الكتاب الثالث

 

الكتاب الثالث

نكتشف في هذا الكتاب ثلاث مراحل:

- القسم الرئيسيّ: 97-349. ثمَّ 489-829.

- نبيئات على أمم مختلفة: 350-488.

- خاتمة كتاب آخر: 1-96.

- دسّ مسيحيّ: 776 (ابن الله العظيم).

في القسم الرئيسيّ، نقرأ خمس نبيئات (97-161؛ 162-195؛ 196-294؛ 545-656؛ 657-808)

- 97-161. مقطع يبدو خارج الكتاب. يتضمَّن سقوط برج بابل (97-104)، حرب الجبابرة على كرونوس وأبنائه (105-155)، لائحة بممالك العالم (156-161). جاء هذا المقطع بشكل مقدِّمة لباقي النبيئات مع موضوع ممالك العالم والصراعات الحاضرة. أمّا النبيئات الأربع فتتحدَّث عن الخطيئة ولاسيَّما عبادة الأصنام التي تقود إلى الضيق والكوارث، وتنتهي بمجيء الملك أو المملكة.

- 162-195. الملك الذي هو في نهاية الكارثة يتماهى مع الملك السابع في مصر، الذي ليس من نسل يونانيّ.

- 196-294. لا يتحدَّث عن نهاية الأزمنة، بل عن المنفى البابليّ وإعادة بناء الشعب.

- 545-656. الملك المصريّ مثل الشمس. متى دوِّن هذا الكتاب؟ هنا نعود إلى الملك السابع في مصر. ويمكن أن يكون بطليموس فسكون. والحدث الهامّ، تدخُّل الرومان في مصر. فيعني أنَّ زمن التدوين بين سنة 163 و145 ق.م. ودوِّن في مصر، في الإسكندريَّة (155-161) ذُكرت مصر وذكر ملوكها بحماس على أنَّهم المخلِّصون.

- 350-488. أقوال على الأمم في أربع نبيئات (350-380؛ 381-387؛ 388-400؛ 401-488). في 350-380، رومة مقابل آسية. وفي النهاية تنتصر آسية وتستعيد ما أخذته رومة منها.

- 1-96. إرشاد لعبادة الإله الواحد، وحرب على عبادة الأصنام.

تشكّي السيبلَّة

يا ابن(1) السماء، يا من تُرعد في العلاء، يا من تقيم في مقامٍ مؤسَّس على الكروبيم(2)

أتوسَّل(3) إليك: تنبَّأتُ بك لحقّ،

فمر أن أتوقَّف قليلاً، لأنَّ نفسي مُرهقة في صدري.

ولكن لماذا يقفز قلبي أيضًا، وعقلي

5 الذي ضُرب بسوط أُكره في داخلي

على أن يقول قولاً يوجِّهه إلى الجميع؟ إذن، سأقول من جديد

كلَّ ما يأمرني الله أن أقوله للبشر.

فعل إيمان بالإله الواحد

أيُّها الناس جبلَكم اللهُ جبلة على صورته(4)،

فلماذا تضلُّون باطلاً ولا تسيرون في الطريق القويم،

10 فتحفظون دومًا ذكر الخالق الخالد؟

هناك إله واحد(5)، سلطان وحيد، لا يُعرف، يقيم في الأثير،

لا يدين بوجوده لسواه. هو لا يُرى ووحده يرى الجميع(6)

ما صنعَتْه يدُ صانع التماثيل،

ولا كشفَتْه صورةٌ من فنِّ بشريّ، لا من الذهب ولا من العاج،

15 بل هو أوحى عن نفسه ككائن أزليّ.(7)

هو الكائن، والذي كان، والذي سيكون بعدُ في التالي (من الأيّام).

من يقدر، وهو مائت، أن ينظر(8) إلى الله بعينيه؟

من يقدر أن يسمع(9) مجرَّدَ اسمِ

الإله العظيم السماويّ الذي يسود العالم،

20 الذي بكلمته(10) خلق كلَّ شيء: السماء والبحر

الشمس التي لا تتعب(11) والقمر في ملئه(12)،

الكواكب المشعَّة(13)، تيتيس(14) الأمُّ القويَّة

الينابيع والأنهار، والنار التي لا تنطفئ في الأيّام والليالي؟

الله هو الذي جبل آدم(15) بأربعة حروف

25 الإنسان الأوَّل المجبول(16) والذي أتمَّ اسمَ

الشرق والغرب والشمال والجنوب

وهو أيضًا ثبَّت شكل وجه المائتين(17)

وصنع الوحوش والزحّافات والطيور.

جهالة عبّاد الأوثان وعقوقُهم

أنتم لا تعبدون الله ولا تخافونه، بل تضلُّون ضلالاً،

30 فتسجدون أمام الحيّات(18) وتذبحون للهررة،

لأصنامٍ صامتة، ولصور إنسان(19) مصنوعة من حجر.

تجلسون أمام الأبواب(20) في هياكل الشرِّ(21)

وتحذرون(22) الله الذي هو، والذي يحفظ الجميع.

تُسرُّون بحجارة السوء(23) وتنسون

35 دينونة(24) المخلِّص الخالد الذي خلق السماء والأرض.

جيل الأزمنة الأخيرة

يا نسلاً(25) دمويٌّا، محتالاً، شرّيرًا، (نسل) رجال السوء،

الكاذبين وذوي اللسانين وذات الطبع الفاسد.

يا لصوص الخدر الزواجيّ وعبّاد الأوثان، الذين لا يفكِّرون إلاّ بالمكر،

ويحملون الشرَّ في صدرهم والشهوة الجامحة.

40 يعرّون نفوسهم بنفوسهم مع قلب لا يهاب شيئًا.

فما من غنيّ ومترف يقاسم الآخر شيئًا(26)،

بل كلُّ المائتين يعرفون شرٌّا ممقوتًا.

لا يحفظون إيمانًا و(ولا عهدًا) وأراملُ(27) عديدات، لمنفعتهنَّ،

يهبن في السرِّ رضاهنَّ لرجال آخرين.

45 واللواتي(28) لهنَّ رجال لا يحفظن قاعدة سلوك واحدة.

دمار المملكة الرومانيَّة

ولكن(29) حين تمدُّ رومة(30) سلطانها على مصر

فتخضعها للحكم الواحد، حينئذٍ المملكة العظيمة

(مملكة) الملك الخالد تشعُّ على البشر.(31)

رئيس نقيّ(32) يأتي فيخْضع كلَّ صوالجة الأرض

50 لجميع أدهار الزمن الآتي سريعًا.(33)

ويصبح أيضًا الغضب(34) على أهل لاتيوم(35) بدون رحمة

ثلاثة(36) يصلون برومة إلى نهاية تعيسة.

وجميع(37) البشر يهلكون في مساكنهم،

حين ينصبُّ من السماء شلاّل نار.

55 يا للتعاسة أيَّتها الضعيفة(38)! متى يأتي هذا اليوم

مع دينونة الإله الخالد، الملك العظيم؟

وأنتِ أيَّتها المدن. فابني نفسكِ اليوم أيضًا وتزيَّني كلُّكِ

بهياكل وملاعب وساحات عامَّة وتماثيل الذهب

والفضَّة والحجارة، لكي تَصِلي إلى هذا اليوم المرّ.

60 فسيأتي زمان تنتشر فيه رائحة الكبريت(39)

لدى جميع البشر، وأنا أعدُّ الواحدة بعد الأخرى،

أعدُّ مدنًا يتحمَّل فيها البشرُ الكارثة.

بليعار المناوئ للمسيح

ومن سبسطية(40) يأتي بليعار.(41)

يرفع جبالاً عالية(42)، ويجمِّدُ البحر(43)

65 والشمسَ(44) العظيمة (شمس) النار والقمرَ المشعّ.

يُقيم الموتى(45) ويقدِّم للبشر علاماتٍ كثيرة

لا يستطيع أن يحقِّقها.

تكون عمل خدّاع، وهو يَخدع عديد المائتين.(46)

فيا أيُّها العبرانيّون المؤمنون والمختارون أو الكافرون(47)، ويا سائر

70 الرجال الذين لم يسمعوا بعدُ من يُكلِّمهم عن الله.(48)

فحين يأتي زمان فيه تتمُّ(49) تهديداتُ الإله العظيم(50)،

تصل إلى الأرض قوَّةٌ ملتهبة من عمق البحر الهائج،(51)

فتُحرق بليعارَ وكلَّ رجاله المتعجرفين(52)

الذين وثقوا به ثقة.

مملكة الأرملة وإعلان نهاية الأزمنة.

75 حينئذٍ تحكم العالمَ يدُ امرأة(53)

فيخضع لها في كلِّ شيء.

وحين تمدُّ الأرملة سلطانها على العالم كلِّه،

وترمي الذهب والفضَّة(54) في البحر الإلهيّ،

حين ترمي في الأمواج البحريَّة النحاس وحديد الناس الزائلين

80 جميعُ عناصر الكون

تكون في ترمُّل(55) حين يُقيم الإله في الأثير

فيلفُّ السماء(56) كما يُلفُّ الدرج

السماءُ كلُّها، بصورها المتعدِّدة، تسقطُ على الأرض الإلهيَّة وعلى البحر الإلهيّ.

وشلاّلُ نار لا تنطفئ(57)

85 يُحرق الأرض

ومدارَ السماء والأيّام. والخليقةَ نفسها

يذوِّبها في كتلة واحدة ويُصفِّيها حتّى تطهر.

لن(58) يروا عند ذاك دوائرَ الأنوار المبتهجة،

والليل والضحى، ولا أيّامًا مملوءة بالهموم،

90 ولا الربيع ولا الصيف ولا الشتاء ولا الخريف.

حينئذٍ تأتي دينونة(59) الإله العظيم في صدر

الدهر العظيم، ساعة يتمُّ كلُّ هذا.

العالم الجديد

وأنتِ(60)، يا أمواهًا يسيرون عليها، وأنت يا كلَّ الأرض الثابتة،

من الشمس المشرقة إلى النقطة التي فيها تغطس!

95 كلُّ شيء يطيعه حين يعود إلى العالم(61)

لأنَّ العالم كان أوَّل من عرف سلطانه.

نبوءات حول تاريخ البشريَّة

ولمّا جاء الوقت(62) الذي فيه تتمُّ تهديداتُ الله العظيم(63)

كما تفوَّه بها في الماضي على المائتين، حين حاولوا أن يبنوا برجًا

في أرض أشورية(64) (كانوا جميعهم بلسان واحد،

100 وأرادوا أن يرتفعوا إلى السماء المنجَّمة(65))،

حالاً حمَّل الخالد نفخات الهواء عنفًا كبيرًا

فرمت(66) هذه الرياحُ(67) إلى الأرض البرجَ الكبير

وحرَّكت بين الناس الخلاف المتبادل(68).

لهذا سمّى المائتون المدينة باسم بابل.(69)

105 ولمّا سقط البرج، وألسنةُ الناس

تشوَّهت في ألسنة من كلِّ نوع،

الأرضُ كلُّها امتلأت بمائِتين اجتمعوا في ممالك متميِّزة.

كان ذاك الجيلَ العاشر(70) من الناس الذين خرجوا من الأرض

منذ ضربَ(71) الطوفانُ الناس الأوَّلين

110 وصار كرونُس(72) وتيتان(73) ويافث(74) ملوكًا.

كان هؤلاء الثلاثة أشجع أبناء غايا(75) وأورانوس(76)

الذين سمّاهم البشر أبناء الأرض(77) والسماء

لأنَّهم كانوا أعظم البشر الذين خرجوا من الأرض.

كانت(78) الأرض قد وُزّعت ثلاثًا، حسب حصَّة كلِّ واحد،

115 فمارس كلُّ واحد سلطانًا ملكيٌّا امتلاكًا لحصَّته. وما كانوا يتقاتلون،

لأنَّهم كانوا أقسموا لأبيهم، ولأنَّ الحصص كانت متساوية.

ثمَّ جاء زمن انتهت شيخوخة أبيهم

فمات(79). حينئذٍ مارس بنوه

حنثًا قاسيًا لحلَفهم، فتخاصموا:

120 من يرتدي الكرامة الملكيَّة فيكون الآمرَ في جميع المائتين؟

تقاتل كرونوس وتيتان

ولكن رايا(80)، غايا، وأفروديت(81) صديقة أكاليل الزهور،

ديماتار(82)، هستيا(83)، ديوني(84) ذات الجدائل الحلوة

صالحن الملوك بعد أن جمعوهم،

125 وهم الذين يربطهم كلَّهم رباطُ القرابة الأخويَّة. كما جمعوا سائر

الرجال الذين خرجوا من الدم الواحد والوالدين الواحدين.

واختاروا كرونوس ملكًا يملك على الجميع.

هو أكبر الثلاثة وأجملهم منظرًا.

تيتان فرض على كرونوس الأقسام (الحلف) العظيمة:

130 هو لا يرفع سلالة أولاد ذكور بحيث يكون الأكبر ملكًا،

حين تأتي الشيخوخة والموت لكرونوس.

فحين وَلدت رايا، قعد التيتان بجانبها

ومزَّقوا جميع الأولاد الذكور.

أمّا البنات فعفوا عنهنَّ وتركوهنَّ قرب والدتهنَّ لتربّيهنَّ.

135 وحين ولدت الرفيعة رايا مرَّة ثالثة، وضعت أوَّل ما وضعت هيرا(85) أمّا التيتان

فلمّا رأوا بعيونهم أنَّها أنثى،

عاد هؤلاء الرجال القساة إلى بيوتهم.

حينئذٍ وضعت رايا ولدًا ذكرًا،

وأبعدته لكي يتربّى في السرِّ تربية خاصَّة

140 في فريجية(86)، فيهتمُّ به ثلاثة رجال كريتيّون(87) اختارتهم وطلبت منهم أن يُقسموا.

لهذا أعطي له اسم ديس(88) لأنَّه أُرسل إلى مسافة بعيدة.

وأَبعدت كذلك سرًا، بوسايدون(89).

وفي ثالث مرَّة، رايا الإلاهة بين النساء، ولدت بلوتون(90)

ساعة كانت تمرُّ في دودون(91) حيث تجري الطرق الرطبة

145 طرقُ النهر الواسع والمعتَّم الذي يذهب ماؤه نحو البحر(92)،

دون أن يمتزج مع فناي(93) والذي يُدعى ستيكس(94).

ولكن لمّا علم التيتان بوجود

سرير لأولادٍ ذكور ولدهم كرونوس ورايا زوجته،

جمع تيتان أبناءه الستّين،

150 وقيَّد بالسلاسل كرونوس ورايا زوجته،

وأخفاهما في الأرض، أو احتفظ بهما وراء سورٍ من الأسوار(95)

فعلم أبناءُ كرونوس(96) القدير بالأمر

فحرَّكوا من أجل أبيهم قتالاً كبيرًا صاخبًا.

فكان ذلك لجميع المائتين بدءُ الحرب

155 (لأنَّ هذا كان لجميع المائتين البدءَ الأوَّل للحرب).

حينئذٍ أسقط الله على التيتان الشقاء:

هلك كلُّ نسل تيتان ونسل كرونوس أيضًا.

ومع مسيرة الزمن الدائريَّة(97)،

رأوا قيام مملكة مصر التي جاءت بعدها مملكةُ الفرسِ

160 والمادّايين والأحباش وبابل في أشورية

ثمَّ مملكة المكدونيّين ومَملكة مصر أيضًا ومملكة رومة اليوم.

فطار قول (نبيئة) من عند الله العظيم إلى صدري،

فأمرني بأن أتنبَّأ على جميع

البلدان. وأن أُعلم ملوكَهم بأحداث ستكون.

165 أوَّلاً عرَّفني الله

عددَ الممالك البشريَّة التي ستظهر.

في البدء، يحكم بيتُ سليمان

على سكّان فينيقية وآسية وسائر

الجزر، وعلى نسل البمفيليّين والفرس والفريجيّين

170 والكاريّين والميسيّين وأمَّة الليديّين الأغنياء بالذهب.

ثمَّ يقوم الهلّينيّون، المتعجرفون والأنجاس،

وأمَّةٌ مختلفة وممزوجة، أمّة مكدونية(98)، تسيطر

فتنصبُّ على المائتين كعاصفة حرب رهيبة.

ولكنَّ الإله السماويّ يدمِّرها تدميرًا من أعماقها(99).

175 حينئذٍ تمارس مملكةٌ أخرى(100) السلطة،

(أمَّة) بيضاء، بالعديدِ من الرؤساء، منذ البحر الغربيّ.

تسود على مناطق عديدة، وتدمِّر الشعوب الكثيرين،

ثمَّ تحرِّك الرعدةَ على جميع الملوك.

تسلب ذهبًا كثيرًا وفضَّة

180 من عدد كبير من المدن. ويجدون أيضًا في أرض الله

الذهب والفضَّة والزينة(101).

يظلمون المائتين، وهم أيضًا

يتكبَّدون كارثة(102) كبيرة حين يسلكون سلوك الوحشيَّة والجور،

فيرى الناسُ عندهم نتائجَ(103) كفرهم التي لا مهرب منها:

185 الذكرُ يضاجع(104) الذكر، وهم يعرضون صبيانهم

في بيوت الدعارة. وفي تلك الأيّام، يكون

لدى الرجال ضيق عظيم. هذه المملكة تبلبل كلَّ شيء،

تحطِّم كلَّ شيء، تملأ بالشرور كلَّ شيء،

بسبب جشعٍ منحطٍّ وعطشٍ مشين إلى الغنى،

190 وذلك في بلدان عديدة، ولا سيَّما في مكدونية(105).

وتثير البغض فيلجأون إلى جميع أنواع الخداع.

إلى المُلك(106) السابع الذي يعطي المملكة

لملك مصريّ يخرج من نسل الهلِّينيّين.

حينئذٍ تصير أمَّة الإلهِ العظيمِ أيضًا قويَّة،

195 ويكون أبناؤها قوّاد حياة لجميع المائتين.(107)

الضربات

108 ولكن لماذا كشف الله لي هذا، وأعطاني أن أقول أيضًا

ما تكون الكارثة الأولى والثانية والأخيرة من الكوارث

التي تنصبُّ على البشر، وما تكون بدء بدايتها؟

أوَّلاً، يُرسل الله الشقاء على التيتان

200 الذين يكفرون، حين يضربهم أبناء كرونوس القدير،

عن السلاسل التي حمَّلوها لكرونوس وأمِّهم الوقورة.

ثمَّ يكون للهلّينيّين طغاة، ملوك مترفِّعون،

متهوِّرون، نجسون،

سالبو زوجات، فيدلُّون على جميع الرذائل. وبالنسبة إلى المائتين،

205 لن تتوقَّف الحرب. يهلك الفريجيّون الهائلون

كلُّهم، ويكون الشقاء على طروادة في ذلك اليوم.

ثمَّ يصل الشقاء إلى الفرس والأشوريّين،

إلى مصر كلِّها وليبيا والأحباش،

فيتحوَّل إلى شقاء للكاريّين والبمفيليّين

210 وجميع المائتين: فلماذا تعداد كلِّ شعب بمفرده؟

وما إن تتمُّ السلسلة الأولى من الشرور حتّى تنصبَّ سلسلةٌ ثانية على البشر.

ولكن قبل كلِّ شيء، سأعلن

أنَّ الشقاء يصيب الناس الأتقياء الذين يقيمون حول الهيكل العظيم

(هيكل) سليمان، والذين يتحدَّرون من أناس أبرار.

215 وأُعلن في الوقت عينه

نسل آبائهم وسلالتَهم، الشعبَ الذين يكوِّنونه جميعًا،

(أقول) كلَّ شيء بلباقة، يا مائتَ العقلِ المتقلِّبَ والمفكِّرَ بالمكر(109).

تاريخ إسرائيل

هناك مدينة(110) في أرض أور الكلدانيّين(111)،

منها جاء نسلُ رجال أبرار جدٌّا،

220 كانت أرادتُهم دومًا إرادةَ الخير فكانت أعمالهم فاضلة.

لم يهتمُّوا بالمسيرة الدائريَّة للشمس أو القمر،

ولا بمعجزات تتجلّى على الأرض،

ولا بعمق البحر ولزاجة المحيط،

ولا بما تُنبئ به عطسات الطيور وطيرانهم،

225 ولا العرّافون والسحرة والمعزِّمون،

ولا بلاهة حيل صوتيَّة من البطون.

هم لا يقرأون في الكواكب تنبُّوءات الكلدانيّين،

ولا يمارسون التنجيم، لأنَّ كلَّ ما في هذا ضلال

يطلبه الناس البلهاء كلَّ يوم،

230 ويُتعبون عقلهم في عمل لا فائدة فيه البتَّة.

وهم علَّموا(112) هذه الضلالات لأناس ممقوتين،

بهم حصل عددٌ من الشرور للمائتين على الأرض،

لكي يُضلُّوهم فيبعدوهم عن الطرق الصالحة والأعمال البارَّة.

أمّا هم فلا يهتمُّون إلاّ بالبرّ والفضيلة،

235 ويتجاهلون الجشع الذي ولَّد للناس المائتين ربواتٍ من الشرور،

من حرب تستمرُّ وجوع.

موازينهم(113) عادلة في أريافهم وفي مدنهم.

ولا يمارس الواحد تجاه الآخر سلبًا في الليل،

ولا يسرق بعضهم قطعان بعض من بقر وغنم ومعز.(114)

240 القريب لا يزيح حدودَ حقل قريبه(115)،

وما من غنيّ يسيء إلى من وضعُه أقلُّ من وضعِه.(116)

ولا هو يظلمُ الأرامل، بل يسعفهنَّ.(117)

فيقدِّم بشكل منتظم، الحنطة والخمر والزيت.

وإلى المعوزين والمحتاجين في الشعب،

245 يقدِّم الرجلُ الموسر دائمًا حصَّة من غلَّته(118)

وهكذا يعمل بقول الإله العظيم، بالنشيد المقدَّس المقدَّس:

إنَّ إله السماء جعل أيضًا من الأرض خيرًا مشتركًا بين الجميع(119).

ولكن حين يترك شعبُ الأسباط الاثني عشر مصر، وينطلق

بقيادة قوّاد يُرسلهم الله(120)،

250 يسير، في الليل، على ضوء عمود النار(121)،

وطوال النهار وراء عمود من غمام.

على هذا الشعب يقيم رئيسًا، العظيمَ

موسى، الذي تجده ملكةٌ عند شاطئ المستنقع، فتأخذه،

وتربِّيه، وتدعوه ابنها(122).

255 حين وجَّه موسى الشعب الذي قاده الله خارج مصر،

وصل إلى جبل سيناء. فأعطاء الله من أعلى السماء(123)

شريعة كتبَ جميعَ فرائضها على لوحتين اثنتين

وأمرهم بأن يعملوا بها. فمن عصاها(124)

عُوقب بالنظر إلى الشريعة: إمّا بيد المائتين

260 وإمّا بأيِّ عقاب آخر، إن هو أفلت من عين البشر.(125)

فإله السماء جعل الأرض خيرًا مشتركًا بين الجميع،

وأعطى الجميع السعادة والعقل الراجح في الصدور(126).

والأرضُ الخصبة لا تُعطي ثمرها إلاّ لهؤلاء الناس،

الواحد بمئة، وتتحقَّق أحكامُ الله(127)

265 ومع ذلك، فهم أيضًا يعرفون الشقاء ولا يُفلتون

من الوباء. أجل، تتركُ أروقتك الجميلة،

وتمضي أنت أيضًا إلى المنفى، لأنَّ مصيرك أن تتخلّى عن أرضك المقدَّسة.(128)

تؤخذ إلى الأشوريّين، وترى أولادَك الصغار

ونساءك مستعبَدين لأعدائك.

270 كلُّ مقتنياتك تَفنى وغناك.

وتمتلئ منك كلُّ مقاطعة وكلُّ بحر،

ويمقت كلُّ واحد عاداتك.

أرضك كلُّها تكون خرابًا. والمذبح الثابت،

وهيكل الله(129) العظيم، وكلُّ أسواركَ الطويلة

275 تسقط إلى الأرض: ذلك لأنَّك ما أطعتَ في قلبك

الشريعة المقدَّسة شريعة الله الخالدة. بل ملتَ عنها

وعبدت(130) أصنامًا ممقوتة. ذلك لأنَّك ما خفتَ الله،

وما قبلت(131) أن تكرِّم الآب الخالد لجميع الآلهة وجميع البشر،

لتُكرم أصنامًا بشريَّة.

280 لذلك، على سبعة عقود(132) من الزمن، أرضُك الخصبة

وهيكلك العجيبُ يقفران،

ولكن يُحفظ لك تمام السعادة في الآخرة، مع مجد عظيم جدٌّا،

حسب ما منحك الله (وإنسانٌ) مائت(133). وأنت من جهتك، إبقَ

أمينًا لشرائع الإله العظيم المقدَّسة،

285 حين يجعل يومًا ركبتك التعبة تنتصب نحو النور.(134)

حينئذٍ يعجِّل الله فيرسل من السماء ملكًا(135)

فيدين كلَّ إنسان في الدم ولمعان النار.

وهناك أيضًا قبيلة ملكيَّة(136)، ونسلُها

يبقى بلا خطيئة: ففي دورة الزمن،

290 تكون لها السيادة فتَشرع في بناء أروقة الله الجديدة.

فيرسل كلُّ ملوك الفرس(137)

الذهبَ والنحاس والحديد الذي يتعبون في شغله(138).

فالله نفسه يرسل رؤية ليليَّة مقدَّسة(139)

فيُوجَد الهيكل من جديد كما كان من قبل.(140)

نبوءات على الأمم

295 ولمّا وضع قلبي حدٌّا للنشيد الإلهيّ(141)،

وتوسَّلتُ إلى المنجب العظيم أن يتوقَّف عن إكراهي،

إذا بقولٍ جديد طار إلى قلبي من عند الإله العظيم،

وأمرني أن أتنبَّأ لجميع

البلدان، وأجعل في عقول ملوكهم الأحداث التي ستحصل.

300 فكشف لي الربّ، وأوكلني بأن أقول أوَّلاً

كم هيَّأ الخالد من أوجاع مظلمة، لبابل(142)

التي دَمَّرتَ معبدَه العظيم.

الويل لك، يا بابل، يا نسل الأشوريّين!

سيصيبُ الصفيرُ، في يوم من الأيّام، كلَّ أرض الخطأة،

305 وصياحُ الحرب كلَّ منطقة المائتين،

وضربةُ الإله العظيم الذي يوجِّه المدائح(143) يدمِّرها.

فمن أعلى الأهوية، يا بابل، ينزل يوم عليك

من السماء، ومن المناطق المقدَّسة ينزل عليك

غضبٌ أزليّ فيدمِّر لك أولادك إلى الأبد.

310 عندئذ تكونين كما كنت قبل أن تكوني، وكأنَّك ما وُلدت.

عندئذٍ تمتلئين من دمك، كما أنت في الماضي(144)

سفكتِ دمَ أناسٍ فضلاء، أناس ابرار،

الذين دمهم يصرخ اليوم أيضًا إلى أعلى السماء.

يا مصر، ضربة كبيرة ستصيب هياكلك(145)،

315 ضربة هائلة لم تنتظري مجيئها يومًا (إش 47:11).

فالسيف يعبر في وسطك (حز 14: 17)

والتشتُّت والموت والمجاعة تسيطر

حتّى الجيل السابع من ملوكك. وحينئذ تكونين في راحة.

ويلٌ لك، يا منطقة جوج وماجوج، الجالسة في وسط(146)

320 أنهار الحبشة، أيَّ سفك دم سوف تنالين!

ستُدعَين لدى البشر »مسكنَ الدينونة«(147)،

والأرضَ التي يسقيها بوفرة تشرب دمها القاتم.

ويل لك، يا ليبيا، ويل لكما أيُّها البحر والأرض!(148)

يا بنات الغروب(149)، ستجئْنَ إلى يوم مرَّ،

325 تجئن إليه بعد أن يلاحقكنَّ قتال صعب،

رهيب وصعب! وتأتي أيضًا دينونة رهيبة،

فتمضين كلُّكنَّ مكرهات إلى الهلاك،

لأنَّكنَّ حطمتنَّ البيت الكبير، بيت (الإله) الخالد

ومضغتنَّه مضغًا رهيبًا بإسنانٍ من حديد.

330 لهذا، سوف ترين أرضَك مغطّاة بالموتى

الذين سقطوا في الحرب أو تحت كلِّ ضربات السماء:

الجوع والوباء، وأعداءٌ ذات قلب همجيّ.

أرضك كلُّها تكون مقفرة، ومدنك صحراء.

في المغرب(150) تشرق نجمة تُسمّى »مذنَّب«

335 تكون للمائتين علامة السيف والجوع والمنيَّة(151)،

ودمار الرؤساء والرجال العظماء والمشهورين.

ويكون أيضًا لدى الرجال علامات كبيرة جدٌّا.

تنائيس(152) بتحرُّكاته العميقة يترك البحر الأسود،

وخطُّ ثلم خصب يتبع مجراه العميق،

340 ساعةَ يحتلُّ سيلُ المياه العظيم قطعة ضيِّقة من الأرض.

تكون فجوات وهُوى فاغرة فاها، ومدن عديدة

يحلُّ بها التلف مع سكّانها. في آسية: ياسوس(153)

قبرين(154)، باندونيه، كولوفون، أفسس، نيقية؛

أنطاكية، تناغرة، سينوبي، إزمير، ماروس

345 غزَّة الغنيَّة جدٌّا، هيرابوليس(155)، أستيبلاي(156).

في أوروبّا، كواغرا(157) الشهيرة، ميروبي الملكة

أنطيغوني(158)، مغنيزية، ميسينة(159) الإلهيَّة الإلهيَّة.

فاعلمْ أنَّ نسل مصر المشؤوم سيلامس حينذاك نهايته،

وأنَّ العام الماضي كان أفضل عام للإسكندرانيّين.

350 فالغنى الذي تلقَّته رومة من آسية، كجزية(160)،

سوف تتلقّاه آسية بدورها، ثلاثة أضعاف

من رومة، فتجعلها تكفِّر عنف التدمير الذي احتملته منها.

وبالنسبة إلى الأسيويّين الذين استُعبدوا في بيوت للإيطاليّين،

سيكون عشرون ضعفًا من الإيطاليّين عبيدًا في آسية،

355 في العوز، فيدفعوا ديونهم مضروبة بعشرة آلاف.

فيا عذراء، يا فتاة نحيفة ومليئة بالذهب من رومة اللاتينيَّة(161)،

التي سكرتِ بالخمر(162) أكثر من مرَّة في أعراسك مع عشّاق عديدين،

ستكونين زوجة في العار، مثل أمة(163)!

أكثر من مرَّة ستَحلق سيِّدتُك شعرَك الجميل(164)،

360 وإذ تقضي بالعدل، ترميك إلى الأرض(165)، من أعلى السماء،

أو مقابل هذا، ترفعك من الأرض إلى السماء،

لأنَّ المائتين يكونون أثموا في حياة الكذب والجور.

تكون ساموس رملاً(166)، وديلوس غير منظورة،

ورومة شارعًا واحدًا، فتتمُّ جميع النبيئات.

365 لا تُذكر بعد سميرنة التي هلكت. ويكون منتقم فقط

من نوايا رؤسائها السيِّئة وشرِّهم.

فيجول السلام الهادئ في أرض آسية(167)،

حينئذٍ تكون أوروبّا السعيدة أيضًا منطقة وفر،

وخلال سلسلة طويلة من السنين، (منطقة)، بدون عاصفة ولا برَد

370 فتُنتج كلَّ حيوان الأرض والطيور والزحّافات.

سعيد وألف مرَّة سعيد الرجل أو المرأة(168)،

الذي يعيش في هذا الزمان، كالبشريَّة التي لجأت إلى الحقول في أخبار

السعداء!

فالسماء المنجَّمة تُنزل إلى البشر الشريعة الصالحة المطلقة(169)

والعدل الدقيق، ومعها

375 توافقُ الحسُّ الحكيم الذي يفوق كلَّ الخيرات، بالنسبة إلى المائتين

وَدادٌ، وأمانة ومحبَّة للغرباء.

وبعيدًا عن البشر

تهرب الفوضى والهزء والحسد والغضبُ ونقصُ الحسّ.

بعيدًا عنهما تهرب الفاقة والإكراه

والقتلُ والخصومات المشؤومة والصراعات المدمِّرة،

380 والسرقات الليليَّة، وكلّ شرّ في ذلك اليوم.

أمّا مكدونية فتلد لآسية كارثة ثقيلة(170)

ولأوروبّا من نسل كرونيد الكاذب(171)،

ومن سلالة العبيد، يقوم ازدياد أكبر الأوجاع.

هذا النسل يبني بابل نفسها، المدينة القويَّة(172)،

385 وبعد أن تُسمّى سيِّدة الأرض كلِّها التي تنظر إليها الشمس،

تَسقط تحت ضربات المصير القاسية،

وتحتفظ بشهرتها لدى أبعد نسل من الأنسال.

وفي يوم من الأيّام يأتي أيضًا، فجأة، على أرض آسية المحظوظة

رجلٌ تغطَّت كتفاه بمعطف الأرجوان،

390 متوحِّش، غريب عن العدالة، مثل نار متَّقدة،

لأنَّ الرعد هو الذي حرَّكه، من قبل، في شكله المائت. فتحمل آسية

كلُّها نيرًا قاسيًا

وتشرب الأرضُ الدم الذي رواها بوفرة.

ومع ذلك، يزول كلُّه والجحيمُ يعتني به اعتناء،

وبنسل أولئك الذين أراد أن يفني نسلهم

395 يفنى نسلُه هو.

ويعطي جذرًا واحدًا (ولكن ضربة المائتين تقتلعه)

من بين قرونه العشرة، ويَزرع بجانبه نبتة أخرى(173).

يضرب المُنجب الحربيّ، منجب نسل الأرجوان

فيهلك هو تحت ضربات أبناء يتآمرون على هلاكه.

400 حينئذٍ يملك قرنٌ كان قد غُرس بجانبه.

ويكون هذا أيضًا لفريجية الخصبة حسنُ طالع مباشر(174)،

ساعة نسلُ دايا المنجَّس الذي بفضل جذوره المرويَّة دومًا،

يُخرج من الأرض نباتات لا تنفد،

يدمَّر بدون دواء، في مدى ليلة واحدة

405 في المدينة التي يدمِّرها، جسمًا وخيراتٍ، ذاك الذي يرجف الأرض

ويحرِّك التراب.

هذه المدينة، يسمّونها، في يوم من الأيَّام دوريلايون.

(مدينة) فريجية القديمة والقاتمة والمغطَّسة بالدموع الكثيرة،

إذن، سيُسمّى هذا الزمن باسم ذاك الذي أرجف الأرض،

لأنَّه يُكثر الفجوات في الأرض ويهدم الأسوار.

410 هذه العلامات تدلُّ على بداية الشقاء، لا السعادة.

شقاؤكِ يعلِّمك في حرب كلِّ الأنسال(175)

فتُنتجين الإنياذة من دم أهل البلاد(176)

وبعد ذلك تصيرين فريسة البشر الذين يشتهونك(177).

يا إيليون، أنا أرثيك. في اسبرطة تزهر إرينية.

415 هي خليقة من محتد رفيع، جميلة، جدّ جميلة، ومذكورة على الدوام،

ساعة تترك البحر الواسع، بحر أوروبّا وآسية.

ولكنَّها تسومك بشكل خاصّ الشرور التي تحملها من ندبٍ وضيقٍ وتأوُّهات:

شهرة ثابتة تنتظر الأحداث الآتية.

وبعد ذلك، يكون رجل شيخ، وكاتب كاذب

420 يختلق اسم موطنه وفي عينيه ينطفئ النورُ.

ولكن يكون له عقل راجح وكلمة موزونة

تتزاوج مع اسمين(178) لتقول أفكاره. يُسمّي نفسه مولود خيوِ،

ويروي حرب طروادة بشكل صحيح،

ولكن بمهارة، فيأخذ كلماتي وأوزاني

425 ويكون أوَّل من يفتح بيديه مؤلَّفاتي.

يعظِّم تعظيمًا المقاتلين اللابسين الخوذ في هذه الحرب:

هكتور بن بريام. أخيلا ابن فيله،

والآخرين كلَّهم الذين اهتمُّوا بالمآثر الحربيَّة.

يمثِّل هنا، وهو المزيَّف في كلِّ شيء،

430 مائتين بجماجم فارغة(179) مثل الآلهة الواقفين بجانبهم،

بحيث لا يكون بعدُ للأبطال مجد واسع في أن يسقطوا تحت

إيليون، فيحتفل احتفالاً مباشرًا بمآثر كلِّ واحد منهم.

ويلد نسل لوكروس أيضًا شرورًا كثيرة للوقية.

يا خلقيدونية التي حدَّد لها المصيرُ ذراع بحر ضيِّقة(180)،

435 يأتي ابن إيتولية في يوم من الأيّام، ويسلبك أنت أيضًا.

ومنك أنت أيضًا يا كيزيكة، يأخذ البحر غنى كبيرًا،

وأنت أيضًا يا بيزنطية، ستتحمَّلين في يوم من الأيّام، في آسية، هجمة

الحرب المدمِّرة

فتُكرهين على البكاء وسفك أمواج من دمك.

وأنتَ، يا كراغوس، يا جبل لوقية الرفيع، من قمَّتك

440 حيث الصخر يفتح لججًا، يهدرُ الماء

إلى أن تتوقَّف باتارا(181) ونبيئاتها.

يا كيزيكة، يا ساكنة كروم مرمرا،

سيُهدر رينداكوس حولك ذروةَ أمواجه.

وأنت، يا رودس(182)، لن تعرفي العبوديَّة زمنًا طويلاً

445 فتبلغي، يا ابنة النور، إلى غنى وافر

وتكون لك على البحر قوَّة تفوق قوَّة الآخرين كلِّهم.

ولكنَّك تصيرين فيما بعد فريسة البشر الذين يشتهونك

لجمالاتك وغناك، فتضعين رقبتك تحت نير مقيت.

صدمةُ ليدية تجعل بلاد فارس دمارًا،

450 وتسبِّب أوجاعًا هائلة جدٌّا لآسية ولأوروبّا.

وملك الصيدونيّين المشؤوم والمجموعة الحربيَّة في أمم أخرى،

يحملون في البحر، إلى السامويّين ضربة قاتلة.

يضجُّ السهل حتّى البحر من دم الناس المقتولين؛

الزوجات والصبايا بلباسهنَّ اللمّاع

455 يصرخن بملء الصدور من الوجع الرهيب الذي تسام به الواحدة بعد الأخرى:

بعضهنَّ لجثث أخصّائهنَّ، والأخريات من أجل أولادهنَّ المائتين.

قول على قبرص. الزلزال يدمِّر جيوشًا بأكملها،

وتدخل الظلال الكثيرة، دفعة واحدة في مُلك الجحيم (إش 5: 14).

تراليس، جارة أفسس، تخسر في الزلزال،

460 أسوارها المبنيَّة بناء وسكّانها بنفوسهم الكئيبة.

تُخرج الأرضُ بكثرة ماء مغليٌّا،

فتشرب الأرضُ المرهقة ساعة تنتشر رائحة الكبريت.

وتشيِّد ساموس، في ذلك الوقت، القصورَ الملكيَّة(183).

لن تصيبك هجمة من عدوٍّ غريب، يا إيطالية،

465 بل حرب أهليَّة مليئة بالدموع يصعب وقفها،

تجتاحك، يا أمَّة مشهورة ووقحة.

وحين تمدَّدين قرب رمادك المحرق،

دون أن تهتمّي به في قلبك، تعرِّين نفسك

ولن تكوني بعدُ أمَّ الشجعان بل مرضع الوحوش المفترسة.

470 ولكن حين يأتي من إيطالية مدمِّر (المدن)(184)،

حينئذٍ تسقط لاودكيَّة كلُّها على الأرض.

يا مدينة الكاريّين المشعَّة، قرب مياه ليكوس العجيبة،

ستصمتين بعد أن تبكين القريب المجيد(185).

ويهاجر سكّان تراقية فيعبرون هيموس(186).

475 ويصرُّ الكمبانيّون بأسنانهم بسبب كثرة

الجوع، وكيرنوس (التي تبكي قريبها القديم)(187)

وسردينية التي تضربها إعصارات عاصفة عظيمة،

وتحت ضربات الإله القدُّوس في لجج البحر،

يغرقون تحت الأمواج مع سكّانهم الملاّحين.

480 أوّاه، أوّاه! كم من الصبايا يكون زوجهنَّ الجحيم؟(188)

كم من الصبيان يظلُّون بدون دفنة لائقة فيكون العمق خادمهم؟

أوّاه، أوّاه، على الأطفال وعلى الغنى الواسع الذي أخذه البحر.

وفجأة تُنتج أرض الميسيّين السعيدة نسلاً ملكيٌّا،

وقرطاجة(189) نفسها لن تثبت طويلاً.

485 للغلاطيّين أن يندبوا وينوحوا نواحًا.

في تينيدوس يصل آخر الشرور ولكنَّه الأكبر.

سيقيونيس مدينة الفولاذ مع الشتائم(190)،

سوف تفتخر في النهاية بالنسبة إليك، يا كورنتوس، فيُنفَخ في البوق نفخًا.

أقوال إسكاتولوجيَّة على الأمم

وحين كان قلبي يضع حدٌّا للنشيد الإلهيّ(191)،

490 إذا بقول نبويّ طار أيضًا إلى صدري من عند الإله العظيم

وأمرني بأن أتنبَّأ على البلدان المختلفة.

ويل لنسل الرجال والنساء في فينيقية(192)

ولجميع مدن الساحل. فما من واحدة منكنَّ

تظهر، بفضل نور الشمس، إلى النور المشترك

495 لن يبقى بعدُ إنسان حيّ، ولا أمَّة،

عقابًا على لسان جائر وحياة شرّيرة ونجسة

عاشوها كلُّهم، ففتحوا فمًا نجسٌّا

وتلفَّظوا بأقوال ممقوتة، كاذبة وجائرة،

وترفَّعوا أمام الله، الملك العظيم،

500 وفتحوا بالكذب فمهم الوسخ. لهذا

يُسكتهم الله بضرباته بشكل يرعب كلَّ

منطقتهم، ويرسل إليهم مصيرًا مرٌّا

ويُحرق في أرضهم عددًا من المدن والمباني.

الويل لك، يا كريت(193)! تتوعَّدك الأوجاع الكثيرة. تصيبك ضربة

505 هائلة فتدمِّرك إلى الأبد.

تشاهدك الأرض كلُّها محاطة بالدخان،

والنار (الآتية) من الأبديَّة كلِّها، لا تتخلّى عنك ولكنَّك لا تحترقين.

ويل لك، يا تراقية! ستأتين إلى نير العبوديَّة؛

وحين يمتزج الغلاطيّون بالدردانيّين(194)

510 ويهجمون على هلاّس(195) ويدمِّرونها، يكون الشرُّ عليك.

تدفعين الجزية لمنطقة غريبة ولا تفرضين (جزية على أحد).

ويل لك، يا جوج، ويا جميع الشعوب على التوالي، وأنت أيضًا، يا ماجوج(196)!

كم من الشرور يصبُّها القدرُ عليك من قبل المرسيّين والداقيّين!

ما أكثر الشرور التي يحتفظُ بها أيضًا للوقيّين والموسيّين والفريجيّين.

515 سنرى سقوط جيوش عديدة من البمفيليّين واللوديّين،

وأمم الأفارقة البرابرة والأحباش بلغتهم الهمجيَّة،

والكبادوكيّين والعرب. ولكن لماذا تعدادهم الواحد بعد الآخر؟

فعلى جميع الأمم المقيمة في الأرض

يرسل العليُّ ضربة هائلة.

520 حين تهاجم الهلّينيّين أمَّةٌ بربريَّة جدٌّا،

فتُهلك عددًا من الرجال المنتخبين

وتُتلف الكثير من الخراف الثمينة(197)

مع قطعان الجياد والبغال والبقر بخوارها القويّ.

تحرق بالنار، مستهينة بكلِّ شريعة، البيوتَ المبنيَّة بناء(198)،

525 وتقود بالقوَّة إلى أرض غريبة، كتلةً مستعبدة

من الأولاد والنساء النحيفات بأحزمتهنَّ العميقة.

يؤخذن من الخدر الزواجيّ (تث 28: 56) فتسقطهُنّ أرجلهنَّ المعتادة على الترف.

يرونهنَّ سبايا يقاسين من قِبَل أعداء بربريّي اللهجة

كلَّ أنواع التوحُّش المريع، ولن يكون لهنَّ

530 من يحميهنَّ قليلاً من الحرب ويساعدنهنَّ في حياتهنَّ.

يرون العدوَّ يُفني كلَّ ممتلكاتهم وكلّ غناهم(199)،

فترتجف ركبهم تحتهم(200).

مئة يهربون وعدوٌّ واحد يقتلهم كلَّهم(201).

خمسة يحرِّكون غضبًا ثقيلاً، وهم(202)

535 يختلطون بشكل معيب، بعضهم مع بعض، في حرب مريعة ومليئة بالضجيج

فيحملون إلى الأعداء الفرح وإلى الهلّينيّين الحداد.

فهكذا يكون نير العبوديَّة ثقيلاً على هلاّس كلِّها،

ويكون لجميع المائتين الحربُ والوباء معًا.

يجعل اللهُ السماء العليا، هناك، من قصدير(203)،

540 ويمدُّ على الأرض كلِّها الجفاف، فيحوِّل الأرض إلى حديد.

فيبكي جميع المائتين بكاء مرٌّا (إر 14: 4)،

حين يرون حقولهم لامفلوحة ولا مزروعة. والذي خلق السماء والأرض

يُنزل على الأرض النارَ كوَمًا كوَمًا(204).

ولن يبقى من البشر كلِّهم سوى الثلث(205).

545 فيا هلاّس، لماذا وضعتِ ثقتك في أمراء من البشر(206)،

في مائتين لا يقدرون أن يفلتوا من حريق المنيَّة؟

لماذا حملتِ تقادم باطلة للراقدين

وذبحت للأصنام؟ من جعل في عقلك هذا الزيغان

بأن تسلِّمي نفسك إلى مثل هذه الممارسات بعد أن تركتِ وجه الله العظيم؟(207)

550 كرِّمي اسم أبي الجميع ولا تنسيه.

مرَّت ألف سنة وخمسة قرون أخرى بعدها(208)،

منذ أن ملكَ الملوك الهلّينيّون المتعجرفون

الذين أدخلوا بين المائتين ينبوعَ كلِّ الشرور(209)،

فكرَّسوا للراقدين صورًا عديدة لآلهة توفُّوا،

555 بها علّموكم أن تفكِّروا باطلاً.

ولكن حين يكون غضب الإله العظيم عليكم،

عندئذٍ تعرفون وجه الإله العظيم،

وجميع الخلائق البشريَّة بنواح كبير،

يرفعون أيديهم في اتِّجاه السماء الواسعة،

560 ويبدأون يدعون الملك العظيم لمساعدتهم،

ويَطلبون من يفتديهم من شدَّة سخطه (حك 18: 20-24).

إذن، تعلَّمي بعدُ، وضعي في عقلك

أيَّة مصائب كبرى ستجلبها السنوات الدوّارة.

ولكن حين البقر والثيران بخوارها القويّ التي تذبحها(210)

565 هلاّس وتقدِّمها محرقة في هيكل الإله العظيم،

تفلت من الضجيج المشؤوم، ضجيج الحرب، ومن الرعدة

ومن الوباء، فتقلب نور العبوديَّة.

ولكنَّ نسل البشر الأشرار (الرومان) سوف يتواصل إلى

أن يتمَّ هكذا اليوم الذي سبق وحدَّده القدر(211).

570 لن تستيطعوا أن تذبحوا لله قبل أن يحصل هذا كلُّه،

لأنَّ لا شيء يقرِّره الإله الواحد يبقى محرومًا من نتيجة،

بل كلّه يتحقَّق بضغط من ضرورة لا تُقهَر.

ويبقى النسل المقدَّس، نسلُ الرجال الأتقياء(212)

الذين تكرَّسوا لمشورة العليّ ولفكره،

575 فأكرموا هيكل الإله العظيم

بالسكب وشحم الذبائح ودخانها، بقتل مقدَّس

لثيران أشدّاء، بالتضحية بكباش لا عيب فيها

وببواكير النعاج، بمحرقة القطعان من الخراف السمينة

قُدِّمت تقديمًا مقدَّسًا على المذبح العظيم(213).

580 بعد أن كانت لهم حصَّتهم العادلة في شريعة العليّ(214)،

يسكنون في السعادة وفي غنى مدنهم وسَمين أريافهم(215).

يرفعهم(216) (الإله) الخالد إلى درجة الأنبياء،

فيحملون إلى جميع المائتين فرحًا عظيمًا جدٌّا(217).

لهم وحدهم أعطى الإله العظيم مشورةً حكيمة(218)،

585 الأمانة، وجعل في صدرهم فكرًا ساميًا.

لهذا، فهم لا يبالون بأيٍّ من الانجذابات الباطلة(219). ولا يكرمون

واحدة من الصنائع البشريَّة،

من ذهب وقصدير وفضَّة وعاج،

واحدة من هذه الصور، صورة آلهة الخشب أو الحجر، صور الآلهة

الميِّتة(220)،

واحدة من هذه الأصنام، أصنام الطين المدهونة بالقرمز، من هذه

الوجوه(221) برسومها الغشّاشة

590 التي قبل المائتون(222) ببطلان مشورتهم، أن يعبدوها؟

هم يرفعون إلى السماء أيدي نقيَّة(223)،

ومنذ طلوع الصباح وخروجهم من أسرَّتهم، يطهِّرون دومًا أيديهم(224)

بالماء. لا يكرِّمون إلاَّ (الإله) الخالد الذي يملك إلى الأبد.

(ويكرمون) ثانية والديهم. هم أكثر من جميع(225)

595 البشر يفكِّرون في حفظ مضجعهم مقدَّسًا.

لا نجد عندهم معاطاة نجسة مع الأولاد الذكور،

ولا يقترفون كلَّ هذه الانحرافات التي بها الفينيقيّون والمصريّون واللاتين

وهلاّس الواسعة وعدد كبير آخر من الأمم

من الفرس والغلاطيّين وشعوب آسية كلِّها، يتجاوزون(226)

600 الشريعة العفيفة، شريعة الإله الخالد، الشريعة التي تجاوزوها.

(بسبب شرورِهم يرسل الخالدُ إلى جميع المائتين

الدمار والجوع والضربات والنواح

والحرب والوباء والأوجاع التي تسيِّل الدموع).

فلأنَّهم ما أرادوا أن يقدِّسوا ويكرموا مُنجب جميع البشر الخالد

605 بل أكرموا أصنامًا

صنعتها أيديهم الخاصَّة. أكرموا ما يرذله المائتون أنفسهم

فأخفوه في فجوات الصخور تحقيرًا (إش 2: 18-20).

هذا يكون يومَ يملك ملكٌ شابّ في مصر(227)

بلده، ويُعَدُّ السابع في مملكة الهلِّينيّين،

610 ويسيطر عليه المكدونيّيون الرهيبون.

وحين يأتي من آسية، الملكُ العظيم، النسرُ الكاسر(228)

الذي يغطّي الأرض كلَّها بالمُشاة والخيَّالة،

فهو يحطِّم كلَّ شيء ويملأ بالشرور كلَّ شيء.

يدمِّر مملكة مصر، ويضع يده على جميع

615 غناها، وينطلق به على ظهر البحر الواسع.

حينئذٍ، أمام الإله العظيم والملك الخالد(229)،

يحنون ركبهم البيضاء في الأرض المرضع،

وجميعُ الأصنام المصنوعة بأيدي البشر تسقط في النار المحرقة.

عندئذٍ يمنح الله للبشر سعادة كبيرة(230).

620 فالأرض والأشجار والقطعان العديدة

تردُّ إلى البشر غلَّة حقيقيَّة(231)

من خمر وعسل حلو وحليب أبيض

وحنطة هي للمائتين، أفضل الأطعمة كلِّها.

أمّا أنت أيُّها المائت وصاحب العقل المتقلِّب، فلا تتأخَّر ولا تتشبَّث (217)

625 عدْ وتبْ وهدِّئ الله.

اذبح لله، مع عودة الأزمنة المحدَّدة، الكثير من الثيران والحملان(232)،

من البواكير والمعز.

وأخيرًا هدِّئ الإله الخالد لكي يرحمك،

فهو وحده الله، ولا إله آخر سواه(233).

630 أكرم العدل ولا تظلم أحدًا(234).

هذا ما يوصي به الخالدُ المائتين الضعفاء.

فكِّر في أن لا تكون تحت غضب الإله العظيم

يوم ينصبُّ حريق الوباء على جميع المائتين،

وحيث يجدون نفوسهم مرمى لعقاب مرعب،

635 حين يقبض ملك على الملك جاره ويحرمه من ممتلكاته،

حين تجتاح الأممُ الأمم، وتدمِّر السلالاتُ الشعوب،

حين يهرب الأمراء كلُّهم إلى منطقة أخرى (إش 22: 3)

وتتحوَّل أرض البشر، وحين مملكة همجيَّة(235)

تجتاح هلاّس كلَّها فتعرّي أرضها الخصبة من غناها(236)،

640 حين يتواجهون

من أجل الذهب والفضَّة، لأنَّ الجشع يكون

راعي المصائب للمدن.

يظلُّون كلُّهم محرومين من الدفن، في أرض غريبة(237)

والعقبان ووحوش الأرض

645 يمزِّقون لحومهم. وحين يحصل كلُّ هذا

تُحرق الأرضُ الواسعة مدافنَ الموتى(238)

وتبقى كلُّها بلا فلاحة ولا زراعة،

فتشجب بهذا الشقاء، نجاسة المائتين الكثيرين:

خلال مدوات طويلة من زمن مسيرة السنة الدائريَّة،

650 مجانّ وتروس ورماح وأسلحة من كلِّ نوع،

ولن يقطعوا بعد حطبًا في الغابة ليشعلوا به النار.

عندئذٍ يرسل الله، من الشرق، ملكًا(239)

يوقف الحرب المشؤومة في الأرض كلِّها

فيقتل بعضَهم، ويفرض على الآخرين معاهدات صداقة(240).

655 ولن يفعل كلّ هذا تابعًا رأيه الخاصّ(241)،

بل يطيع قرارات حكيمة من الإله العظيم.

وينعم شعب الإله العظيم بغنى عجيب(242)

من ذهب وفضَّة وحِلى

أرجوان. والأرض الخصبة والبحر

660 يمتلئان بالخيرات. والملوك يبدأون(243)

يحسدون بعضهم بعضًا، ويفكِّرون في الانتقام بالغضب ممّا أسيء إليهم.

ليس الحسد بصالح للمائتين الضعفاء.

فها إنَّ ملوك الأمم يهجمون أيضًا، كلُّهم معًا، على هذه الأرض،

فيجعلون نفوسهم صانعي دمارهم الخاصّ.

665 فحين يصلون إلى أرضه (= أرض الله)، يريدون أن يَدوسوا

معبد الإله العظيم ويُهلكوا رجاله الصالحين.

هؤلاء الملوك النجسون يذبحون حول المدينة(244)،

ولكلِّ واحد عرشُه وشعبه الخائن

ولكنَّ الله يكلِّم(245)، بصوت عظيم(246)،

670 كلَّ هذه المجموعة الفظَّة التي فكرُها باطل. فيتلقّون دينونة(247)

الإله العظيم، وجميعهم يهلكون

بيد (الإله) الخالد. من السماء إلى الأرض يسقطون،

وسيوف نار تأتي

وسط البشر، بروق وأنوار عظيمة لمّاعة.

675 والأرض، أمّ الجميع، تتزعزع في تلك الأيّام(248)

بيد الخالد. كلُّ سمك البحر(249)

وكلّ حيوان الأرض وأُسَر الطيور التي لا تعدَّ،

جميعُ الخلائق البشريَّة وكلّ البحار

يرتعشون أمام وجه الخالد، فتسود الرعدة.

680 يحطِّم قمم الجبال السامقة والتلال الكبيرة(250)

إيراب الأسود يظهر للجميع.

في الأهوية، على الجبال العالية، الأودية(251)

تمتلئ بالجثث، والصخورُ تسيل

دمًا وكلّ مجرى يسقي السهل.

685 أسوارُ الأعداء المبنيَّة بناء حسنًا، تسقط كلَّها إلى الأرض (حز 38: 20)

لأنَّكم لم تعرفوا الشريعة،

ولا دينونة الإله العظيم، في عمى قلوبكم.

هجمتُم كلُّكم على الهيكل، ورفعتم حرابكم عليه.

فالله يدينهم جميعًا بالحرب والسيف(252)،

690 بالنار وبمطر الطوفان

من أعلى السماء يسقط الكبريت والحجارة، والبرَدُ

الكثيف والموجع. ويصيب الموت ذوات الأربع (حز 32: 13).

حينئذٍ يعرفون الإله الخالد الذي يمارس بهذا الشكل أحكامه (حز 38: 23).

ونواحُ المائتين وصراخهم(253)

695 ينتشر في الأرض الواسعة. وبدون صوت

يَسبَحون في دمهم الذي تشرب الأرضُ جزءًا منه.

ويغتذي وحش البرّ من لحومهم.

هو الإله العظيم، الإله الأبديّ،

الذي أمرني بأن أتنبَّأ عن هذه الأشياء التي لا تبقى واحدة منها دون أن تتمّ.

700 فلا شيء يبقى بدون نتيجة. فالله اكتفى

بأن يقرِّره في فكره، لأن روحَ الله يجهل الفشل في العالم(254)

ولكن أبناء الإله العظيم يعيشون كلُّهم آمنين حول الهيكل(255)،

في فرح بركات الخالق،

والقاضي العادل، والسيِّد الفريد.

705 فهو، وهو وحده يحميهم ويُعينهم بكلِّ عظمته،

ويحيط بهم، كما بسور نار محرقة.

يكونون بمنأى عن الحرب في مدنهم وفي أريافهم.

ويدُ الحرب المشؤومة لا تصيبهم، بل يكون لهم

الإله الخالد نفسه ليحارب عنهم ويده القدُّوسة(256).

710 حينئذٍ تقول جميع المدن وجميع الجزائر(257):

»كم يحبُّ الخالد هؤلاء الناس (مز 126: 2-3)،

لأنَّ كلَّ الأشياء تحارب بجانبهم وتأتي إلى عونهم(258):

السماء، الشمس بمسيرتها المنظَّمة تنظيمًا إلهيٌّا، والقمر«(259).

والأرض، أمّ الجميع، ترتجف في تلك الأيّام(260).

715 ينفتح فمهم لكي يتغنَّوا بهذه الكلمات العذبة(261):

»تعالوا، لنسجد جميعًا، ونتوسَّل(262)

إلى الملك الخالد والإله العظيم الموجود منذ الأزل.

لنُرسل التقدمات إلى الهيكل لأنَّ لا سيِّد سوى الله.

ولنتأمَّل جميعًا في شريعة الله العليّ،

720 التي هي أعدل من كلِّ شرائع الأرض (تث 4: 8).

ضللنا بعيدًا عن طريق الخالد(263)،

وفي ضلال قلبنا عَبْدنا مصنوعات صنعتها يد البشر،

أصنامًا وتماثيل ناس راقدين«.

هذه ما تعلنه الخلائق البشريَّة الأمينة:

725 »تعالوا، لنسجد كما يفعل شعب الله(264)،

ثمَّ لنُفرح بأناشيدنا، الإله الخالق، حسب أُسرنا«(265).

في كلِّ الأرض يجمعون أسلحة الأعداء(266)

خلال السبعة مدوات من زمنِ مسيرة السنوات الدائريَّة،

والمجانّ والتروس والخوذات والكثير من الأسلحة المختلفة،

730 وكميَّة من الأقواس والسهام الجائرة(267).

ولن يعودوا يقطعون الحطب في الغابة ليُشعلوا به النار.

يا لهلاّس التعيسة! اتركي هناك أفكار كبريائك (سي 10: 12)

وتوسَّلي إلى الخالد، واستبِقي غضبه.

أَرسلي إلى هذه المدينة الشعب الذي لا مشورة له(268)

735 والذي هو خارج منطقة الإله العظيم المقدَّسة.

لا تُبلبلي قمرينا(269): فمن الأفضل أن تتركيها ترتاح.

لا تحرِّكي النمر(270) خارج مأواه لئلاّ تجلبي عليك شقاء.

امتنعي، ولا يكن في صدرك

قلبُ كبرياء وترفُّع. سلِّحيه من أجل القتال الرفيع(271)،

740 واعبدي الإله العظيم لكي تكون لك شركةٌ مع هؤلاء الناس،

حين يتمُّ بهذا الشكل اليومُ الذي حدَّده القدر،

وتأتي إلى المائتين دينونةُ الله الخالد.

للبشر ستأتي الدينونة العظيمة والمملكة العظيمة.

فالأرض، أمّ الجميع، تُعطي المائتين(272)،

745 في كمِّيَّة لامحدودة، أفضل نتاج الحنطة والخمر والزيت

(أمّا الأشجار فتحمل سائل العسل الحلو والسكّري الطعم، الآتي من السماء

وثمر الأشجار المثمرة)، والخراف السمان

والبقر، والحملان التي وضعَتْها النعاج، والجداء التي وضعتها الماعز.

تفجِّر ينابيعَ حلوة من الحليب الأبيض.

750 وتمتلئ بالخيرات المدنُ والأرياف السمان (695-660).

لن يكون بعدُ على الأرض، سيفٌ ولا ضجيجُ حرب

والأرضُ المنقلبة لن تنوح النوح العتيق.

لا حربَ بعد، ولا جفاف يُحزن الأرض المعدَّة للزرع.

لا جوع بعدُ ولا برَد يسيء إلى الأثمار،

755 بل سلام عميق في كلِّ الأرض.

يكون الملك صديق الملك إلى نهاية

الدهر، وفي السماء المنجَّمة، الخالدُ(273)

يُخضع لشريعة واحدة الأرضَ كلَّها(274)،

وكلَّ أعمال المائتين الضعفاء،

760 لأنَّه وحده الله، وليس آخر سواه،

ويحرق بالنار غضب الطغاة (1 أخن 91: 7-9).

أمّا أنتم فعجِّلوا بمشوراتكم في صدركم،

اهربوا من العبادات المنكرة. تعبَّدْ (لله) الحيّ،

احفظ نفسك من الزنى ومن مضجع الذكَر المعادي للشريعة.

765 ربِّ ولدك ولا تقتلْه(275)،

فغضبُ الله معلن على من يقترف مثل هذه الجرائم (تث 18: 12).

حينئذٍ يقيم الله على البشر، ملكوته لجميع الأدهار(276).

فالذي أعطى شريعته المقدَّسة للأتقياء من الناس(277)،

ووعد بأن يفتح لهم جميعًا الأرضَ(278)،

770 والعالمَ وأبوابَ الطوباويّين مع جميع الأفراح(279)،

وروحًا خالدًا وسعادة خالدة(280)،

يأتون من الأرض كلِّها بالبخور والتقادم إلى بيت(281)

الإله العظيم. ولن يكون لدى البشر،

في معرفة الأجيال الآتية، هيكلٌ آخر

775 سوى ذاك الذي جعله الله لعبادة الناس الأمناء

والذي يسمّيه المائتون ابن الإله العظيم(282).

وجميعُ طرق السهل، والضفافُ الوعرة المسالك(283)،

والجبالُ العالية، وأمواجُ البحر الهائجة،

تنتفح في تلك الأيّام، بلا تعب، أمام الأقدام أو السفن.

780 وتنعم أرضُ الأبرار بسلام تامّ (إش 32: 18).

ويُزيل أنبياءُ الإله العظيم السيف(284)،

لأنَّهم يكونون هم القضاة المستقيمين للمائتين وملوكهم العادلين (حك 3: 8).

والغنى يكون هو أيضًا لدى البشر مقتنى بعدالة(285).

تلك ما تكون دينونة الإله العظيم وملكوته.

785 فابتهجي، يا عذراء، وتهلَّلي، لأنَّه وهبك(286)

فرحًا أبديٌّا، ذاك الذي خلق السماء والأرض.

يقيم فيك ويكون لك نورًا أبديٌّا.

وتختلط الذئاب مع الحملان ويرعون العشب على الجبال(287).

والنمورة يرعون مع الجداء،

790 وترقد الدببة المتنقِّلة مع العجول

والأسد المفترس يأكل التبن في المذود

مثل البقرة. يقوده أولاد صغار بقيود،

لأنَّ الله يجعل الوحش لا يسيء على الأرض.

والحيّات والثعابين تنام مع الأطفال

795 ولا تسيء إليهم، لأنَّ يد الله تكون عليهم.

وسأريك علامة واضحة كلَّ الوضوح، تتيح لك أن تعرف(288)

متى تحصل على الأرض تتمَّةُ كلِّ هذه الأشياء.

حين تكون السماء في الليل ممتلئة بالنجوم،

تظهر سيوفٌ نحو المغرب والمشرق،

800 ومن أعلى السماء يسقط مطر من الغبار (تث 28: 24)،

على الأرض. حين نورُ الشمس(289)

يختفي اختفاء تامٌّا من السماء في قلب الظهيرة، وأشعَّةُ القمر

تظهر وتعود لتنير الأرض.

حين تحصل علامة الدم الذي يسيل من الصخور(290)،

805 حين ترون في الغمام خليط المشاة والخيّالة،

مثل صيد وحوش يشبه بخار الضباب،

عندئذٍ يضع الإله الذي يقيم في السماء، حدٌّا للحرب.

ولكن يجب على الجميع أن يذبحوا للملك العظيم(291).

ذاك ما أُعلنه لك، أنا، بعد أن تركتُ أسوار بابل(292) العالية، في أشورية،

810 يدفعني المنساس الإلهيّ مثل نار أُرسلت بعجل إلى هلاّس (سي 48: 1).

أنبئ جميع المائتين بالإيحاءات التي أوحاها الله إليّ،

لكي أكشف للمائتين أَلغازَ الله.

ويقول البشر في هلاّس إنّي، أنا الوقحة، من موطن آخر(293)،

وأنّي وليدة إريترايا. دعَوني السيبلَّةَ المجنونة

815 والكاذبة التي كانت أمُّها ساحرة(294) وأبوها عرّاف.

ولكن حين يتمُّ كلُّ شيء(295)،

تتذكَّرونني ولن يكون شخص

ينعتُني بالجنون، بل يدعونني نبيَّة الله العظيمة.

فهو ما كشف لي فقط ما سبق وكشفه لوالديّ،

820 بل أشياء حصلت منذ البدء الأوَّل فرواها لي حموّي

والتي تلي هذه حتّى النهايات الأخيرة جعلها الله في عقلي

لكي أتنبَّأ وأُعلن للبشر الماضي والمستقبل.

فحين كان العالم غارقًا

تحت المياه، ولم يبقَ إنسانٌ وجد حظوة

825 وطفى على الأمواه في بيت نُحِتَ في الخشب

مع وحوش الأرض والطيور لكي يستطيع العالم أن يستعيد سكّانه،

كنت كنَّته وقريبته(296).

حصلت له الأحداث الأولى، وكُشفت لي الأخيرة،

بحيث إنَّ جميع الكلمات التي تفوَّه بها فمي كانت حقيقيَّة.

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM