الفصل السادس عشر: الفهرست لابن النديم

 

الفصل السادس عشر

الفهرست

لابن النديم(1)

نتحدَّث أوَّلاً عن ابن النديم، ثمَّ عن كتابه الفهرست.

1. الكاتب

هو أبو الفرج محمَّد ابن أبي يعقوب إسحاق الورّاق البغداديّ، الذي تُوفِّي سنة 995. أديب، صاحب مكتبة، وفكرٌ فضوليّ. عاش في بغداد على أيّام العبّاسيّين، واشتهر خصوصًا بكتابه »الفهرست«، أي لائحة الكتب التي عُرفت في أيّامه.

لا نعرف الكثير عن الشخص سوى أنَّه اتَّصل بابن الوزير علي بن عيسى، وبفيلسوف مسيحيّ. أبدى ابن النديم إعجابًا كبيرًا بالمفكِّرين في العصر القديم والمهتمِّين بالفلسفة. أمّا اللغة التي استعمل، فتدلُّ على أنَّه كان من الشيعة المرتبطة بالإمامة الاثني عشريَّة.

سنة 988 كتب »فهرست« جميع الكتب المدوَّنة في العربيَّة. كتاب متنوِّع المواضيع، ترافقت فيه النبذات مع إشارات بيوغرافيَّة (سيرة المؤلِّف) ثمينة، واعتبارات حول المذاهب التي أخذ بها الكتّاب(2).

2. الكتاب

هذا الكتاب المهمّ لمعرفة الحياة الفكريَّة في القرن العاشر، تضمَّن عشر مقالات. عالجت المقالات الستُّ الأولى مواضيعَ إسلاميَّة، والمقالات الأربع الأخيرة، مذاهب فلسفيَّة ودينيَّة لا تؤمن بالإله الواحد.

لا نتوقَّف عند المقالات الستِّ الأولى، بل نبدأ بالمقالة السابعة التي تتضمَّن ثلاثة فنون في الفلسفة والعلوم القديمة. ففي الفنِّ الأوَّل من هذه المقالة، أخبار الفلاسفة الطبيعيّين والمنطقيّين وأسماء كتبهم وفصولُها وشروحُها والموجودُ منها وما ذُكر ولم يُوجَد، وما وُجد ثمَّ عُدم...

ونقرأ في المقالة الثامنة، أخبار العلماء وما صنَّفوه من الكتب، وهي ثلاثة فنون. الفنّ الأوَّل، في أخبار المساوين والمخرِّفين وأسماء الكتب المصنَّفة في الأسماء والخرافات...

أمّا المقالة التاسعة حيث نقرأ ما يتعلَّق بماني والمانويَّة، فعنوانها: في أخبار العلماء وأسماء ما صنَّفوه من الكتب. ويحتوي على وصف مذاهب الحرنانيَّة(3) والكلدانيّين والمعروفين بالصابة، ومذهب الثنويَّة الكلدانيّين.

ويأتي بعدها حالاً كلامٌ عن المنانيَّة (أو المانويَّة) في عدَّة مقاطع. نكتشف هنا كيف أنَّ ابن النديم قدَّم لنا عن ماني والمانويَّة مثلاً عن المعلومات المقتضبة والكافية. بدأ الكلام عن ماني في عائلته، ثمَّ في الخلفيَّة الدينيَّة في عصره، وقرار والده بأن يسمع الصوت التي أمرَه خلال العبادة، وبأن ينضمَّ إلى ديانة بدعة المغتسلة الموجودة قبل ولادة ماني.

رأى ابن النديم الأهميَّة الكبرى لدعوة ماني. وأرَّخ ظهوره العلنيّ بقدر ما استطاع من الدقَّة. وما نسيَ اسمَ سابقَيه: مرقيون وبرديصان. وفي النهاية أعلن ابن النديم أنَّ ماني كان متديِّنًا على مستوى المسكونة وتبعت هذه النبذة عن ماني نبذة عن تعليمه. وجاءت مقاربة ابن النديم مستندة إلى نصوص مأخوذة من ماني، ولاسيَّما في الكلام عن النور والظلمة مع صراعهما. وفي النهاية، رأى في ماني هرطوقيٌّا كبيرًا(4).

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM