الأحد السادس من زمن العنصرة

الأحد السادس من زمن العنصرة

الرسالة : 1 كور 12: 12-13+ 27-30

الإنجيل : مت 10: 16-25

جسد واحد وأعضاء كثيرة

يا إخوتي، وكما أنّ الجسد واحد وله أعضاء كثيرة هي على كثرتها جسد واحد، فكذلك المسيح. فنحن كلّنا، أيهودًا كنّا أم غير يهود، عبيدًا أم أحرارًا، تعمّدنا بروح واحد لنكون جسدًا واحدًا، وارتوينا من روح واحد.

فأنتم جسد المسيح، وكلّ واحد منكم عضو منه. والله أقام في الكنيسة الرسل أوّلاً، والأنبياء ثانيًا والمعلّمين ثالثًا، ثمّ منح آخرين القدرة على صنع المعجزات ومواهب الشفاء والإسعاف وحسن الإدراة والتكلّم بلغات متنوّعة. فهل كلّهم رسل وكلّهم أنبياء وكلّهم معلّمون وكلّهم يصنعون المعجزات. وكلّهم يملكون مواهب الشفاء وكلّهم يتكلّمون بلغات وكلّهم يترجمون؟

بعد حلول الروح في العنصرة والانطلاق في الرسالة، نعيش زمن الرسل: "أنا أرسلكم". ونبّههم من الاضطهاد الذي ينتظرهم. وأفهمهم أنّ العمل ليس عملهم وحدهم، بل عمل الله معهم. وإن هم تكلّموا كان الروح هو الذي يتكلّم في أفواههم. وإن هم عرفوا الرفض، فلا يمكن أن يكونوا أفضل منه: لا تلميذ أفضل من معلّمه، ولا عبد من سيّده.

1- الكنيسة جسد المسيح

الكنيسة هي جماعة المؤمنين. أخذت معنى أوّل في رسائل مار بولس: هي الرعيّة أو مجمل رعايا في مدينة من المدن. ففي كورنتوس أكثر من جماعة في خطّ رسول من الرسل. وكذا نقول عن رومة وأفسس. كادت تكون هذه "التجمّعات" شبيهة بتجمّعات يهوديّة أسبوعيّة في المجمع أو الكنيس. ولكن مع الرسائل إلى كولوسّي وإلى أفسس، صارت الكنيسة مُجمل كنائس، مجمل رعايا. صارت تمتدّ امتداد العالم.

وما الذي يربط الجماعات بعضها ببعض؟ المسيح. هو الجسد الذي يغذّي كلّ رعيّة، بل كلّ فرد، كما تنضمّ الأعضاء في الجسم. لا شكّ في أنّ الكنيسة جسد المسيح لا تتماهى مع المؤمنين. فهي أكبر منهم وأوسع. هي واحد لأنّ جسد المسيح واحد. لا المؤمنون. هي مقدّسة لأنّ مؤسّسها قدّوس. أمّا المسيحيّون فخطأة. هي جامعة، كاثوليكيّة، تعمّ الكون كلّه. والجماعات تتحزّب كما كان الأمر في كورنتوس. والكنائس اليوم تسير كلّ واحدة في طريقها فتحاول أن تتميّز عن أختها لتدلّ على فرادتها. الفرادة الوحيدة هي يسوع المسيح. وكلّ كنيسة ومؤسّسة، صغيرة كانت أو كبيرة، تدلّ على غناها داخل فرادة المسيح. لا خارج هذه الفرادة، فتظنّ نفسها المقياس الذي يجب أن تسير عليه سائر الكنائس. لا مقياس سوى الإنجيل ولا قاعدة سوى كلمة الله.

2- لكلّ واحد وجوده

الجسد واحد والأعضاء فيه عديدون. ما من عضو يحقّ له أن يلغي عضوًا أو يحسب نفسه أهمّ من العضو الآخر. كلّ عضو له مكانته، وجوده، عمله، العين مهمّة ولكنّها لا تستطيع أن تأخذ الجسم كلّه الذي يصبح "عينًا". وكذلك الأذن واليد والرجل. وفي الكنيسة كذلك. لا يحقّ لليهوديّ أن يحسب نفسه وحده نقيًّا تجاه الوثنيّين الأنجاس. ولا يستطيع أن يحسب نفسه فوق الآخرين الذين لم ينالوا الختان. فإن ختن المسيحيّ لا يزداد. وإن لم يُختن لم ينقص. فاليهوديّ عضو في الجسد والوثنيّ. والعبد عضو والحرّ أيضًا. والمرأة والرجل. ما الذي يجعلنا كلّنا على مستوى واحد؟ العماد الذي نلناه. لا عماد في هذه الكنيسة أو تلك، بل عماد باسم يسوع كما قال سفر الأعمال. وعماد "باسم الآب والابن والروح القدس". ولكن يبدو في كنائسنا، التي هي في العمق كنيسة واحدة، وُجد أكثر من عماد، لا باسم يسوع بل باسم بطرس وبولس وأبلّوس، بعد أن تجزّأ المسيح!

3- لكلّ واحد موهبته

في الجسد أكثر من عضو. ولكلّ عضو موهبته. العين ترى ولا تسمع. واليد تمسك ولا تمشي. والمعدة تهضم الأكل ولا تقوم بأعمال التنفّس. هذه الأمور البسيطة ننساها مرارًا على مستوى الكنيسة. كم نرى في رعايانا ومؤسّساتنا جمع كلّ الوظائف في شخص واحد. صار هو المحور. وما ترك مسؤوليّة لأحد. وبعد ذلك يتساءل: لماذا الفشل؟ لماذا غياب الثمرة؟

الربّ جعل في الكنيسة مواهب عديدة. فيا ليت المسؤول يكتشفها ينسّقها من أجل خير الجسد كلّه. وأنا أكتشف الموهبة التي أُعطيتها وأُنمّيها من أجل خير الجماعة التي أنتمي إليها، كما من أجل الكنيسة كلّها. كما أكتشف الموهبة التي نالها أخي، أختي. عندئذٍ أعرف حدودي. وأفرح بما عند الآخَر من غنى، وأستفيد من هذا الغنى في جوّ من التعاون لا يمكن إلاّ أن يكون لخير الجماعة ولنجاح كلّ واحد منّا. ولكنّ هذا لا يتمّ. والمواهب لا تتعاون إلاّ إذا وُجدت المحبّة. إنّها موهبة المواهب وروحها وحياتها.

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM