خاتمة

خاتمة
تلك كانت دراستنا للرسالة الأولى إلى تيموتاوس، أولى الرسائل الرعائية، كما في العهد الجديد. رسالة تنقلنا إلى عالم "بولسيّ" آخر لم نعتد عليه في سائر الرسائل، وان جاء في امتداد الرسائل السابقة.
بولس هو رسول يكتب إلى تلميذه. وتلميذه يقتدي به. بولس خادم الانجيل، رغم الصعوبات التي تجابهه والآلام. وهو يريد أن يكون حاضرًا في جماعات أسّسها، فينقل إليها توصياته. يحدّث تيموتاوس الذي هو ابنه، ويذكّره بأن الشريعة صالحة. أما مركز حياته، فالمسيح الذي من نسل داود، حسب انجيل بولس.
وتجاه ذلك، نقرأ التقاليد الارشاديّة التي تستعمل أمورًا خلقيّة عرفها العالم اليونانيّ، وقرأها اليهود قبل المسيحيّين فوجدوا فيها امتدادًا لتعليم الكتب المقدّسة. فالصفات المطلوبة من المسؤول في الكنيسة، هي تلك التي تُطلب من الموظّف في "الادارات الرسمية" مع تشديد خاص على الانسان الصادق، الشريف. ولائحة الرذائل والفضائل التي تستعملها الرسائل الرعائيّة في صراعها مع المعلّمين الكذبة، نجدها في "الحرب" بين المدارس الفلسفيّة. ولوائح الواجبات المتعلّقة بالفئات الاجتماعيّة، تذكّرنا بشرعة العائلة التي نجدها في أف 5: 21- 6: 9؛ كو 3: 18- 4: 1؛ 1بط 2: 13- 3: 7. مثل هذه اللوائح نقرأها في الأدب اليونانيّ الذي يتحدّث عن تدبير البيوت في العالم القديم.
وانطلقت 1تم من عبارات تقليديّة عن الخلاص نقرأها في المدائح والمجدلات. في عبارات الكرازة والفقاهة، في اعترافات الايمان، فقدّمت عناصر سوف نجدها في قانون الايمان: عن التجسّد: "ظهر في الجسد، شاهدته الملائكة، آمن به العالم" (3: 16). عن آلام المسيح وموته في أيام بونطيوس بيلاطس (6: 13): هناك شهد أحسن شهادة. وأخيرًا، عن القيامة والظهور الأخير كما في 2تم 2: 8؛ 4: 1.
فالرسالة الأولى إلى تيموتاوس، شأنها شأن الرسالتين الأخريين، تكشف لنا الخلاص داخل مخطّط الله. فإن شددت تي 1: 2 على وعد الله الذي لا يكذب، و2تم 1: 9 على قصد الله، فإن 1تم تذكر تدبير الله المبنيّ على الايمان (1: 4). فالله إله مخلّص. وهو منذ الأزل يقدّم نعمته للبشر. وهذا القرار الأبديّ عن الخلاص يتجلّى في التاريخ، ويتّصل بأحداثه. اُخذ التعبير من العالم اليونانيّ حيث يدخل الملك إلى المدينة بصورة مفاجئة، ليتجلّى بعمله الخيّر بمناسبة انتصار في الحرب أو شفاء من مرض، أو حدث خارق ما كان لبشر أن ينتظره. فأخذته الرسائل الرعائيّة للكلام على تدخّل الله بواسطة ابنه يسوع.
تلك كانت مسيرتنا في 1تم. نطرح الموضوع العام. ندرس النصّ. وفي النهاية، القراءة الاجماليّة التي ترتبط بنظرة روحيّة ورعائيّة. فالكتاب كُتب لتعليمنا. فما نفع تعليم لا يكون حياة، وما نفع غنى تعليميّ نأخذه ولا نحمله إلى آخرين. عندئذ نُشبه صاحب الوزنة الواحدة الذي لم يتاجر بها فنال العقاب الذي يستحقّ. قرأنا 1تم وتأمّلنا فيها. هي الأولى بين الرسائل الرعائيّة. فإلى الرسالة الثانية إلى تيموتاوس والرسالة إلى تيطس. والربّ هو الذي يلهم مسيرتنا.

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM