عيد الشعانين

عيد الشعانين

الرسالة : فل: 1: 1-11

الإنجيل : يو 12: 12-22

السرور والفرح

يا إخوتي، من بولس وتيموثاوس، عبدي المسيح يسوع، إلى جميع الإخوة القدّيسين في فيلبّي، الذين في المسيح يسوع، وإلى أساقفتهم وشمامستهم. عليكم النعمة والسلام من الله أبينا ومن ربّنا يسوع المسيح.

أحمد إلهي كلّما ذكرتكم ودعوتُ لكم جميعًا بفرح في جميع صلواتي لمشاركتكم لي في خدمة الإنجيل من أوّل يوم إلى الآن. فأنا واثق بأنّ الذي بدأ فيكم عملاً صالحًا سيسير في إتمامه إلى يوم المسيح يسوع. ومن الحقّ أن أشعر هذا الشعور نحوكم جميعًا، فأنتم دائمًا في قلبي، وكلّكم شركائي في نعمة الله، سواء في السجن أو في الدفاع عن البشارة وتأييدها. والله يشهد كم أحنّ إليكم جميعًا حنان المسيح يسوع. وصلاتي لأجلكم هي هذه: أن تزداد محبّتكم عمقًا في المعرفة والفهم، فتختاروا الأفضل وتصيروا أنقياء لا لوم عليكم في يوم المسيح، ممتلئين من ثمر البرّ بيسوع المسيح، لمجد الله وحمده.

عيد الشعانين هو عيد الفرح، مع أنّ بعده يبدأ أسبوع الآلام وفي ذروته يوم الجمعة العظيمة. هذا ما يتطابق مع وضع بولس حين كتب من أفسس (تركيا) رسالته إلى أهل فيلبّي (اليونان). هو في السجن، وربّما يجب أن يستعدّ للموت. ومع ذلك، فهو يقول في هذه الرسالة: إفرحوا في الربّ كلّ حين، وأقول أيضًا إفرحوا. ما هي أسباب هذا الفرح؟

1- مشاركة في الإنجيل

كانت فيلبّي أوّل مدينة بشّرها بولس في أوروبّا. فقبلت الإنجيل وتنظّمت جماعة مع ليدية بائعة الأرجوان الغنيّة. كان بولس متردّدًا في المجيء إلى أوروبّا. وإذا رجل يقول له: تعال إلى هنا وأغثنا. فهم الرسول أنّ الروح يدعوه إلى هناك. بدأ فبشّر على شاطئ النهر، لأنّه لم يكن هناك مجمع. ثمّ توالت الاجتماعات وتنظّمت الجماعة. تلك الكنيسة الصغيرة "التي امتلأت من ثمار البرّ، لمجد الله ووقاره".

جماعة تعبّدت للأوثان. وها هي تنتقل إلى عبادة الله الحيّ. وبولس الغيور هو الذي حمل إليها الإنجيل مع الفريق الرسوليّ. وكلّ ما يتمنّاه أن يكون سلوكهم لائقًا بإنجيل المسيح. "إذا جئتكم أراكم، وإذا كنت غائبًا، أسمع عنكم" (فل 1: 27). فالإنجيل أكثر من سماع. هو حياة. وإلاّ بقيَ خارجًا عن حياتنا على مثال هؤلاء الذين رافقوا يسوع في يوم الشعانين، وتخلّوا عنه يوم الجمعة العظيمة.

2- بدأ الله وهو يتمّم

غير أنّ هذه الكنيسة التي انطلقت، تحتاج إلى أن تواصل عملها كجماعة واحدة و"تجاهد بقلب واحد في سبيل الإنجيل"، فهل من خوف عليها؟ لا خوف إطلاقًا. فالبدء مع الله، والمبادرة عمل الروح. ويسوع المسيح هو الذي يتمّم، يكمّل ما بدأته الرسالة المسيحيّة. الرسالة مثل حبّة قمح في أرض طيّبة. لا بدّ أن تنمو سواء كان الرسول هنا أو غاب. هي تنام سواء نام الناس أو قاموا. فقوّتها فيها. وكذا نقول عن غرسة الإنجيل. ولكنّنا نخطئ إن تخوّفنا فما زرعنا بذار الإنجيل حيث نحن، ناظرين إلى المستقبل من وجهة بشريّة.

كيف يتمّ عمل الله؟ حين يتميّز المؤمنون بالأعمال الصالحة. هذا ما أحسّ به بولس حين كان بينهم، ويريده أن يتواصل. ذاك هو معنى ثمار البرّ التي تدلّ على مشيئة الله الحاضرة فيهم. فلا يكفي أن يقولوا: يا ربّ، يا ربّ. بل هم يعملون، وهذا ما يدلّ على نموّ في محبّتهم وازدياد في معرفة يقودها الروح القدس.

3- أنتم شركائي

وانتقل بولس من الفكرة الرسوليّة إلى العاطفة الشخصيّة. فقد ارتبط بعلاقات محبّة مع هذه الجماعة. هو ما قبل مساعدة مادّيّة إلاّ من كنيسة فيلبّي. مع أنّه رفض المساعدة من كورنتوس ليبقى حرًّا في نشر الإنجيل. بولس سار وراء المسيح فكان له الفرح بنعمة حصل عليها. وأهل فيلبّي شاركوه في هذه النعمة التي لا تضاهيها نعمة. وبولس هو الآن في الوثاق، في السجن. ينتظر أن يحاكَم وربّما أن يُطرح للوحوش (1 كور 15: 32). وجماعة فيلبّي تشاركه بحضوره عبر من أرسلته إليها، وعبر صلاتها على ما فعلت الكنيسة الأولى حين كان بطرس ويوحنّا في السجن (أع 4: 13 ي).

وهذه الجماعة تشارك بولس في حمل الإنجيل. هي تختلف عن أشخاص يحرّكهم الحسد والمنافسة (1: 15). فالغيرة الرسوليّة دفعتها لأن تواصل عمل الرسول. تحلّ محلّه بحيث لا تتأثّر الرسالة ويتواصل عمل التبشير. ذاك هو سرور بولس، وسرور الجماعة التي جعلها الرسول في قلبه فأحبّها في أحشاء المسيح، أحبّها كما تحبّ الأمّ أولادها.

شركة مع الرسول، وشركة مع المسيح في أسبوع الآلام حيث يبرز الإنجيل في ذروته فيبذل يسوع حياته لأجل أحبّائه، كما قال الرسول: أحبّني وبذل نفسه عنّي.

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM