زواج إسحق

الحلقة 41 تكوين 24/28:

زواج إسحق

أرسل إبراهيم كبير خدمه ليختار امرأة لإبنه إسحق.

في القسم الأوّل ىية 1 - 10 توقّفنا عند حديث بين إبراهيم وكبير خدمه ويقول له أتأخذ ابنة »لابني من بنات الكنعانيّين، فهم لا يعبدون الله الواحد، هم مشركون وحذّر من أن يعود بابنه الـ موطنه، إلى أرض أبيه. الربّ دعا إبراهيم، ودعا نسل إبراهيم، فلا عليهم أن يعودوا إلى أراضي النهرين. في حلقة ثانية تحدّثنا عن مسيرة الخادم من فلسطين إلى أرامي النهرين ووصولاً إلى البئر برفقة الملاك أو بالأحرى برفقة الربّ الذي وجّه خُطى عبد إبراهيم.

في الحلقة الثالثة آية 28 - 67 من سفر التكوين فصل 24، خادم إبراهيم في بيت رفقا. في القسم الأوّل وهو الأكبر يستيد الراوي، الكاتب الملهم كلّ الخير منذ انطلاق العبد من عند إبراهيم حتّة إعطاء الخُزام والسوارين لرفقا، أخبرهم بكلّ شيء ودلّهم كيف أنّ الربّ سهّل طريقه، ترك الأمور الخارجيّة، ترك الظروف الماديّة، ترك الصعوبات، ترك كلّ ما يمكن أن يحدث لإنسان خلال السفر أو خلال الوصول أو ربّما معاملة أهل البلد لهذا الغريب. ترك كلّ شيء ونحن نعرف مثلاً كيف كان لقاء موسى مع هفورة أو يعقوب مع راحيل، هنا الكاتب ترك كلّ هذا، كل ما قاله، كل ما أراد أن يبنيه هو أنّ الربّ دبّر الأمور، آية 48 »ركعتُ.... لإبنه«. ركعتُ = سجدتُ، سجود الصلاة، وباركته، قلتُ له مباركٌ أنتَ يا ربّ، ارسلت بركاتك على إبراهيم وعلى ابنه إسحق أيضًا. في المقطع السابق تساءل العبد هل سهّل الربّ طريقه أم لا، أمّا الآن فلا مجال للتساؤل أبدًا، هو متأكّد أنّ الربّ بارك إبراهيم وهدا عبده سواء السبيل، هو يطلب الآن من أهل البيت أن يتجاوبوا مع نداء الربّ، لا شكّ هناك طلب من رجل إلى رجل، طلب من عبد إبراهيم إلى أهل رفقا لكي يعطوها زوجةً لابن سيّده، هذا طلبٌ بشريّ، لكن هنك طلبٌ غلهيّ، أراد عبد إبراهيم أن يبيّن انّ الربّ هو الذي جهّز الأمور. هذا ما سوف نراه ايضًا في خبر طوبيا وسارة. طوبيا ابن طوبيت، وسارة ابنة راعويل. فَهِمَ لابان وباتوئيل أن تلك هي إرادة الربّ، قال من عند الربّ صدر الأمر، ليس إنسانٌ يطلب الآن بل هو الله الذي يطلب فلا نستطيع أن نقول شيئًا، »نقدر أن نقول فيه شرٌّا أو خيرًا«. نلاحظ أنّ لابان وباثوئيل ليسا بعد على مستوى خادم إبراهيم لا يتجرّأان أن يقولا أنّ هذا الأمر هو حسن أو سيّء، كلاّ لا نقدر أن نقول إن كان هذا المشروع فيه خيرٌ لنا أو شرّ لنا. ولكن وهنا العظمة نسلم الأمر إلى الربّ، بما أنّ الربّ وجّه الأمور، بما أنّ الربّ أوصل عبد إبراهيم إلى هذا المكان، فلنترك الربّ يفعل مرّات عديدة أحبائي لا نفهم، لا نعرف كيف نتوجّه ولكن في أعماق قلوبنا نسمع صوت الربّ أو نسمع نصيحة من أبٍ من أمٍّ من رفيق من راهبة من صديق، يا ليتنا نستطيع أن نكتشف في هذا الصوت الخارجيّ الذي لا سلطة له علينا، نسمع من خلال هذا الصوت صوت الربّ، نداء الربّ. »هذه رفقا أمامك خذها واذهب فتكون زوجة« لابن سيّدك« وهنا ننتبه في آية 51 »كما قال الربّ« لا كما قلت أنت يا عبد إبراهيم.

كما قال الربّ، الربّ يقول ونحن نطيع أوّلاً وأخيرًا، نطيع أمر الربّ، فلمّا سمع خادم إبراهيم كلامهم، سجد للربّ إلى الأرض، نلاحظ هنا كيف أنّ الصلاة والسجود والركوع ترفق كلّ خطوة يقوم بها خادم إبراهيم أبدًا. في البداية لمّا وصل إلى العين، صلّى، سهّل يا ربّ طريقي، ولمّا رأى من رفقا، من عملها، من كلامها سجد، هنا أنّه ركع وسجد للربّ آية 48.

والآن بعد أن سمع الجواب بالإيجاب، سجد للربّ الذي وجّه كلّ شيء، قال »لابان وبانوئيل« هي رفقا خذها. كما قال الربّ، ماذا فعل الخادم؟ سجد للربّ مرحلة بشريّة ومرحلة إلهيّة. قالوا خذها كما قال الربّ. عندما سجد للربّ، نحن هنا على مستوى المرحلة الإلهيّة، آية 53 تأتي المرحلة البشريّة، أخرج حُلى من فضّة وذهب وثياب فأهداها إلى رفقا وأهدى تحف إلى أخيها وأمّها وكانت الحفلة حفلة العشاء، كلّ هذا على مستوى البشري. أرادوا أن يؤخّروا عبد إبراهيم، فقال لهم لا تأخروني فالربّ سهّل طريقي في كلّ وقت، يقول هو الربّ، العلة الأولى والأخيرة في كلّ حياتنا هو الربّ، الإنسان هو الذي يعرف أن يتجاوب مع الربّ، الربّ سهّل طريقي ويبقى السؤال الأخير، جاؤوا وقالوا لرفقا هل تذهبين مع هذا الرجل، قالت أذهب، بدأوا هم فقدّموا أختهم وهي الأخت تقدّم نفسها. »نعم أذهب«. هنا إشارة مهمّة جدٌّا إلى احترام المرأة ليست سلعة تباع وتشترى، ليست ملكًا من أملاك الرجل، تُسأَل، يسألونها رأيها، هل تذهبين، نعم أذهب. فصرفوا رفقا أختهم ومرضعتها وباركوا رفقا وقالوا لها أنتِ اختنا كوني أمٌّا لألوف مؤلّفة، وكأنّي بالكاتب يتطلّع إلى نسل إسحق، نسل إبراهيم، نسل يسوع المسيح.

وكان اللقاء آية 63. يرى إسحق، يقول خرج يتمشّى في البريّة عند المساء، نلاحظ هنا أيضًا في هذه الحملة يتمشّى عند المساء، مقارنة عندما نتذكّر في سفر التكوين فصل 3، لمّا خرج الربّ يتمشّى عند المساء، عند برودة المساء، قلنا أنّه يتمشّى مع آدم وهنا إسحق يتمشّى عند المساء مع الله. لأنّ الله لا يتمشّى وحده، بل مع الإنسان (آدم) يتحدّث معه، ويقول له أسرار. في الفصل 3 من سفر التكوين قلنا الله يتمشّى، حين قلنا إسحق يتمشّى لكن في كلتا الحالتين هو الربّ يتمشّى برفقة الإنسان، تمشّى يسوع أيضًا مع تلميذي عمّاوس، ويتابع النصّ فيقول كيف أنّ رفقا رأت إسحق، فكأنّي بإسحق جاء غلى لقائها، كأنّي بهذه المحبّة اشتعلت بقلب إسحق كما اشتعلت بقلب رفقا، قبل أن يلتقيا، فكأنّ الربّ هيّأ زواجهما وباركه، ونلاحظ أنّ رفقا نزلت عن الجمل وجعلت البرقع، وسترت وجهها. لا يراها إلاّ زوجها في ليلة العرس، وكما روى خادم إبراهيم لباتوئيل ولابان كل ما حدث أيضًا لإسحق فكأنّي به يشكر ويشكر أيضًا كلّ ما فعله الربّ من أجل إسحق من أجل إبراهيم وكان الزواج، زواج إسحق ورفق. لا بدّ من وجود المرأة في البيت، ماتت سارة فكانت رفقا، ماتت سارة فبكاها إسحق، جاءت رفقا، فتعزّى بها بدل أمّه. هذا أحبّائي هو معنى هذا الفصل الكبير من سفر التوكوين 24 مسيرة طويلة وجّهها الربّ منذ أرسل إبراهيم عبده حتّى تزوّج إسحق برفقا فوجد بها العزاء بعد أن فقد أمّه. نفهم كيف أنّ الربّ يرتّب أمورنا، يبقى علينا أن نتسلّح بالصلاة، أن نتسلّح بحضوره ونعرف أنّه يرسل إلينا ملاكه، نعرف أن نباركه في البداية، نباركه في النهاية، نسلّم له أمورنا وهو يعل، هذا ما فعله مع إسحق ورفقا، هذا ما فعله مع إبراهيم،فدلّى أنّ بركته لن تتوقّف بل تدوم مدى الحياة. آمين.

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM