليمامة عشٌّا تضعُ فيه أفراخها (مز 84: 4). ويتطلّع إلى المقيمين في بيت الربّ. فالحياة تتحوّل عندهم إلى نعيم، والجفاف إلى عيون ماء، فيختار الوقوف في عتبة الله، لا الإقامة في ديار الأشرار.

هذه العاطفة عبّرت عنها مزامير المراقي أو مزامير الحجّاج. فالمؤمن الآتي من البعيد يمرّ في أريحا قبل أن يرتقي، قبل أن يصعد، ليصل إلى الجبل المقدّس. ثمّ يصعد درجات الهيكل ليقوم بزيارته إلى سيّد المكان، ويهتف: »إرفع علينا نور وجهك« (مز 4: 7). ومثلُ هذا النور لا يمكن إلاّ أن يملأ قلب المؤمن فرحًا. عندئذٍ يعلن: »الربّ نوري وخلاصي فممّن أخاف، الربّ حصن حياتي فممّن أفزع« (مز 27: 1).

مزامير يتلوها الحجّاج حين يأتون إلى العيد الذي هو يومٌ يعود سنة بعد سنة. يتلونها خلال الحجّ، الذي هو عمل نقصد فيه مكانًا معيّنًا، معبدًا معروفًا. في الحجّ نضع هدفًا أمامنا، أو هو هدف نذهب إليه فنحسّ أنّنا بلغنا غايَتنا.

يجتمع الحجّاج ويستعدّون قائلين: »إلى بيت الربّ نذهب« (مز 122: 1). وبما أنّ الشوق يحثّهم، لا يتوقّفون مرارًا عند صعوبات الطريق، ينسونها. ها قد وصلوا، ووقفت أقدامُهم في أبواب أورشليم. فكانت لهم سعادة الأحبّاء (مز 122: 6). ويدخلون، فيرفعون عيونهم إلى الساكن هناك، الذي يبدو كملك تملأ أذيالُه الهيكل (أش 6: 1).

هذا الحضور هو حضور فاعل، لهذا يصلّون: »معونتنا من عند الربّ خالق السماوات والأرض« (مز 121: 1). ويتذكّرون خبرتَهم في هذه المسيرة الطويلة وما كان فيها من أخطار: »لا يدع قدمَك تزلّ... لا تؤذيك الشمس في النهار لا القمر في الليل«. فالربّ ظلّ لك، يقف عن يمينك ليدافع عنك. والربّ حارسٌ لك، وهو حارس خاصّ، حارس لا ينعس ولا ينام. فلم يعد مجال للخوف والقلق والاضطراب. ويُرفع نداء للاتّكال على الله. فمن اتّكل عليه لا يتزعزع (مز 125: 1). هو يحيط بشعبه وبكلّ مؤمن من مؤمنيه، كما تحيط الجبال بأورشليم فتمنع عنها هجمات الأعداء.

وبعد أن يقوم المؤمن بواجباته أمام الله من إيفاء نذر، وتقدمة ذبيحة يتشارك فيها مع الأهل والأقارب والأصدقاء، مع الغريب واليتيم والأرملة، ينال البركة: »يباركك الربّ من صهيون، خالق السماوات والأرض« (مز 134: 2). عندئذٍ يعود إلى الحياة اليوميّة حاملاً تلك البركة. وفي طريق العودة، يتذكّر أيّامًا حلوة عاشها مع الشعب الذي جاء إلى أورشليم. لم يكن وحده في الطريق، ولم يكن وحده في الصلاة، وهو لن يرجع وحده. »فما أطيب وما أحلى أن يقيم الإخوة معًا« (مز 133: 1). فحيث تكون الجماعة تكون البركة والحياة (آ 3). ويقول يسوع في هذا المجال: »إذا اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي، فأنا أكون بينهم« (مت 18: 23).

2- عيد للربّ

حين تحدّثَ موسى عن الفصح، قال لبني إسرائيل: »في اليوم السابع عيد للربّ« (خر 13: 6). ولماذا نعيّد؟ لكي نعترف بما عمل الربّ لنا. وتتوالى وصايا موسى: »عيّدوا عيد الفطير« (خر 33: 15). ويكون العيد في وقت محدّد، لا ساعة يريد المؤمن أن يعيّد. فالربّ هو الذي يفرض وقت العيد، »شهر أبيب«، شهر السنابل. ويتابع النصّ: »عيّدوا عيد حصاد البواكير، وعيد جميع غلاّتكم في الحقل عند نهاية السنة« (آ 16). وارتبط العيد بالحجّ، أي بالمجيء إلى المعبد: »يحضر جميع الذكور« (آ 17). فالعيد عنصر جوهريّ في شعائر العبادة. تلتئم الجماعة في موضع معيّن، وتقوم بطقوس محدّدة تمارسها في الفرح. وهي تشدّد على وجهة من وجهات الحياة البشريّة. في عيد الفصح، عاش العبرانيّون مسيرة القطعان الذاهبة إلى الانتجاع. فذبحوا حملاً ونضحوا به أوتاد الخيمة. وفي عيد الفطير، قطعوا سنبلة الشعير الأولى. وفي عيد الحصاد، أنهَوا حصاد القمح وأدخلوا الغلّة إلى الأهراء. لهذا ذهبوا إلى المعبد وقدّموا البواكير وصلّوا: »ها أنا أتٍ بأوائل ثمر الأرض التي أعطيتَني يا ربّ« (تث 26: 1). وفي عيد المظالّ، يعيش الشعب قطاف الكرم وصنع الخمر، قطاف الزيتون واستخراج الزيت. وهكذا أحاط العيدُ بكلّ وجهات حياة الإنسان. وكانوا يستفيدون من ضوء القمر الساطع ليحتفلوا بالعيد. لهذا، كانوا ينتظرون نصف الشهر أو ليلة البدر والقمر الممتلئ. يمتدّ العيد طوال الليل، بعد أن أنار الربّ تلك الليلة، مع قمّة هي منتصف الليل (خر 12: 19) حيث يتدخّل الله ليفعل، وما أعجب ما يفعل.

فالعيد في حياة الإنسان زمنٌ غير عاديّ يقطع مسيرة الأيّام العاديّة. وهو موضعُ تجمّعٍ أخويّ ننسى فيه فروقاتنا الاجتماعيّة. وهو مناسبة راحة من العمل، واحتفال يذهب فيه الواحد نحو الآخر، أو يذهب مع الآخر في وحدة الصلاة والمسيرة. في العيد، لا يكون الإنسان وحده. يرتبط بلفظة ساميّة تعني الجماعة. حين يقفُ المؤمنون معًا ويجلسون ويقفون، يشاركون في ديناميّة تخلق فيهم قوى الحياة، فيصبحون أناسًا جددًا. وتبدو حياتهم وكأنّها تنطلق من جديد. هذا هو معنى اليوم الثامن الذي يدلّ على بداية من نوع آخر، على عودة إلى يوم أوّل هو يوم الخلق، وإلى يوم أخير يجمع الله في شخص المسيح كلّ ما في السماء وما على الأرض. ولكن إن كان العيد يرتبط بحياة الإنسان اليوميّة، فهو في الكتاب المقدّس يتّخذ بُعدًا جديدًا: هو يرتبط بالتاريخ المقدّس، لأنّه يجعل الجماعة تتّصل بالله الذي عمل من أجلها ولا يزال يعمل حتّى الخلاص النهائيّ الذي لا موت بعدُ، ولا حزن ولا صراخ ولا وجع (رؤ 21: 4).  وهكذا لم يعُد الفصح فقط عيد الرعاة في الربيع وتقدمة البواكير، بل تذكيرًا بخلاص الشعب من العبوديّة في مصر وانطلاقه إلى جبل سيناء لعبادة الله الواحد. »أنا الربّ إلهك الذي أخرجك من أرض مصر، من أرض العبوديّة« (خر 20: 1). وعيد المظالّ (أو الأكواخ) ذكّر العبرانيّين بإقامتهم في الخيام في البرّيّة، ساعة خطب الله شعبه كما يخطب العريس عروسه (لا 23: 42-43). أقام الله في وسط المخيّم، في قلب شعبه. ولكن إن أخطأ الشعب، جعل الربّ خيمته على حدود المخيّم. وارتبط عيد الأسابيع أو عيد الحصاد بعطيّة الشريعة على جبل سيناء. صار هذا العيد في المسيحيّة عيد العنصرة وعطيّة الروح للرسل على جبل صهيون. أمّا عيد المظالّ، فنجد آثاره في يوم الشعانين ودخول يسوع إلى مدينته برافقه الناس بسعف النخل والزيتون.

ينطلق العيد من الماضي ويصل إلى المستقبل، فيعبّر هكذا عن رجاء حقيقيّ بخلاص تمّ للشعب. فالشعب العائش في المنفى تطلّع إلى خروج جديد (أش 43: 15-21)، على مثال الخروج الأوّل من مصر. والإله الذي فعل لا يزال يفعل. لهذا، يقول المرتّل في ساعة من ساعات الضيق: »هل تحوّلتْ يمينُ العليّ« (مز 77: 11)؟ أتراها صارت ضعيفة؟ ويهتف بعد ذلك عائدًا إلى الماضي: »أَذكر أعمالك، يا ربّ، فمن القديم عجائبك. وألهج بجمع أفعالك، وفي أعمالك أتأمّل« (آ 12-13). عندئذٍ يعود الفرح إلى القلوب، مهما كانت المحنة قاسية، على ما في مز 126: 5-6: »من يزرع بالدموع يحصد بالترنيم. من يذهب باكيًا، وهو يحمل بذورًا للزرع، يرجع مرنّمًا وهو يحمل حَزمَه«. هكذا يكون العيد عيدًا. يتمنّى المؤمن عودة إلى المعبد ليكون له السلام والسعادة، ويكون له الخير (مز 4: 7).

3- ثلاث مرّات في السنة

قال الربّ لموسى: »عيّدوا لي ثلاث مرّات في السنة« (خر 33: 14). عيد الفطير، عيد الحصاد، عيد جمع الغلاّت أو عيد القطاف. هنا نتذكّر أنّ اللفظة العبريّة التي تعني »عيّد« هي »ح ج«. ويتابع النصّ: »ثلاث مرّات يأتي جميع الذكور« (آ 17). هذا هو الحجّ الذي يُطلب من العبرانيّ أن يمارسه. ويذكر إنجيل لوقا أنّ يسوع مارسه وهو ابن اثني عشر عامًا (لو 2: 41).

فما هو الحجّ وما هو معناه؟ في الحجّ يقصد المؤمن المعبد، ولا يقصده وحده بل مع الجماعة. ففي الحجّ يُبايع المؤمنون الله، كما يُبايعون ملكًا من الملوك. والحجّ عملٌ مقدّس، فيه يكرّس الإنسان ذاته لله. ينذر نفسه. وهو لا يكتفي بأن يرسل تقدمة إلى الهيكل ويبقى في بيته، بل هو يحمل تقدمته بيده. وإذ يقرّب تقدمته، يقرّب نفسه أيضًا.

والحجّ لا ينحصر في ساعة الوصول، وفي الموضع الذي نتوجّه إليه. الحجّ عملٌ إجماليّ من التقديس. منذ الانطلاق الذي فيه نتجرّد من بيت نقيم فيه وحقل نفلحه، حتّى الوصول إلى المعبد واللقاء بربّ المعبد. والحجّ هو أيضًا طريق العودة، وفيه يهتف المؤمن متطلّعًا إلى السنة المقبلة: »إن نسيتُكِ، يا أورشليم، فلتنسني يميني. ليلتصق لساني بحنكي إن كنتُ لا أذكرك، إن كنت لا أعلي أورشليم على ذروة فرحي« (مز 137: 5-6). إن كنت لا أجعل فرحي بأورشليم فوق كلّ فرح.

وإذا أردنا أن نحلّل مضمون الحجّ، نتوقّف عند أربع محطّات. الحجّ احتفال بالعيد في موضع مقدّس. وهو سفَر للعبادة إكرامًا للإله. وزيارة فيها نشكر له عطاياه. وعودة إلى ينابيع الإيمان. أما هذا الذي فعله إيليّا النبيّ حين كان الضيق يخنقه؟ »سار أربعين يومًا وأربعين ليلة إلى جبل الله، حوريب« (1 مل 19: 8). وهناك كلّمه الله كما كلّم موسى في الماضي. في الحجّ نترك حياتنا اليوميّة لنعيش خبرة من نوع آخر لا نقدر أن نعبّر عنها بالكلام، فنحياها نورًا يشعّ على الذين حولنا. لهذا، فانطلاق الحجّاج هو فعل إيمان وانتظار في طلب الله. هذا يعني أنّنا نخلق في قلوبنا حالة من التقبّل لما ينجم عنه اللقاء بالربّ، وأنّنا نتحدّى الصعاب فنصل إلى هدف مسيرتنا، إلى الله. هناك فخّ الصيّاد والمهاوي التي نسقط فيها. هناك أهوال الليل وسهام النهار، والأوبئة والآفات... وأنت »لا تصدم بحجر رجلك. تطأ الصلّ والأفعى وتدوس الشبل والتنّين«، ونسمع كلام الربّ: »أنجّيه لأنّه تعلّق بي، أرفعه لأنّه عرف اسمي« (مز 91: 3-14).

وعلى مدّ الطريق التي هي »طريق مقدّسة«، تقوم معابدُ تستوقف الحجّاج في مسيرة قد تكون طويلة أو قصيرة. هذا ما يشير إليه الإنجيل الثالث حين يقول إنّ والدي يسوع أخذا يبحثان عنه عند الأقارب والمعارف، بعد مسيرة يوم. تلك كانت محطّة أولى. ومن محطّة إلى محطّة يطلّ علينا المحجّ. في هذا المجال نقرأ مز 84 الذي يصوّر لنا الحجّاج يُبصرون من البعيد الهيكل الذي يقصدونه: »ينطلقون من جبل إلى جبل ليروا إله الآلهة في صهيون« (آ 8).

وينتهي الحجّ في الموضع المقدّس مع عنصرين أساسيّين: حضور واقع مقدّس. ظهور إلهيّ يتذكّره الناس ويحتلفون به سنة بعد سنة. ثمّ اللقاء مع الألوهة حيث يتمّ ارتقاء المؤمن وتطهيره وارتداده. وهكذا يعود إلى حياته السابقة من أجل رسالة أُوكل بها. كان إيليّا قد طلب الموت لنفسه. خاف من إيزابيل التي توعّدته. وقد يكون أراد أن يظلّ على جبل حوريب بعيدًا عن هموم الناس وصعوباتهم. ولكنّ الربّ أرسله من جديد، وكأنّه يدعوه الآن كما دعاه في الماضي: »إرجع في طريقك إلى دمشق وامسح حزائيل. وامسح ياهو بن نمشي على مملكة إسرائيل، وأليشاع بن شافاط نبيٌّا بدلاً منك« (1 مل 19: 15-16). من أين لإيليّا هذه القوّة؟ ظهر الله في ريح، في زلزال، في إعصار، وفي النهاية من خلال صوتٍ هادئ خفيف. فلمّا سمع إيليّا الصوت سترَ وجهَه بعباءته (آ 12-13) لأنّه خاف أن يرى وجه الله. فمن يرى وجه الله ويبقى على قيد الحياة؟

والحجّ أخيرًا هو عمل جماعيّ. وهو يتسجّل في تقليد مشترك مع طريق وموقع مقدّس وعدد من شعائر العبادة. هناك التطوافات والزيّاحات، وهناك الدوران حول المكان المقدّس. وكذلك لمس الأغراض المقدّسة. وأكل الطعام المكرّس لله، وهكذا تدخل فينا قوّة الله. هذا ما تعرفه المسيحيّة أيضًا حيث الظهورات، ولمس الأيقونات والصور، والرقاد في موضع تقدّس بأحد أولياء الله. ولا ننسى عمل التوبة الذي يدلّ على نفس رجعت إلى الله وطلبت النقاوة. في هذا المجال، نسمع تشكّي الربّ: »يا بني إسرائيل، لو تسمعون لي« (مز 81: 9). »أصعدتكم من أرض مصر، ووسّعتُ لكم وساعدتكم. ولكنّ شعبي لم يسمع لصوتي، بنو إسرائيل لم يأبهوا لي« (آ 11-12). وكان اعتراف بالخطايا يذكر صنائع الله ويقول في النهاية: »أسرعوا فنسوا أعماله ولم ينتظروا قدرته« (مز 106: 13). ويتابع: »لم يؤمنوا بكلمته. بل تذمّروا في خيامهم ولم يسمعوا لصوت الربّ« (42-52).

خاتمة

ما أحبّ مساكنك يا ربّ الأكوان. تلك هي سعادة المؤمن حين يعيش العيد في جوّ من الفرح والبهجة فينسى طول الطريق ومتاعبها. والعيد يمتدّ في الزمان. لا ينحصر في يوم واحد، بل في سبعة أيّام بل ثمانية. كما يمتدّ في المكان. فينتقل المؤمنون من موضع إلى موضع، من مكان إقامتهم إلى المقام المقدّس، إلى معبد اعتاد المؤمنون أن يؤمّوه سنة بعد سنة. هناك ينتظرون اللقاء بالربّ، ينتظرون بركة الربّ من أجل انطلاقة جديدة وسنة تبدأ مثلاً في رأس السنة كما في العالم البابليّ وغيره من العوالم في هذا الشرق. العيد يعود سنة بعد سنة ونحن نعيّده بانتظار العيد الكبير الذي  لا ينتهي، والذي بدأ مع موت يسوع وقيامته وينتهي في مجيئه الثاني. عند ذاك، لن يكون فقط حجّ إلى أورشليم الأرضيّة أو إلى معبد من المعابد، بل إلى أورشليم السماويّة. تلك النازلة من السماء، من عند الله، فبدت كعروس تزيّنت واستعدّت للقاء عريسها (رؤ 21: 2).

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM