الكتاب المقدَّس واليوبيل الكبير سنة الألفين

الكتاب المقدَّس واليوبيل الكبير سنة الألفين

الوحي والكتاب
نبدأ فنشكركم على اللقاء والاهتمام بالكتاب المقدَّس والتبحُّر فيه وعيشه. في الواقع، كم نحن بحاجة إلى الإصغاء الورع إلى كلمة الله وإعلانها بثقة. في هذا السبيل نسمع كلام يوحنا الإنجيلي: "... نبشّركم بالحياة الأبدية التي كانت عند الآب فظهرت لنا، والذي رأيناه وسمعناه، به نبشِّركم لتكون لكم أيضًا شركة معنا، وشركتنا إنّما هي مع الآب ومع ابنه يسوع المسيح" (يو 1: 2-3). ونتذكر هدف الوحي: أن يسمع العالم بأسره بالبشرى السارّة فيؤمن، وبإيمانه يرجو، وبرجائه يحبّ (كما يقول القديس أغوسطينوس).
بادئ ذي بدء، نفهم أن الله كشف عن ذاته وأعلن سرّ إرادته (أفسس 1: 9)، وهكذا توصّلت البشرية إلى الآب في الروح القدس بالمسيح الكلمة المتجسِّد. فصرنا شركاء في الطبيعة الإلهية (الطقس الماروني: وحَّدت يا رب لاهوتك). كما نفهم أن سر التجسّد علَّمنا أنّ الله الغير المنظور أفاض محبّته للبشر وكلّمهم كأحّباء، تحدَّث إليهم، ودعاهم إلى شركته وقَبلهم فيها. فسُّر التدبير الإلهي والوحي يقوم بالأعمال والأقوال:
* الأعمال التي حقّقها الله في تاريخ الخلاص تُبرز العقيدة.
* والأقوال تُعلن الأعمال.والحقيقة الخالصة التي يُطلعنا عليها الوحي، سواء عن الله أم عن خلاص الإنسان، تسطع في المسيح الذي هو وسيط الوحي بكامله وملؤه في آن واحد.

الكمال الشخصي للوحي هو المسيح
- إنّ الله بعد أن تكلَّم تكرارًا وبطرق مختلفة، كلَّمنا في هذه الأيام الأخيرة بالابن (عبرانيين 1:1-2).
- الآب يرسل ابنه الكلمة الأزلي ليخبرنا عن خفيات الله (يوحنا 1: 1-18).
- الله يقيم بين البشر: "عمانوئيل". يُخبر عن الآب، يكشف إرادة الآب، يُظهر الآب للعالم: ابيفانيا.
- والمسيح المُرسل إلى الناس، يتكلَّم بكلام الله، يتمِّم العمل الخلاصي الذي رسمه الآب...
- إن رآه أحد (يسوع) رأى الآب (يو 14: 9).
- إنّه يتمِّم الوحي. كيف؟ بحضوره الذاتي وبظهوره وبأعماله وبأقواله وبآياته ومعجزاته، وبخاصة بموته وقيامته وأخيرًا بإرساله روح الحق. بهذا يتمِّم الوحي ويثبّته. وهَدَف كل هذا: أنّ الله ينشلنا من ظلمات الخطيئة والموت ويدعونا للحياة الأبدية.

الكتاب المقدَّس واليوبيل
- اختبرت الكنيسة في أوّل عهدها وقْع كلمة الله: فالكلمة هي أساس تجديد الكنيسة. والكلمة تُعلَن في الكنيسة- الكرازة. والكلمة تُعلَن في الإفخارستيا. والكلمة هي حضور المسيح الحيّ والقائم وسط الجماعة في مسيرتها إلى الملكوت.

يوبيل الألفين
هو توبة وتجدُّد. وهو ولادة جديدة. وهو دعوة للالتزام الجدّي. وهو عودة إلى الكلمة. وهو التعرُّف على الكتاب المقدّس. وهو صراحة مع الكتاب المقدّس الذي متى قرأناه وفهمناه حوَّل صحراء الإنسان إلى واحة فرح وحياة وتجدُّد.
لا حاجة إلى التوسّع في أهمية الكتاب المقدّس في حياة الكاهن. فالمجمع الفاتيكاني واضح في هذا المجال. ولا في أهمية الكتاب المقدّس في رسالة العلمانيين. قال بطرس الرسول: "كونوا على استعداد للإجابة على كل من يطلب منكم دليلاً على الرجاء الذي فيكم" (1 بط 3: 5) ونحن نفرح حين نرى هذا الرجوع اللافت إلى الكتاب المقدَّس في هذا العصر.
وإذ نحن في زمن الميلاد، نتذكر قول الإنجيل: الكلمة صار جسدًا وحلَّ بيننا. فكلَّ مرة نُعلن البشرى والكرازة الإنجيلية نعيش الميلاد ونتغذّى أكثر فأكثر بالكلمة المتجسِّد الذي أعطانا جسده ودمه وقال لنا اصنعوا هذا لذكري حتى مجيئي. كلّ مرّة نحتفل بالإفخارستيا، يُولد المسيح في قلوبنا وكنائسنا وأديرتنا والعالم. وهكذا تلتقي مائدة الكلمة مع مائدة الإفخارستيا، فتجعلان منا الجماعة الكاملة التي يقيم فيها الربّ.
المطران يوحنا فؤاد الحاج
رئيس أساقفة طرابلس

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM