القسم السادس رؤية السحابة والمياه

القسم السادس رؤية السحابة والمياه

52 (1) ورأيت رؤية: ها سحابة صعدت من البحر كبير جدًا. نظرتُ إليها فإذا هي مملوءة مياهًا بيضاء وسوداء. وكان في هذه المياه ألوان مختلفة وشبه برق عظيم تراءى في قمّة (السحابة). (2) رأيت هذه السحابة تعبر بسرعة وبخطى عاجلة، فغطّت الأرض كلها. (3) وبعد ذلك، بدأت هذه السحابة تمطر على الأرض المياه التي كانت فيها. (4) ورأيت أن المياه التي تساقطت منها لم تكن من شكل واحد. (5) ففي البداية كانت سوداء جدًا لبعض الوقت. بعد ذلك، رأيت المياه تستنير ولكن لم تكن كثيرة. ثم رأيتها سوداء أيضًا، ثمّ مستنيرة أيضًا. (6) وحصل هذا حتى اثنتي عشرة مرّة. ولكن (المياه) السوداء ظلّت أكثر من المستنيرة. (7) وفي نهاية السحابة، أمطرت مياه سوداء: كانت أكثر سوادًا من كل المياه السابقة، وامتزجت بها نارٌ. وفي أي مكان سقطت هذه المياه صنعت الفساد والدمار. (8) ونظرت بعد هذا، فإذا البرق الذي رأيته في قمّة السحابة، قد أمسكها ورمى بها إلى الأرض. (9) غير أن هذا البرق لمع بقوّة فأنار الأرض كلّها وشفى هذه الأماكن التي سقطت فيها المياه الأخيرة فأفسدتها. (10) ملك وتسلّط عليها. (11) ونظرت بعد ذلك فإذا أثنا عشر نهرًا صعدت من البحر وأحامَت بهذا البرق وخضعت له. (12) أما أنا فاستيقظت من الخوف.
صلاة باروك
54 (1) فدعوتُ القدير وقلت:
"أنت يا رب وحدك تعرف مسبقًا أعالي العالم.
وتأتي بكلمتك ما يحدث في الأزمنة.
وعلى أعمال سكان الأرض،
تسرَّع بدايات الأزمنة،
وأنت وحدك تعرف نهاية الأعمار.
(2) أنت من لا يصعب شيء عليك،
بل تحقّقت بإشارة كل شيء وبسهولة تامّة.
(3) إليك تتجّه الأعماق والأعالي،
ولكلمتك تخضع بدايات الدهور.
(4) أنت تكشف للذين يخافونك ما أعدّ لهم.
فتعزّيهم بهذه الوسيلة.
(5) أنت الذي تعرّف جبروتك للذين لا يعرفون
وتمزّق السياج للذين لا يقتنعون
تنير الظلمات
وتكشف الخضايا للذين لا عيب فيهم.
للذين خضعوا بالإيمان، لك ولشريعتك.
(6) أنت أظهرت لعبدك هذه الرؤية،
فعرّفني أيضًا تفسيرها.
(7) فأنا أعرف أني نلتُ جوابًا عن كل ما سألت.
وكشفت لي وبيّنت بأي صوت أسّبحك،
وبأي أعضاء أصعد إليك التمجيد والتهليل.
(8) فلو كانت أعضائي أفواهًا،
وشعر رأسي أصواتًا.
فلا أستطيع في هذه الحال أن أفيك التسبيح
أو أمجّدك كما يليق
لا أستطيع أن أنشر مدائح
ولا أن أخبر بهاء جمالك!
(9) فمن أنا بين البشر،
وكيف أشبّه نفسي بمن هم أفضل مني:
فقد سمعت كل معجزات العليّ هذه
ومواعيد لا حدود لها من الذي خلقني.
(10) طوباها أمي بين الوالدات
ولتُمدح بين النساء تلك التي ولدتني!
(11) أما أنا فاسّبح القدير ولا أسكت
وأروي معجزاته بصوت التسبيح.
(12) من يشبّه بمعجزاتك يا الله.
ومن يدرك مشروعك العميق من أجل الحياة؟
(13) بمشورتك تدبّر كل البرايا
التي خلقتها يمينك،
وتكوّن فيك كل ينبوع نور
وتهيّئ تحت عرشك كنوز الحكمة.
(14) فمن العدل أن يهلك
أولئك الذين لا يحبّون شريعتك،
وليدرك عذاب الدينونة
أولئك الذين لا يخضعون لسلطانك.
(15) إن كان آدم أول من خطئ
فجلب الموت على كل الذين لم يكونوا في عصره
إلاّ أن بين الذين وُلدوا منه
قد هيّأ كل واحد لنفسه العذاب الآتي،
أو اختار لنفسه الأمجاد المقبلة.
(16) حقًا، ينال الجزاء من يؤمنون.
(17) فعودوا الآن إلى لفساد
يا من أنتم الآن أشرار،
لأنكم تعاقبون بقساوة
بعد أن ازدريتم في هذا الزمن تعليم العليّ.
(18) أعمال ما علمتكم.
وما أنفعكم عمل خلقه الأبديّ.
(19) فآدم كان فقط علّة لنفسه،
وكل واحد منا صار لنفسه آدم.
(20) فأنت يا رب، فسّر لي ما كشفت لي
وأنرني عن كل ما أسألك.
(21) ففي نهاية العالم يكون الانتقام
من الذين أساؤوا، بحسب إساءاتهم
وأنت تمجّد مؤمنيك حسب إيمانهم
(22) فالذين هم خاصتك، أنت تدبّرهم.
والذين خطئوا تمحوهم من خاصتك.
مجيء الملاك رمائيل
55 (1) ولما انتهيت من تلاوة كلمات هذه الصلاة، جلست هناك تحت شجرة لأرتاح في ظلّ أغصانها. (2) وتعجّبت واندهشت، وتأمّلت في أفكاري عظمة الصلاح (الإلهي) الذي يرذله الخطأة الذين على الأرض، والعذاب الكبير الذي يزدرونه مع أنهم يعرفون أنهم سيقاسونه بسبب خطاياهم. (3) وإذ كنت أفكّر في هذه الأمور وما شابهها أُرسل إليّ رمائيل الموكّل على رؤى الحقّ وقال لي: (4) "لماذا يضطرب قلبك، يا باروك ولماذا يعذّبك فكرك؟ (5) إذا كنت اضطربت حين سمعت سماعًا عن الدينونة، فماذا يكون حين تراها بعينيك المفتوحتين؟ (6) وإذا كنت في انتظارك ليوم القدير قلقًا، فماذا يكون حين تبلغ إلى مجيئه؟ (7) وإذا كنت ارتهبت كل الارتهاب حين سمعت خبر عذاب الذين سقطوا، فكم سترتهب حين يكشف الحدث المعجزات! (8) سمعت أسماء الخيرات والشرور الآتية فتضايقت، فكم ستتضايق حين ترى ما ستكشف لك عظمة (الله) التي تعاقب هؤلاء وتفرح أولئك"؟
56 تفسير الرؤية
(1) "ولكن ما أنك طلبت من العلي أن يكشف لك تفسير الرؤية التي رأيت، أرسلت أنا لأكلّمك. (2) فالقدير عرّفك معرفة تدابير الأزمنة التي عبرت والتي ستعبر في عالمه منذ بداية خليقته حتّى نهايتها، تلك التي تنتمي إلى الكذب وتلك التي تنتمي إلى الحقّ. (3) فحين رأيتَ سحابة كبيرة وقد صعدت من البحر ومضت وغطّت وغطّت الأرض، فهي تدلّ على طول الدهر الذي خلقه القدير حين فكّر في صنع العالم.
(4) وحين خرجت الكلمة من أمامه، تحدّد طول الدهر كشيء صغير، وتكوّن حسب كبر العقل الذي أرسله. (5) وحين بدأت فرأيت طرف السحابة، فالمياه التي تساقطت أولاً على الارض، تدلّ على التجاوز الذي اقترفه آدم، الإنسان الأول.
(6) "فحين تجاوز(20) (الوصيّة)، جاء الموت قبل وقته
واتخذ الحداد اسمًا وأعدّ الحزن
وخُلق العذاب وأمر (الإنسان) بالعمل
وبدأت الكبرياء تقوم
وطلب الشيول أن تتجدّد بالدم.
وبدأ الأولاد يجيئون، وظهرت رغبة الوالدين
وانحطت عظمة البشريّة وجفّ الصلاح.
(7) فماذا يمكن أن يكون أكثر ظلمة وعتمة من هذا؟ (8) هو بداية المياه السوداء التي رأيت.
(9) ومن هذه المياه السوداء وُلدت أخرى أكثر سوادًا، وكانت ظلمة الظلمة. (10) ذاك الذي كان خطرًا على نفسه، صار أيضًا خطرًا للملائكة. (11) ففي الزمن الذي فيه خُلق كانت لهم الحرّية(12). فانحدر بعضهم وامتزجوا بالنساء. (13) عندئذ قُيِّد أولئك الذين تصرّفوا هكذا وعذِّبوا. (14) ولكن بقيّة الملائكة الكثيرين والذين لا عدد لهم، فقد ثبتوا. (15) أما الذين أقاموا على الأرض، فقد هلكوا معًا بمياه الطوفان. (16) تلك هي إذن أول المياه السوداء.
57 (1) وبعد هذه، رأيت مياهًا نيّرة: هذا هو ينبوع إبراهيم ومواليده، ومجيء ابنه وابن ابنه وللذين يشبهونهم. (2) ففي ذلك الزمان سمِّيت الشريعة غير المكتوبة عندهم، وتمّت أعمال الوصايا عندئذ وُلد الإيمان بالدينونة الآتية، وبُني رجاء العالم الذي تجدّد في ذلك الوقت، وغُرس وعد الحياة التي تأتي من بعد. (3) تلك هي المياه النيّرة التي رأيتها.
58 (1) "والمياه الثالثة (التي هي) سوداء والتي رأيتها، هي مزيج جميع الخطايا التي اقترفتها الأمم بعد موت هؤلاء الأبرار، وهي أيضًا شرّ أرض مصر التي كانت شريّرة بالعبوديّة التي استعبدوا بها أبناء هؤلاء الرجال. (2) ومع ذلك، بادوا هم أيضًا في النهاية.
59 (1) والمياه الرابعة (التي هي) نيّرة والتي رأيتها، هي مجيء موسى وهارون ومريم ويشوع بن نون وطالب وجميع الذين يشبهونهم. (2) في ذلك الزمان، استنار سراج الناموس الأبدي لجميع الذين كانوا جالسين في الظلمة، هذا الناموس الذي أعلن للمؤمنين وعد أجرهم، وللامؤمنين عذاب النار المحفوظ لهم. (3) وفي ذلك الزمان أيضًا، أزيحت السماوات من موضعها، وارتجف أولئك الذين كانوا تحت عرش القدير حين استقبل موسى لديه. (4) بيّن له فرائض عديدة مع تدابير ناموسيّة ونهاية الأزمنة، كما (بيّن) لك أنت أيضًا. ثم (بيّن) له صورة صهيون وقياساتها لكي تصنع حسب صورة المعبد الحاليّ. (5) وبيّن له أيضًا في ذلك الزمان، قياسات النار وأعماق الهوّة وقوّة الرياح وعدد نقاط المطر(6) وامتساك الغضب ووفرة الرحمة وحقيقة الدينونة (7) وجذور الحكمة وغنى العقل وينبوع المعرفة (8) وارتفاع الهواء، وعظمة الفردوس ونهاية الدهور وبداية يوم الدينونة (9) وعدد القرابين والأراضي التي لم تظهر بعد (10) وفم الجحيم وعهد الانتقام وموضع الإيمان ومكان الرجاء (11) وصورة العذاب الآتي وعدد الملائكة الذين لا يُحصون وقوّة اللهيب وبهاء البروق وصوت الرعود وأوامر رؤساء الملائكة، وكنوز النور وتبدّل الأزمنة وتعقّب الشريعة(12). تلك هي المياه الرابعة النيّرة (= النقية) التي رأيتها.
60 (1) "والمياه الخامسة (التي) هي سوداء والتي رأيتها تتساقط كالمطر، فهي الأعمال التي صنعها الأموريون، وتعزيمات الأعمال السحرّية التي يعملونها، وشرور أسرارهم وفوضى نجاستهم. (2) وإسرائيل أيضًا تنجّس بالخطايا في أيام القضاة مع أنهم رأوا آيات عديدة صنعها خالقهم.
61 (1) "والمياه السادسة (التي) هي نيّرة والتي رأيتها، هي الزمن الذي فيه وُلد داود وسليمان. (2) في ذلك الزمان كان بناء صهيون تدشين المعبد ورش الدم (الذي قامت به) الشعوب العديدة التي خطئت آنذاك، والقرابين العديدة التي قرِّبت حينذاك حين تدشين المعبد. (3) وساد السلام والأمان في ذلك الزمان (4) وسُمعت الحكمة في المجمع وتمجّد وفر الفهم في الجماعات (5) واحتُفل بالأعياد المقدّسة بعذوية وفرح عظيم. (6) وبدا قضاء الرؤساء حينئذ بدون غشّ، وتمّ بالحقيقة عدل وصايا القدير، (7) بما أن هذه الأرض كانت قد نالت الرحمة في ذلك الزمان فما عاد سكّانها يخطأون، تمجّدت فوق كل أرض، وتسلّطت مدينة صهيون عندئذ على كل أرض ومكان. (8) تلك هي المياه النيرّة التي رأيتها.
62 (1) "والمياه السابعة (التي هي) سوداء والتي رأيتها، هي فساد فكر يربعام الذي فكّر بأن يصنع عجلين ذهبيين، (2) وجميع الشرور التي صنعها الملوك الذين خلفوه، (3) والحرم ضد ايزابيل وعبادة الأصنام التي مارسها إسرائيل في هذا الزمان. (4) وتوقّف المطر والجوع، بحيث أكلت النسوة ثمرة أحشائهنّ، (5) وزمن السبي الذي حصل لتسع قبائل ونصف لأنها كانت في خطايا عديدة. (6) عند ذاك جاء شلمنصر، ملك الاشوريين واقتادهم إلى السبي. (7) أما الأمم فنستطيع أن نقول عنها أشياء كثيرة: كيف صنعت الشرّ دومًا، واقترفت الاثم ولم تكن يومًا بارّة. (8) تلك هي المياه السابعة السوداء التي رأيتها.
63 (1) "والمياه الثامنة (التي هي) نيّرة والتي رأيتها هي برّ واستقامة حزقيا، ملك يهوذا، وصلاح الله الذي أتى عليه، (2) حين رُفع سخاريب إلى هلاكه وأضلّه غضبه ليهلك هو وجمهور الأمم التي كانت معه. (3) فحين سمع حزقيا الملك ما نواه الملك الأشوريّ بأنه سيأتي ويمسكه ويهلك شعبه أي السبطين الاثنين اللذين تبقيا مع نصف السبط، وأنه يريد أن يدمّر أيضًا صهيون. اتّكل حزقيا في ذلك الوقت على أعماله ووثق ببرّه. فتكلّم إلى القدير قائلاً: (4) "انظر، ها إن سنحاريب يستعدّ لإبادتنا، وسوف يتكبّر ويتعجرف حين يدمّر صهيون"! (5) فاستجاب القدير حزقيا لأنه كان حكيمًا. وسمع صلاته لأنه كان بارًا عندئذ أمر القدير رمائيل ملاكه الذي يتكلّم معك. (7) فخرجتُ ودمّرت كثرتهم: كان عدد رؤسائهم فقط مئة وخمسة وثمانين ألف وكان مع كل رئيس عدد مماثل (أي 185000). (8) في ذلك الوقت، أحرقتُ أجسامهم في الداخل. وحفظتُ ثيابهم وسلاحهم لكي يشاهد الناس" معجزات القدير أفضل مشاهدة، ويعرفوا اسمه في الأرض كلها. (9) فنجت صهيون، وحُفظت أرشليم، وتخلّص إسرائيل من مضايقه. (11) وجميع الذين كانوا في الأرض المقدّسة ابتهجوا، وتمجَّد اسمُ القدير وعُرف. (11) تلك هي المياه النيرّة (= النقيّة) التي رأيتها.
64 (1) "والمياه التاسعة (التي هي) سوداء والتي رأيتها، هي الشرّ في أيام منسّى، ابن حزقيا. (2) فقد كان شريرًا كبيرًّا، فقتل الأبرار، ورفض العدالة وسفك الدم الزكيّ، ونجّس النساء بالقوّة، وقلب المذابح. وألغى التقادم، وطرد الكهنوت بحيث لن يعودوا يخدمون في المعبد. (3) وصنع صنمًا بخمسة وجوه: توجّهت أربعة وجوه نحو الرياح الأربع، وكان (الوجه) الخامس على رأس الصنم وكأنه يريد أن يواجه غيرة القدير. (4) عندئذ خرج الغضب من أمام القدير، لكي تُقتلع صهيون، كما حدث في أيّامكم.
(5) ولكن خرج الحكم أيضًا على السبطين ونصف السبط كي تؤخذ إلى السبي كما ترى الآن. (6) وعظم شرّ منسّى جدًا بحيث ترك مجدُ العليّ المعبد. (7) لهذا دُعي منسّى في هذا الزمن، الشرّير، وفي النهاية كان مسكنه النار. (8) فمع أن صلاته إلى العلي استجيبت في النهاية حين سقط عن حصان النحاس وذاب الحصان إلاّ أن هذا كان له علامة دامت ساعة واحدة، (9) لأنه ما عاش في الكمال وما كان آهلاً له، ولكن من ذاك الزمان، عُرف بمن سوف يعذَّب في النهاية. (10) فمن يستطيع أن يفعل الخير يستطيع أيضًا أن يعذّب.
65 (1) "وهكذا اقترف منسّى الشرّ وحسب في زمانه أن القدير لا يزمع أن يطالب بذلك. (2) تلك هي المياه التاسعة التي رأيتها.
61 (1) "والمياه العاشرة (التي هي نيّرة) والتي رأيتها، هي نقاء مواليد يوشيا، ملك يهوذا، الذي كان وحده في زمانه من خضع للقدير بكل قلبه وبكل نفسه.(2) فهو الذي طهّر الأرض من الأوثان وقدّس الآنية (المقدّسة) التي تنجّست، وردّ القرابين إلى المذبح. رفع قرن (قوّة) القديسين، وعظّم الأبرار، ومجّد جميع الحكماء من أجل حكمتهم، وأعاد الكهنة إلى خدمتهم، ودمّر وأزال من الأرض، السحرة والعرّافين والمنجمين. (3) ما قتل فقط الأشرار الذين كانوا أحياء بل أخرج عظام الذين ماتوا، من قبورهم، وأحرقها بالنار. (4) وأقام الأعياد والسبوت مع طقوسها، وأحرق بالنار المنجّسبن، والأنبياء الكذبة الذين أضلّوا الشعب أحرقهم أيضَا بالنار. أما الشعب الذي استمع عليهم، فرماهم أحياء في وادي قدرون وكرّس فوقهم الحجارة. (5) غار غيرة القدير من كل نفسه، فتعلّق وحده بالشريعة في ذلك الزمان، بحيث لن يترك لا مختونًا ولا شريّّرًا في كل الأرض خلال كل أيام حياته. (6) لهذا، فهو الذي ينال الأجر الأبديّ ويمجَّد لدى القدير أفضل من الكثيرين في الأزمنة الأخيرة. (7) فلأجله ولأجل الذين يشبهونه خُلقت وكوّنت الكرامات الثمينة التي أعلنت لك منذ القديم. (8) تلك هي المياه النيّرة التي رأيت.
67 (1) "والمياه الحادية عشر (التي هي) سوداء، والتي رأيتها، هي الشقاء الذي يصيب الآن صهيون. (2) هل تظنّ أن الملائكة أنفسهم لم يحزنوا أمام القدير لأن صهيون أسلمت هكذا ولأن الأمم افتخروا في قلوبهم ، والشعوب أمام أصنامهم قائلين: ديست بالأرجل تلك التي داست زمنًا طويلاً. استُعبدت تلك التي استَعبدت"! (3) أتظن أن العليّ يفرح بهذا أو أن اسمه يتمجّد؟ (4) ولكن ماذا يكون من دينونة العادلة؟ (5) فبعد ذلك يمسك الضيق أولئك الذين تبدّدوا بين الأمم وسكنوا العار في كل مكان. (6) فحين أسلمت صهيون وخربتْ أورشليم، وازدهرت الأصنام في مدن الأمم، ترك عطر دخان أطياب برّ الشريعة صهيون، وصار دخان الشرّ فيها،
(7) وملك بابل نفسه الذي دمّر الآن صهيون. سيقدّم ويفتخر بسبب الشعب ويقول في قلبه العظائم أمام العليّ. (8) ولكنه يسقط هو أيضًا في النهاية. (9) تلك هي المياه السوداء.
68 (1) "والمياه الثانية عشرة (التي هي) نيّرة، والتي رأيتها ذاك هو المعنى (حرفيًا الكلمة) فبعد ذلك يأتي زمن يسقط فيه شعبك في الضيق فيعرفون خطر الزوال معًا. (3) ومع ذلك، سوف يخلصون ويسقط أعداؤهم أمامهم. (4) وتكون لهم لبعض الوقت لذّة كبيرة. (5) في ذلك الزمان، وبعد ذلك بقليل، ستُبنى صهيون أيضًا، وتقدّم القرابين أيضًا، ويعود الكهنة إلى خوفهم، وتأتي الأمم أيضًا ليسبونهم (6) ولكن لا ملء السبي، كما في القديم. (7) وبعد ذلك يكون سقوط عدد من الأمم. (8) تلك هي المياه النيّرة التي رأيت.
69 (1) "فالمياه الأخيرة التي رأيت، التي كانت أكثر سوادًا من السابقات، والتي جاءت بعد المياه الاثنتي عشرة التي قيِّدت معًا، امتدّت إلى العالم كله. (2) فالعليّ قد قسّمها منذ القديم، لأنه وحده يعرف ما سوف يحصل. (3) فبالنسبة إلى الشّرور والمساوئ المزمعة أن تكون أمامه، (4) وأعمال الأبرار الصالحة المزمعة أن تتمّ أمامه، فقد سبق ورأى ستّ حقبات ماخلا تلك التي سوف يصنعها في نهاية العالم(5) لهذا، لم تكن المياه السوداء مع المياه السوداء، ولا النيّرة مع النيّرة، لأن النهاية جاءت.
70 (1) "فاسمع تفسير المياه السوداء الأخيرة التي سوف تأتي بعد (المياه) السوداء: ذاك هو المعنى (حرفيًا: الكلمة).
(2) "ستأتي أيام وقد أتت
حين ينضج زمنُ العالم
ويأتي حصاد الزروع الشرّيرة والصالحة.
يأتي القدير على الأرض
وعلى سكّانها وعلى حكّامها،
بضلال الروح ورعب القلب:
(13) ببغض الواحد الآخر
ويتحدّى الواحد الآخر في القتال
يتسلّط الأذلاّء على أهل الكرامة
ويرتفع الحقيرون على أهل المجد.
(4) يسلّم الكثيرون إلى القلّة القليلة
والذين كانوا لا شيء يأمرون الأقوياء.
يتغلّب المساكين على الأغنياء،
ويتسلّط الأشرار على الجبابرة.
(5) يصمت الحكماء ويتكلّم الجّهال.
لا يثبت مشروع البشر
ولا فكر المقتدرين
ولا يثبت رجاء الذين يرجون.
(6) وحين تحصل هذه التي قيلت سابقًا
تسقط البلبلة على جميع البشر
بعضهم يموتون في القتال
وآخرون يهلكون في الضيقات
وآخرون ينالهم الضعف بسبب أخصّائهم.
(7) ولكن العليّ يكشف للشعوب الذين سبق وهيّأهم
فيأتون ويقاتلون الرؤساء الذين ظلّوا على قيد الحياة.
(8) فمن نجا من الحرب
مات في الزلزال،
ومن نجا من الزلزال
احترق في النار
ومن نجا من النار
فنيَ بالجوع.
(9) وجميع الذين أفلتوا،
ونجوا من كل سبق وقلتُ،
سواء غَلبوا أو غُلبوا،
يسلمون إلى أيدي عبدي المسيح،
(10) لأن الأرض كلّها ستأكل سكّانها.
71 (1) "ولكن الأرض المقدّسة سترحم خاصتها
وتحمي سكّانها في ذلك الزمان
(2) تلك هي الرؤية التي رأيتها، وذاك هو تفسيرها. (3) أما أنا فجئت لأقول لك كل هذا لأن العليّ قد استجاب صلاتك.
72 (1) "والآن، فاسمع أيضًا عن المياه النيّرة التي ستأتي في النهاية بعد (المياه والسوداء: فهاك المعنى: (2) بعد أن تأتي الآيات التي سبق وقلتها لك، تضلّ الأمم ويأتي زمن مسيحي. فيدعو إليه كل الأمم، فيحيي بعضًا ويقتل بعضًا. (3) وهذا ما يحصل للأمم التي ستحيا به. (4) فكل شعب لم يعرف إسرائيل ولم يدس برجليه نسل يعقوب، يحيا (5) لأنه (يخرج) من كل الأمم ويخضع لشعبك. (6) أما الذين تسلّطوا عليكم أو عرفوكم، فيسلّمون كلّهم إلى السيف.
73 (1) "ومن بعد أن يكون أذلّ كل ما في العالم وجلس بسلام إلى الأبد على عرش ملكه، حينئذ تتجلّى اللذة وتظهر الراحة. (2) حينئذ يسقط الشفاء في الندى، ويهرب المرضى. يعبر الهمّ والضيق والتأوّه من البشرة ويسير الفرح في الأرض كلها. (3) بعد ذلك لا يموت الإنسان قبل وقته، ولن تحلّ مضايقة بشكل فجائي. (4) فالدينونة والاتهام والخلاف والانتقام والدم والغيرة والحسد والبغض، وكل ما يشبه هذه، يُحكم عليه ويُلقى (5) فهذه هي الأشياء التي ملأت العالم شرورًا، وبسببها تبلبلت أول ما تبلبلت حياة البشر. (6) وتأتي الوحوش من الغابة، وتخدم البشر، وتخرج الأفاعي والتنانين من محاجرها لتخضع لطفل من الأطفال. (7) عندئذ لن تتألّم النسوة حين يلدن، ولن يتعذّبن حين يعطين ثمرة الحشا.
74 (1) "وفي تلك الأيام، لن يتعب الصّادون ولن يشقى البناؤون، لأن الأعمال تسرع مع الذين يعملونها، في راحة كبيرة. (2) فهذا الزمان هو نهاية ما يفسد وبداية ما لا يفسد. (3) لهذا، يكون فيه ما سبق وقيل (لك). ولهذا، فهو بعيد عن الشرور وقريب من الذين لا يموتون. (4) تلك هي المياه الأخيرة النيّرة التي جاءت بعد المياه الأخيرة السوداء".
75 (1) فأجبتُ وقلت: "من يستطيع يا ربّ أن يتشبّه بصلاحك؟ فهو لا يُدرك. (2) من يستطيع أن يتحرّى مراحمك التي لا حدود لها؟ (3) من يقدر أن يدرك فهمك؟ (4) من يقدر أن يورد وتفكّرات عقلك؟ (5) من، بين البشر، يرجو أن يدرك ذلك إلاّ ذاك الذي ترحمه وتترأف عليه؟ (6) فإن كنتَ لا ترحم البشر رحمة. فالذين تحت يمينك لا يستطيعون أن يبلغوا إليها إلاّ اذا دعوا (وجُعلوا) في عداد المشهورين. (7) أما نحن الذين في الوجود. فإن عرفنا لماذا نحن هنا، وإن خضعنا للذي جاء بنا من مصر، نأتي ونتذكّر الأمور التي مضت ونفرح بما حصل فإذا كنا لا نعرف لماذا نحن هنا، ولا نعلم سلطة ذاك الذي أصعدنا من مصر، نأتي أيضًا ونطلب ما هو الآن، ونحزن ونكتئب على الذي حصل".
76 (1) فأجاب وقال لي: "بما أن وحي هذه الرؤية قد فسِّر لك حسب صلاتك. فاسمع كلمة العليّ لكي تعلم ما سوف يحصل لك بعد ذلك. (2) ستذهب ذهابًا من هذه الأرض. بالحقيقة لا لتموت، بل لتحفظ من أجل الأزمنة. (3) فاصعد إلى رأس هذا الجبل فتعبر أمامك كل مناطق هذه الأرض، وشكلُ الكون، وقمّة الجبال، وعمق الأنهار، وأعماق البحر، وعدد الأنهر، بحيث ترى ماذا تترك وإلى أين تمضي. (4) هذا يحدث بعد أربعين يومًا. (5) فالآن وخلال هذه الأيام، أمضِ وعلِّم الشعب قدر المستطاع، فيتعلّموا أن لا يموتوا في الزمان الأخير، ويتعلّموا أن يحيوا في الأزمنة الأخيرة".
خطبة باروك في الشعب.
77 (1) فمضيتُ أنا باروك وأتيت إلى الشعب، وجمعتهم من الصغير إلى الكبير وقلت لهم:
(2) "اسمعوا" يا بني إسرائيل
وانظروا كم بقي من أسباط إسرائيل الاثني عشر!
(3) فلكم ولآبائكم أعطى الرب الشريعة
ففضّلكم على جميع الشعوب.
(4) فتجاوز إخوتكم فرائض العليّ.
لهذا، جلب عليكم وعليهم الانتقام.
ما عفا عن الأولين،
بل أسلم الآخرين أيضًا إلى السبي.
ولم يترك منهم بقيّة.
(5) وها أنتم الآن شعبي
(6) فإن قوّمتكم سبلكم
لن تذهبوا أنتم أيضًا
كما ذهب إخوتكم،
بل هم يعودون إليكم.
(7) إنه رحيم ذاك الذي تعبدونه،
إنه رؤوف ذاك الذي ترجونه،
إنه حق ذاك الذي يفعل الخير لا الشر.
(8) أما ترون الآن ما حصل لصهيون؟
(9) أتظنون أن الموضع خطئ
ومن أجل هذا دمِّر؟
أو أن الأرض أذنبت
ومن أجل هذا أسلمت؟
(10) ألا تعلمون أن بسببكم وقد أخطأتم،
دمِّر ما لم يخطأ؟
وبسبب الذين أثموا
أسلم إلى الأعداء من لم يقترف إثمًا؟
(11) فأجاب الشعب كلّه وقال: "بقدر ما نستطيع أن نتذكّر الخيرات التي صنعها معنا القدير، نحن نتذكر. وتلك التي لا نتذكّرها، يعرفها هو في رحمته. (12) ومع ذلك، فافعل شيئًا لأجلنا، نحن شعبك: أكتب أيضًا إلى إخوتنا في بابل رسالة تعليم وسفر بشارة لكي تقوّيهم أيضًا قبل أن تمضي من عندنا.
(13) فرعاة إسرائيل بادوا
وانطفأت السُرج التي تضيء،
وأوقفت الينابيع التي منها تشرب، جريّها.
(14) وتركنا نحن في انطلمات،
وفي الغابة الكثيفة وعطش الصحراء".
(15) فأجبتُ وقلت لهم: "جاء الرعاة والسرج والينابيع من الشريعة. فإن نحن مضينا، فالشريعة باقية. (16) فإن نظرتم إلى الشريعة وتنبّهتم إلى الحكمة، لن ينطفئ السراج، ولن يبتعد الراعي، ولن يجفّ الينبوع. (17) غير أنني سأكتب أيضًا كما طلبتم مني إلى إخوتكم الذين في بابل، وسأرسل الرسالة بواسطة رجال كما سأكتب إلى الاسباط التسعة ونصف السبط وسأرسل الرسالة بواسطة طائر".
(18) وفي اليوم الحادي والعشرين من اليوم الثامن، جئتُ أنا باروك وجلست تحت السنديانة وفي ظلّ أغصانها. لم يكن أحد معي، فكنت وحدي. (19) فكتبتُ هاتين الرسالتين. وأرسلت واحدة بواسطة نسر إلى الأسباط التسعة ونصف السبط، وأرسلت الأخرى إلى الذين في بابل بيد ثلاثة رجال. (20) ودعوتُ النسر وقلتُ له: (21) "خلقك العليّ لتكون أرفع من جميع الطيور! (22) فامضِ الآن ولا تتوقّف في مكان. لا تدخل إلى عشّ ولا تقف على أي شجرة قبل أن تعبر عرض المياه الكثيرة، مياه نهر الفرات. امضِ إلى الشعب الذي يقيم هناك، وارمِ لم هذه الرسالة! (23) ولكن تذكّر أنه في زمن الطوفان، تسلّم نوح من الحمامة ثمرة الزيتونة، بعد أن أرسلها من الفلك. (24) والغربان أيضًا خدموا إيليا فحملوا إليه الطعام كما أُمروا. (25) وسليمان أيضًا في زمن ملكه، كان يعطي الأوامر للطير (فينطلق) إلى كل مكان يريد أن يرسل أو يطلب شيئًا، وكان الطير يسمع له كما أمر. (26) والآن، لا تتهاون ولا تمل يمينًا ولا شمالاً، بل طر وامضِ في طريق مستقيم لتحفظ أمر القدير، كما قلت لك".

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM