الفصل الخامس :إيشوعداد المروزي يقرأ أشعيا :6-7

 

الفصل الخامس

إيشوعداد المروزي يقرأ أشعيا :6-7


إيشوعداد كاتب نسطوري من القرن التاسع. ترك لنا شرحاً لكلّ أسفار الكتاب المقدّس، في العهدَين القديم والجديد. أما العهد القديم فجاء تفسيره كما نُشر في لوفان - بلجكا. التكوين (الكتّاب الشرقيون 129/156)، من الخروج إلى سفر التثنية (176/179). كتاب المجالس (موتبا) يضمّ الأسفار التاريخيّة (229/230)، اشعيا والاثنا عشر (303/304). إرميا، حزقيال، دانيال (328/329). كل هذا نجده تحت عنوان: تفسير إيشوعداد المروزي حول العهد القديم. والجزء الذي يتضمّن اشعيا يبدأ بالعبارة التالية: »أيضاً نكتب تفسير كتاب الأنبياء الذي ألّفه قدّيس الله نفسه مار يشوع من حداشت (= الحديثة). يا ربنا، كن معنا بمراحمك. آمين. وبداية اشعيا النبيّ. تنبّأ الطوباويّ اشعيا 85 سنة، كل زمان أربعة ملوك يهوذا: عزيا ويوتام واحاز وحزقيا الذين كانت سنوات حياتهم 113 سنة. أما منسّى الملك الخامس، فقتله بمنشار خشب، وقُبر إلى جانب شيلوحا«.

شرح ف 6-7

6:1. بما أن عزيا اختطف الكهنوت، وما وبّخه واحد من الأنبياء، مُنعت النبوءة عن الشعب إلى أن مات عزيا. وبعد ذلك تجلّت لأشعيا في الهيكل. قال: »رأيتُ«، لا بعين الجسد، بل بتحرّكات النفس. »الكرسيّ« هي دينونته وسلطانه (= الله). »شقلة أذياله«: المجد والبهاء الخارجان من أذياله. اليوناني: »رأيتُ الربّ جالساً على كرسيّ عالٍ، رفيع، والبيت مملوء من مجده«.

6:2. »الأجنحة«: ليست كيانات، ليست مركّبة من أجزاء، بل كما رأى الديّان جالساً، رأى أيضاً للسرافيم أجنحة. تعرّفنا بسرعة خدمتهم. »يخفون وجوههم بأرجلهم«. هم يرتعدون من وقاره، فلا يتركون عضواً من أعضائهم مكشوفاً.

6:3. »ينادي هذا هذا«، أي يقفون في جوقتين. وما أن تهتف جوقة أولى »واحد قدّوس«، حتى تهتف الأخرى. إلى سرّ الثالوث المسجود له يرمزون بتقديسات ثلاثة. »الربّ القدير«: وحدانيّة كيان الله. لهذا يفصلون التقديسات الواحد عن الآخر، حسب ترتيب الأقانيم وتسميتها. يقولون: »قدوس«، ويصمتون، ثم يصرخون »قدّوس«. ثم يواصلون: »الربّ...«. في الهيكل رأى الجليان الذي علّم اثنين. الأول، قرب الزمن الذي فيه بدلَ هيكل واحد، تُبنَى هياكل كثيرة في العالم كله للسجود لسيادته (= الله) حسب قول ربّنا للسامريّة (يو 4:23 ي). الثاني، يستعدّ الله الكلمة للإقامة في هيكل ناسوتنا، كما قال هو نفسه: »أهدموا هذا الهيكل...« (يو 2:19).

6:6. »الجمرة«: سرّ جسد ربّنا. تتكوّن كلّ جمرة من اثنين: من الحطب ومن النار. والجسد (الافخارستيّ) يتكوّن من الخبز والروح. »الكلاّبة« تحلّ محلّ الكهنوت. فنحن أيضاً لا نجرؤ أن نقترب من السرّ بمعزل عن الكهنوت.

6:5. »أعلن النبيّ نفسه تعيساً«. أولاً بسبب عظمة المعجزة. ثانياً، بسبب وضاعته. ثالثاً، لأن أتت إلى باله خطيئته بسبب صمته أمام عزيا حين خطف الكهنوت. وكذلك ابراهيم سمّى نفسه »تراباً ورماداً« (تك 18:27).

6:4. »تزعزعت العتبات«: ترمز إلى خراب الهيكل. يُقتلع الحضور الالهيّ ومخافته، ينتقلان إلى الأمم. »الدخان«: غضب يُدرك الشعب، أولاً، بيد البابليّين. وفي الأخير بيد الرومان من أجل وقاحتهم على ربّنا (يسوع). »يُترك لكم بيتكم خراباً«. في كل مكان يقول (الكتاب) الدخان بدل العقاب.

6:13. وإذ بيّن لأي علّة لا يبيدون بكل هذه المحن والضيقات، قال: »زرعُه نصبة مقدّسة«، أي يُحفظ الجذر ولا يبيد بسبب الثمر المنتظر الذي يظهر منها. مع أن هذا الوحي كان باطنياً، إلاّ أن يوحنا نسبه إلى الابن، قال: »قال اشعيا هذا حين رأى مجده« (يو 12:41). وفي رومة، نسبه بولس إلى الروح القدس، قال: »حسناً تكلّم الروح القدس بفم النبي اشعيا عليهم« (أع 28:25). يخزى اليهوديّ من رؤية رآها نبيُّه! ليس بواسطة الدم نقاه، بل بالجمرة. الناس يأخذون النار (أي الافخارستيا) بالفمّ ويتنقّون، ذاك خاص بالكنيسة المقدّسة. لبس النبيّ وجه كياننا المنقّى واعترف أننا نجسون ولا نستحقّ عظمة السرّ. كلّ السرّ الجديد الذي بيّنه المسيح في تدبيره، رآه النبيّ. وبدل وحدانيّة الله ثالوث الأقانيم. وبدل الدم الذي على الأذن والباهم، يطهّر من الإثم، الدم يُؤخذ مع الجسد في الفم. ورأى أيضاً الجمرة فبيّن أن بالنار التي رماها ربُّنا، يأخذ كلّ واحد نقاوته...

7:4. »ذنبان محروقان«، بسبب ضعفهما. مثل ذنب محروق لا يقدر أن يُشعل النار لأن النار امتصّت قوّته.

7:8 - 9. كما رئيسة مدائن الأراميين هي دمشق وملكها رصون، ورئيسة مدائن افرائيم هي السامرة وملكها ابن رمليا، كذلك رئيسة مدائن يهوذا هي أورشليم، وملكها احاز. بعد خمس وستين سنة يسقط افرائيم. فمنذ قال النبيّ (هذا) حتى سُبيَ (افرائيم) بيد الأشوريّين، كانت خمس عشرة سنة. فالنبيّ رفع الكلمة إلى زمن ياهو أي في بداية مُلكه. كانت خمس وستون سنة من وقت ملك ياهو حتى سُبيت عشر قبائل سبياً كاملاً، وقصّر (الله) أيضاً الزمن الذي وُعد، لأنهم ما استحقّوا طول الأناة بالنظر إلى استحقاق الآخذين (الوعد). وتصرّف كذلك بالنسبة إلى عشرة أجيال بني الطوفان، وإلى تحرير بني اسرائيل من المصرّيين، وإلى داود. قال في إرميا (18:7 - 10): »إن قلتُ على شعب وعلى مملكة...«.

7:11. وبما أن احاز ما زال مرتاباً بكلمة النبيّ، قال له (النبيّ): »إسأل لك آية (علامة). عمّق، إسأل. أو من العمق، أو من الأرض، إسألْ آيةً مثل جدعون (قض 6:17 - 20)، أو من العلاء مثل حزقيا (2 مل 20:8 - 11).

7:12 - 13. وبما أن احاز بيّن كما في خفاء وكأنه لا يحتاج إلى برهان بتوكّله على الأشوريّ الذي يأتي ويساعده ويخلّصه منهما (الملكين)، وقال لهم النبيّ: »قليل لكم أن تُتعبوا«. ولكن في طريقة واحدة. بما أنه ليس بقليل أن يُحسب في عيونكم أن تتعبوا، أي أن تقهروا بيت فقح ورصون، ولكن يُحسَب كبيراً في عيونكم وقاسياً ومستحيلاً لأنهما أقسى منكم. ولكن بالنسبة إلى الله، لا تحسبوا الأمرَ هكذا، كمتعبٍ وقاسٍ ومستحيل. وهكذا تشكّون في مواعيده. وبما أن كل شيء سهل الصنع لقوته، دون أن يتعب أو يصارع، إلاّ أن إرادته التي هي في كلّ شيء، تُتمّ العمل. وطريقة ثانية: أما يكفيكم أن تتعبوني، أنا النبيّ، وقد تعبتُ لأكلّمكم ولأجعلكم تتّكلون على قدرته، وأنتم ما آمنتم بكلماتي، فتتعبون إلهي أيضاً أي تغضبونه بلا إيمانكم؟ بما أن تعبي أنا النبيّ يُحسب صغيراً في عيونكم، فإغضابكم لله بحيث ترتابون بكلامه وكأنه لا يقدر أن يطلب أولئك الآتين عليكم، أيكون صغيراً في عيونكم؟ في اليوناني: »أقليل لكم أن تتعبوا البشر؟ فكيف تُتعبون الله؟ ذاك هو المعنى الأول.

7:14. »ها البتول تحبل...« (7:14- 16). أي هذا يكون لكم آية عن عنايتي كلها التي كانت منذ البدء على جنسكم. فمن بتول، بلا زواج، يُولد ذلك المزمع أن يكون مسكناً للكيان الالهيّ. وبيّن بهذا أن الله هو معنا. وإلى أن يظهر منكم، لن تترككم العناية الالهيّة.

7:15. »لبناً وعسلاً يأكل...«: بواسطة الطعام الجسديّ، رمز إلى الروحيّ، أي: يمتلئ من الروح القدس ويفيض.

7:16. »فقبل أن يعرف الولد أن يرذل...«، أي: إلى أن يُولد ذاك المخفيّ فيكم ويقترب إلى التمييز بين الخير والشرّ، لا يترك الله هذه الأرض، ولا يشغله هذان الملكان اللذان صعدا عليكم. ففي السنة التي فيها وُلد ربّنا، كُوّنت أرضهم بجزية الرأس للرومان، فيأتي حكّام الرومان والقضاة. في اليونانيّ: »قبل أن يعرف الصبيّ الخير والشرّ، يرذل الشرّ ويختار الخير«.

7:18. »يصفر الربّ للذباب...«. دعا الذبابَ المصريّين بسبب انحرافهم الكثير وحقارتهم ولونهم. والنحل هم الأشوريّون بسبب قوّتهم وقساوة تجرّؤهم وعظمة مملكتهم. وأيضاً بسبب قرب إبادتهم؛ فكما النحلة تمتص بقساوة، يبقى عقصها في الجسم فتموت، هكذا الأشوريّ حين سبى القبائل العشر، أتى على أورشليم وماتت جيوشه...

7:19. بدل وادي بتوت، يقول اليوناني: في وديان الأرض.

7:20. »سيحلق الربّ بموسى سكرانة«، أي: بالأشوريّ يخرب أولاً بني رأوبين وجاد، في عبر النهر، ثمّ يخربها جميعاً. »ذقنه«. يخرب أيضاً (القبائل) الوسطى في الشعب، بحسب آخرين. وبحسب اليونانيّ: »يحلق الربّ... لملك أشور رأسه وشعر رجليه. أي جيوشه كلها مع القوّاد والموقّرين فيهم مثل موس تزيل الشعر بسرعة. سمّى الموسى »سكرانة« بسبب كثرة القتلى (في الحرب). ويدعو شعر الرأس القوّاد الذين فيهم. »والذقن« الموقّرين الذين يقفون في الصف الثاني. »وشعر الرجلين« هو باقي جيشه.

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM