خلق الرجل والمرأة

سفر التكوين 2/21:

خلق الرجل والمرأة

الحلقة 9 الفصل 2

بعد أن عرفنا بأنّ الإنسان لا يمكن أن يكون على مستوى الحيوان. هو أرفع من الحيوان، هو على مستوى الله. هنا نتعرّف إلى خلق المرأة، إلى العائلة الأولى. نقرأ في 2/21:

»فأوقع الربّ الإله آدم في نوم عميق، .... وكان آدم وامرأته كلاهما عريانين وهما لا يخجلان«.

ماذا نجد هنا في هذا المقطع؟ هناك خلق المرأة بآية 18 إلى آية 20. تحدّثنا عن خلق الإنسان كإنسان. إن كان رجل أو كان إمرأة. الإنسان كإنسان لا يمكن أن يكون وحده. والآن سنرى تنوّع الأجناس الرجل والمرأة، الإمرء والإمرأة، الإنسان والإنسانة، آدم وحوّاء.

آدم المأخوذ من أدمة، من التراب، وحوّاء التي هي أمّ الأحياء التي منها تخرج الحياة. كلّنا ولدنا من حوّاء، ولدنا من أمّهاتنا. والكاتب يشدّد على أمر عميق جدٌّا، يقول: »أوقع الربّ الإله آدم في نوم عميق، يعني كان آدم نائمًا، لم يعرف، لماذا يقول هذا؟ لأنّه عندما خلق الرجل، لم يكن هناك من شيء حواليه، ماذا يعني أنّ الرجل هو سرّ وكذلك لمّا خلقت المرأة كان الرجل نائمًا فالمرأة هي سرّ. الرجل هو سرّ والمرأة هي سرّ وسيبقى الواحد سرٌّا للآخر حتى النهاية. وهنا مهمّ جدٌّا احترام الرجل لسرّ المرأة، لشخصيّة المرأة، لعمق المرأة واحترام المرأة لسرّ الرجل، لعمقه، لشخصيّته. ممنوع أن يصبح الإنسان أمامنا شيئًا من الأشياء. من هنا كلّ التعذيب الذي سيعمل في محيطاتنا، تعذيب الإنسان حتى يتكلّم كلّ شيء عنده، إن كان في الكهرباء، إن كان في القتل، إن كان في السجن، إن كان في العزل، كل هذا يضيع السرّ الذي في الإنسان. سواء أكان سرّ المرأة أو سرّ الرجل وهذا السرّ هو عطيّة من الله. ليس لأحد الحق أن يأخذه منها، الويل ثم الويل لمن يريد أن يحطّم السر سواء عند الرجل الذي عندما جبل لم يكن في أحد معه سوى الله أو عند المرأة التي حين بنيت لم يكن أحد بقربها حتى آدم، كان في نوم عميق لم يكن هنا. ويقول الكاتب وفيما هو نائم، أخذ إحدى أضلاعه وسدّ مكانها بلحم. لمّا خلق الله الرجل كان الفخاري يعني يعمل في التراب حتى يخرج تحفة ولكن عندما خلق المرأة هو كالجرّاح، قطع إحدى الأضلاع، سدّ مكانها بلحم وسنرى ماذا سيفعل من هذا الضلع وتسألون لماذا يقول هذا الكلام. هنا نتذكّر مستوى المرأة في العالم واليوم بمحيطنا الشرقي هي على هذا المستوى بعد. المرأة هي عبدة للرجل، هي خادمة للرجل، هي عند قدمي الرجل، تلبّي شهواته وتخدم أولاده، يشتريها، يبيعها، حتى بوصايا الله بسفر الخروج 20/17، يقول، ينبّه الرجل ويقول له، لا تشْتَهِ بيت جارك ولا امرأته ولا عبده ولا ثوره ولا حماره. كلّهم على مستوى واحد، كلّهم يشتريهم، كلّهم سلعة بين يديه، المرأة والثور والحمار والبيت والأرض والشجرة، كلّهم مثل بعضهم. فأين مستوى المرأة؟ واليهودي عندما يصلّي اليوم يقول: أشكرك يا ربّ لأنّك لم تخلقني امرأة، هذا دنيء جدٌّا. لهذا السبب قال الكتاب أخذ إحدى أضلاعه. لا ننسى أنّ الضلع هو قرب القلب. إذًا بهذه العلاقة بين الرجل والمرأة ليست على مستوى المشترى والبيع، هي على مستوى المحبّة.

الفكرة الأولى، المراة هي جزء من الرجل إذا كان هو عظيم، هي عظيمة، إذا كان دنيء، هي دنيئة. والعكس إذا كنت عظيمة يصبح هو عظيم بها، وإذا كانت دنيئة وسافلة يصبح بها هو دنيئًا وسافلاً. يقول الكتاب في آية 23: هي عظم من عظام الرجل، هي لحم من لحم الرجل وهنا سنعود بعد قليل ونرى بأنّ الرجل والمرأة هما واحد. لا يمكن أن يرتفع الواحد دون الآخر. ويقول التلموذ شارح هذه الكلمة لماذا أخذ ضلعًا من أضلاعه. لم يأخذ عظمًا من رجله، لماذا؟ لئلاّ تكون المرأة خادمة للرجل وعبدة له. لو أخذ عظمة من هناك لكانت كذلك. يكمل ويقول: لم يأخذ عظمة من رأس الرجل لأنّه لو أخذ عظمة من رأس الرجل لكانت المرأة ترتفع على الرجل وتسود عليه ويصبح هو عبدًا لها وخادمًا. هنا نرى أحبّائي مجتمعنا. لا شكّ مرّات عديدة يكون الرجل هو السيّد والمرأة هي الخادمة وقد تنقلب الآية في ظروف عديدة، أنتم أدرى منّي بها. لم يأخذ عظمًا من رجله لئلاّ تكون خادمة له. لم يأخذ عظمًا من رأسه لئلاّ يكون هو خادمًا لها. لكن أخذ من جنبه، من قرب قلبه، الحبّ هو الذي يجمع الرجل والمرأة. التضحية هي التي تجمع بين الرجل والمرأة. يقول مار بولس بأفسس: »أيّها الرجال أحبّوا نساءكم كما أحبّ المسيح الكنيسة وضحّى بنفسه لأجلها«. نعم، الرجل يعرف أنّه رجل، عندما يضحّي ليس فقط بماله أو بعض الأشياء، عندما يضحّي بنفسه من أجل إمرأته. وهنا عندئذٍ الخدمة لن تعود خدمة والطاعة تكون طاعة تصبح تفاهم. وهكذا يقول مار بولس ليخضع بعضكم لبعض بالمسيح، يعني المرأة تخضع للرجل إن كان هو على حقّ. والرجل يخضع للمراة إذا كانت على حقّ في العهد الجديد لم يعد هناك من فرق بين رجل وامرأة ليس رجل ولا إمرأة، لا عبد ولا حرّ، كلّنا واحد في المسيح. هذا الكلام كلّه يجد أصوله، يجد أعماقه في هذا النص. المرأة هي عظم من عظام الرجل، هي لحم من لحم الرجل، هي ضلع في قلب الرجل. إذا صاروا الإثنين معًا على المستوى ذاته، يقول في الآية 22 وبنى الربّ الإله امرأة من الضلع التي أخذها منه يعني بنى البيت، هناك الرجل جبل تحفة، هنا بنى البيت. نعرف هنا أحبّاتئي دور المرأة في بناء البيت، المرأة هي التي تبني. المثل يقول: »الرجل جنّى«، يعني يجني، يجلب المال، يتعب. والمراة بنّى هي التي تبني البيت. انظروا كم هذه الكلمة قديمة وقديمة جدٌّا. المرأة بها بنى الربّ البيت. وبنى الربّ الإله امرأة من الضلع التي أخذها من آدم فجاء بها غلى آدم. فقال آدم: هذه هي الآن عظم من عظمي ولحم من لحمي. هناك لم يجد له مثيلاً يعينه، أمّا الآن فقد وجد المثيل الذي يعينه، أكثر من مثيل ليس فقط شخص يشبه من بعيد إلى بعيد، هو قطعة منه، هو عظم منه، هو لحم منه، هو جزء منه. هذه تسمّى إمرأة فهي من إمرء أخذت. إذًا أخذت الإمرأة من الرجل لتكون مع الرجل. وهنا نفهم أهميّة العيلة التي هي الأساس. عندها تقرأ في الآية 24 فصل 2 »ولذلك يترك الرجل أباه وأمّه ويتّحد بامرأته ويصيران جسدًا واحدًا«. يترك الرجل أباه وأمّه وليس المرأة هي التي تترك بل الرجل. إذا، حتى تبني عائلة جديدة، إذا ظلّ الرجل في البيت الوالدي تضيع شخصيّته، تكون شخصيّته غير موجودة، يبقى قاصرًا. إذا جاءت المرأة إلى بيت حمّيها أو بيت عمّها كما نقول في الدارج تبقى قاصرة. الحاه هي كل شيء والمرأة دورها هي أن تلد البنين فقط. لا تعود المرأة الملكة ولا يعود الرجل الملك. برتبة الزواج في طقوسنا نضع الإكليل دائمًا على رأس العريس ونضع إكليل على رأس العروس، لأنّه هو ملك وهي ملكة. وحتى يكون هو ملك وهي ملكة يجب أن يستقلاّ عن بيت أبيه وبيت أبيها. لا يعيش الرجل في بيت حميه ولا تعيش المرأة في بيت عمّها. الإثنين معًا ببيت جديد، هو الملك وهي الملكة. وكيف يكونان على صورة الله؟ عندما يتّحدوا، يتّحد الرجل بالإمرأة. بالكلمة العبرانيّة »داباق« يدبّقوا، يلتصق بامرأته، لم تعد من قوّة تفصلهم عن بعضهم إلاّ الموت. لمّا يتّحد الرجل مع المرأة يصير الإثنين جسدًا واحدًا. من المؤسف أحبّائي بأنّ النصّ العبراني الذي عندنا اليوم، وقعت الكلمة في الأصل ويصير الإثنان جسدًا واحدًا. اثنينهم يصبحون جسدًا واحدًا. يعني هم اثنين وليس خمسة رجل واحد وامرأة واحدة. هذان الإثنان يصبحان جسدًا واحدًا. إذا كان رجل وأربعة نساء لا يمكن أن يكونوا جسدًا واحدًا. إذًا القضيّة قضيّة جنسيّ نستطيع أن نتّحد مع أيّة امرأة ولم يصير بعد جسدًا واحد. نحن نعيش في الزنى، نعيش حقيقة على مستوى الزواج حيث يصبح الإثنين جسدًا واحدًا. وهكذا يقول الكاتب الملهم، ألف سنة قبل المسيح، علّمنا أنّ الزواج واحد، بين إمرأة واحدة ورجل واحد. وعندما يبتعد الرجل عن إمرأته ويتّخذ إمرأة ثانية يكون زانيًا. لذلك يقول الإنجيل بوضوح: من طلّق امرأته وتزوّج غيرها يزني. والمطلّقة التي تأخذ زوجًا آخر تكون زانية. وهكذا منذ البدء رفض الربّ تعدّد الزوجات. رجل امرأة، رجل واحد وإمرأة واحدة، الإثنان يصبحان جسدًا واحدًا. كما رفض الطلاق. الطلاق ممنوع أبدًا. يمكن أن نطلّق عمليٌّا. يموت الرجل وتموت المرأة ويموت الحبّ. ليس لنا أحبّائي إلاّ أن نرى في مجتمعنا، عندما يصير الطلاق أوّل من يتأثر هم الأولاد، يتأثّروا تأثّر عميق، ينجرحوا جرح بليغ وهذا الجرح لا يندمل أبدًا، حتّى عندما يزوّجوا ويصير لهم أولاد فيظلّ هذا الجرح في أعماق قلبهم. والرجل الذي يطلّق امرأته ويأخذ واحدة ثانية، يصبح ميتًا، المرأة الثانية معتّرة لأنّها أخذته. لمّا المرأة تطلّق زوجها وتأخذ رجلاً آخر، هذا الرجل معتّر أيضًا أخذ مثل هذه المرأة. هؤلاء الإثنان أصبحا ميّتين. وأنا العائش آخذ إمرأة ميّتة وأنا العائشة آخذ رجلاً ميّتًا، كلاّ ثم كلاّ. هذه الزواجات، واحد وإثنان وثلاثة، كما في بعض الدول الغربيّة، حيث يتزوّج الإنسان خمس سنوات ويذهب، انظروا كم نحن ضعفاء عن شريعة الله، عن وصيّة الله. ويسمّيها يسوع منذ الإبتداء. عندما أتوا إليه معلّمي الشريعة وسألوه: هل يحقّ للإنسان أن يطلّق إمرأته لأجل كلّ علّة؟ ماذا قال لهم »عودوا إلى الإبتداء، عودوا إلى الأصل«، أنتم الذين قلبكم قاسي لمّا الرجل يطلّق امرأته يكون قلبه قاسيًا، قلب صوّان، ليس عنده لا محبّة ولا حنان أبدًا. يقول لهم لم يكن هذا منذ الإبتداء. في البدء يترك الرجل أباه وأمّه ويتّحد بامرأه فيصير الإثنان جسدًا واحدًا. منذ البداية لمّا ربّنا خلق الإنسان، خلقه رجلاً وامرأة، ثانيًا: حتّى يصيرا جسدًا واحدًا. ولمّا قالوا له لماذا سمح موسى أن يطلّق الرجل امرأته؟ قال يسوع لقساوة قلوبكم، أنتم حوّلتم الشريعة. كانوا يقولون إذا رأى الرجل إمرأة أحسن من امرأته يستطيع أن يطلّقها وهذا ما يحدث في مجتمعاتنا، يتزوّج الرجل إمرأة أولى، تنجب لهم خمس أو ست أولاد، يتغيّر جمالها بالطبع ساعتها يبحث عن امرأة ثانية وامرأة ثالثة وامرأة رابعة حتّى تبقى امرأته صبيّة، لأنّ حياته كلّها على مستوى الجسد، على مستوى المجامعة، عندها نتذكّر البقرة والثور، والحمارة والحمار، الكلب والكلبة. إذًا الإتّحاد بين الرجل والمرأة هو فقط على مستوى الجسد لا يحرز كلّ هذا يمكننا الذهاب إلى أماكن خاصّة ونتّحد بامرأة لمدّة خمس دقائق أو عشر دقائق هذا ليس زواج، في شريعة الله، هذا بعيد كل البعد عن الله، الإثنان يصيران جسدًا واحد. ممنوع الطلاق في المسيحيّة، ممنوع تعدّد الزوجات، بحسب شريعة الله، ليس فقط بالمسيحيّة أو اليهوديّة، حتّى ممنوع الطلاق وممنوع تعدّد الزوجات منذ البدء. الإنسان بصفته انسان، وأتذكّر أحد الأشخاص والذي هو غير مسيحيّ الذي قال: لا نستطيع أن نعدّل بهذا، أنا قرّرت أن تكون لي امرأة واحدة. وهكذا على كلّ إنسان يجب أن يكون عادلاً في حياته، يريد ان يبني عائلة كعائلة الله على مثال عائلة الثالوث، لا يمكن أن يكون إلاّ امرأة واحدة ورجل واحد حتّى يصيروا جسدًا واحدًا. يتابع النص ويقول: »وكان آدم وامرأته عريانين وهما لا يخجلان«.

هناك معانٍ عديدة:

أوّلاً: آدم وامرأته

ثانيًا: عريانين، لا شكّ أن المرأة لا تتعرّى إلاّ أمام زوجها والرجل لا يتعرّى إلاّ أمام امرأته. كما خلقوا في البدء يكونان ملتصقين ببعضهم، يكونان متّحدين ببعضهم، جسدًا واحدًا. وهذا الإلتصاق والإتّحاد هو أعظم شيء في تاريخ الكون. وعندما يتّحد الرجل بامرأته يصبحان خالق وخالقة. يصيران يمثّلان الله الخالق وبهذا الإتّحاد يكون لنا ابن، ابنة جديدة. وسنرى بعد قليل كيف أنّ آدم خلّف قايين كان على صورته وهنا في الزواج، هذا الولد صبي أو بنت يكونان على صورة أمّهم وأباهم. وعريانين لها معنى ثانٍ، يعني ليسوا بحاجة إلى لباس خارجي لأنّ الربّ هو الذي يغمرهما بنعمته، لذلك فهما لا يخجلان. عندهم لباس من نوع آخر وهذا اللباس هو لباس إلهي. سوف نرى فيما بعد بأنّهم سيحاولون أن يغطّوا عريهما بورق التين وسوف يغطّيهما الربّ بجلود الحيوان. ولكن كلّ هذا لا يغطّي، كلّ هذا يبقى على الخجل. ولكن عندما خرج الإنسان رجلاً وامرأة من يد الربّ، صحيح كانوا عريانين على مستوى البشر ولكن في الواقع هما لا يخجلان، لأن عندهم غطاء، نعمة الله تغمرهما. هنا عاد الكاتب إلى الحضارات القديمة، البدائيّة، حيث يعيش الرجل عريانًا والمرأة عريانة. أمّا في حضاراتنا فنحن نلبس الثياب لهذا لا يؤثّر على أيّ شيء، على أساس خلق الرجل وخلق المرأة الذين هم نعمة الله. ونحن في المعموديّة سنلبس لباس من نوع آخر. الثوب الأبيض الذي نلبسه يدلّ على أنّنا أبناء الله، هذا اللباس يدلّ إلى انتمائنا إلى عائلة الله، إلى الكنيسة، إلى جسد المسيح، وهكذا أحبّائي تعرّفنا إلى الرجل والمرأة. تعرّفنا إلى الجنّة التي وضعنا بها، تعرّفنا إلى هذه السعادة التي أرادها الله لنا.

هل نستطيع أن نحافظ على هذه السعادة وما الذي يهدّد هذه السعادة الخطيئة. هل يستطيع الإنسان أن يعيش بلا خطيئة؟ هل هو مستعدّ لأن يسمع ؟ وأن يخضع لوصاياه هذا ما نقرأه في الحلقة المقبلة في الفصل الثالث من سفر التكوين.

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM