رسالة يهوذا: إلى المحبوبين في الله تقديم

تقديم

رسالة يهوذا عظة جُعلت في شكل رسالة، فاهتمت بالمحافظة على إيمان الأشخاص الذين أرسلت إليهم. فجاءت في تحيّة تذكّر القرّاء بدعوتهم وتطلب منهم الثبات في الايمان الذي تسلّموه. كما تطلب منهم المدافعة عن إيمانهم رغم وجود الكافرين الذين سيظلّون في الجماعات المسيحيّة حتى نهاية العالم، كالزؤان بين القمح. ويشدّد الكاتب على شرّ الكافرين، كما يشجّع المؤمنين قائلاً لهم إن باستطاعتهم أن يفلتوا من شرّهم. وتأتي الخاتمة بشكل مجدلة فتصوّر لنا الله العظيم والقدير الذي يجازي كل واحد بحسب أعماله.
رسالة يهوذا نبعت في محيط يهودي، فعادت إلى العهد القديم تستلهم نصوصه، وأشارت إلى قايين وبلعام وفورح. كما عادت إلى الأسفار المنحولة المتحدّثة عن الملائكة وصراعهم مع إبليس، وعادت بشكل خاص إلى كتاب الساهرين في سفر أخنوخ. والتقت هذه الرسالة برسالة بطرس الثانية ولا سيّما 2: 1- 18 و3: 1- 3. تحدّثنا كلتا الرسالتين عن الكافرين، عن الانبياء الكذبة الذي ينتظرهم عقاب الله، بسبب فلتانهم الأخلاقي وإنكارهم للرب يسوع. كلتاهما تتحدّثان عن الملائكة الخطأة، عن سدوم، عن خطورة الخطايا التي يقترفها هؤلاء الكافرون. وحضورهم في المآدب المسيحية، في عشاءات المحبّة، في الأغابي، يجعلهم كسحب بدون مطر، وكأشجار تقتلعها العاصفة.
رسالة يسوع رسالة فيها التحريض والتنبيه من أجل المؤمنين، وفيها الهجوم على هؤلاء الكافرين الذين بدأوا يعيشون حياة الفلتان، فوصل بهم هذا العيش إلى تفكير يبتعد كل البعد عن التقليد المسيحيّ الصحيح، إلى تفكير يتعلّق بالرؤى والاحلام والنظرات السرابيّة التي لا ترتكز إلى الخلاص الذي حمله يسوع المسيح.
رسالة يهوذا رسالة ارتبطت باسم يهوذا، وباسم يعقوب أخي يهوذا، مع أنها كُتبت بعد موت يعقوب ويهوذا بسنوات عديدة. كُتبت بلغة يونانيّة أنيقة، شأنها شأن رسالة يعقوب، فدوّنها لا يهوذا الذي لم يكن متعلّماً، بل أحد تلاميذه، بل مسيحيّ هلينيّ من الجيل الثاني أو الثالث. هذه الرسالة أشار إليها قانون موراتوري، على أنها تُقرأ في كنيسة رومة في نهاية القرن الثاني. ووصلت إلينا في بردية بودمر أو بردية 72 خلال القرن الثالث. اعتبرها ترتليانس كتاباً مقدّساً، وامتدحها أوريجانس وإن كانت له تحفّظات بسبب عودتها إلى الأسفار المنحولة (المكتومة). رسالة قرأها إيرونيموس، وتحفّظت سورية بعض الوقت في قبولها. ولكن كل تحفّظ زال في نهاية القرن الخامس. أما الكنيسة اللاتينيّة فاعتبرت يهو قانونيّة منذ بداية القرن الخامس دون أن تتوقّف عند استعمالها للأسفار المنحولة.
إلى هذه الرسالة سنتعرّف. بعد نظرة عامة إليها، إلى تصميمها وتعليمها، ندرس نصوصها.

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM