أقوال مناندرو

أقوال مناندرو

1- مناندرو الحكيم:
قبل كل شيء، خف الله،
وأكرم من هم أكبر منك،
لكي تكون مكرومًا لدى الله.
5 أهرب من كل ما هو بغيض.
هناك من يتبع معدته أو جوعه:
فهو في الحال يعيّر ويُحتقر.
طوبى لمن يسود معدتَه وجوعه.
ينبوع كل صلاح مخافة الله،
10 فهي تنجّينا من الشرّ،
وفي ضيقك تدعوه،
فيسمعك حين تصرخ.
أشغال البشر لا تدوم،
لأن حياتهم تنتهي في بيت الموت.
15 الشباب ظريف جذّاب،
ولكنه لا يدوم للإنسان طويلاً.
والشيخوخة تجعله ذابلاً.
في الحياة والمال والبنين سرور،
والاسم الصالح يزيد سرورًا على سرور.
20 الفرح شيء ممتاز
حين يبتعد عنه العنف والخصام.
ما أطيب الصداقة
التي تتواصل حتى الموت.
الحكمة جذّابة
25 حين لا تكون منتفخة.
الأمانة أمر عظيم
حين يرافقها الحكمُ الصائب.
التفاهة تقود العقل إلى الضلال،
والاضطراب يجعل الإنسان يخسر حواسه.
30 القلب الشرير يسبّب الكآبة والتنهّد،
والحسد يسبّب الشرّ والخصام.
البطن يقود إلى العار،
واللّسان إلى الشقاء.
نظرت،
فإذا الجحيم بيت البشر،
وهي موضع الراحة،
الذي يحدّده الله للبشر.
هكذا يستريحون من الشرور
التي شاهدوها في حياتهم.

2- قال مناندرو الحكيم:
في رأس أقوال الحكيم كل أعماله:
الماء والزرع، الغرس والبنون.
ما أحسن أن نغرس غرسًا،
5 وما أجلّ أن نلد أبناء.
فالزرع حسن وأهل للمديح،
ولكن الذي به يأتي الكل
هو أهل للمديح قبل كل شيء.
خَف الله قبل كل شيء،
10 وأكرم أباك وأمّك.
لا تضحك من الشيخوخة
لأنك واصل إليها ومقيم فيها.
أكرم من هو أكبر منك،
والله يرفع كرامتك ومقامك.
15 قتلاً لا تقتل،
ولا تصنع يداك ما هو بغيض.
لأن السيف وُضع في الوسط.
فليس من يقتل قتلَ القساوة،
إلاّ ويُقتل هو عاجلاً.
20 اسمع كل يوم أقوال أبيك وأمّك،
ولا تحاول الإساءة لهما والاستحقار.
فالابن الذي يستخفّ بأبيه وأمه ويسيء إليهما،
يُهيِّئ له الله الموت والشقاء.
أكرم أباك أحسن إكرام،
25 ولا تستخفّ بأصدقائك،
ولا تستصغر من يوقّرك.
إن نما ابنك وخرج عن الصبا،
متواضع وحكيم،
فعلّمه "كتاب الحكمة"،
30 لأن الكتاب صالح لتعلّم الحكمة.
الحكمة نور العينين ولسان فاضل.
فالعينان المستنيرتان لا تعميان،
واللّسان المتكلّم بالحكمة لا يتلعثم.
وإن نما ابنك وخرج من الصبا ،
35 كفظّ وحش ووقح،
وسارق وكذّاب ومستخفّ،
فعلّمه مهنة المقاتل،
واجعل في يده سيفًا وسكينًا،
وصلِّ لأجله.
40 فإن قتل يُقتل في الحال.
أما إن ظلّ حيًا،
فستبلى عبر نفاقه وتبذيره،
ساعة لا يعمل صالحًا من أجلك.
فالابن الشرير يجب أن يموت، ولا يحيا.
45 والمرأة الزانية، قدماها متقلقلتان،
لأنها تكذب على زوجها الصالح.
والرجل الذي لا يتصرّف مع زوجته كما يليق،
يُبغضه الله نفسه.
احفظ ابنك من الزنى،
50 وعبدك من بيت الوليمة:
كلاهما يتعلّمان السرقة.
اشرب الخمر باعتدال،
ولا تفتخر بشربها.
فالخمر ناعمة حلوة.
55 ولكن كل من يخاصم ويفتخر بخصومته،
يُعيّر حالاً ويُحتقر.
ولكن حين تمتلئ معدتك، فامض
حيث لا تأكل الكلاب تقيّوء معدتك.
أمران هما بغيضان،
60 وكلاهما يتعلّقان بالمعدة.
الحرمان، فالمعدة تنتفخ.
والتخمة، فالمعدة تنفجر.
فمن تبع جوعه ومعدته،
احتُقر في الحال وعُيّر.
65 طوبى للإنسان الذي يتسلّط على معدته وجوعه،
فهو من نثق به في كل زمان.
عادةُ النوم في غير وقته بغيضة:
فالرقاد يحملنا إلى الجحيم،
والأحلام توحّدنا مع الموتى.
70 الكسل بغيض هو:
فهو الجوع والعطش، والعري والبكاء.
ما أعظم النشاط وما أكرمه:
فهو في كل وقت معدة مليئة ووجه مستنير.
فإن لم ينجح الإنسان،
75 فأقلّه لا يُلام.
لا تكن إنسان خصام،
ولا ترفع يدك على من هو أكبر منك.
فرفاق هوميروس سألوه:
"من يضرب رجلاً سخيًا
80 ماذا يحدث له"؟
فقال لهم: "تعمى عيناه".
"ومن يلطم أمه،
ماذا يحصل له"؟
فقال لهم: "الأرض تبتلعه
85 لأنها أم كل بشر".
وسألوه أيضًا:
"والذي يضرب أباه
ماذا يحدث له"؟
فقال هوميروس لرفاقه:
90 "هذا لم يحصل ،
ولهذا لا نأخذه في حسابنا.
فما من ابن يلطم أباه
إلاّ إذا حبلت به أمه في زنى مع غريب".
أحبب أباك أكثر من أي شيء،
95 وخفه مخافة وأكرمه.
لا تحتقره، ولا تستخفّ بأمّك،
لأنها حملتك عشرة أشهر في حشاها.
وحين ولدتك كانت قريبةً من الموت.
لا تضحك على كلام الشيوخ،
100 ولا تقلب شفتيك على الشيخوخة،
ولا تحتقر الفقير.
فمع الشيخوخة تأتي العلل:
فعلى الإنسان أن يقبلها.
وحين ينزل إلى القبر، هناك يجد الراحة.
105 فهناك من سقط في الشرّ،
فلا يصدّق أحدٌ
بأنه سيقف على رجليه.
وفي ساعة، يمسكه الله بيده ويقيمه،
ويوصله إلى كرامة عظيمة.
110 فلا الغنى يدوم،
ولا الفقر يرافقنا على الدوام.
فكل الأشياء خاضعة للتغيير.
فأنا قد رأيت
من وقف ليَقتل فإذا هو يُقتل:
115 أمسكوه من أجل الموت، فوجد الحياة.
ففي نظر الله، من رُمي أرضًا لن يبقى هكذا على الدوام،
ومن ذُلّ لن يبقى على الذلّ في كل زمان.
إن أردت أن تأخذ زوجة،
فاسأل أوّلاً عن لسانها،
120 وبعد ذلك تأخذها.
فالمرأة الثرثارة ضربة قاتلة.
والرجل الشرّير ضربة قاتلة.
خف الله في كل حين،
فتقدر أن تدعوه في ضيقك،
125 ويسمعك حين تصرخ إليه.
لا تفرح لميت، لذاك الذي مات:
فكل إنسان يمضي إلى البيت الأبديّ، لأنه مائت.
إن كان لك عدوّ
فلا تصلِّ عليه لكي يموت:
130 فإن مات نجا من شقائه.
بل صلِّ عليه لكي يُضحي فقيرًا،
فيطول عمره ويمتنع عن عمل الشرّ.
لا تتدخّل بين الإخوة،
ولا تحاول أن تحكم بينهما.
135 فإن تقاتل أخوان،
فأنت ما لك؟
فهما أخوان وسوف يتصالحان،
ويحتقرانك في ضميرهما.
لا تعبر في سوق يحصل فيه خصام.
140 فإن عبرت تتحمّل السوء،
وإن فصلت بينهما، جُرحتَ ومُزّقتْ ثيابك.
وإن وقفت هناك ونظرت عيناك، يدعونك للشهادة.
فما أكره الجرح،
وأقسى الشهادة الكاذبة.
145 أحبب المقتنيات وأبغض السرقة:
فالمقتنيات حياة،
أما السرقة فهي موت في كل حين.
إن التقيت انسانًا شرّيرًا في السوق،
لا تجلس في الحال.
150 فإن أملت أذنًا إلى الإنسان الشرّير،
كل من يراك يدعوك رفيقَ الشرّير.
وإن لم تصغ إليه وتأخذ برأيه،
فهو ينتهرك ويسيء إليك في شرّه.
لا تأكل خبزًا مع عبد السوء،
155 لئلاّ يشتكي عليك سيّدُه
بأنك تعلّم عبدَه السرقة.
أبغض عبدَ السوء
وأحذر من الحُرّ الذي يسرق.
فكما لا تقدر أن تقتل عبدًا،
160 لا تقدر أن تمنع حرًا.
يبغضُ الله عبدَ السوء
الذي يبغض سيّده ويحتقره.
إن رأيت عبد السوء في شقاء وذلّ،
فلا تكتئب عليه
165 بل قل: "يا ويل معلّمه! ماذا اقتنى"؟
أحبب العبد النشيط
الذي يركض ويجدّ في بيت سيّده.
فكل إنسان شرّير يجعله الله في العبوديّة.
أما الرجل النشيط فيستحقّ الصعود في الكرامة والعظمة.
170 أرذل وأبغض شيخًا خليعًا.
فكما لا تقدر أن تصدّ الريح،
كذلك لا تقدر أن تصدّ شيخًا أو تعلّمه.
لا تترك الطريق،
ولا تمض في الضلال،
175 ولا تسر في سبل الشرّ.
لا تكن رجل خصام،
فالخصام يقود إلى الفقر.
إن كذبتَ احتُقرت في الحال،
180 وإن تشامختَ كنت لنفسك مسيئًا.
إن اتّكأت إلى المائدة بين الكثيرين،
لا تفتح كيسك أمامهم
فتريهم ما معك
فيستقرضون منك ولا يفون.
185 وحين تطالبهم يخاصمونك،
ويسمّونك الإنسان القاسي.
وهكذا تخسر مالك
ويصبحون أعداءك.
أحبب إخوتك،
190 وكلّم أصدقاءك الكلام الحسن.
فقد سافرتُ وطلبت
ما يمكن أن يشبه الأصدقاء الطيّبين،
فما وجدتُ.
وافرح بأبنائك، أيها الوالد
195 لأنهم فرح حقيقيّ.
غير أن الأبناء لا يحلّون لي
محلّ الإخوة. فأولئك أولادي وهؤلاء إخوتي.
فابنك يصلّي من أجل موتك،
لأنه بموتك ينال الإكرام،
200 ويأخذ مكانك،
ويعيش من خيراتك كما يشاء.
أما إخوتك فيصلّون إلى الله من أجل حياتك.
فما طالت حياتك كانت لهم الكرامة،
وحين تموت ينالهم ضرر.
205 وأبناؤك يدعون إخوتك رفاقًا لا منفعة منهم:
فشرير وجاهل هو، ابن يفكّر بهذا.
ففكر الشرّ في قلبه يطلب موت أبيه.
الابن الشرّير لا يفهم
أن لا خير للأبناء في موت أبيهم.
210 لن يعود رأسهم مرفوعًا.
أحبب أباك وأكرمه،
لأنه أعطى ذاته لك.
لا تحتقر أصدقاءك،
ولا تعيّر من يكرمك.
215 ومن أكل خبزًا معك،
لا تسر معه في طريق المكر.
وحين تمضي إلى أصدقائك:
إن أحبّك صديقك
وإن كنت عزيزًا عليه،
220 أظهرَ لك أبناؤه ذلك إظهارًا.
فإن استقبلوك الاستقبال الحسن،
تيقّن أن صديقك يحبّك،
وأنك عزيز على قلبه.
وإن لم يهرع أبناؤه لاستقبالك،
225 فصديقك نفسه لا يرغب أن يراك.
فاتركه، وامض إلى بيتك.
يتأخّر ابن الأحرار في تقدير بيته،
والأمة في تقدير بيت سيدها.
إن رأيت إنسانًا عظيمًا يسقط من رفعته،
230 فلا تطلب تحقيره بعد.
بل أكرمه بما يليق،
وأعطه ما تقدر عليه.
فعظيمة هي المحبّة التي تمارسها
حين تعطي لإنسان خسر المقتنيات والكرامة والوقار.
235 وإن كان لك فأعطه،
وإن لم يكن لك وما قدرتَ أن تعطيه،
فافتقده بكلام طيّب وحلو.
وقل له: "لا تخف".
وأيضًا: "ليرعَك الله الرعاية الحسنة".
240 إحفظ نفسك من الزنى.
لماذا تريد أن تشتري المياه الفاسدة والعفنة:
بدايتها خراب، وآخرتها عوَز واحتقار.
سرْ في خط مستقيم برأس مرفوع،
وكن عفيفًا في أفكارك.
245 تذكّر وأنظر:
كما لا تشتهي أن تزني امرأتُك مع آخرين،
فلا تشته أنت أن تزني مع امرأة قريبك.
وإن كنت حريصًا بأن لا تخسر شيئًا ،
فاحرص بأن لا تسرق الآخرين.
250 فما تبغضه أنت،
لا ترغب أن تفعله لقريبك.
252 لا تكن متشامخًا في سلوكك
فيعود هذا بالشرّ عليك.
وإن كنت وقحًا
255 فهذا لا يعود عليك بالخير.
256 لا تتعلّم الصيد
إن كان قرف الحياة لم يحلّ بك.
إن أردت أن تتعلّمه
تكن كمن يبحث عن شيء أضاعه
260 ولا تجد ما هو حسن
لأنه محتقر.
يُكرم الملك لدى الأمراء،
وتعيَّر الآلهة لدى الكهنة.
لا تدعُ كاهنًا يعيّر الآلهة.
265 إن دعوت كاهنًا شريرًا إلى بيتك،
يعطيك بركة في دخوله،
وفي خروجه يتشكّى.
وإن وضعت خبزًا أمامه،
تنطلق يد إلى فمه،
270 وتمضي الأخرى بالطعام
وتجعله في كيس وتوصله إلى أولاده.
أحبب كلبًا ولا تحبّ كاهنًا.
فإن كان لكلب طعام كافٍ
يترك ما تبقّى وراءه في بيتك.
275 وإن كان للكاهن طعام كافٍ
يأخذ معه ما تبقّى إلى أولاده
وفوق ذلك يتشكّى.
تعال بسلام (أهلاً بك)
إن كانت ثيابك حسنة
280 وكيسك مليئًا بالفضة
فالطعام يجعل الرفقة حلوة.
الغنى يُكثر الأصدقاء.
أما الرجل الذي تزلّ رجله
فكل أصحابه عنه يبتعدون.
285 الهدية تجعل الكلام حلوًا.
لا تأكل كل يوم مع من هو أغنى منك.
فإن حصل لك وزرته،
يستقبلك بما ينفقه في يوم واحد.
أما إن حصل له وزارك،
290 فتصرف عليه ما جمعته في ثلاثين يومًا،
وهكذا تخرب نفسك.
أعمال السحر تُبهج قلوب الجهّال،
والتنجيم يملأ عقل البليد حماسًا.
من لبث في السوق كان شقيًا فارغًا.
295 السرقة ترفعا لك صليبًا.
التسلية الشريرة تعلّم الكذب والسرقة.
إحفظ ابنك من الشرور.
المدرسة تحمي الإنسان من الموت،
والعفّة تنجّيه من الفاقة.
300 الشريعة نداء من الله،
والثرثرة أمر بغيض.
والإفراط في الضحك عيب كبير.
احتقر على الدوام سلوك الفوضى.
أرذل، أبغض كثير الكلام
305 الذي يقطع الآخرين ليفيض فيه.
من كان له ربوات الأعداء،
لن يسيئوا إليه مثل لسانه:
فهو يُدخله كل يوم في قتال يقود إلى الموت.
لا وجه له منيرًا
310 بسبب أقوال يلام عليها.
لا شيء أفضل من الصمت:
فالصمت في كل وقت فضيلة،
والجاهل إذا صمتَ يُحسب حكيمًا.
لا تُتعب قلبك على الدوام.
315 ولا تسقط سريعًا في القتال.
فمن لم يسقط في القتال،
وبذلَ نفسه حتى الموت،
يجد في الحال الحياة والاسم الطيّب
ويُمتدح امتداحًا.
320 من تكلّم في الحكمة بجرأة،
أعلنت براءتُه.
الغنى الهادئ قوّة،
ولكن القلّة تعرّف أن تتدبّره بحكمة.
من نفخ معدته مات،
325 ومن لم يتذكّر النهاية هلك.
إن هدأت معدتك اغتنيت،
وإن تذكّرت النهاية طابت لك الحياة.
ممارسة القضاء أمر صالح،
فاحذر بأن تحكم على رجل جاهل.
330 فإن حاولت أن تعين الجاهل في قضيّته
يشتمك شتمًا ويقول:
حكم عليّ وأدانني.
لا تأكل مع الرجل الشرّير،
فهو يأكل مالك،
335 وفي شرّه يقول عنك قولاً سيّئًا وبغيضًا.
لا تسمع لامرأة مكثارة الكلام ثرثارة،
ولا تصدّقها إن هي اشتكت من زوجها:
فهو ما أخطأ إليها.
بل هي أغاظته يومًا بعد يوم بلسانها الشرّير.
340 لا تُبرز قوّتك مع من هو أقوى منك،
أو من يدفعك للقتال معه.
لا تقل في ضميرك: "سأرميه أرضًا".
فإن رماك هو،
نالك العار في عيون الواقفين أمامك.
345 كن جريئًا مع من يستخفّ بك،
ولا تغفر له استهزاءه بأبيك.
لا تلق نظرة على خادمتك في بيتك،
ولا تحبب النجاسة وتبذير (قوّتك).
لا تفعل أبدًا ما يدنّس كرامتك:
350 فإن رفعت عينيك في بيتك تكون حزينًا.
أما إن كنت عفيفًا، فتكون سعيدًا هنيئًا،
لأن الله يبغض النجاسة والتبذير.
فحتّى الرجال ينتظرهم الخجل.
إن كان لك مال، إن كانت لك ممتلكات،
355 فكن متواضعًا محبًا. أعط ولا تتهرّب.
وإن لم تكن لك مقتنيات، إن كنت فقيرًا،
فكن وديعًا طيّبًا. ولا تكن قاسيًا.
فالناس يبغضون التبجّج والقساوة.
لا تمل بعينيك عن أمّك وأبيك،
360 ولا تكشّر على الرحم والثديين،
ولا تحتقر الله الذي صنعك،
بل تذكّر وانظر:
فإن كبرت عيناك فهما لا ترتفعان فوق حاجبيك.
فإن تفوّقتَ على أمك وأبيك،
365 في زمنك وبلدك،
ودُعيت العظيم والسيّد،
فبفضل اسم أبيك وأمّك دعاك الناس كلهم بهذا الاسم.
إن كان لك مال، إن كانت لك مقتنيات،
فعش في مقتنياتك ما دُمت حيًا،
370 فترى عينُك وتسير رجلُك.
فتذكّر وانظر:
لا يُستعمل المال في الجحيم،
والممتلكات لا ترافقنا إلى القبر.
فلا تمنع نفسك من الطيّبات.
375 فيوم واحد تحت الشمس
خير من مئة سنة في الجحيم.
كن نشيطًا في شبابك
ما دامت قوّتك عظيمة.
380 وحين تشيخ وتثقل خطاك،
اجلس وكلّْ من مقتنياتك.
فالشباب بهيج
حين يكون الرجل نشيطًا،
وحين ينجح بقوّته.
385 لا تترك الكآبة تسيطر على قلبك:
فبئس من يكتئب اكتآبًا.
عديدة السنوات التي لا يعيش فيها الإنسان،
وكآبتها تقتله.
فإذا كنت كئيبًا تموت،
390 وإذا كنت قلقًا لا تعيش حقًا.
قصيرة ومحدودة مساحة الحياة
التي منحها الله للبشر.
فمزجَ لهم شرورًا كثيرة وخيرات قليلة.
ينبوع كل خير مخافة الله:
395 فهي تنجّيك من كل شر،
وتكون لك كنزًا.
لا تدوم أمور الإنسان إلى ما لا نهاية.
فحياته ماضية إلى بيت الموت.
الشباب بهيج وأهل للمديح،
400 ولكنه يرافق الإنسان وقتًا قصيرًا،
ويذبل مع الشيخوخة ويزول.
الحياة حلوة والأملاك والبيوت،
وأحلى منها الاسم الطيّب.
الفرح نور وأهل للمديح
405 حين يبتعد عنه العنف والخصام.
والصداقة حلوة طيّبة
إن تواصلت حتى الموت.
الحكمة موقّرة هي
إن ابتعد عنها التشامخ.
410 والأمانة طيّبة هي
إن رافقها الحكم الصائب.
والنشاط أهل للمديح
حين ينجح الإنسان في جدّه.
والكسل شرّ كله
415 حين يكون جسدُ الإنسان قويًا.
الشراهة تسبّب النزاع،
والحكمة تحمي الإنسان من الشرّ،
والأمل يُثلج القلب،
والتفاهة تقود العقل إلى الضلال،
420 والاضطراب يُفقد الإنسان الحواس.
القلب الشرّير يولّد الضيق والكآبة،
والحسد يولّد الشرّ والخصام،
والبطن يكون مجلبة للعار،
واللسان يحمل الشقاء.
425 المقتنيات نور وبهجة،
والرجل الصالح يمتلكها بجرأته.
والفقر بغض وظلام
حين يرافقه المرض والحرمان.
المقتنيات خطوة إلى الكرامة،
430 والراحة خير عظيم.
المقتنيات التي لا تقود إلى الفقر، قوّة حقيقيّة،
والفقر يعني المرض والداء.
الصحّة تعني الفرح والبهجة،
والشيخوخة هي حدود الموت.
435 الفقر هو ثمالة كل شرّ
حين يجعل سنده في الشيخوخة.
والجزء الآخر من الحياة هو الموت،
والقبر يخفي التراب.
الحمّى تفسد الإنسان المبتهج،
440 والصحّة والنشاط تجعلان الوجه بهيجًا.
الموت يفسد صلابة الجسد،
أما الانحلال فيجعله عشرة أجزاء
والموت يفسد الجزء الذي أُعدّ أفضل إعداد.
يمتزج الخير والشرّ في حياة الإنسان،
445 ما عدا الحمّى والرجفة والمرض والشرور العظيمة
التي تسمّى "ملائكة الموت".
ما من أحد يقدر أن يختار لنفسه ما هو صالح،
ويتجنّب ما هو رديء.
ولكن الإنسان يسير مسيرته حسب ما قسم الله له،
450 بقدر ما، يُسمح له بأن يعيش.
فلا ييأس الإنسان
لأنه لا يستطيع أن يعيش أكثر ممّا حُدّد له.
ولا يتأوّه من الحزن ضد الله
بسبب الشقاوات التي تنزل به.
455 فكم من مرّة
يتألّم الواحد من الشقاء،
ثم يرتفع نحو الكرامة والمجد.
فحين تحلّ به الكآبة،
يجب أن لا يحزن بإفراط،
460 ولا يتوجّع متأوّهًا، فيسيء إلى نفسه.
فهو لن يكون عونًا للميت،
حتى إن ارتمى على الأرض وتعذّب كثيرًا بعده.
أمّا من هو حكيم،
فإن كان الميت عزيزًا على قلبه،
465 يرافقه بالدموع إلى القبر.
ولكن حين يُدفن الميت
يتوقّف عن البكاء
ويتذكّر في ضميره ويعتبر
أنه هو أيضًا مائت.
470 فالجحيم هو موضع الراحة
الذي هيّأه الله للبشر،
بحيث يستريحون من الشرور
التي رأوها في حياتهم.
انتهى مناندرو.

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM