سفر الخروج

سفر الخروج
أ- المقدمة:
سفرُ الخروج هو السفرُ الثاني من أسفار الشريعة الخمسة. سمِّي كذلك لأنه يروي في قسمِه الأوّل خروجَ العبرانيين من مصر علِى يد موسى. يرتبطُ بسفر التكوين الذي سبقه وبسفري اللاويين والعدد اللّذين يتبعانه. وصل يعقوب مع عياله إلى مصر: هكذا ينتهي سفر التكوين، وكثروا في زمن موسى فخافت منهم مصر. ويروي سفر الخروج كيف أقام العبرانيون في البرية. وسيَذكر سفرُ اللاويين الشرائَع العبادية، ويحدّثنا سفر العدد عن حياة الشعب العبراني قبل وصوله الى أرض موآب ودخوله أرض كنعان.
دخل العبرانيون إلى مصر مع الهكسوس، أو الملوك الرعاة، في القرن الثامن عشر. ومضت مئة وخمسون سنة قبل ان يطرد المصريون هؤلاء الفاريّن. ولكن بقي العبرانيون من قبائل إفرام ومنسى وبنيامين ولاوي ويهوذا في مصر. ولمّا كان القرن الثالث عشر، قام الحكم المصري بنهضة عمرانية فبنى المدن وحوَّطها باسوار، واستفاد من وجود الغرباء الساميين من برانيين وغيرهم، فأرسلهم إلى هذه الأعمال الشاقة. أما موسى الذي تربى تربية عالية من أجل خدمة الملك وسياسته، فقد توصَّل إلى جر اخوته بني قومه الى البرية، وهناك نظَّم لهم حياتهم الدينية بانتظار أن يدخلوا، بقيادة يشوع، ارض كنعان.
هذا هو الإطار البشري الذي تدخَّل فيه الله من أجل شعبه، هذا هو الإطار الذي دوّن فيه سفر الخروج.

ب- تحليل الكتاب وبنيته:
يتضمن سفر الخروج تكملة الخبر الذي بدأ في سفر التكوين. إنطلق من بعد موت يوسف في مصر (تك 50: 26) ووصل بنا الى إقامة خيمة الاجتماع على يد موسى في برية سيناء. وكان ذلك في اليوم الأوّل من الشهر الأوّل من السنة الثانية بعد خروجهم من مصر (40: 2، 17).
ولكن منذ الصفحة الأولى من سفر الخروج تبدو الحالة مختلفة عمّا كانت عليه في سفر التكوين. فأيام يوسف صارت بعيدةً: وقام في مصر ملك لا يعرف يوسف (1: 8). وبيت يعقوب تكاثروا جداً، فخاف منهم الفرعون وجعلهم عبيداً له. هذا الشعب سيحرره الربُ، ويُخرجه من أرض مصر (ف 1- 15)، ويقوده عبر البرية الى جبل سيناء (ف 16- 19)، ويقطع معه عهداً ويعطيه الوصايا العشر (ف 20) وجموعةً من الشرائع الدينية والاخلاقية والاجتماعية والعبادية (ف 21- 40).
وإليك تصميماً مفصلاً لسفر الخروج الذي يُقسَم ثلاثةَ اقسام. الأحداث التي تسبق الخروج من مصر، الخروج من مصر والمسيرة إلى سيناء، الشعب في سيناء.
القسم الأول: الأحداث السابقة للخروج (1: 1- 11: 10)
1- نما بيتُ يعقوب بصورة عجيبة في مصر، فقلق الفرعون من وجود هذا الشعب الذي صار قوياً. فاستعبده وأرسله إلى الأشغال الشاقة وأمر ان يُقتل كل مولود ذَكر فيهم (1: 1-23). في هذه الظُروف ولد موسى ولكنَّه نجا من الموت بواسطة إبنة الفرعون التي تبّنته (2: 1- 10). ولما صار رجلاً ورأى ما يحتمله بنو قومه قتل مصرياً وهرب إلى أرض مديان وتزوج إبنة كاهنها (3: 11- 22)
2- وصرخ بنو اسرائيل إلى الله فسمع الله صراخَهم وتذكَّر عهده مع ابراهيم واسحق ويعقوب وقرَّر أن يتدخل من أجلهم (2: 23- 25). فدعا موس الذي كان يرعى غنَم حمّيه قرب حوريب، وكلَّمه من وسط العليقة الملتهبة، وأمره أن يُخرج شعبَه من مصر (3: 1- 12). تردّد موسى واحتار، ولكن الله أعطاه تعلمات تخصّ رسالتَه ومنحه سلطةَ اجتراح المعجزات (3: 13- 4: 9). أراد موسى أن يتهرب، ولكن الربَّ فرض عليه أن يعمل مع أخيه هارون الذي جاء إليه. فترك موسى أرض مديان وذهب إلى الشعب وأعلن لهم كلمة التحرير فتقبّلوها بفرح (4: 10- 31). ولكن أول لقاء مع فرعون انتهى بفشل ذريع وزاد حالة الشعب العبراني تعاسة (5: 1- 23).
3- فلم يبق لموسى إلاّ أن يضرب مصر وسكانها ليتغلَّب على عناد فرعون. وكانت كل زيارة للملك تتبعها ضربةٌ تَنزل بأرض مصر: تحوَّل الماء دماً، جاءت الضفادع والبعوض... والوباء... والبرَد والجراد والظلمة (7: 14- 10: 29). أقرَّ سحَرةُ مصر بَعجْزهم وفشلهم واستعدَّ فرعون لأن يُطلق الشعب منذ الضربة الثانية ولكنه تراجع المرة بعد المرة إلى أن اعلن موسى الضربةَ العاشرة التي تصيب ابكار مصر (11: 1- 10).
القسم الثاني: الخروج من مصر والمسيرة الى سيناء (12: 1- 18: 27)
1- احتفل بنو إسرائيل بعيد الفصح. ويورد الكتاب الفرائضَ المتعلقة بهذا العيد الذي يذكرّهم بخروجهم من أرض مصر ونجاتهم من العبودية. ثم يَروي سفر الخروج الليلة الدراماتيكية التي فيها تمَّت الضربة العاشرة. مات الأبكار في مصر فأُجبر فرعون على أن يطلقَ العبرانيين فانطلقوا من رعمسيس في مرحلة أولى إلى سكّوت (13: 29- 42). وكانت فرائض اخرى عن الاحتفال بالفصح وعن تكريس الابكار وعن الفطير (12: 43- 13: 16).
2- ويعودُ بنا الراوي إلى مسيرة العبرانيين الذين قادهم الربُ بعمود من الغمام والنار. مشوا في البرية من سكوت إلى إيتام وتوجهّوا نحو بحر سوف أو بحر القصب، فلحق بهم المصريون (13: 17- 14: 14). ففتح الله البحر أمام بني اسرائيل الذين ساروا عليه كما على أرض يابسة، ثم أعاد المياه فأغرقت المصريين. حينئذ انطلق نشيد الشكر وقد بدأته مريم اخت هارون بهذه الردة: "سبحوا الرب، لأنه قد تعظم بالمجد. الفرس وراكبه طرحهما في البحر".
3- وانطلق بنو اسرائيل نحو برية شور. وحلَّى موسى المياه في مارة. وانطلق الشعب من إيليم إلى برية صين وهناك جاعوا فأعطاهم الرب المنَّ والسلوى. وفي رفيديم أخرج لهم موسى من الصخرة الماء، وصلّى لأجلهم فانتصروا بقيادة يشوع على بني عماليق.
القسم الثالث: الشعب في سيناء (19: 1- 40: 38).
1- يشكل العهد بين الرب والشعب قمة في سفر الخروج بل في اسفار الشريعة الخمسة. إنطلق بنو اسرائيل من رفيديم فوصلوا إلى برية سيناء في الشهر الثالث بعد الخروج من مصر، وخيَّموا تجاه الجبل (19: 1- 2). فعرض الرب على موسى ان يقطع عهداً مع الشعب يكرِّس اختيارَه لهم: يكون الرب الههم ويحميهم إن قبلوا ان يبقوا أمناء للشريعة التي سئعطيهم (19: 3- 9). واستعدَّ الشعب ثلاثة أيام لظهور الرب المهيب على سيناء. أعطيت الوصايا العشر (20: 1- 17) وفرائضُ مدنيّة ودينيّة سُمِّيت دستور العهد. وقدِّمت ذبيحة ختمت العهد بين الله وبني اسرائيل الذين وعدوا بأن يفعلوا بكل ما امرهم به الرب. وصعد موسى أيضاً إلى الجبل للقاء الرب (24: 1- 18).
2- واملى الله على موسى فرائض طويلة تتعلَّق ببناء المعبد وبخدامه (ف 25- 31). فعلى هذا الشعب المختار أن يكون مملكة كهنة وأمَّة مقدّسة (19: 6). ويرسم النص أمامنا ادوات العبادة (تابوت العهد، المنارة، المذبح) ومسكنَ الرب (ف 25- 27) والملابسَ الليتورجية الخاصة بهارون والكهنة (ف 28) وطقوم التكريس وتعيينَ العمال والمحافظةَ على السبت (ف 29- 31). ويختم الله كلامَه فيسلِّم إلى موسى لوحي الوصايا (31: 18).
3- هنا يرد حدثٌ إخباري عن العجل الذهبي، وتَشفعُ موسى من اجل الشعب، قبل الاعلان عن الوصايا المتعلِّقة بشعائر العبادة (ف 32- 34). أقام موسى على جبل سيناء وطالت إقامته، فتَعِب الشعب من الانتظار وصنع لنفسه عجلاً ذهبياً وعَبدَه. أخبر الربُ موسى بالأمر، فتشفع موسى من أجل الشعب ثم نزل من الجبل. حطَّم لوحي الشريعة ودمَّر العجل الذهي ووبَّخ هارون على فعلته ودعا اللاويين لمعاقبة الشعب.
4- وينفذ موسى أوامر الله المتعلقة ببناء المعبد وصنع ملابس الكهنة. وهكذا تستعيد ف 35- 40 ما ورد في ف 25- 31. يذكِّر موسى الشعب بوصية السبت (35: 1- 3) ثم يطلب منهم تقدمات مادية ويبحَث بينهم عن صنَّاع ماهرين... وينتهي العمل في اليوم الأول من الشهر الأول من السنة الثانية بعد الخروج من مصر. أقام الرب في المسكن المقدس بواسطة الغلام الذي يغطِّي خيمة الاجماع ويقود بني اسرائيل في مراحل تنقلهم نحو أرض الميعاد.

ج- أصل الكتاب وتأليفه:
يتألف سفر الخروج من عناصر متعددة ترتبط بالتقاليد الثلاثة الواردة في أسفار الشريعة الخمسة. فالتقليد اليهوهي يقدم لنا الاخبار في ف 1- 19 مع بعض زيادات من التقليدين الآخرين. يُطيل الحديث على دعوة موسى ودوره أمام فرعون. ويذكر سبع ضربات محافظاً على طابع البلاد المصرية ويروي بطريقة دراماتيكية ليلةَ موت الابكار والخروج من مصر.
أما التقليد الالوهيمي فاقل توسعاً من التقليد اليهوهي. يورد خمس ضربات حلَّ بمصر ويشدِّد على علاقات موسى بالمديانيين وما حملوه الى بني اسرائيل من نُظُم (ف 18). ولقد إحتفظ لنا التقليدُ الالوهيمي خاصة بالوصايا العشر وبالدستور الاشتراعي الذي يشدّد على متطلبات الرب الأخلاقية. وينتهي هذا التقليد في خبر العجل الذهي.
ونتعرف إلى التقليد الكهنوتي في الاشارات التاريخية والأعداد ولوائح الأنساب. يقتصد في رواية الاحداث ولكنّه يشدّد على العنصر العجيب في المعجزات. يُورد خمسَ ضربات ويطيلُ الحديث على التشريع المتعلق بالمعبد والكهنة. يبدو عهد سيناء في نظر هذا التقليد كمجيء الله في مسكنه حيث تتمحور حياةُ بني اسرائيل كجماعة منظمة.
امتزجت هذه التقاليد وتنقحت على يد مؤلِّفين عملوا في عصور مختلفة وتأثروا بمحيطهم واهتماماتهم الدينية. وسوف ننتظر القرن الخامس ق م لتتثبَّت الأسفار الخمسة في النصّ الذي نعرفه اليوم.
د- احداث الخروج والتاريخ المقدس.
وصف الشراح سفر الخروج بأنه "إنجيل العهد القديم" بمعنى انه يورد خبراً ساراً، هو تدخّل الله في وجود جاعة من البشر ليَلِدهم الى الحريّة ويجمعهم في شعب مقدس. أجل، يبدو سفر الخروج تاريخاً مقدَّساً لفترةٍ حاسمة بالنسبة إلى وجود العبرانيين ومصيرهم. فخلاص بني اسرائيل من عبودية مصر، والعهدُ في سيناء، وعطيةُ الشريعة، كلّ هذا يشكّل احداثاً ستظل عالقةً في ذاكرة الشعب لأنها تفسِّر اختيار الله لهم، والايمانَ التوحيدي الذي يعيشونه، والباعثَ الذي يدفعهم ليكونوا امناء لله.
لقد إعتبر بنو إسرائيل أن الخروج من مصر هو حدث خَلَق شعبَ اسرائيل فارتبطت به حياتُهم، وعادت إليه نُظُمهم وطقوسُهم وعقائدُهم. لقد كان حدث الخروج أهم من الدخول إلى أرض كنعان بقيادة يشوع، وتنظيم الملكية، والمنفى وتحويل شعب اسرائيل إلى جماعة روحية.
لماذا يعيّد بنو اسرائيل الفصحَ والفطيرَ، ولماذا يقدِّمون تقدمة عن ابكارهم؟ لا يكون الجواب: لأن تلك هي عادة أهل البلاد الذين نعيش معهم، بل لأن ذلك ما فعلناه يوم خرَجنا من أرض مصر. ولماذا نحترم الغريب ونقدّم له العون؟ لأن اختبار الحياة حين كنا غرباء في مصر علَّمنا قساوة الحياة عند الغريب.
وسفر الخروج هو الزمن المميَّز للقاء الشعب بالله. نحن لن نتوقف على المعجزات أكانت عبور البحر الأحمر أم الضربات العشر. ولكن إن قرأنا الكتاب بتمعن لأكتشفنا أسئلة جوهرية مثل هذه: هل يؤمنون؟ هل الله في وسطنا أم لا؟ ما هو اسمه؟ هل نقدر أن نراه؟ إلى اين تقودنا هذه المغامرة التي تحمل الخطر والموت؟ إلى هذه التساؤلات يجيب سفر الخروج منطلقاً من إيمان عميق بالله. فالله الذي أقام مع شعبه وقاد مسيرته هو الاله الأمين، هو إله الرجاء، هو الإله الذي يَسمع صراخَ أناس، يتألمون في العبودية، وهو القادر أن يتغلَّب على كل المقاومات ليقود اخصاءه إلى الحرية. هذا الإله اراد أن يجمع اناساً في شعب واحد ويقدم لهم عهده ويطلب منهم أن يعملوا بموجب هذا العهد. هذا الاله هو الذي كشف طول باله ورحمته لشعب خاطئ، وهو الحاضر وسط المؤمنين بواسطة موسى نبيّه والليتورجيا التي يحتفل بها الكاهن هارون في معبده.
والخروبخ من مصر ليس حدثاً من الماضي فحسب، بل هو واقع حاضر الآن وهو في قلب الشعب. وهذا ما يشعرُ به الؤمنون خلال احتفالاتهم الليتورجية. فالأعياد مناسبة للمشاركة في الخلاص الفصحي وللدخول دوماً في العهد الذى دُشَّن في سيناء. والليتورجيا تُتيح لكل واحد أن يعيش من جديد أحداث الخروج. وفي الازمات الكبيرة كان الشعب ينظر إلى هذا الماضي وتعود إليه ليستقي منه روحاً جديدة. فخلال الأزمة الكنعانية التي كادت تقود مملكة الشمال إلى جحد إيمانها والتعبد لبعل، ذهب إيليا إلى جبل حوريب، إلى منابع الايمان في بني اسرائيل، ومن هناك أخذ قوّة جديدة ليتابع حربَه من أجل الله. وبعد أزمة المنفى في بابل وضياع الشعب، أنبأ إرميا وحزقيال بعهد جديد، وأعلن اشعيا الثاني أن الوقت حان من أجل خروج جديد. فالتحرّر العجيب من أرض الاسر يرافقه تحرر من الخطايا ونداء من كل الأمم لتوجِّه قلبها إلى القادر على ان يخلّص البشر كلَّهم.
هـ- سفر الخروج والعهد الجديد
فسَّرَ العهد الجديد احداثَ الخروج على أنها صورة عن الشريعة الجديدة. وقد شدَّد القديس بولس على هذا الأمر فقال. "إن آباءنا كانوا كلُهم تحت حماية الغمام، وكلُهم عبروا البحر، وكلُّهم تعمدوا لموسى في الغمام وفي البحر، وكلُهم كانو يشربون شرباً روحياً واحداً من صخرة روحية ترافقهم، وهذه الصخرة هو المسيح" (1 كور 10: 1- 4). وهكذا يرى القديس بولس في عبور البحر الأحمر ما يقابل العماد المسيحي، وفي المن ومياه حوريب صورةً مسقبة عن الافخارستيا. وفي مكان آخر يسمَّى المسيحُ المذبوح "فصحنا" (1 كور 5: 7).
وفي انجيل يوحنا يبدو المسيح كموسى الجديد. قال الانجيل (يو 1: 17): "لأن الله بموسى أعطانا الشريعة، وأمَّا بيسوع المسيح فوهبنا النعمة والحق". وقال أيضاً (يو 3: 14): "وكما رفع موسى الحيَّة في البرية، فكذلك يجب أن يرفع ابن الانسان". أما يسوع فيقابل بين المن الذي أكله العبرانيون في البرية، والخبز الحي الذي يعطيه الآب السماوي. قال اليهود: "آباؤنا أكلوا المن في البرية"... فأجابهم يسوع: "الحق الحق أقول لكم: ما أعطاكم موسى الخبز من السماء، أبي وحده يعطيكم الخبز الحقيقي من السماء" (يو 6: 30- 32).
ويمكننا أن نقابل بين مواضيع سفر الخروج ومواضيع الفصول الأولى من انجيل يوحنا، كما ان الرؤيا تقابل بين انتصار المختارين على الموت وعبور البحر الأحمر. أما الرسالة الأولى للقديس بطرس فتستقي صورها من شعائر الفصح لتقدِّم لنا تعليماً عن الحياة المسيحية.
عشاء يسوع الأخير وموته وتمجيده هي بمثابة فصحه. والمسيح نفسه كما تقول الرؤيا هو الحمل الفصحي، والذين يشاركونه في انتصاره على الوحش يُنشدون نشيد موسى. أما الضربات التي تصيب عباد الوحش فهي هي التي أصابت المصريين، وهكذا يبدو سفر الرؤيا قراءةً جديدةً لسفر الخروج.
وستعود الرسالة إلى العبرانيين فتبين سمو المسيح على موسى، وتقول (3: 2- 6): "فالمسيح أمين للذي اختاره كما كان موسى أميناً لبيت الله أجمع. ولكن يسوع كان اهلاً لمجد يفوق مجد موسى بمقدار ما لباني البيت من كرامة تفوق كرامة البيت... وكان موسى أميناً لبيت الله أجمع لكونه خادماً... أما المسيح، فهو أمين لبيت الله لكونه ابن الله". وتبيِّن في موضع آخر الطابع السامي لكهنوت المسيح وذبيحته بالنسبة إلى كهنوت سيناء وذبائحه. وكما أنَّ العهدَ القديم قُطع في دم ذبيحةٍ كذلك خُتم العهدُ الجديد النهائي بدم المسيح. "فموسى... أخذ دم العجول... وقال: "هذا هو دم العهد الذي أمركم الله به... فكذلك المسيح قدم نفسه مرة واحدة ليزيل خطايا الكثير من الناس" (عب 9: 19- 28).
الخوري بولس الفغالي

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM