اليوم - الرابع الكواكب النيّرة 1181-1566

في اليوم الرابع، قرأ السروجيّ تك 1: 14-19، فتبدو كما يلي في السريانيّة البسيطة:

14. وقال الله: "لتكن نيّراتٌ في رقيع (جلد) السماوات للفصل بين النهار والليل، ولتكن للآيات وللأوقات وللأيّام والسنين.

15. ولتكن منيرة في رقيع السماوات للإنارة على الأرض. وهكذا كان.

16. فصنع الله اثنين نيّرين عظيمين. نيِّر كبير لسلطان النهار. ونيّر صغير لسلطان الليل، والكواكب

17. ووهبها الله في رقيع السماوات للإنارة على الأرض

18. وللتسلّط في النهار وفي الليل وللفصل بين النور والظلمة. ورأى الله أنّه حسن.

19. وكان صباح وكان مساء، يوم رابع.

في هذا المقال، ردّ على الكلدانيّين ونظرتهم إلى الكواكب. ففي خطّ الكتاب المقدّس، هي مخلوقات شأنها شأن غيرها، وهي في خدمة الإنسان. يأمرها الله فتضيء، يمنعها فلا تحرق. وفي كلّ الظروف تأتمر بأمره.


خلق النيّرات

حينئذٍ خلق الربّ النيّرات في الرابع[1]،

ووضع النور في هذه العجلات الماشيات،

قال الله: "لتكن". فكانت كلُّ النيّرات:

الشمس والقمر والكواكب المرتّبة بأشكالها.

 

1185 كانت الشمس كملك لكلّ النيّرات،

والقمر كان فكدَنه في المسيرة مع شريكته،

وكانت الكواكب لتكون للآيات والأوقات،

والأيّام والسنين أيضًا والأزمان.

صنع الشمس لتكون مسلّطة على النهار،

1190 فتدبّره وتمشي فيه وتتجاهى به.

 

والقمر صنعه[2] ليقوم على سلطان الليل،

ومعه الكواكب لتجري في سبلها.

أمر ذاك النور المُفاض على الخلائق،

فدخل كلّه مقام في الكرات[3] الحسنات.

1195 جُمع (النور)، التُقط، تلبَّد،

فصار عجلة وكدنها في مسيرة الدائرة العظيمة.

نيّرين اثنين عظيمين وضع في الرقيع وكواكبَ،

وسلّطها على النهارات والليالي.

فتكون الشمس مصنوعة2 للنهار مثل ديّان،

1200 ومثل خدّام يكون لليل القمرُ والكواكب.

 

النيّرات ونور الأيّام الثلاثة

من ذلك النور الذي تواجد ثلاثةَ أيّام،

كانت النيّرات لتقوم (لتكون) بخدمة العالم.

كانت للرقيع مثل صوَر حسانٍ،

ومثل قناديل ماشية لطريق العالم.

1205 مثل مسلّطات على النهارات والليالي،

ولتبدّلات كلّ الأزمنة مثل خادمات.

وللمعمورة المليئة بالظلمة، قناديل،

وسراج[4] مرتفع لخدمة البيت العظيم.

ركض النور ودخل وأقام داخل النيّرات،

1210 ليملك بها على الخلائق وتبدّلاتها.

الشمس والقمر والكواكب التي صارت النور كلّه،

حيث أمر الله في البدء: "ليكن نور".

فكان النور. وخدم ظهورُه ثلاثة أيّام،

ثمّ توزّع على النيّرات في (اليوم) الرابع.

 

1215 وضع الصانع (الله) في هذه العجلات الماشيات[5]،

كلَّ سعي هذا العالم وتقلّباته.

البرد والحرّ، الصيف والشتاء، في أوقاتها،

وسعيَ الليل والنهار في سبلهما.

كوّن المجرَّة بسعي مرتَّب يملأ عجبًا،

1220 ووضع له حدًّا: كيف يركض، وكم يركض؟

 

الشمس ومسارها

خرجت الشمس[6] مثل ختن من خدره[7]،

وشرع يرقص مثل جبّار ليركض في طريقه.

ساعة كان خرج من أقاصي العالم،

من رأس هذه الجهة التي ولدت النور.

1225 حين صنعه صنع فيه هناك تخمًا،

بعيدًا عن العالم وأرسله ليأتي إلى العالم يزوره.

في ذلك الموضع الذي منه ظهر، في ذلك الحين،

هناك صاغه وملأه نورًا وأرسله إلى الأرض.

صنعه سراجًا لخدمة بيت الظلمة،

1230 فيطرد منه الظلمة حالما يدخل.

 

خرج[8] من المشرق وأمسك الجنوب يركض في طريقه،

فقبله المغرب وفرش كتفه ليُدفن فيها.

في الشمال المغيب فأنشأ طريقه إلى الجهات،

يركض في المشرق والجنوب، في المغرب والشمال.

1235 في اليوم الرابع تسمّت الجهاتُ الأربع،

وقبل هذا (اليوم) ما عُرفت جهات.

ما كان مشرقٌ حتّى أشرقت الشمس،

ولا مغرب حتّى غربت ودُفنت.

في اليوم الرابع، ركضت النيّرات في سبلها،

1240 والجهات أخذت كنية أسمائها[9].

 

رتّب النيّرات مثل جيوش ماشية[10]،

في طريق الارتفاع، لتمشي فيها القوّات.

عدَّ كلَّ الكواكب ووضع لها الأسماء،

فيركض واحدٌ واحد منها كما أُمرَ،

1245 لسير الأزمنة ولتبدّل كلّ الأوقات،

ولتدابير الصيف والشتاء بأشكالها.

هذا التدبير أرفع من كلّ معرفة،

من كلّ حكمة لدى الأرضيّين ومن كلّ فهم.

 

ضلَّ الكلدانيّون

ضلّ الكلدانيّون بهذه العجلة المليئة بالركض،

1250 وإذ ظنّوا أنّهم أدركوا، ما أدركوا كما ظنّوا.

ضلّوا لأنّهم رأوا في محاسن مرتّبة فيها،

ولأنّهم رأوا فيها حركات منظّمة وكثيرة.

وشدّة القوّات التي كُدنت بها،

والنشاط الطبيعيّ الذي يتحرّك بها،

1255 رأوا أنّها تفوّقت بالحكمة على الجميع وهي قائمة كلّها،

مفكّر الجهّال أنّ المجرّة تدبّر نفسها،

وما تبيّنوا أنّ قوّة الألوهة الخفيّة،

كدنتها ووهبت لها أن تركض نحو التدابير[11].

 

ظنّوا أنّ هذا التدبير خاصّ بها،

1260 وإن في البرج قوّة تأتي بالأشياء[12].

وهذه الكواكب التي وصفها الباري من أجل الأوقات،

هي تهب البشر شيئًا فشيئًا.

دُهشوا بالصنع، كما هو حسن، وأعجبوا به،

ونسوا الباري الذي هو موجود وهو حكيم.

1265 وضع الكلدانيّون الحظوظ والنصائب والمواليد،

في كتبهم، كما لو أنّ العالم قام منها.

والطبيعةُ التي هي عبدٌ سامع،

حسبوا أنّها سيّد ومدبِّر[13].

فالكوكب يهبُ التاجََ للملوك والكراسي للعظماء،

1270 ودرجة سامية للمدبّرين ورئاسة.

والكوكب مسلّط، يعطي الغنى والفقر،

والاسم والمجد، ومن عنده الضعف والإهانة.

صار الكلدانيّون لاعارفين من المعرفة،

ووجدوا أنّهم غير حكماء بحكمتهم[14].

1275 فمن يقدر أن يضلّ هكذا إذا كان حكيمًا،

فيعطي المجد للعمل لا للمبدع.

ذاك الصانع (الإلهيّ) الذي وهب الطبيعة كلّ التغيّرات،

هو المسلّط فيعطي شيئًا أو لا يعطي.

 

النار وعملها

فإن كان للطبيعة شيء، فربّها وهب لها[15]،

1280 وليس لها أن تعطي شيئًا لرفاقها،.

هذا الباري وهب للنار الحرارة،

وإذا استدفأت بها، أنت لا تهب لها التسبحة.

ولا يُظَنّ أنّ في النار قوّة،

تقدر أن تُحرق حين لا يريد الربُّ ربُّها.

1285 بيت الكلدانيّين رموا الفتيان في وسط الأتّون،

وبما أنّ ربّ النور أمرها رشّت الندى.

فلا تجرّم هذه النار ولا تُلام،

فليس خاصًّا بها أن تُحرق أو لا تحرق[16].

وحين نزلت وأكلت المياه التي في الحفرة.

1290 لا تُمدَح النار هناك لدى الناظرين[17]،

ولا حين دخل عليها الفتيان وبردت لدى الكلدانيّين،

هي تلام: لماذا بطلت من الاحتراق؟

ليست مسلَّطة بأن تُحرق ولا أن تبرّد.

فللنار كلَّ يوم مدبّر وربٌّ،

1295 فإذا أمرها، أكلت المياه التي في الحفرة،

وخافت أن تحرق بعض الشعر في داخل الأتّون.

وهكذا يتسلّط ربّ الطبائع على البرايا،

وبأمره تركض كلّها لكي تعمل.

 

وظيفة الخلائق

وضع الباري في خلائق وخلائق شيئًا وشيئًا[18]،

1300 لكي تقوم بخدمة العالم مثل خادمات.

نقول مثلاً: الشمس والقمر خادمان اثنان،

القمر ينمي والشمس تنضج كلَّ الفواكه.

في القمر وضع برودة ورطوبة،

والهواء الطريّ الذي يُنبت ويُنمي كلّ الفواكه.

1305 ووضع في الشمس الحرارة واليباس،

لتنضج الثمار وترمي الذوق في كلّ الفواكه.

بالهواء الطريّ كلّ الفواكه تكون نابتة،

وحرارة الشمس تلبسها كلَّ الألوان.

واللون والرائحة والذوق، في الشمس والفواكه،

1310 ووضع النموُّ والتربية أيضًا في القمر.

 

هذا الصانع (الإلهيّ) وهب للطبيعة هذا الصنع،

وهي لا تقدر أن تصنع شيئًا كما قلنا[19].

إقرأ في البركات التي بها بارك موسى بني يعقوب:

كُتب هناك: "من الفاكهة التي يُنمي القمرُ"[20]

1315 هذا الصانع وهب للهواء أن يُنمي،

وفي العمل الذي وهبه له ربُّه يسير كلَّ يوم.

بما أنّ موسى قال: "الفاكهة التي يُنمي القمرُ"،

لا تظنَّ أنت أنّ للقمر سلطة بأن ينمي شيئًا.

حين نما كلُّ ما أخرجت الأرض في البداية،

1320 ما كان القمر خلقًا خلق ولا الشمس رفيقته،

قال الله: "لتخرج الأرض"، فأخرجت الأرض،

وبعد يوم خلق القمر في (اليوم) الرابع.

بعد أن نمت الزروع والأعشاب في (اليوم) الثالث،

عندئذ صنع الربّ القمر في الرابع.

1325 نمت الفاكهة، وبعد يوم كان القمر،

ووهب الربّ، في حكمته، يومًا للقمر لكي يَنمي،

كما وهب أيضًا للشمس النور والحرارة.

وهب للقمر بأن يكون طريًّا ويُنمي الزروع[21]،

خادمين اثنين وضع الربُّ لخدمته،

1330 فإذا نما هذا أنضج ذاك كما أمرا.

القمر يطرّي وينمي كلّ الفواكه ويفتحها،

وتأتي الشمس فتنفخ البهاء واللون الجميل.

 

وهب للقمر أن يمتلئ وينقص وأن يتبدّل،

ليُصنع خادمًا لتبدّلات الأوقات[22].

1335 مع الزهر يكون صغيرًا ويربّيه،

ويصعد معه حتّى يصير ثمرًا كبيرًا.

ينمو ويصعد، يصغر وينزل ويأتي،

يصوِّر أنماطًا بمسيرة طريقه حين يتبدّل.

يكون فتى، ويكون شابًّا، ويكون شيخًا،

1340 وللفتوّة والشيخوخة يصوّر صورة،

يستنير، يمتلئ، يُظلم، ينتهي وكأنّه ما كان.،

لينظر إليه الفتيان ويقتنوا الحكمة.

 

أيّها الفتى، ها الشيخوخة

آه لك، أيّها الفتى! المنير والجميل[23] مثل القمر[24]،

ها الشيخوخة سحابة أوجاع فوق رأسك.

1345 مالت عجلتك فخسرت من ملئها،

وانتهتْ وصغرتْ فلا تكون أنت بين الحسان.

يتجعّد جلدُ الوجه ويتبدّل،

ويمضي الحسنُ مثل ملء القمر المنتهي.

الشابُّ يُشبه القمر البدر الذي امتلأ كلُّه،

1350 وما أن تنعم العين بحسنه حتّى يشرع يصغر.

شرع ينتهي، شرع ينزل فيكون لاموجودًا،

ليصوّر نمطًا للشبيبة ولتقلّباتها.

 

أيّها الشابُّ المتبختر! يا قمرًا مليئًا! وقتُك صغير،

ظلمة أنت، واضعْ نفسك ما دام لك النور[25].

1355 امتلأ شهرُ[26] الحياة القصيرة التي وصلتك،

وفي نهايته، إن نظر إليك إنسان لا يراك.

في بدر حياتك، يحسن بك أن تهدأ عن شرورك،

ويحسب بك أن تكون مستنيرًا بالصالحات[27].

نفخك البدرُ فكِّرْ في رأس الشهر الذي ليس ببعيد،

1360 وتُبْ وأحبّ وتجنّب الشرور.

 

أنظر إلى الله

أنظر إلى الله[28] الذي صوّر له الشمس صورة،

امتلأت بالنور فلا تتبدّل مع الأيّام.

كلَّ يوم تكبر، كلَّ يوم تتعزّز، كلّ يوم تنير،

هي كلَّ يوم نور مليءٌ وظهور جميل.

1365 الشمس نيّرة ومساوية للبدر وفي رأس الشهر،

فلا تصغر ولا تنتهي من ملئها.

وعن الله يُقال أيضًا: "كما أنت أنت"[29]،

وهو كما هو[30]، وما من آخر[31].

من أجل هذا، تقوم النفس لديه هادئة،

1370 إذ تنظر إليه فتفتخر به وتستنير فيه.،

وتتّكل عليه لأنّه النور الذي يتبدّل،

وكلّ من يستند إليه ويتّكل، يستنير منه[32].

 

الله نور الشمس والكواكب

خلق النيّرات، وإذ هي مستنيرة في أشكالها[33]،

(كان) هو نورها، ويهب النور للنيّرات.

1375 كلَّ يوم يهب النور للشمس فتجاهى به،

ولو أمحلها وما أعطاها، انتهت.

ربّ الخليقة أضاء سراجًا ووضعه في الخليقة،

والسراج يطلب كلَّ يوم الزيت من نعمته.

هو يرمي فيها النور كلَّ يوم ويربّيها،

1380 ليكون نورها كافيًا للعالم الذي يستنير به.

وهذه القوّة التي وهبها للشمس نورًا يُنير،

هي ترمي فيها النور كلَّ يوم وتربّيها.

 

هكذا شدّدت قوّتُه النيّرات كلّها،

ومنه أخذت، ثمّ وهبت النور للأرض.

1385 فينبغي على العارف أن يكون ناظرًا كلّ يوم،

ويندهش من طريق القوّات الرهيبة.

ويُسبِّح ذاك الصانع (الإلهيّ) الذي كوَّنها،

وكدنها وسيَّرها في سبلها،

وبصدد لا بلبلة فيه أقامها،

1390 ودعاها بأسمائها فأسرعت وقامت.

كدن العجلة الحاملة الأزمان ووهب لها أن تركض،

وهي دارت كما التدابير وما امتنعت.

جُعلت إرادتُه مثل مدبِّر وهي يسيّرها،

لتحمل الأوقات كلّها تجاه النهاية.

1395 صنعَ الجبّار والجوزاء والثريّا وجعلها تنظر،

في طريق الجنوب فتُطرَد فيها كما أمِرت[34].

 

لهذا تخبر السماء بمجده

من أجل هذا، ها السماوات تخبر بمجد[35]،

الربِّ كلّ يوم كلّ يوم لمن له السماع الروحيّ،

بهذه المحاسن المدهشة التي تدور فيها كلَّ يوم،

1400 بهذه الأزمان التي تتحرّك فيها واحدًا بعد واحد،

بمسيرة القوّات هذه التي كدُنت (رُبطت) بها،

بزخم رهيب مسيرتُه أسرع من الفعل.

 

من أجل هذا ها السماوات تخبر بمجد[36]،

ذاك الصانع (الإلهيّ) الذي زيّنها بكلّ المحاسن.

1405 بشمس نيّرة ترقص، تركض مثل جبّار،

وتحبس كلَّ الجهات في مرحلة واحدة من طريقها.

حول العالم، خارجَ العالم، رُسمت طريقُها،

فحُبست فيها النواحي الأربعة وتخومها.

كلَّ يوم تغرب، كلَّ يوم تُشرق، كلَّ يوم تمضي،

1410 وكلّ يوم تأتي لتوقظك، فتقوم وتسبِّح.

وها أنت نائم، أيّها البطّال، أنت بارد،

والشمس جارة كلَّ يوم وتُسرع فتستميلك.

 

تعال، أصغِ

تعال، أصغِ، واسمع. ها السماوات تخبر بمجد[37]،

الربِّ ربّك، فتجاوب أنت مع التسبيح.

1415 ها الرقيع صُنعُ يديه يبيّن لك وأنت لا تنظر،

إلى المحاسن والمدهشات التي كثرت لك لتراها.

صنعَ يدَي القدرة الخالقة بيّن لك،

الرقيعُ في ارتفاعه وفي نيّرات مصفوفة فيه.

إسمع أنت الآن. ها السماوات تخبر بمجده،

1420 وتطلّع واعجَبْ بعمل يديه المليء دهشة.

قال له الرقيع ليبيّن لك إن نظرتَ،

عملاً امتلأ جبروتًا وحكمة.

مسكنًا عظيمًا يملأ دهشة بقدرة الخالق،

وفيه المسيرات السريعة لصنعه الإلهيّ.

1425 كُدِن (ربط) العالم، وصُنع عجلة امتلأت تحرّكات:

تحمل، تُدخل، تقود، تخرج ولا من يمنعها،.

ها كُدنت به الليالي والنهارات،

والإصباحات والأمسيات التي تفتح على البرايا وتغلق.

 

بيّن الرقيع[38]. فمن لا يتطلّع ليرى المحاسن،

1430 إلاّ ذاك الذي عميَتْ نفسه وامتلأ ظلامًا.

ها السماوات تخبر بمجده، فمن لا يسمع،

إلاّ الأصمّ الذي صار كلّه أخرس عمّا يجب (أن يفعل).

مسيرة العساكر السريعة تحرّك البرايا،

وتحرّكها لتعطي المجد للقوّة الخفيّة (الله).

1435 كم هو ممجَّد جبروتُها ومليء دهشة،

وكم هو عجيب بهذه المحاست التي صنع!

 

في اليوم الرابع

في اليوم الرابع، أمرَ فكانت كلُّ النيّرات،

مسّكها طريق مسيرتها واحدًا بعد واحد.

وأقامها مسلّطة على الأيّام،

1440 وعلى أوقات الليالي والنهارات.

ومسَّكها أبواب الأمسيات وأبواب الأصباحات،

فتنفتح على البرايا وتُغلَق.

في اليوم الرابع أُتقنت النيّراتُ كلّها وقامت،

على هجعاتها وتسلَّطت في ولاياتها[39].

 

1445 الشمس والقمر، وكلّ الكواكب، بأمرٍ واحدٍ[40]،

من النور الواحد (الله) رتّبت القدرة الصانعة ووضعت،

في اليوم الرابع، وقت القمر مثل بدر،

امتلأت عجلته كما الشمس كانت ممتلئة وكاملة.

خلق نيّرين اثنين عظيمين، كما كُتب.

1450 إذًا، انجلى أنّ القمر كان كبيرًا وممتلئًا وكاملاً،

مليئًا كان القمر شأنه شأن الأثمار والأشجار.

وكلّ الزروع قامت هي أيضًا كاملة، ممتلئة.

ممتلئًا كان القمر، وفي الحال شرع ينقص،

ليشرع (ليعمل) في تبدّلات الأوقات، كما أُمِر.

1455 كان أقدم من شريكه (القمر) أحد عشر يومًا،

لأنّه صار في (اليوم) الرابع بدرًا ممتلئًا وكاملاً.

ولهذا، ها هو منذ ذلك الوقت هذه،

الأيّامَ الأحد عشر يطلبُ في السنة وليست له.

وفي عدد الأحد عشر يومًا تزيد الشمسُ،

1460 على القمر في مسيرة سنة، كما تكوَّنا[41].

 

ما أراد هذا الصانع (الإلهيّ) أن يُساويها ويربطهما (يكدنهما)،

لأنّه طلب أن يسيّرهما من أجل التبدّلات.

وُصف للأوقات وللآيات وأيضًا للسنين،

ولتبديل كلّ الأزمنة التي من بعدها.

1465 لهذا بدّل وكدَن بحكمة،

ليبدّل من المسيرة الأوقات على البرايا.

 

عجلة الزمان

في اليوم الرابع، رتَّبهما وأقامهما[42]،

وكدنهما ليُسرعا في ركضهما.

في (اليوم) الرابع ركضت المركبة المربوطة بالنور،

1470 وفي الثاني عشر خرجت عجلةُ المسيرة إلى العالم.

كدنتها القوّة وحثّتها الإشارة الإلهيّة،

وفاحت، خرجت على المساحات التي وضعها الملك لها.

وهب لها الوعود والمخارج أيضًا، وطردها فخرجت،

وها هي تركض ستّة آلاف سنة[43] ولا تمتنع (تتوقّف).

1475 في النور تشدّ مع النهار وتخرج معه،

طيلة النهار كلّه ولا تمتنع (تتوقّف).

وأيضًا مع الليل تشرع تركض من المساء،

وتمضي معه حتّى الصباح بشرعة فائقة.

عند الليل لا يسهل عليها أن تهدأ حين تبلغه،

1480 ولا تعرف في النهار أن ترتاح حين تلقاه.

 

الله هو المدبِّر الحقيقيّ

ليلاً نهارًا تدبِّر نفسها ولا تتوقّف[44]،

منذ كدنتها القوّةُ الخفيّة التي دبّرتها.

جلست الشمس وتجلّت عليها مثل ديّان،

ومعها مدبِّرٌ آخر هو القوّة الخفيّة.

1485 ومنذ شدّتها حين كدنتها ووهبت لها عزمًا،

لا تعصيها لتأمرها بعدُ لتزيد في ركضها.

في بداية العالم، في اليوم الرابع، أدخلتها، كدنتها،

وهكذا وضعتها فتركض ما دام العالم قائمًا.

وكما وُضعت سمعت، تحرّكت، انطلقت، خرجت،

1490 وهكذا ركضت لتهدأ في نهاية العالم.

ها القوّات السريعات كُدنت بها.

وتركض معها الشمسُ والقمر الأسيران.

سارت الكواكب الصغيرة والكبيرة التي أسرت (ربطت) بها،

وبعزم واحد جرت كلّها مع أنّها كثيرة.

1495 لُجمت كلُّ مسيرة القوّات وأُسِرت،

وبمركبة النور كدنها الصانع (الإلهيّ).

هناك (القوّات) السريعة وهناك البطيئة والركض واحد،

لأنّ مرتّبها حكيم وماهر ومليء بالدهشة.

وبالنيّرات وبتبدّلات أوقاتها،

1500 صوّر صورة لقدرة صنعه، كم هي رفيعة!

كلَّ يوم يبيّن الرقيع صُنعَ يديه،

ومن عرف وأحسن الرؤية تعجّب بها.

بهذه المحاسن، بهذه المدهشات في كلّ البرايا،

وبهذه الزينات وبالصوَر التي في الرقيع،

1505 بمسيرة الشمس وبجمالها وبشعاعاتها،

بعجلة القمر والتبدّلات التي تتحرّك فيه،

بنور الكواكب وبجَريِ أشكالها،

وبالمعبر الذي تمشي عليه القوّات[45].

 

بين مجد ومجد

من نورٍ واحد صُنعت كلّها مع أنّها كثيرة،

1510 وليست واحدة بفضل تبدّلاتها.

مجدُ الشمس شيء آخر في النيّرات[46]،

لأنّ بحر النور العظيم يتجمّع فيه ولا يُحدّ.

وآخر أيضًا هو مجد القمر: كم هو سريع،

وكم يركض وكم يُسعى بالنسبة إلى التدابير.

1515 هكذا أيضًا مجد الكواكب، هو شيء آخر،

وإذ ينظر الإنسان فيه وحده، تكون دهشته عظيمة.

وهناك كوكب أفضل من كوكبٍ رفيقة[47]،

ولو حدّق فيه إنسان امتلأت نفسُه دهشة.

الكوكب الصغير عمله ذليل كما هو مكوَّن،

1520 وهكذا وُضعت كلّها على الآيات والأوقات.

رتّبتها حكمة الرفيع (الإله) الصغير والكبير،

مثل صور حسنة في إناء كبير.

امتلأت محاسن رفيعة ووضيعة، وأمجادًا،

كما أراد متقنُ العالم أن يمجّدها.

1525 لواحد وواحد وهب النور كما شاء،

وها هو يُسبَّح حسب النور الذي أعطاهُ ربُّه[48].

 

حيث يكثر النور هناك يكثر المجد

لمن أكثر ووهب له النور، أكثر له المجد،

وبه تليق كلّ أمجاد النيّرات كلّها.

يرى الراؤون مجدًا كبيرًا للكوكب الكبير،

1530 هو ما أراد أن يكون كبيرًا، فلماذا يمجَّد؟

لهذا الصانع الإلهيّ الذي كبَّر وصغَّر كما شاء،

كلّ الأمجاد وله تُوهَب لأنّها ملكه.

من نور واحد قطع كلَّ النيّرات وصنعها،

كلّ الكرات، كلّ العجلات التي في الرقيع.

1535 قسمها عظيمة ودقيقة ورتّبها كما شاء،

وفي مسيرة واحدة، كدن في الرقيع الصغيرة والكبيرة.

مجدُ الشمس له ومجدُ القمر،

وإن مُجِّد كوكب بنوره، فهو (التمجيد) ليس له.

هي نيّرة، هي حسنة، هي كثيرة،

1540 وفي جمعها يمجَّد واحدٌ هو الذي خلقها (أو: صنعها)[49].

 

في اليوم الرابع

في اليوم الرابع أقامها على حراساتها،

وسيَّرها في طريق سريعة رسمها لها.

وأتقن مسيرة ذلك النهار بشمسٍ أشرقت،

وتواصلت على قياس اثنتي عشرة (درجة)[50].

1545 واقتنى مواعيد الساعات الثالثة والسادسة والتاسعة،

إذ ليس لرفاقه مواعيد ولا قياسات.

تزيّن الليل بالقمر والكواكب التي وُجدت،

فأزالت بأشعّتها الظلمة المتلبّدة.

ابتهج النهار لأنّه اقتنى ملكًا يُدبِّره،

1550 وفرح الليل بالقوّات التي تحيط به[51].

 

وضع الربّ للشمس تاجًا من الأشعّة[52]،

واغتنى القمر بصفوف الكواكب التي تلازمه.

اطمأنّ الليل لديه بهذه القوّات،

التي تمسّكت بالطريق ومشت على المعبر.

1555 رقص النهار بالشمس التي خرجت ومشت فيه،

وبالمقاييس والأطوار التي وضع له، وهب له الأمان.

رقص المشرق لأنّه ركع فولد جبّارًا،

الشمس الي خرجت منه وأنارت الأرض كلّها.

رقص الجنوب الذي صار طريقًا للقوّات،

1560 وأغرقته النيّرات كما أمواج البحر.

فرح المغرب لأنّ له تجمّعت (الكواكب) له كما لميناء،

ومنه تغطس لتعطي مكانًا لليل فيكون.

سبَّحَ الشمال ذاك الذي أتقن فيه الجبال المرتفعة،

وجعله مخدعًا للشمس فتعبر وتأتي وتشرق.

 

1565 في العالم أربع جهات: بدهشة مجّدت،

وكان مساء وكان صباح في (اليوم) الرابع.

 



[1] وصل السروجيّ إلى اليوم الرابع. ما جعل مقدّمة كما في الأيّام السابقة، بل أورد حالاً النصّ الكتابيّ ثمّ توسَّع في كلامه.

[2] "ع ب د"، صنع. القمر صنعه الربّ فلماذا عبادته كما يفعل الوثنيّون. والشمس صُنعت. والنور الذي رآه متشيّعون تجاه الظلمة. يشبه ثورًا كدن (رُبط) مع ثور آخر، بر. زو ج ه. هم زوجان يمشيان معًا ليقوما بما أمِرا به. وفي أيّ حال، الكواكب "خدّام" (ش م ش ا) للإنسان.

[3] بدت الشمس مثل كرة (ا س ف ي ر ا) ومثلها القمر والكواكب. دخل فيها النور الذي انتشر على الخلائق كلّها.

[4] "ش ر ج ا. ر م ا. رج مت 5: 15: "لا يُوقَد سراج ويوضَع تحت المكيال، ولكن على مكان مرتفع". هكذا تكون الكواكب، ولفظ آخر: قنديل (ل م ف ي د ا). الكلمة اليونانيّة Lampas / ados ومنها في الفرنسيّة lampe.

[5] جاء كلام السروجيّ مرافقًا للنصّ الكتابيّ. بعد أن انتشر الضوء، تجمّع كلّه في النيّرات. وهكذا سار العالم مسيرته مع التقلّبات (برد، حرّ). ثمّ الشتاء (س ت و ا) ولا كلام عن الربيع والخريف لتكون الفصول أربعة.

[6] ش م ش ا. في السريانيّ، مذكّر. وفي العربيّة: مؤنّث. هي ختن (ح ت ن ا) لا عروس (ك ل ت ا). وإذ إردنا أن نحافظ على صيغة المذكّر كما في السريانيّة، جعلنا الفاعل "الختن".

[7] نقرأ في مز 19: 6: "مثل ختن يخرج من بيت جنانه، يرقص (دوص) مثل جبّار يركض (ره ط) طريقه (أور ح ا). هو نصّ البسيطة ما عدا "ق ي ط و ن ا" Koiton في اليونانيّة، غرفة النوم، رج فعل قطن في العربيّة.

[8] خرج "الختن" الذي يمثّل الشمس.

[9] صنع الله الشمس في المشرق (م د ن ح ا) من حيث تشرق اليوم، وملأها نورًا وأرسلها إلى الأرض لتكشح الظلام. انطلقت نحو التيمن (ت ي م ن ا) أي الجنوب، فنطاها الغرب (م ع ر ب ا) بكنفيه، بجناحيه. ومضى إلى الشمال (غ ر ب ي ا) في العربيّة، الجربياء هي ريح الشمال أو برْدها. في الشمال تُدفن الشمس لا في المغرب حيث تغيب.

[10] ما عُرفت الجهات الأربع التي تخرج منها الرياح. في اليوم الرابع، عُرفت، واتّخذت أسماء. كما أنّ الله عدّ الكواكب وأعطاها اسمًا وكنية. هكذا تحدّد بدء الشتاء وبدء الصيف. مثل هذا التدبير يتجاوز عقل الإنسان وفهمه. شُبّهت الكواكب "بجيش مصفوف" (ل ج ي ن ا). في اللاتينيّة Légiones. وفي الفرنسيّة Légions. في تك 2: 1، نقرأ "ص ب ا م"، الجيوش بالنسبة إلى السماوات والأرض.

[11] أخطأ الكلدانيّون حين افترضوا أنّ المجرّة تسيّر نفسها بنفسها، وما فهموا أنّ قوّة الله الخفيّة تجعلها تركض وتحفظها في مسيرتها.

[12] وظنّ هؤلاء الكلدانيّون أنّ الكواكب التي جعلها الله في الجلد لتدلّ على الأوقات والأزمنة تؤثّر في مصير البشر. من أجل هذا يقرأون الأبراج (م ل و ش ي) ويحاولون أن يعرفوا المستقبل.

[13] مت 23: 10: "لا تُدعوا مدبّرين" (م د ب ر ن ي). فالمدبّر واحد وهو المسيح. فكيف يدع الكلدانيّون الكائنات الجامدة "مدبّرين".

[14] نسي الكلدانيّون الخالق، وأحلّوا محلّه، في كتبهم، قراءة الأبراج التي رأوا فيها ما يوجّه مسيرة العالم. فأيّ إنسان عاقل يضلّ إلى هذا الحدّ، فيمتدح الخليقة لا الخالق.

[15] قد يمتلك عنصر بعض الصفات. فالربّ أعطاه إيّاه. فالنار مثلاً لا تحرق إذا منعها الربّ من ذلك. هذا ما حدث للفتيان في أتون النار. لا تستحقّ النار اللوم، كما هي لا تستحقّ المديح حين التهمت النار على جبل الكرمل.

[16] دا 3: 27: "رأوا أنّ قوّة النار لم تؤثّر على أجسام هؤلاء الرجال، ولا تغيّرت حالة سراويلهم، ولا سرت عليهم رائحة النار".

[17] 1 مل 18: 20-40، خصوصًا آ 38: "فنزلت نارُ الربّ والتهمت المحرقة والحطب والحجارة والتراب وحتّى الماء الذي في الخندق" (و. م ي ا. د. ب. ح ا ر ي ت ا). هكذا في البسيطة ولدى السروجيّ.

[18] تقل خليقة وظيفتها في خدمة العالم، من قبل الله. البرودة لدى القمر والرطوبة تنميان الثمار. والشمس الحارّة والجافّة تمنحها النضج والحلاوة واللون.

[19] ما الذي يُنمي النبات؟ لا الشمس ولا القمر ولا الهواء، بل الأمر الآتي من عند الله.

[20] تث 33: 14. و م ن. ا ب ا. د م و ع ا. س ه ر ا. نصّ واحد في البسيطة وعند السروجيّ.

[21] حين نسمع كلام موسى في تث 33: 14 (أورد أفرام النصّ في شرحه لسفر التكوين) لا نظنّ أنّ القمر يمتلك هذه السلطة. فماك ان خُلق بعد، ولا الشمس، حين أمر الله بأن تنبت الأرض (تك 1: 11). فبعد أن نمت الأشجار خلق الله الشمس والقمر مثل خادمين (ت ش م ش ت ا) سامعَين.

[22] يقوّم السروجيّ هنا تطبيقًا أخلاقيًّا: كما القمر ينمو وينقص، كذلك الإنسان ينتقل من الشباب إلى الشيخوخة، هكذا يقتني الإنسانُ التواضع (م ك ي ك و ت ا).

[23] ف 11: جميل. في نصّ آخر: ن ف ي ح: منتفخ، متعجرف.

[24] يوجّه السروجيّ كلامه إلى الشباب بجماله الشبيه بجمال القمر. العمر فوق الرؤوس مثل سحابة تحمل الأوجاع. فالشابّ (ع ل ي م ا) الغلام في العربيّة. من كان في بداية عمر الزواج مثل البدر. ولكنّ زمنه قصير. وبداية الشهر تأتي سريعًا.

[25] يو 12: 35: "فامشوا ما دام لكم النور، لئلاّ يباغتكم الظلام".

[26] صارت الحياة شبيهة بالقمر الذي يبدأ هلالاًا ويصير بدرًا قبل أن يختفي. فالشهر صار رمزًا إلى الحياة بطولها وقصرها.

[27] مت 5: 16: "فليضئ نوركم هكذا قدّام الناس ليشاهدوا أعمالكم الصالحة (ط ب ي) ويمجّدوا أباكم الذي في السماوات.

[28] الشمس بنورها رمزٌ إلى الله. وهي تبقى كما هي كلّ يوم فلا تتبدّل والله هو ما هو. فمن وضع ثقته فيه استنار به.

[29] عب 1: 12: "وأنت أنت لا تنتهي أيّامك". رج مز 102: 28: "فأنت لا تتغيّر".

[30] خر 3: 14: أنا هو الذي هو. نشير إلى أنّ البسيطة أخذت العبارة كلّها كما في العبريّة: ا ه ي ه (أكون) ا ش ر (الذي) ا ه ي ه (أكون).

[31] ا ح ر ن ا: آخر. في فترة من الفترات كان للعبرانيّين إلههم ولسائر الشعوب إلههم. بعد المنفى، لا إله سوى الإله الواحد. وما دُعيَ آلهة في الماضي هو باطل، هو حجر وخشب. لهذا قال أش 45: 18: "أنا أنا الربّ. وليس بعد" (ت و ب. أيضًا) أله خارج عنّي".

[32] الله، كما الشمس، لا يتبدّل لهذا نستند إليه ولا نخاف.

[33] خالق النيّرات هو النور الذي ينيرها. والسرج تطلب الزيت من نعمته.

[34] يبقى على الإنسان الذي يتعدّى الظواهر أن يندهش بمسيرة هذه الجيوش السماويّة ويمتدح الله. أعدّ الربّ عجلة الزمن وحدّد لها طريقًا تسير فيها إلى النهاية.

[35] هنا تحرّكت السماوات: هي تريد أن تخبر (مز 19: 1)، والشمس رقصت. فماذا تفعل أيّها الإنسان؟ هل تبقى نائمًا؟

[36] يتكرّر مز 19: 1 بشكل ردّة تتكرّر، كما في البسيطة: "ش م ي ا. م ش ت ع ي ن. ش و ب ح ه. د ا ل ه ا: السماوات تخبر بمجد الله. ويتواصل المزمور فيصل إلى الشمس التي ترقص (ن د و ص) مثل جبّار (ج ن ب ر ا) وتركض (ر ه ط) في طريقها (أو ر ح ه) (آ 6).

[37] تتكرّر الردّة فتدعو الإنسان الذي رأى، لكي يسمع. ألا يشارك في الخبر، في التسبيح. هل أنت أعمى وامتلأت ظلامًا فلا ترى المحاسن؟ ألات تعرف السمع والأصغاء فتمرّ الحقيقة بقربك وأنت لا تنتبه؟

[38] يقف الرقيع (جلد السماء، الفلك) تجاه السماوات. هي تخبر وهو يبيّن (1415). تبيّن وهو يبيّن لك. ألا تتطلّع لترى. في البسيطة: ر ق ي ع ا (الرقيع) م ح و ي (يبيّن) ع ب د (عمل) اي د و ه ي (يديه).

[39] ا و ح د ن ا: الفعل "ا ح د" يعني أخذ. ويعني: أغلق (الباب). والاسم: السلطة، الولاية. أي حيث يتسلّط كلّ من النهار ومن الليل. وكلٌّ من النيّرات. في هذا المقطع (1437-1444) نعرف أنّ النيّرات بدت وكأنّه تغلق باب الصباح وباب المساء.

[40] في اليوم الرابع، أمر الله فخلقت النيّرات. وكان القمر كاملاً، شأنه شأن الشمس، كما كُتب (تك 1: 16). ينتج عن هذا الإيراد أنّ القمر كان ممتلئًا أي بدرًا.

[41] حين وُلد القمر كان بدرًا. وسبق رفيقته (ب ر. زوجه) الشمس بأحد عشر يومًا، وكان عمره أربعة أيّام. لهذا، تتضمّن السنة الشمسيّة أحد عشر يومًا أكثر من السنة القمريّة. فالله ما أراد أن يكونا متساويين بسبب حساب السنين والشهور والأيّام.

[42] هذه العجلة تدور منذ ستة آلاف سنة، ولا زالت. هي لا تتوقّف نهارًا ولا ليلاً. وهكذا لا يُفرض على الله أن يكرّر أمره كلّ يوم.

[43] تمّ الخلق في ستّة أيّام. وبما أنّ يومًا في عيني الربّ مثل ألف سنة (مز 84: 11)، يكون الزمان 6000 سنة. واليوم السابع يقابل السنة السابعة التي نعيش فيها.

[44] للوهلة الأولى، هذه العجلة (أو هذه المركبة) تدبِّر نفسها بنفسها، أو تقود نفسها. وفي الواقع، مدبّرها، قائدها هو الله، الذي يعمل بواسطة النور. نلاحظ أنّ لفظ "رمز" (ر م ز ا) خفَّ وجوده هنا. وحلّ محلّه "القوّة الخفيّة" (ح ي ل ا. ك س ي ا).

[45] تكمل العجلةُ دورتها مع الشمس والقمر والكواكب، السريعة والبطيئة، ولا تتوقّف حتّى اليوم الذي فيه يُكمل العالمُ دورته. فمن نظر من دون فكر مسبَق، امتلأ عجبًا أمام هذه المحاسن وكلّ الجمالات.

[46] في خلفيّة هذا النصّ، ما قاله بولس الرسول في معرض كلامه عن قيامة الموتى (1 كور 15: 41): "وا ح ر ي ن (وآخر) ه و (هو) ش و ب ح ا (مجد) د. ش م ش ا (الشمس). واح ر ي ن (وآخر) ه و (هو) ش و ب ح ا (مجد) د. س ه ر ا (القمر) واح ر ي ن (وآخر) ش و ب ح ا (مجد) د. ك و ك ب ي (الكواكب).

[47] في 1 كور 15: 41 تواصل القراءة: وك و ك ب ا (وكوكب) م ن (من) ك و ك ب (كوكب) م ي ت ل (أفضل) ه و (هو) ب ش و ب ح ا (في المجد). في نصّ هذه الرسالة، جاء النصّ السروجيّ مطابقًا لما في البسيطة.

[48] مع أنّ كلّ الأجسام السماويّة، وهي كثيرة، تكوّنت من نور واحد، فليس لها إشعاع واحد وتتميّز الشمس والقمر والكواكب بقوّة هذا النور أو ضعفه. لقد أراد الخالق لها أن تسبّح بقدر الإشعاع الذي نالته. وهذا التسبيح يعود إليه في النهاية وهو الذي كوّنها، صغيرة أو كبيرة، من نور واحد.

[49] حين تمجّد الشمس، فالتمجيد يلبث بالله الذي خلقها. وكذا نقولعن القمر وعن الكواكب.

[50] نقرأ في أش 38: 8: "فرجعت الشمس بظلّها عشر درجات كانت نزلتها". وهنا نرى كيف تتواصل المسيرة اثنتي عشرة درجة، أو اثتني عشرة ساعة.

[51] انقسم نهار اليوم الرابع 12 درجة محدّدة. اختلف عن الأيّام السابقة (التي لم تتوزّع فيها الساعات بسبب النور الحاضر واللامتحرّك) فكان له ساعة ثالثة وساعة سادسة وساعة تاسعة. هكذا قُسمت ساعات النهار وساعات الليل في العالم العبريّ. هي ثلاث هجعات (م ط ر ت ا) فيها يتبدّل الحرّاس. نشير إلى أنّ العالم الرومانيّ، في زمن المسيح، عرف أربع هجعات.

[52] توّج الربّ الشمس بهالة من نور، وضمّ إلى القمر عددًا من الكوكب. فأنشد الجميع مجد الله: المشرق (م د ن ح ا) الذي جاء بالشمس إلى العالم. الجنوب (ت ي م ن ا) الذي غرق في أمواج النور. الغرب (م ع ر ب ا) حيث تنهي الكواكب مسيرتها من أجل الليل الآتي، الشمال (ج ر ب ي ا) حيث تلجأ الشمس بين الجبال العالية قبل أن تستعيد زخمها.

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM