الأحد الخامس من زمن العنصرة

الأحد الخامس من زمن العنصرة

الرسالة : فل 3: 7-14

الإنجيل : مت 10: 1-7

نحن رسل المسيح

يا إخوتي، ولكن ما كان لي ربح، حسبته خسارة من أجل المسيح، بل أحسب كلّ شيء خسارة من أجل الربح الأعظم، وهو معرفة المسيح يسوع ربّي. من أجله خسرتُ كلّ شيء وحسبتُ كلّ شيء نفاية لأربح المسيح وأكون فيه، فلا أتبرّر بالشريعة، بل بالإيمان بالمسيح، وهو التبرير الذي يمنحه الله على أساس الإيمان. فأعرف المسيح وأعرف القوّة التي تجلّت في قيامته وأشاركه في آلامه وأتشبّه به في موته، على رجاء قيامتي من بين الأموات.

ولا أدّعي أنّي فزت بذلك أو بلغت الكمال، بل أسعى لعلّي أفوز بما لأجله فاز بي المسيح يسوع. أيّها الإخوة، لا أعتبر أنّي فزت، ولكن يهمّني أمر واحد، وهو أن أنسى ما ورائي وأجاهد إلى الأمام. فأجري إلى الهدف، للفوز بالجائزة التي هي دعوة الله السماويّة في المسيح يسوع.

إنجيل اليوم يحدِّثنا عن اختيار يسوع لرسله. عنهم قال القدّيس لوقا: تركوا كلّ شيء وتبعوه. كان بطرس صيّادًا. ترك الشبكة والصيد. وترك يعقوب ويوحنّا الوالد والعمّال. وساروا مع ذاك الذي دعاهم إلى شاطئ البحيرة. ومتّى ترك مكتب الجباية. ونتنائيل كان يدرس التوراة تحت التينة. اكتفى بكلمة من يسوع. وسمعان كان يستعدُّ لعمليّة على الجيش الرومانيّ، فاستعدّ لعمليّة من نوع آخر. وشاول بولس الذي يستعدّ لأن يكون مثل معلّمه غمالائيل، حجّة في شرح الكتاب، فتح كتابًا آخر هو جرح المسيح المصلوب الذي نزف دمًا حين مات اسطفانس ولا يزال ينزف حتّى نهاية العالم.

1- الربح خسارة

في مفهوم العالم، الربح ربح، والمال مال، والنجاح نجاح. وهكذا يحكم الناس على المؤمن، على الرسول. ماذا فعلت بصحّتك وجمالك. ولد ذكيّ، جميل، من يحمل اسمك بعدك، وكأنّ العائش في حضن الربّ يتوقّف عند هذه التفاهات وماذا يكون إذا اختلف الابن عن أبيه علمًا وأخلاقًا وإيمانًا؟

ما الهدف من الربح؟ جمع المال. والنجاح يجعلك تظهر أمام الناس، فيتعلّقون بك ما دام لك المال والنفوذ. ثمّ يتركونك. وفي أيّ حال، هذا المال قد تخسره وأنت حيّ. وتخسره بكلّ تأكيد حين تموت. تترك ثروتك لغيرك. فلماذا لا يبدأ الرسول فيخسرها بملء إرادته. فالخسارة مع المسيح ليس خسارة، بل ربح. وهو الذي قال: "من ترك لأجل اسمي البيت والإخوة والأخوات والأمّ والأب والأولاد، ينال في هذه الدنيا مئة ضعف، وفي الآخرة الحياة الأبديّة" (مر 10: 30). هل أنت مستعدّ لأن تلعب هذه اللعبة؟

2- معرفة المسيح

من تعلّق بمثل هذا الغنى، على أيّ مستوى كان، لا يستطيع أن يعرف المسيح. عليه أوّلاً أن يحسب كلّ هذه الأشياء الذي يهتمّ لها البشر "نفاية" لأربح المسيح وأكون فيه". هذا ما يسمّيه يوحنّا: الظلام الذي يعمي العينين. ويسمّيه متّى مثلاً "مامون" أي الثابت الذي نأمن له، ونستند إليه فنسند حياتنا. ولكنّه باطل ولا فائدة منه ولا منفعة.

بعد أن نتجرّد، نترك كلّ شيء، نستطيع أن نعرف المسيح. ذاك هو الشرط الإنجيليّ: من أراد أن يتبعني يكفر بنفسه، يبيع ما يملك، يترك الأهل والأصدقاء، لا يتوقّف لكي يدفن الموتى، لا يضع يده على المحراث وينظر إلى الوراء وكأنّه ندم على ما فعل. ومعرفة يسوع ليست فقط علمًا نكتنزه، وآيات من الكتاب نعرفها غيبًا، ونظريّات عامّة لا تصل بنا إلى الحياة اليوميّة. معرفة المسيح هي التصاق به. نكون حيث يكون المسيح. "هناك يكون خادمي". نفعل ما يأمرنا به المسيح، وهذا ليس بالسهل، وقد خبره الرسل. فخافوا وتردّدوا، ولكنّهم في النهاية، تركوا كلّ شيء ومضوا يبشّرون: اقترب ملكوت السماوات.

3- الكمال المرجوّ

لكلّ إنسان هدف يسعى إليه لينال ما تاقَ إليه. وإن هو وصل إلى ما يصبو إليه، اعتبر نفسه فائزًا. وصل إلى الكمال، فيحترمه الناس ويقدّرونه. ولكنّ هناك هدفًا وهدفًا. هدف يبقى على مستوى البشر فيموت قبل أن نموت. وهدف يرفعنا فوق مستوى البشر. هذا يجعلنا على مستوى الله، ويكون حجرًا في بناء حياتنا الذي يبنيها الله لا الإنسان.

والرسول الذي يطلب هدفًا غير الكمال الذي يحمله يسوع، يكون قد تاه، وما عرف إلى أين هو ماضٍ. الطبيب يبحث أوّلاً لا عن المال، بل عن الخدمة. وكذا نقول عن المحامي وأستاذ المدرسة والعامل والتاجر. لا بقوانا نجدّ فنكون مثل أهل برج بابل، بل بنداء من الربّ مثل إبراهيم. هذا الكمال لا يأتي منّا، بل من الله الذي نستسلم له ونتركه يوجّه حياتنا.

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM