حبّ أب خاب أمله.

 

حبّ أب خاب أمله

هو 11: 1-9

 

هذا المقطع (بل ف 11 كلّه) هو أغنى ما في هوشع، بل من أغنى النصوص في العهد القديم كلّه. ترك النبيّ صورة الزوجة التي خانت زوجها فأعادها إليه. وأخذ صورة الابن منطلقًا ممّا قاله الربّ في سفر الخروج (4: 22). غير أنّ الأب ليس أبًا فقط، بل هو في الوقت عينه أمّ، يجتذب ابنه بحبال الرحمة. له رحم كرحم الأمّ. وهو يعلّم ابنه المشي. يحمله فيجعل الوجه على الوجه. هو مشهد رائع يدلّ على قلب الربّ وما فيه من حبّ كبير سيجد كماله في يسوع المسيح الذي أرسله الآب إلى العالم ليخلّص العالم، لا ليُهلك العالم. ونقرأ نصّ هوشع:

1 يوم كان إسرائيل فتى أحببتُه،

ومن مصر دعوتُ ابني.

2 كلّما دعوتُه هرب من وجهي،

ذبح أفرائيم للبعل،

وبخّروا للأصنام.

3 وأنا الذي علّمهم المشي

وحملهم على ذراعه،

لكنّهم لم يعترفوا

أنّي أنا أصلحت حالهم.

4 جذبتُهم إليّ بحبال الرحمة

وروابط المحبّة،

وكنتُ لهم كأب يرفع طفلاً على ذراعه

ويحنو عليهم ويطعمهم.

5 لا يرجعون إلى أرض مصر،

وملك أشور يكون ملكهم،

لأنّهم رفضوا أن يتوبوا

6 ويحلّ السيف في مدنهم،

ويُتلف أرزاقهم ويفنيهم لمعاصيهم.

7 يطلبون الرجوع إليّ،

ويحملون النير ولن يرفعه أحد.

8 كيف أتخلّى عنك، يا أفرائيم،

كيف أهجركم يا بني إسرائيل؟

أجعلكم مثل أدمة،

وأعاملكم مثل صبوييم.

قلبي يضطرب في داخلي،

وكلّ مراحمي تتّقد.

9 لن أعاقبكم في شدّة غضبي،

فأدمّركم بعدُ، يا أفرائيم،

لأنّي أنا الله، لا إنسان.

وقدّوس بينكم،

فلا أعود أغضب عليكم.

1- سياق النصّ

كلّ تاريخ شعب إسرائيل نجده مكثّفًا في هذا المقطع، ومعنى مصيره مرسومًا بوضوح. حين نتأمَّل في هذا النصّ، يتفجّر من أعماق قلبنا نداءُ صاحب المزامير (103: 17):

حبُّ (ح س د، لطف) الربّ من الأزل،

وإلى الأبد على خائفيه،

وصدقه لبني بنيه.

كان هوشع أوّل من وعى هذا الأمر، في منتصف القرن الثامن، فقاله لنا في كلمات جريئة تجاوزت كلَّ ما قاله الأنبياء. ونستطيع أن نميّز ثلاث مراحل في هذا القول النبويّ:

- ذكر النبيّ الماضي، ليشير إلى علاقات الله مع شعبه (آ 1-4).

- برزت خيانة بني إسرائيل، فأعلن العقاب بوضوح (آ 5-7).

- ولكن حصل شيء في قلب الله، فتبدّل كلّ شيء (آ 8-9).

حين نتطلّع إلى مضمون ف 11، نرى أنّه يشكّل وحدة تامّة، وموضوعه الأساسيّ هو العلاقات الحميمة بين الربّ وشعبه. وحين نتطلّع إلى المبنى، نجد أنّ الآيات تتناسق بعضها مع بعض. قد يكون هوشع تلفّظ بكلّ هذا دفعة واحدة وفي وقت واحد. في أيّ حال، كلّ شيء في مكانه ممّا جعل الشرّاح يتحدّثون عن وحدة قديمة نرى آثارها في التدوين.

أوردت آ 1-4 شكوى عاطفيّة من قبل الربّ، الذي يستعيد خبرات مخيّبة مع شعبه الذي يرى فيه ابنه: فجواب الشعب على حبِّه الأبويّ، كان نكران الجميل والخيانة. وهذه الشكوى تكشف منذ الآن اتّهامًا وتوبيخًا.

ذبح أفرائيم للبعل وبخّروا للأصنام (آ 2ب).

لم يعترفوا أنّي أنا أصلحت حالهم (آ 3ب).

في آ 5 يظهر التهديد: لن يستطيعوا أن يرجعوا إلى مصر، مهما فعلوا، ليهربوا من سلطة ملك أشور، وما حملت هذه السلطة من ويلات. سواء قبلوا أو رفضوا، سيكون ملك أشور ملكهم. ويتواصل التهديد في آ 6 مع السيف وتلف المزروعات. كلّ هذا يدلّ على غضب الله (وعقابه). أمّا آ 8أ (كيف أتخلّى، كيف أهجر؟) فتحمل معنيين اثنين. فقد تكون وعدًا كما تكون وعيدًا وتهديدًا. غير أنّ التهديد بدا هائلاً بحيث »تراجع« الربّ أمام مثل هذه النتائج المؤلمة، لهذا بدّل استعداداته. وبرز هذا التبدّل في آ 8ب (قلبي يضطرب في داخلي).

يبدأ كلّ شيء بفعل »أ هـ ب«، أحبّ. تلك هي عاطفة الأب تجاه ابنه. وهذه المحبّة هي التي اختارت، وعملت لكي يخرج الشعبُ من أرض مصر. ودلّ الله على محبّته حين علّم ابنه المشي (ر ج ل). إن هو جُرح، أسرع فضمّده، وإن مرض شفاه (6: 1). وترك الربّ الغضب وقتًا قصيرًا، وهدّد بأقصى عقاب: مثل أدمة وصبوييم المدينتين اللتين كانتا مع سدوم وعمورة حين نزلت نار من السماء وكبريت (تك 10: 19؛ 19: 1ي).

2- شرح النصّ

يتوزّع النصّ في ثلاث متتاليات: خيانة الحبّ. عقاب الخيانة. الغفران وانتصار الحبّ.

أ- خيانة الحبّ (آ 1-4)

أعلنت نبوءة هوشع أنّ وجود شعب إسرائيل يرجع إلى حبّ الله، وهو حبّ منذ البداية، ينبوع تحرير وخلاص: فالخروج من مصر يكرّس شعب إسرائيل ابنًا لله. نقرأ في خر 4: 22-23:

22 وقل لفرعون: هذا ما قال الربّ:

إسرائيل ابني البكر.

23 أقول لك: أطلق ابني من مصر ليعبدني،

وإن رفضتَ أن تطلقه أقتل ابنَك البكر.

ونقرأ في أش 1: 2:

إسمعي أيّتها السماوات،

وأصغي أيّتها الأرض،

لأنّ الربّ يتكلّم:

ربّيتُ بنين ورفعتُهم،

وهم تمرّدوا عليّ.

استفاد هو 2 من صورة الزوجين اللذين يحبّ الواحدُ الآخر، ليفهمنا غرام الله من أجل شعبه. وهنا، قابل حبَّه بعلاقات أب مع ابنه، لكي يعبِّر بشكل أفضل عن الطابع المجّانيّ للمبادرة الإلهيّة. فحبّ الله تجلّى قبل أن يتكوّن شعب إسرائيل، بل منذ إنشاء العالم. لهذا، ما قدّم إسرائيل لله عملاً واحدًا ليشهد على أمانته. هنا نقرأ إر 3: 19-20 حيث تلتقي الصورة الأولى مع الثانية:

19 ولكنّي أقول لك:

أحسبك من البنين،

وأعطيك تلك الأرض

ملكًا ولا أجمل بين الأمم.

وقلت: تدعينني: يا أبي

ولا ترتدّين من السير ورائيّ

20 ولكن كما تغدر المرأة بزوجها،

كذلك غدرتم بي، يا بيت إسرائيل.

غير أنّ نظرة النبيّ لا يمكن أن تتوقّف طويلاً عند موقف الله الخارق، دون أن تعود إلى جواب النبيّ. فهذا الجواب ليس على مستوى النداء. فمنذ آدم، نتعرّف إلى خيانات عديدة في البرّيّة، وإلى تجارب متواصلة وقع فيها الآتون مع يشوع حين اتّصالهم بديانات الطبيعة في كنعان: قبل عبور الأردنّ، انجذب بنو إسرائيل إلى عبادات ملتبسة في المعابد الوثنيّة (عد 25: 1ي). هذا ما تحدّث عنه النبيّ في 9: 10:

وجدتُ بني إسرائيل،

كمن وجد عنبًا في البرّيّة.

وكمن رأى الباكورة في التين،

أوّل أوانها، رأيت آباءكم.

لكنّهم جاؤوا إلى بعل فاغور،

ونذروا أنفسهم للخزي (للأصنام)

فصاروا أرجاسًا

كتلك الآلهة التي أحبّوها.

ففي نظر النبيّ، مثل هذا الذنب لا يمكن أن يصوَّر، لأنّه مطبوع بطابع العقوق تجاه هذا الإله الذي قام من أجل شعبه، بعدد من الأعمال التي لا تصدّق، والتي تدلّ على عطفه وحنانه. في هذا المجال، نقرأ تث 1: 31:

أما رأيتم في البرّيّة،

كيف حملكم الربّ

كما يحمل الأب ولده،

وقادكم في كلّ طريق سلكتموها،

حتّى بلغتم إلى هذا الموضع؟

هذه اللامعرفة سيندّد بها أشعيا بعد بضع سنوات فيقول (1: 3):

الثور يعرف مقتنيه،

والحمار معلف صاحبه،

أمّا إسرائيل فلا يعرف،

شعبي لا يفهم شيئًا.

كلّ هذا اكتشفه هوشع منذ أزمنة التاريخ الأولى. ومع ذلك، ما قصّر الله في انتباهه الدقيق إلى شعبه، كما الأب إلى طفله: علّمه المشي، سنده، وجّهه في نموّه. تارة أخذه بين يديه مثل طفل يلامس وجهُه وجه أبيه. وطورًا انحنى عليه لكي يطعمه: هو تذكير مؤثّر لمعجزات البرّيّة والإقامة في أرض كنعان. ولكن يبدو أنّ كلّ هذا كان بلا فائدة: »ما فهموا أنّي أتيتُ لعونهم« (آ 3). فهل هناك عمى كامل مثل هذا العمى؟!

ب- عقاب الخيانة (آ 5-7)

بدا اللاتوافق بين نداء الله وجواب الشعب كبيرًا، بحيث حرّك توتّرا وانشدادًا. ما استطاع شعبُ إسرائيل أن يتعرّف إلى الربّ على أنّه الإله الوحيد، والينبوع الحقيقيّ لكلّ غنى مادّيّ وروحيّ (2: 10: أنا أعطيتها القمح)، فخسر التنعّم بهذه الأرض التي أعطيت له: هو يعود إلى مصر، فيلغي قرونًا عديدة من النعم اللافتة. لن يكون بعدُ شعبُ الله، والربّ لن يكون بعدُ إلهَه، بحسب العبارة الرائعة في 1: 9: »أنتم لا شعبي، وأنا لا يهوه لكم«.

لا كلام مثل هذا الكلام يعبِّر عن نهاية عهد سيناء والوحي لموسى. وهكذا، صاروا في نقطة الصفر حول غياب الله. هنا نقرأ خر 3: 14:

فقال الله لموسى:

أنا هو الذي هو. أنا يهوه.

هكذا تجيب بني إسرائيل

هو الذي هو (يهوه) أرسلني إليكم.

وحين وصول العبرانيّين إلى سيناء، نسمع كلام الربّ في خر 19: 5:

والآن إن سمعتم كلامي،

وحفظتم عهدي،

فإنّكم تكونون شعبي الخاصّ،

بين الشعوب.

فالأرض كلّها لي.

تحدّث هوشع عن اجتياح وشيك بقيادة تغلت فلاسّر الثالث، فأعلن عن كارثة وطنيّة في آ 16 (يحلّ السيف في مدنهم). ومع ذلك، ما وجد إسرائيل عونًا ومساعدة لدى هذه الآلهة التي تعلّق بها (آ 7).

ج- الغفران وانتصار الحبّ (آ 8-9)

ويبدأ حوار الله مع نفسه، وهو حوار غريب: إنّ إعلان هذه النظرة المعتّمة، المنافية لكلّ الماضي، توقّف فجأة. طرح الله على نفسه أسئلة لاعاديّة. فمجرّد التفكير في إفناء شعبه، حرّك فيه اضطرابًا عميقًا. بدا الله وكأنّه يبكي على نفسه، مع أنّ إسرائيل هو الذي جعل نفسه في موقع الموت الذي يُندَب كما في جنازة.

حتّى الآن، تكلّم الله عن شعبه في صيغة الغائب المفرد (علّمه، جذبه) في آ 8-9، توجّه إليهم بشكل مباشر، وكأنّه يدعوهم إلى حميميّة جديدة.

هو لا يستطيع أن يحتمل الفكرة التي يحسبها يصبحُ شعبُه مثل أدمة وصبوييم اللتين رافقتا سدوم وعمورة في عقاب نموذجيّ ارتبط بزمن الآباء. ففضّل أن يعرف قلبُه الانقلاب الذي دمَّر تلك المدن الخاطئة. فقد تحدّث تث 29: 22 عن دمار هذه المدن فقال:

الكبريتُ والملح أحرقا الأرضَ،

حتّى لا تُزرَع ولا تُنبت،

ولا يخرج بها شيء من العشب.

فأجدبت مثل سدوم وعمورة،

وأدمة وصبوييم،

التي دمّرها الربّ بغضبه وغيظه.

وتحدّث تك 19: 24-25، عمّا فعل الربّ في ذلك الوقت:

24 أمطر الربّ على سدوم وعمورة،

كبريتًا ونارًا من السماء

25 فدمّرها مع الوادي،

وجميع سكّان المدن ونبات الأرض.

وقال عا 4: 11 في هذا المعنى، مذكّرًا شعبه بما فعل بهم:

ودمّرتكم كما دمّرت سدوم وعمورة

فكنتم كعدوٍ منتشلٍ من الحريق

وما تُبتم إليّ، يقول الربّ.

ونقرأ في المراثي (4: 6) ما حصل ليهوذا من دمار سنة 587 ق.م.:

عقابُ بنت شعبي،

أين منه عقاب سدوم

تلك التي انهدمت في لحظة،

على يد الله.

استعمل هوشع فعلاً ليكشف سرّ »التوبة« (هـ ف ك) الذي تمّت في قلب الله. شأنه شأن يوسف الذي التقى بأخيه الأصغر، بنيامين (تك 43: 30). وكالأمّ التي خافت أن تخسر طفلها (1 مل 3: 26: متلهّفة على ابنها). أحسّ الله بأنّ أحشاءه تتحرّك حبٌّا ورحمة من أجل شعبه الذي تكتنفه المخاطر.

إنّ كلام النبيّ في آ 8، هو أجرأ ما يشبّه الكتابُ اللهَ بالإنسان. فالله له صوت. وأيضًا له قلب »ينقلب« (هـ ف ك)، يتلهّف. وله أحشاء تتحرّك، تتأثّر. حين نقرأ كلّ هذا، نفهم بعض ما »يضجّ« مثل انفجار عاطفة خفيّة لدى الله.

هذه الصرخة التي تصدر من قلب محطَّم، ليست عبارة بسيطة تشير إلى عاطفة عابرة، مهما كانت، بل هي تدفع إلى موقف تحدّده أربع لاءات تتوزّع آ 9: لا أصنع. لا أعود. لا إنسان. لا آتي. في بداية الفصل، كانت خطبة إسرائيل نفيًا عمليٌّا لرباطات الحرب التي تربطه بالله. والآن، فالحبُّ الذي يتفجَّر من قلب الله، هو رفض الانجرار إلى نتائج الخطيئة وما فيها من كارثة، والغضب لا تكون له الكلمة الأخيرة: أجل، تجاوز الله نقض العهد، وقلبُ الشعب سينفتح على حنان الله (3: 1: إذهب وأحبب).

وإن لم يتحقّق ذلك في القريب العاجل، وكرازة هوشع لن تمنع النكبة على إسرائيل، وإن لم يمكن أن يتحقّق إلاّ بعطيّة قلب جديد، فهذا الكلام النبويّ ولَّد رجاء لا يُقهَر. وبعد قرن ونصف قرن من الزمن، سيستلهم إرميا هذا الكلام فيذكّر سامعيه بحنان الربّ المدهش (31: 20):

أفرائيم ابنٌ عزيز عليّ،

ولدٌ يبهجني كثيرًا.

مهما تكلّمت عليه شرٌّا،

فأحشائي تحنّ إليه.

مثلُ هذا الموقف الذي ليس بالعاديّ في العلاقات البشريّة، يكشف لنا وجه الله. هذا ما أحسّ به هوشع، فنسب تحوّل الله إلى قداسته. إنه يعني التوافق مع كيانه الحميم: »أنا إله... أنا الإله القدّوس« (آ 9). في هذه الآية، نكتشف أسمى ما قاله العهد القديم عن قداسة الله. اعتدنا أن ننسب إلى هذه القداسة رفضًا للخطيئة وعقابها. هنا ندرك أنّ هذه القداسة تتجلّى أكثر ما تتجلّى حين تغفر الخطيئة. وهكذا يلتقي يوحنّا الحبيب مع كلام هوشع حين يقول في إيجاز مدهش: »الله محبّة« (1 يو 4: 8).

الخاتمة

وجدنا في سفر هوشع أولى التمتمات للاهوت النعمة، منذ النعمة التي تدعونا إلى الوجود، إلى تلك التي تدخلنا في حياة الأبناء: »فابني هذا كان ميتًا فعاش« (لو 15: 24). إذًا، لا حاجة إلى توسّعات طويلة لكي نفهم لماذا تختار الكنيسة هذه القراءة للكلام عن قلب يسوع المسيح، عن حبّ ذاك الذي ضحّى بنفسه لأجلنا. فالمسيح في حاشه وآلامه، هو التجلّي الساطع لانقلاب داخليّ في قلب الله، وهناك ينتصر الحبّ. وحين نشاهد في إنجيل يوحنّا (19: 31، 37) قلب المسيح بعد أن طعنته حربةُ الجنديّ، يلج نظرنا، مع هوشع، إلى قلب الآب بحيث نكتشف إلى أيّة درجة أحبّنا. حينئذٍ نردّد كلام بولس الرسول في الرسالة إلى أفسس (3: 19): »تعرفون محبّة المسيح التي تفوق كلَّ معرفة، وتمتلئون بكلّ ما في الله من ملء«.

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM