القسم السابع رسالة تعلي

القسم السابع رسالة تعليم

الرسالة إلى الأسباط التسعة ونصف السبط
78 (1) هذه هي كلمات الرسالة التي بعث بها باروك بن نيريا إلى الأسباط التسعة ونصف السبط، الذين كانوا عبر نهر الفرات، وهذا ما كتب فيها: (2) "هكذا تكلّم باروك بن نيريا إلى الاخوة الذين سبط، لتكن معكم رحمات الله وسلامه. (3) أتذكّر، يا إخوتي، محبّة ذاك الذي خلقنا وأحبّنا منذ البدء. هو ما أبغضنا أبدًا، بل بالحريّ أدّبنا. (4) اعرف في الحقيقة أننا، نحن الاسباط الاثني عشر، ارتبطنا برباط واحد، لأننا وُلدنا من أب واحد. (5) لهذا كان اهتمامي الخاص أن أترك لكم كلمات هذه الرسالة قبل أن أموت، كي تتعزّوا من الشرور التي حصلت لكم. وتحزنوا للشرور التي أصابت إخوتكم. ولكي تعتبروا أن دينونة ذاك الذي حكم عليكم بأن تمضوا إلى السبي، هي عادله. فما تتألّمونه هو أقلّ ممّا صنعتم، شرط أن توجدوا في الأزمنة الأخيرة جديرين بآبائكم. (6) من أجل هذا، إذا اعترفتم أنكم تتألّمون الآن لخيركم، لئلاّ تُدانوا في النهاية وتُعذَّبوا، تنالون في النهاية رجاءً أبديًا إن نزعتم من قلوبكم أولاً الضلال الباطل الذي بسببه مضيتم من هنا. (7) فإن صنعتم هذا على هذا الشكل، سيذكركم بأمانة ذاك التي وعد بالنسبة إلينا، أولئك الذين كانوا أفضل منا بأنها لا ينسى ولا يترك أبدًا نسلنا، بل يجمع المشتّتين برحمة كبيرة".
دمار أورشليم
79 (1) "لهذا يا إخوتي، إعلموا أولاً ما حصل لصهيون. لقد صعد علينا نبوخذ نصر، ملك بابل. (2) فقد خطئنا ضدّ الذين صنعنا، وما حفظنا الوصايا التي أمرنا بها. إلاّ أنه لم يعاقبنا بقدر ما استحققنا. (3) فما حصل كلم بحيث زاد آلامنا آلامًا، قد حصل لنا نحن أيضًا .
80 (1) "والآن، يا إخوتي، أعلمكم أن ملائكة الله أرسلوا ساعة أحاط الأعداء بالمدينة، فقلبوا أسوار الجدار المتين، ودمّروا زوايا الحديد القويّة التي لا يمكن اقتلاعها. (2) ولكنّهم أخفوا بعض الآنية المقدّسة لئلا ينجّسها الأعداء. (3) وحين صنعوا كل ذلك، سلّموا إلى الأعداء أنفسهم السور وقد قُلب، والبيت وقد سلب، والهيكل وقد أحرق، والشعب وقد قُهر. لقد سلّم (كل هذا بيد الله) لئلاّ يفتخر الأعداء فيقولوا: لقد صرنا أقوياء، جدًا، بحيث خرّبنا في القتال بيت العليّ! (4) وقيّدوا أيضًا إخوتكم، واقتادوهم إلى بابل، وأسكنوهم هناك. (5) وبقينا نحن هنا في عدد قليل. (6) ذاك هو الضيق الذي كتبت إليكم عنه. (7) في الحقيقة، أعرف أن جماعة صهيون، ساعة كانت مزدهرة، قد حملت إليكم عزاء أكبر من الحزن الذي حزنتم به حين ابتعدتم عنها.
81 (1) "ولكن اسمعوا أيضًا كلمة عزاء. (2) فإن كنت أكتئب على صهيون، طلبت من العليّ المراحم وقلت: (3) "هل يدوم لنا هذا إلى النهاية؟ وهل تأتي علينا هذه الشرور على الدوام؟ (4) فصنع القدير بحسب كثرة رحمته، والعليّ بحسب عظمة حنانه. كشف لي كلمة كي أتعزّى، وأراني رؤى كي لا أتضايق، وعرّفني أسرار الأزمنة وأراني مجيء الأجيال".
82 (1) "لهذا كتبت إليكم، يا إخوتي، كي تتعزّوا من وفرة الضيقات. (2) فاعلموا أن خالقنا سينتقم انتقامًا من كل أعدائنا، بحسب كل ما صنعوه لنا وبنا. وخصوصًا أنها قريبة جدًا النهاية التي يصنعها العليّ والمراحم التي تأتي، وأن نهاية دينونته لم تعد بعيدة. (3) فنحن الآن نري الازدهار العظيم لدى الأمم، مع أنها خاطئة. ولكنها شبيهة بالنسمة. (4) نشاهد عظمة قوّتها مع أنها آثمة، ولكنها شبيهة بنقطة (ماء). (5) ونرى ثبات قدرتها مع أنها تقاوم القدير دومًا. ولكنها تعتبر كالبصاق (من الفم). (6) نلاحظ مجد عظمتهم مع أنها لا تحفظ وصايا العلي. ولكنّها تعبر كالدخان. (7) نتأمّل جمال بهائها مع أنها تحيا في النجاسة. ولكنها تيبس كالعشب وتجفّ. (8) نشاهد قدرة قساوتها مع أنها نسيَت الآخرة. إلاّ أنها ستزول كالموج العابر. (9) نتبيّن خطر قوّتها مع أنها تكفر بصلاح الله الذي يهبه لها، إلاّ أنها تعبر كالسحاب العابر.
إعلان نهاية الأزمنة.
83 (1) "فالعليّ سيسرّع الأزمنة تسريعًا ويجيء بالأوقات جبنة. ويدين دينونة أولئك الذين في عالمه، (2) ويفتقد في الحقيقة كل شيء بسبب جميع أعمالهم التي كانت خطايا. (3) ويتفحّص تفحّصًا الأفكار الخفيّة وكل ما هو في عمق أعضاء الإنسان، ويخرج إلى النور أمام كل إنسان ويندّد به. (4) اذن، لا يصعد إلى قلبكم واحد من هذه الأمور القائمة، بل بالاحرى لننتظر لأن ما وُعدنا به سيأتي. (5) لا ننظر إلى الملذّات الحاضرة لدى الأمم، بل نتذكّر ما وُعدنا به من أجل النهاية. (6) فنهايات الأزمنة والأجيال تعبر، ويعبر كل ما فيها. (7) أما انقضاء العالم فيبيّن قوّة مدبّره العظيمة لأن الكل سيأتي إلي الدينونة. (8) فأعدّوا قلوبكم لما سبق وآمنتم به لئلاّ ترذلوا من العالمين(17). وبعد أن سُبيتم هنا، تتعذّبون هناك.
العالم الحاضر عابر
(9) "فكل ما هو قائم الآن هو عابر أو آتٍ. في هذا، ليس الشرّ كلّه شرًا ولا الخير كلّه خيرًا. (10) فكل ما هو صحّة الآن يتحوّل إلى مرض. (11) وكل قوّة فيّ الآن تتحوّل إلى ضعف. وكل قدرة الآن تتحوّل إلى عجز. (12) وكل عزم الشباب يتحوّل إلى شيخوخة. وأخيرًا، كل جمال حسن الآن يتحوّل إلى ذبول وقبح. (13) ويتحوّل كل مجد وافتخار الآن إلى ذلّ وخجل وكل مجد رفيع الآن ينقلب خجل صمت. (14) وتتحوّل كل كبرياء وترفّع الآن إلى سقوط صامت. (15) وتتحوّل كل لذّة وعذوية الآن إلى دود وفساد. (16) وكل صياح التكبّرين يتحوّل إلى تراب صامت. (17) وكل مقتنى الفنى الآن يعود وحده إلى الجحيم. (18) وكل الرغبات المخطوفة الآن تتحوّل إلى الموت مكرهة. وتتحوّل كل رغبة وشهوة إلى دينونة وعقاب (19) وتتحوّل كل حكمة وكذب الآن إلى توبيخ وحقّ. (20) وتتحوّل كل عذوبة العطور الآن إلى دينونة وحكم (21) وتتحوّل كل صداقة كاذبة إلى عار صامت. (22) ولكن كل ما هو الآن، أنظنّ أنه ينجو من الحساب؟ (23) فانقضاء كل شيء سيقود إلى الحقّ".
الشريعة تحمل الخلاص.
84 (1) "أما أنا فقد أعلمتكم هذا، وأنا حيّ، لأني قلت لكم إنه ينبغي عليكم أولاً أن تتعلّموا فرائض القدير الذي فقهكم. وسأعرض أمامكم بعض فرائض دينونته قبل أن أموت. (2) تذكّروا أن موسى(21)، في الزمن الماضي، قد أشهد عليكم إشهادًا السماء والأرض وقال لكم: إن تجاوزتم الشريعة تتشتّتون. ولكن إن حفظتموها تُحفظون. (3) وقال لكم أيضًا أقوالاً أخرى حين كانت (كنتم) القبائل اثنتا عشرة معًا في البريّة. (4) ولكن بعد موته، رذلتموها بعيدًا عنكم، ولهذا أصابكم ما سبق وقيل لكم. (5) ومع ذلك، قال لكم موسى ذلك قبل أن يحصل. وها قد حصل، لأنكم تركتم الشريعة. (6) وأنا أقول لكم أيضًا، بعد أن تألمّتم: إذا أطعتم ما يقال لكم تنالون من القدير كل ما وُضع وحُفظ لكم. (7) فلتكن هذه الرسالة شهادة لي ولكم كي تتذكّروا فرائض القدير، وليكون لي عذر أمام الذي أرسلني. (8) فتذكّروا الشريعة وصهيون والأرض المقدّسة، وإخوتكم وعهد آبائكم ولا تنسوا الأعياد والسبوت. (9) وانقلوا هذه الرسالة وتقاليد الشريعة إلى أبنائكم من بعدكم، كما نقلها إليكم آباؤكم. (10) صلّوا في كل وقت بثبات واطلبوا بحرارة من كل نفسكم فينظر إليكم القدير نظرة الرضى ولا يحسب كثرة خطاياكم. بل يتذكّر استقامة آبائكم. (11) فإن كان لا يدين حسب كثرة مراحمه، فالويل لنا جميعًا، نحن البشر!
صارت النهاية قريبة
85 (1) "ولكن اعلموا أيضًا أن آباءنا في الأزمنة القديمة وفي الأجيال السابقة، وجدوا عونًا في الأبرار والأنبياء والقدّيسين(2). ونحن أيضًا كنا في أرضنا، وهم يعينوننا حين نخطأ، ويصلّون من أجلنا إلى الذي خلقنا لأنهم اتكلوا على أعمالهم والقدير استجابهم وكان لنا سموحًا. (3) أما الآن، فقد أخذ الأنبياء جميعًا، ورقد الأنبياء. ونحن أيضًا خرجنا من أرضنا وأخذت منا صهيون. ولم يعد لنا سوى القدير وشريعته. (4) فإن وجّهنا قلوبنا وهّيأناها ننال كل ما خسرنا، بل أكثر بكثير ممّا خسرنا. (5) فما خسرناه كان الفساد وما نلناه لا يفسد. (6) وكتبتُ أيضًا إلى إخوتكم في بابل كي أعالج معهم أيضًا هذه الأمور. (7) ليكن كل هذا الذي سبق وقلته لكم أمام عيونكم في كل وقت، لأننا مازلنا حتى الآن أحياء، ونمتلك حريتنا. (8) والعليّ أيضًا أطال روحه معنا هنا، وعرّفنا ما سيكون وما أخفى عنّا ما يحدث في الآخرة. (9) فقبل أن نطالب الدينونة بحالها، والحقيقة بما يجب له، نهيئ نفوسنا لأن نأخذ لا أن نؤخذ، لأن نرجو لا أن نخيَّب، لأن نرتاح مع آبائنا لا أن نتعذّب مع أعدائنا. (10) فشباب العالم قد عبر، وعزم الخليقة شارف على النهاية. ومجيء الأزمنة صار قريبًا جدًا، وهي ستزول. صارت الجرّة قريبة من البئر، والسفينة من الميناء. (11) (وأقول لكم أيضًا: هيّئوا نفوسكم، وحين تجرون وتصعدون من السفينة، ترتاحون. كما لا تدانون حين تنطلقون. (12) فحين يأتي العليّ بكل ذلك، لن يكون حينئذ مكان للتوبة، ولا حدود للأزمنة، ولا دوام للأجيال، ولا تبديل الطريق، ولا مكان للصلاة، ولا إرسال طلبات ولا بحث عن معرفة ولا عطيّة محبة، ولا مكان لتوبة النفس، ولا صلوات عن الخطايا، ولا تشفّع الآباء ولا توسّل الأنبياء، ولا عون الأبرار. (13) ولن يكون سوى الدينونة والحكم، والطريق إلى النار، والسبيل الذي يقود إلى الحجيم. (14) لهذا، هناك شريعة واحيدة أعطاها (الإله) الواحد لعالم واحد يقدّم للساكنين فيه نهاية واحدة. (15) عندئذ يحيي جميع الذين يجدهم أنقياء، كما يهلك أولئك الذين تنجّسوا بالخطيئة.
86 (1) "فحين تتلقّون هذه الرسالة، إقرأوها بعناية في جماعاتكم (2) وتأمّلوا فيها بشكل خاص في أيام أصوامكم. (3) واذكروني بواسطة هذه الرسالة، كما ذكرتكم دومًا بها"
78 (1) وحين أكملتُ كل كلمات هذه الرسالة ودوّنتها بعناية حتى النهاية لففتها وختمتها بانتباه، وربطتها بعنق النسر وأطلقته وأرسلته.
وهكذا انتهى كتاب باروك بن نيريا.

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM