أحد شفاء الأعمى

أحد شفاء الأعمى

الرسالة : 2 كور 10: 1-7

الإنجيل : مر 10: 46-52

سلاحنا قوّة الله

يا إخوتي، أنا بولس أطلب إليكم بوداعة المسيح وحلمه، أنا المتواضع في حضرتكم والجريء عليكم عن بعد، راجيًا أن لا تدفعوني وأنا عندكم إلى تلك الجرأة التي أرى أن أعامل بها الذين يظنّون أنّنا نسلك سبيل الجسد. نعم، إنّنا نحن في الجسد، ولكنّنا لا نجاهد جهاد الجسد. فما سلاح جهادنا جسديّ. بل إلهيّ قادرٌ على هدم الحصون: نهدم الجدل الباطل وكلّ عقبة ترتفع لتحجب معرفة الله، ونأسرُ كلّ فكر ونخضعه لطاعة المسيح. ونحن مستعدّون أن نعاقب كلّ معصية متى أصبحت طاعتكم كاملة.

واجهوا حقائق الأمور. من اعتقد أنّه للمسيح، فليتذكّر أنّه بمقدار ما هو للمسيح، كذلك نحن أيضًا للمسيح.

حين نقرأ أسفار الكتاب المقدّس، نكتشف الحرب وسلاحها منذ سفر يشوع. إن لم يكن قبل ذلك. فعماليق قهر حين رفع موسى يديه للصلاة (خر 17: 11). وأريحا سقطت في نهاية تطواف أنشد فيه المؤمنون تهاليل الله (يش 6: 1 ي). فالربّ هو الجبّار، وهو يحارب أعداءه: يميت الأشرار بنفخة من شفتيه (أش 11: 4). وسلاح الله سلاح المحاربين: ذراعه والسيف، الدرع على الصدر، الخوذة على الرأس (اش 59: 17). ويتحدّث سفر الحكمة عن سلاح الله: الدرع، الخوذة، الترس، السيف (حك 5: 18-20). فما هي هذه الحرب، وما هو هذا السلاح؟

1- سلاح روحيّ لا سلاح بشريّ

بدا الرسول وكأنّه في حرب مع جماعة كورنتوس. هاجموا رسالته، هاجموا شخصه: هو ضعيف حين يكون قريبًا، وهو قويّ حين يكون بعيدًا. وهكذا حسبوه يتصرّف تصرّفًا بشريًّا. يتوسّل الحيلة والمهارة ليسيطر على المؤمنين. فعاد بولس إلى لغة السلاح. إذا كان بشريًّا، فهو يرتبط باللّحم والدم. وهو أضعف من أن يجعل السلام حاضرًا. سعيُ الرسول ليس بسعي بشريّ. لهذا فهو لا يستعمل سلاح البشر، سلاح الجسد، بل سلاح الروح.

وما هو سلاح الروح؟ يكشفه لنا سفر الحكمة. الدرع هو الحقّ والبرّ والعمل بمشيئة الله، والخوذة هي العدل في الحكم، والترس قداسة لا تُقهَر، والسيف قوّة في وجه الجهّال، الذين ينكرون وجود الله (حك 5: 18-20). ويحدّثنا أشعيا عن خوذة الخلاص.

سلاح الروح، سلاح الله، هو سلاح المسيحيّ. دعانا الرسول لكي نلبس خوذة الخلاص، ونتقلّد سيف الروح الذي هو كلام الله (أف 6: 17). مثل هذا السلاح يساعدنا على مقاومة الشرّ. فأعداؤنا ليسوا من لحم ودم، بل عالم الظلام والخطيئة (آ 12).

2- نهدم الحصون

لا حصن يقف في وجه من يحارب مع الله. هذا ما قال الربّ ليشوع منذ بداية الدخول إلى أرض الموعد: "لا يثبتُ أحدٌ أمامك... أكون معك... لا أخذلك... تشدّد وتشجّع" (يش 1: 5-6). في قراءة أولى، نعتبر أنّ الربّ يهيّء يشوع لحرب يقودها في فلسطين. ولكن إن قرأنا آ 7 نفهم واجبات يشوع: "تشدّد وتشجّع لتحفظ جميع أحكام الشريعة... لا تحد عنها يمينًا ولا يسارًا. لا يغب كتاب هذه الشريعة عن فكرك".

وسقطت أريحا أمام يشوع مثّلتها راحاب الزانية. والزنى يدلّ على عبادة الأصنام. كانت راحاب البداية، وسيتحوّل الشعب إلى عبادة الله الواحد في معبد شكيم. في الواقع، لم تكن حصون في أريحا حين وصلت جماعة يشوع، حوالي سنة 1200. فالحصون هي من نوع آخر، سقطت بالنسبة إلى راحاب فنالت الخلاص هي وأهل بيتها.

الحصون المذكورة في رسالة بولس، هي الإنسان المكتفي بنفسه، العائش في أصنامه، والمنغلق على الله. وكيف يبدو هذا الانغلاق؟ في أفكار مليئة بالكبرياء، تعتبر أنّها تملك الحقيقة، ولا تريد أن تتزحزح. تعتبر أنّها تعرف بحيث لا تحتاج إلى معرفة الله. بل تطاول معرفة الله ببرج تبنيه على مثال جماعة بابل (تك 11) فتكون النتيجة وخيمة.

3- طاعة المسيح

حين ينتصر الجيش وتنتهي الحرب، يأخذ القائد السبايا. هذا ما فعله بولس الذي بدا ضعيفًا في عين الكورنثيّين. ما سبى أناسًا، وإن قالوا عنه: أخذهم بالدهاء. ولا احتال على أحد، ولا كسب شيئًا من أحد (2 كور 12: 16).

كان الفكر عبدًا فخلّصه من الأسر كما خلّص إبراهيم لوطًا (تك 14: 16). وجاء به إلى معرفة الله. جاء به إلى المسيح والطاعة له. كان الكورنثيّون في أوثانهم عبيد الخطيئة، فصاروا عبيد البرّ، وساروا في موكب المسيح. وكان بولس صديق العريس الذي خطب جماعة كورنتوس لرجل واحد، هو المسيح، فقدّمهم إليه "عذراء طاهرة" (2 كور 11: 2) ولكنّ الرسول ما زال خائفًا بسبب هؤلاء الذين ينظرون بالوجوه، لا يتجاوزون عالم الظواهر. يتوقّفون عند ما يُرى، وينسون ما لا يُرى. فما يُرى لزمن، وما لا يُرى يدوم إلى الأبد (2 كور 4: 18).

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM