القسم الخامس قدرة الله و حكمته

القسم الخامس قدرة الله و حكمته

صلاة باروك
48 (1) وحصل بعد اليوم السابع أني قلت وأنا أصلّي في حضرة القدير:
(2) "آه، يا ربّ! تدعو الأزمنة لتجيء
فتقف أمامك،
تجعل قدرة الدهور تعبر
فلا تقاومك،
ترتّب نظام الأزمنة
فتطيعك.
(3) أنت وحدك تعرف مدى الأجيال
ولا تكشف أسرارك للكثيرين
(4) تحدّد كمية النار
وتزن الرياح الخفيفة.
(5) تلج أطراف الأعالي
وتفحص أعماق الظلمات .
(6) تحدّد عدد العابرين والباقين
وتعدّ مسكنًا للآتين
(7) تذكر البداية التي خلقتَ
ولا تنسى الدمار الآتي.
(8) تأمر اللهب بعلامات الخوف والتهديد
فتبدّل دخانًا.
تخرج بكلمتك ما لم يكن موجودًا
وتحفط بقوّتك العظيمة ما لم يأتِ بعد.
(9) تعلّم الخلائق بفهمك
وتحكّم الدوائر لتخدم في مراتبها.
(10) جيوش لا عد لها تقف أمامك،
تشير إليها فتخدم في سلام حسب مراتبها.
(11) فاستمع لعبدك
وأصغ إلى صلاتي.
(12) للحظة قصيرة ولدنا
ونمضي بعد لحظة قصيرة.
(13) ولكن عندك الساعات زمن،
والأيام أجيال.
(14) لا تغضب على الإنسان فهو عدم
ولا تهتمّ لأعمالنا، فما نحن (أمامك)؟
(15) بعطيّة منك أتينا إلى العالم،
وتمضي دون أن نشاء.
(16) ما قلنا لوالدينا: لدوننا.
ولا بعثنا برسول إلى الشيول قائلين: تقبلنا.
(17) فما هي قوّتنا لتحتمل غضبك،
ومن نحن لنقف أمام دينونتك؟
(18) فاحمنا برحمتك(5)،
وأعنّا برأفتك
(19) انظر إلى الصغار الخاضعين لك،
وخلّص جميع المقتربين منك.
لا تلغِ رجاء شعبك،
ولا تقصّر زمنًا تعينهم فيه.
(20) فهو الشعب الذي اخترته،
الشعب الذي لن تجد له مثيلاً.
(21) والآن، أتكلّم في حضرتك،
وأقول ما يخطر في قلبي.
(22) لقد وثقنا بك،
لأن شريعتك في وسطنا.
وعرفنا أننا لا نسقط
إن لبثنا متعلّقين بعهودك.
(23) واحدة تجعلنا سعداء:
لم تمتزج بالأمم.
(24) فكلّنا شعب فريد ومعروف،
تسلّمنا شريعة واحدة من (الله) الواحد،
والشريعة التي في وسطنا تعيننا،
والحكمة السامية التي فينا تسندنا".
(25) حين صلّيت وقلتُ هذا، بديت تعبًا منهكًا.
نهاية الأزمنة
(26) فأجاب وقال لي:
"صلّيت ببساطة، يا باروك،
فسُمعت كلمات (صلاتك).
(27) ولكن دينونتي تطلب خيرها
وشريعتي تطالب بحقّها.
(28) حسب أقوالك أجيبك
وأكلّمك حسب صلاتك.
(29) فإليك ما أقول:
من يُفسد نفسه ليس بشيء
ولكنّه تصرّف بالشرّ وكأنّه يستطيع شيئًا.
فما تذكّر مراحمي،
ولا عرف أناتي.
(30) لهذا ستخطف انخطافًا
كما سبق وأنبأتك.
عندئذٍ يأتي الزمن الذي كلّمتك عنه،
عندئذٍ يظهر زمن الضيق.
(13) يأتي فيعبر بعنف عنيف
ويمتلىء اضطرابًا لأنّه يأتي بعنف وتهديد.
(32) ويكون في تلك الأيام
أن جميع سكان الأرض يثق الواحد بالآخر
لأنهم لا يعرفون أن دينونتي قريبة.
(33) لا يجدون عددًا من الحكماء في ذلك الزمان،
ويقلّ عدد الفهماء
والعارفون يفضّلون السكوت.
(34) وتكثر الأخبار وتتنامى الإشاعات،
وتظهر كائنات خياليّة،
ويوردون عددًا من الانباءات،
يكون بعضها كاذبًا ويصحّ البعض الآخر.
(35) وتتحوّل الكرامة إلى عار،
وتنحطّ القوّة حتى الاحتقار،
وتتلاشى القدرة،
ويصير الجمال موضوع هزء.
(36) فيقول الكثيرون لآخرين كثيرين في ذاك الزمان:
أين اختفت وفرة الفهم
أين اختبأت وفرة الحكمة؟
(37) وحين يتأمّلون في هذا،
تستيقظ الغيرة تجاه أشخاص ما فكّروا فيهم.
ويُهاجم الحسد ذاك الذي كان هادئًا.
يدفع الغضب الكثيرين فيسيئون إلى الكثيرين،
وتقوم الجيوش من أجل سفك الدماء
وفي النهاية يموتون كلّهم معًا.
(38) ويكون في ذلك الزمان:
يتجلّى تبدّل الأزمنة لكل إنسان
فقد لبسوا في تلك الأزمنة النجاسة والعنف
وسار كل واحد في أعمال يده
وما تذكّر شريعة القدير.
(39) لهذا تلتهم النار أفكارهم
ويفحص اللهيب مقاصد عواطفهم
لأن الدّيان يأتي ولا يُبطئ.
(40) عرف كل سكّان الأرض حين أخطأوا
وبسبب كبريائهم ما عرفوا شريعتي.
(41) فعندئذٍ سيبكي الكثيرون حقًا
بل (سيبكون) على الأحياء قبل الأموات".
(42) فأجبت وقلت:
"آه، يا آدم! ماذا فعلت للذين وُلدوا منك؟
وماذا يُقال لحواء الأولى التي أطالت الحيّة؟
(43) فالعدد الكبير يمضي إلى الفساد.
وكثيرون هم الذين تلتهمهم النار.
(44) ولكنّي أتكلّم أيضًا في حضرتك.
(45) فأنت أيّها الرب سيّدي تعرف ما في خليقتك.
(46) بالأمس أمرتَ التراب بأن يخرج آدم
وأنت تعلم عدد الذين وُلدوا منه
وكم خطأ إليك أولئك الذين جاؤوا إلى الوجود
وما اعترفوا بك كخالقهم.
(47) ولكن نهايتهم تفهم أمام كل هذا
والشريعة التي تجاوزوها تعاقبهم في يومك.
(48) والآن، نترك الأشرار ونهتمّ بالأبرار.
(49) سأخبر بسعادتهم
ولن أنفك أنشد المجد المحفوظ لهم.
(50) في الحقيقة، احتملتم أتعابًا كثيرة
خلال لحظة قصيرة،
في هذا العالم العابر الذي فيه تعيشون،
أما في العالم الذي لا نهاية له
فتنالون نورًا عظيمًا.

قيامة المختارين والهالكين
49 (1) "ومع ذلك أسألك أيّها القدير وأسأل رحمتك التي خلقت كل شيء. بأي شكل يحيا الأموات في يومك؟ أو كيف يبقى البهاء الذي سيكون لهم فيما بعد؟ (2) هل يستعيدون عندئذٍ الشكل الذي لهم الآن، وهل يرتدون هذه الأعضاء المقيّدة التي هي الآن في الشرور وبها تتمّ الشرور؟ أو ربّما تبدّل ما كان في العالم كما تبدّل العالم نفسه".
50 (1) فأجابني وقال لي: "اسمع، يا باروك، هذه الكلمة ودوّن في ذاكرة قلبك كل ما ستعرف (2) لا شكّ في أنّ الأرض ستعيد في ذلك الوقت الموتى الذين اقتبلتهم الآن لتحتفظ بهم، ولكنّها لا تبدّل شيئًا في شكلهم. فكما سلّمتهم لها هكذا يقعدهم. (3) وينبغي حينئذٍ أن نبيّن للأحياء أن الموتى أحياء وأن الذين مضوا عادوا. (4) ويكون أنه حين يعرف كل واحد الذين عرفهم الآن، ستنتصر الدينونة حينذاك وتجيء الأمور التي سبق وقلتها.
51 (1) "ويكون أنّه حين يمضي هذا اليوم المحدّد أن يتبدّل في ذلك الوقت شكل الذين أدينوا كما (يتبدّل) مجد الذين كانوا أبرارًا. (2) فشكل الذين يصنعون الشرّ الآن، يصبح أسوأ ممّا كان عليه لكي يتحمّلوا العقاب. (3) (ونقول الشيء) عينه عن مجد الذين تبرّروا هم (= أبرار) الآن بشريعتي، وهم الذين خلال حياتهم نالوا الفهم وغرسوا في قلوبهم جذور الحكمة: سيتمجّد بهاؤهم عند ذاك ويتحوّل. يتحوّل شكل وجههم إلى جمال نيِّر فيستطيعون أن يأخذوا ويتقبّلوا العالم الذي لا يموت والذي وُعدوا به آنذاك (4) وسيتأسّف بشكل خاص أولئك الذين سيجيئون حينذاك لأنهم ازدروا شريعتي وأصمّوا آذانهم لئلا يسمعوا الحكمة ولا يقبلوا الفهم. (5) إذن، حين يرون أولئك الذين يرتفعون عليهم الآن، وقد تعظّموا وتمجّدوا وصاروا فوقهم حينذاك، (ويرون) أنهم تحوّلوا مثلهم: أولئك (=الأبرار) إلى بهاء الملائكة. أما هم (=الأشرار) فإلى ظهورات مرعبة وأشكال غريبة، فيزداد فناهم. (6) فهم ينتظرون هذا أولاً، وبعد ذلك يمضون إلى العذاب.
(7) أما الذين خلصوا بأعمالهم والذين كانت لهم الشريعة هنا رجاء، والفهم انتظارًا، والحكمة أمانًا، ستظهر لهم المعجزات في زمانهم. (8) لأنهم سيرون العالم الذي لا يرونه الآن، ويرون الزمن الذي خفيَ عليهم الآن. (9) ثم إنّ الزمن لا يجعلهم يشيخون (يعتقدون).
(10) فيسكنون في أعالي ذلك العالم ويكونون شبيهين بالملائكة ومماثلين للكواكب، ويتحوّلون إلى كل شكل يريدون: من الجمال إلى النعمة، ومن النور إلى بهاء المجد. (11) وتمتدّ أمامهم ساحات الفردوس، ويُرونهم جمال وعظمة الأحياء الذين على العرش، وكلّ جيوش الملائكة الذين تمنعهم كلمتي الآن من الظهور، ويفرض عليهم أمري أن يقيموا في أمكنتهم إلى أن يأتي مجيئهم. (12) غير أنّه يكون في الأبرار عظمة تسمو على عظمة الملائكة. (13) الأولون يستقبلون الآخرين الذين انتظروهم، والآخرون أولئك الذين سمعوا أنهم عبروا. (14) فقد نجوا من عالم الضيق هذا واستراحوا من ثقل الأحزان. (15) فلماذا خسر الناس حياتهم، وبماذا بادلوا نفوسهم حين كانوا على الأرض؟ (16) اختاروا لنفوسهم ذلك الزمن الذي لا يمكن أن يمرّ بدون الأحزان. اختاروا لنفوسهم الزمن الذي امتلأت مخارجه بالشقاءات والشرور، وكفروا بالعالم الذي لا يجعل الآتين إليه يشيخون: ازدروا زمن المجد فما بلغوا إلى الكرامة التي سبق وقلتها لك".
52 (1) فأجبتُ وقلت: "كيف ننسى أولئك الذين حُفظ لهم الويل؟ (2) ولماذا نحزن إذن على الذين ماتوا؟ ولماذا نبكي الذين مضوا إلى الشيول؟ (3) ليُحفظ الندب إلى بداية هذا العذاب الآتي، ولتدَّخَر الدموع للهلاك الذي يجيء حينئذٍ. (4) ولكني أقول أيضًا مقابل هذا أقول: والأبرار، ماذا يصنعون الآن؟ (6) ابتهجوا بالآلام التي تتألمونها الآن. فلماذا تنتظرون سقوط أدواتكم؛ (7) أعدّوا نفسكم لما يُحفظ لكم. هيئوا نفوسكم للجزاء الموضوع لكم"! (8) ولما قلت هذا، رقدتُ رقادًا.

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM