أحد المخلّع

أحد المخلّع

الرسالة : 1 تم 5: 24-6: 5

الإنجيل : مر 2: 1-12

حياة داخل الجماعة

يا إخوتي، من الناس من تبدو ذنوبهم واضحة قبل الحساب، ومنهم من لا تبدو ذنوبهم واضحة إلاّ بعد الحساب. وكذلك الأعمال الصالحة تبدو واضحة، والتي هي غير واضحة لا يمكن أن تخفى.

على جميع الذين تحت نير العبوديّة أن يحسبوا سادتهم أهلاً لكلّ احترام، لئلاّ يجدّف أحد على اسم الله وعلى التعاليم. وإذا كان سادتهم من المؤمنين، فلا يستخفّوا بهم لأنّهم إخوة، بل عليهم أن يزيدوهم خدمة لأنّ الذين يستفيدون من خدمتهم هم مؤمنون وأحبّاء.

علّم هذا وعظ به، فإن علّم أحد غير ذلك وخالف الأقوال الصحيحة، أقوال ربّنا يسوع المسيح، والتعليم الموافق للتقوى، فهو رجل أعمته الكبرياء ولا يفهم شيئًا، به هوس بالمناقشات والمماحكات التي يصدر عنها الحسد والشقاق والشتائم والظنون السيّئة والمنازعات بين قوم فسدت عقولهم وأضاعوا الحقّ وحسبوا التقوى سبيلاً إلى الربح.

في هذا الأحد، تقرأ الكنيسة إنجيل المخلّع. جاءوا به إلى يسوع، وحملوه بإيمانهم. رأى يسوع ما لم يره الناس. هم رأوا شخصًا مريضًا بالجسد. أمّا يسوع فرأى مرضًا في الروح. لهذا بدأ فغفر له خطاياه. فالمرض سوء والخطيئة أسوأ (يو 5: 14). وبعدما نال المخلّع نعمة الغفران بالرغم ممّا قاله الذين كانوا قرب يسوع، حمل سريره ومضى إلى بيته، بأمرٍ من يسوع. فزمن الصوم وقت نعرف فيه أنّنا مرضى. قد نخفي خطايانا فنكون مثل الفرّيسيّين. ولكنّ الله يعرف قلوبنا. وفي النهاية، يجدّف الناس على اسم الله بسبب سلوكنا. حينئذ تكون كمن يصلب ربّنا يسوع مرّة ثانية لخزينا (عب 6: 6).

1- لا خفيّ إلاّ سيظهر

حين أرسل يسوع تلاميذه في الرسالة أفهمهم أنّ أعمالهم المستورة على البشر، هي مكشوفة لدى الله. وما نحسبه خفيًّا، سوف يظهر. العمل الصالح يظهر مهما حاولنا أن نخفيه. وحين قال لنا يسوع أن نعمل صدقاتنا في الخفية، أفهمنا أنّ الله يرى في الخفية كما يمجِّد أصفياءه الذين عاشوا في الخفية وما عرف بهم أحد خلال حياتهم على الأرض.

وكما العمل الصالح، كذلك الخطايا. جاء الفرّيسيّ يصلّي في الهيكل، واعتبر نفسه بارًّا. ما تكلّم عن خطاياه، وأوّلها احتقار الخطأة والحكم عليهم بالهلاك (لو 18: 9-13). أراد أن تطرد الخاطئة من بيته بحيث لا تلمس يسوع. بل هو حكم على يسوع أنّه ليس نبيًّا (لو 7: 39). إعتبر خطيئته غير معروفة. ولكنّ الربّ يعرف ما في القلوب. وفي النهاية، يجازي كلّ واحد بحسب أعماله. أنكر الفرّيسيّ خطيئته، أمّا العشّار فوقف بعيدًا وقال: "إرحمني، يا الله، أنا الخاطئ" (لو 18: 13). لهذا عاد مبرّرًا. نال غفران خطاياه مثل هذا المخلّع.

2- لا يجدَّفْ على اسم الله

في الرسالة إلى رومة، بيّن بولس الرسول أنّ الجميع خطأة، يهودًا كانوا أم يونانيّين، غير أنّ اليهود اعتبروا الوثنيّين خطأة، وحسبوا نفوسهم أبرارًا لأنّهم يعرفون الوصايا غيبًا، ويدرسون الشرائع والفرائض. ولكن مثل هذا الإيمان أو الاعتقاد بالله لا يكفي، كما يقول القدّيس يعقوب: "مثل هذا الإيمان لا يقدر أن يخلّص" (يع 4: 1). ويتابع: "الإيمان بلا أعمال ميت" (آ 17). هذا إذا استطعنا أن نسمّيه إيمانًا. فحامله يظنّ أنّه مؤمن ولكنّه يبقى في إيمانه على مستوى القول والكلام، ولا يصل إلى العمل والحقّ.

فما قيمة هذا "المؤمن" الذي ينادي: لا تسرقوا، وهو يسرق (روم 2: 21). يقول: لا تزنوا، وهو يزني. في النهاية، يفتخر بأنّه يمتلك الشريعة التي تدلّ على مشيئة الله، وفي الوقت عينه يهين الله حين لا يعمل بما تقوله الشريعة. فأيّة شهادة هي هذه الشهادة. هي معاكسة. لا تقرّب الناس من الله، بل تبعدهم عنه، تجعلهم يهينونه ولهذا عاد بولس إلى أش 51: 5 فأورد قول الكتاب: بسببكم يجدّف على اسم الله بين الأمم (روم 2: 5). فهل نرضى بهذا السلوك نحن الذين دُعي علينا اسم الثالوث فأرسلنا لنكون شهودًا للربّ إلى أقاصي الأرض (أع 1-8)؟ كلاّ وألف كلاّ.

3- بين الصحيح والمريض

الإنسان لا يعرف. أمّا الله فيعرف. هناك من يظنّ أنّه في صحّة جيّدة بحيث لا يحتاج إلى طبيب. ولكنّه في الواقع مريض، محدود، لا يستطيع أن يصل إلى أمور السماء فيظلّ على مستوى الأرض. ذاك كان وضع نيقوديمس. جاء في اللّيل ومضى في اللّيل، فما وصل إليه نور المسيح (يو 3: 1ي). وكذا نقول عن الفرّيسيّين الذين اعتبروا أنّهم يبصرون، وليسوا مثل هذا الأعمى منذ مولده (يو 9: 39). ولكنّهم في الواقع عميان، تعلّقوا بموسى وببرقعه (2 كور 3: 14)، فما وصلوا إلى الإيمان بالمسيح.

علامة الصحّة، تعليم يرتبط بالمسيح عبر التقليد الرسوليّ. عيشٌ في مخافة الله والعمل بمشيئته على مثال أهل الإيمان. وعلامة المرض الكبرياء التي بدأت مع الإنسان الأوّل، فجعلته يرغب في أن يكون الله عارفًا بالخير والشرّ. سمع لنداء الحيّة، فترك الشرّ يدخل إلى قلبه مع الحسد والخصام والتجديف وسوء الظنون...

وجاءت نصيحة بولس: هؤلاء الذين حسبوا خوف الله تجارة، ابتعد عنهم. ولتكن طريقك برفقة الذين يعملون الأعمال الصالحة.

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM