ب- العظام اليابسة

ب- العظام اليابسة
37: 1- 14

إن 37: 1- 14 يشكِّل تتمّة لما في 36: 16- 38. بعد أن تحدّث النبيّ عن تجديد الشعب والأرض في الكلام النبويّ السابق، ها هو يؤكد مجدداً إرادة يهوه في تجذير وعده من خلال رؤيا. إنه سينعش رجاء شعبه في منفاه (37: 1- 14). وهذا سيتم بإعادة بناء بيت إسرائيل على أرضه بواسطة روح يهوه.

1- تحديد موضع النص
إن 36: 16- 38 و37: 15- 28 يشكّلان كلامين نبويّين مستقلّين حرفياً عن 37: 1- 14. وبالإضافة إلى ذلك، فإن 37: 1- 14 هو رؤيا، وموضوعها (قيامة بيت إسرائيل)، يختلف عن موضوع الرؤيا في 37: 15- 38 المخصّصة لوحدة الشمال والجنوب. وأخيراً، إن "روح يهوه" تعبير لا يَرِد إلاّ مرتين في 37: 1- 14، في بداية النص (آ 1) وفي نهايته (آ 14). وبالتالي، فإن كلام الربّ الوارد في آ 1 "بروح الربّ" وفي آ 14 "روحي" يضع حدوداً لنصّ 37: 1- 14 كوحدة مستقلّة.

2- بنية النص
يقسم النص إلى ست وحدات صغيرة مقدمة بطريقة متماسكة: آ 1- 3؛ 4- 8؛ 9- 10؛ 11؛ 12- 13 و14. تشكل آ 1- 3 مقدّمة تبيّن المكان الذي نقل روحُ الله النبيَّ إليه، وتصف هذا المكان، وهو وادٍ مليء بالعظام اليابسة. بعد هذا العرض، يطلب يهوه من حزقيال أن يتنبّأ مرّتين، مرّة على العظام، (آ 4- 8) ومرة أخرى على الروح (آ 9- 10). والنبوءتان أيضاً، مبنيّتان بالطريقة ذاتها. في آ 4- 6، 9، يأمر الربّ حزقيال، وفي آ 7- 8، 10 ينفِّذ النبي الأمر. أما آ 11 فتعبّر عن كلام الشعب الذي يشكو من وضعه المأساوي. "يبست عظامنا...". واستجابة لصراخ الشعب، يطلب يهوه مجدداً من النبيّ أن يعلن أن إسرائيل سيصعد من القبور (آ 12- 13)، وان الروح سيعيده ليعيش على أرضه (آ 14).
إستناداً إلى الملاحظات السابقة، نضع بنية النص بالطريقة التالية:
(أ) آ 1- 3: روح يهوه تعمل في النبي
يهوه يطرح سؤالاً على حزقيال: أتحيا هذه العظام؟
(ب) آ 4- 8: نبوءة على العظام
(ج) آ 9- 10: الروح ينفخ على الأموات.
(ب ب) آ 11: العظام هي كل بيت إسرائيل
(ج ج) آ 12- 13 "وأصعدكم من القبور" (أماكن الأموات).
(أ أ) آ 14: الجواب على السؤال الوارد في آ 3 هو التالي:
"وأجعل روحي فيكم فتحيون".
إن آ 4- 8 موازية لما في آ 11 التي تتحدّث عن العظام. وكذلك الأمر بالنسبة إلى آ 9- 10 و12- 13 حيث أموات آ 9- 10 سيخرجون من قبورهم (آ 12- 13). وأخيراً فإن آ 14 وآ 1- 3 تتجاوب: إن الجواب في آ 14 "فتحيون" هو مرتبط بالسؤال المطروح في آ 3: "أتحيا هذه العظام"؟

3- معنى النص ولاهوته
على ضوء البنية المعروضة سابقاً، سنفسرِّ كل وحدة بمفردها، مع ربطها بالوحدات الأخرى في الوقت ذاته.
* مكان الرؤيا
1- كانت عليَّ يد الربّ.
فأخرجني بروح الربّ وأنزلني في وسط البقعة وهي ملآنة عظاماً.
2- وأمرَّني عليها من حولها
وإذا هي كثيرة جداً على وجه البقعة
وإذا هي يابسة جداً.
3- فقال لي: "يا ابن آدم، أتحيا هذه العظام"؟
فقلت: "يا سيدي الربّ، أنت تعلم".
إن ورود الإسم الرباعي ليهوه ثلاث مرات في بداية الفقرة وفي نهايتها (آ 1، 3)، يجعل يهوه سيد الموقف، "يد الربّ (يهوه)"، "روح الربّ"، "سيدي الربّ". إن التعبير الأول ينقلنا إلى رؤى جديدة في سفر حزقيال؛ وهو متصل أحياناً بروح يهوه الفاعل في النبي ليجعله ينتقل من خلال رؤيا. "كانت يد الربّ عليه" تعني أن الله وضع الكلام في فم النبي، وان روح الله ينتزعه من الرؤية العادية للأشياء ويدخل في طويَّته الروحية. وبالتالي فإن انتقال النبي فكريّ أكثر ممّا هو جسديّ. وتعبير "العظام" بصيغة الجمع، يتكرر ثلاث مرات لإبراز هدف يهوه، وهو إعادة إحياء هذه العظام (آ 3). والعظام موجودة في مكان معين، إنها "في وسط البقعة". وهي "كثيرة جداً ويابسة جداً". هذا الوصف يقرِّبنا من واقع يُظهر عَدَماً خالياً من كل رجاء؛ والمرور من حولها في كل الإتجاهات، ليس سوى تأكيد على غياب الحياة فيها. ويأخذ يهوه المبادرة، في آ 3، ويطرح على حزقيال السؤال: "يا ابن آدم، أتحيا هذه العظام"؟. إن عبارة "يا ابن آدم" تذكّر النبيّ بوضعه البشريّ وتخلق مسافة بينه وبين الله المتسامي. إن هدف يهوه يتوضّح من خلال السؤال الذي طرحه، وهو إعادة إحياء العظام. وفي 31 ب، يتضمّن جواب النبيّ فعل إيمان، "أيها السيد الربّ"، وفي الوقت ذاته ثقة بإمكانات الله غير المحدودة التي لا يقدر عليها عجز الإنسان. لم يعد لدى "ابن آدم" ما يقوله أمام موقف كهذا، "يا سيدي الربّ، أنت تعلم".
* حزقيال يتنبّأ على العظام
(أ) 4- فقال له: "تنبأ على هذه العظام
وقل لها: أيتها العظام اليابسة، اسمعي كلمة الرب.
(ب) 5- هكذا قال السيّد الربّ لهذه العظام
هاءنذا أدخل فيكم روحاً فتحيون
(ج) 6- وأضع عليكم عصباً، وأكسبكم لحماً
وأبسط عليكم جلداً.
وأعطيكم روحاً فتحيون وتعلمون أني أنا الرب".
(أ أ) 7- فتنبأت كما أُمرت. وبينما أنا أتنبأ كان صوت، وإذا ارتعاش
فتقاربت العظام كل عظم إلى عظمه.
(ج ج) 8- ونظرت: وإذا بالعصب واللحم كساها وبُسط الجلد عليها
(ب ب)- وليس فيها روح.
بعد التجوّل في الوادي، بكل الإتجاهات (آ 1- 3)، تلقّى حزقيال الأمر بأن يتنبأ على العظام اليابسة (آ 4). في البداية، يُعلمه يهوه بما عليه أن يقول (آ 4، 6)، قبل أن يترك الكلام له (آ 7- 8). إنّ كلمة الله تمر بإنسان ليعلنها. وفي آ 4، يتمّ تشخيص العظام اليابسة، لأن كلام يهوه سيكون موجهاً إليهاً، "إسمعي كلمة الرب". وتؤكد آ 5 من جديد على أنّ النبوءة تأتي من الرب. وبالإضافة إلى ذلك، لن تحيا هذه العظام بدون روح يعطيها يهوه (آ 5 ب، 6ب). وضمير المتكلم "أنا" الذي تكرر خمس مرات في آ 5- 6، بشكل بارز ومستتر، يجعل يهوه العامل الفاعل الوحيد في القصة: فهو من يعطي الروح ويجعلها تدخل في تلك العظام. إن "الروح" المشار إليها في آ 5 ب، 6 ب، 8 ب ليست روح يهوه (آ 1). إنها تأتي من الله وليست الله ذاته، بل هي علامة وجود الحياة في الإنسان. وإنّ آ 6 أ تعبّر عن إِحياء العظام ابتداءً من أعمقها في جسم الإنسان، ابتداءً بالعصب، ثم اللحم، ثم الجلد، إن الإنسان مكوّن من جسم وروح واكتمال هذين العاملين فيه متعلّق بيهوه، "وتعلمون أني أنا الرب". إن عمل يهوه لصالح العظام اليابسة هو انجاز خلاّق ذو وجهين: الله يعيد خلق جماعة (من البشر)، لترى وتعرف أنه يهوه، مصدر الخلق والايمان، وبعد أمر يهوه يأتي التنفيذ حيث يأخذ النبي الكلام. وصيغة المتكلم التي استعملها النبيّ في آ 7، تدلّ أنه الفاعل الذي يقوم بأعمال ثلاثة: تلقّى "الكلمة" (آ 7)، "والتنبّؤ" (آ 7)، "والنظر" (آ 8). يتلقّى النبيّ كلمة ليست منه. وفاعلية هذه الكلمة يجب أن تمتد لتصل إلى الآخرين. وبالإضافة إلى ذلك، فالنبيّ هو شاهد على مفعول هذه الكلمة في الناس. والصوت والارتعاش (آ 7) يدلاّن على الحركة، فالعظام تتقارب من بعضها، ويطرأ عنصر خارجي في اللحظة التي يتنبأ فيها حزقيال، تُحدث كلمته المفاعيل التي أعلن عنها سابقاً وتعود الأعصاب واللحم والجلد إلى مواضعها. ولكن الأجسام تبقى بدون روح. ويرى تسيمارلي أنّ "هناك ميلاً عند حزقيال للتوسّع في المسار القصصي، وخاصة لعرض أنتروبولوجيا تقليديّة (هي التي تخبر عن خلق الإنسان على مرحلتين: تك 2: 7)، فتتوقف هنا مرحلة أولى، بانتظار أمر جديد من الله".
* حزقيال يتنبأ للروح. "فحيوا وقاموا".
(أ) 9- فقال لي: "تنبأ للروح، تنبأ يا ابن آدم
- وقل للروح: هكذا قال السيد الرب
(ب)- هلمّ يا روح من الرياح الأربع وهُبَّ على هؤلاء القتلى ليحيوا.
(أ أ) 10- فتنبأت كما أمرني
(ب ب)- فدخل فيهم الروح فحيوا وقاموا على أقدامهم: جيش عظيم جداً جداً.
إنّ آ 9، 10 متوازيتان. بالواقع، يعطي الله الأمر للنبي (آ 9 أ) الذي ينفّذه (آ 10 أ)، وهذه هي الحال في الفقرة السابقة. وكلام يهوه في آ 9 ب يقوم على دعوة الروح ليهبّ على القتلى؛ وفي آ 10 ب، يتحقّق كلام الله لأن الموتى عادوا إلى الحياة. إن حزقيال، في استعماله لكملة روح "روح" ينتقل من معنى إلى آخر بطريقة لاشعوريّة. وفي آ 4- 8، الروح يعني نفخة الحياة البشريّة؛ وفي آ 9 و10، نجد كلمة "روح" مسبوقة "بأل التعريف" فتصبح مشخّصة. فهذا الروح يجب أن يأتي "من الجهات الأربع"، "من الرياح الأربع"؛ فهو في كل مكان، وغير محدّد في الوقت ذاته. وإنّ آ 1، 14 تتحدّثان عن روح يهوه الذي يؤثر في النبي، ويجعل الموتى يحيون.
لذلك، فإن الروح في 91 و10 لا يأتي من الله بل من قوة حياة تعبر العالم وتغمر الجثث كالريح. ومع ذلك، فإن مجيء هذا الروح متعلّق بإرادة يهوه. وبالإضافة إلى ذلك، ففي زمن حزقيال، كما في زمن أيوب (راجع 14: 14)، لم يكن الناس يعرفون شيئاً عن قيامة شاملة للموتى في اليوم الأخير، ولم يكونوا يريدون أن ينكروا على يهوه إمكانيّة احياء الموتى بقدرته كخالق. إن قدرة يهوه هذه، سبق أن أيدها سفر الملوك (1 مل 17: 17 ي؛ 2 مل 4: 31 ي؛ رج 2 مل 13: 20 ي. والإشارة إلى يهوه كـ "إله أرواح جميع البشر" (عد 16: 22).
* هذه العظام، هي كل بيت إسرائيل
11- ثم قال لي: يا ابن آدم، هذه العظام هي كل بيت إسرائيل. ها هم يقولون: "يبست عظامنا، وهلك رجاؤنا، وقد انقطعنا".
إن المقطوعة 1- 10 قد تفسّر رؤيا بعيدة عن الواقع إن لم نربطها بهدفها. وإنّ آ 11 تلعب دور جسر يصل الخيالّي بالواقعيّ. وعبارة "ابن آدم" تدلّ على رسالة جديدة موجّهة إلى النبي، وهي تفسير الرؤيا. هذه العظام، هي كل بيت إسرائيل. في آ 11 ب، يشتكي الشعب من وضعه المأساوي، ويستعيد، في كلامه، التعابير المستعملة في الرؤيا، "عظام يابسة". إن الشعب مقتنع بدماره وضياعه المميت، "هلك رجاؤنا". وكما أشرنا في الفصل الأول من هذا الكتاب، إن إسرائيل حافظ على رجائه حتى سقوط أورشليم والهيكل في يد البابلبيين. منذ بداية فقدان الرجاء في حياة المنفيّين، يتدخّل الله ويُبلغ مخطّطه الخلاصي إلى النبي. والنبي بدوره يشرح كلمة يهوه مستنداً إلى تعبير يصف خيبة شعب إسرائيل الحالية: "يبست عظامنا، وهلك رجاؤنا. قد انقطعنا" (آ 11 ب).
* سأفتح قبوركم
12- لذلك تنبأ وقل لهم:
(أ)- هكذا قال السيد الرب
(ب)- هأنذا أفتح قبوركم
(ج)- وأصعدكم من قبوركم يا شعبي
(أ أ)- 13- فتعلمون أني أنا الرب
(ب ب)- عند فتحي قبوركم
(ج ج)- وإصعادي إياكم من قبوركم يا شعبي.
بهذه الآيات يردّ النبي على "هلاك الرجاء" الذي تمّ التعبير عنه في آ 11. فقد سبق أن تنبّأ حزقيال للروح فعاد الموتى إلى الحياة (آ 10). فهؤلاء لم يعد مكانهم في القبور (آ 12- 13). وإنّ آ 12 أ تفتح النبوءة مثل آ 5، 9. هذا الكلام موجّه إلى شعب يائس (رج آ 11) يدعوه الله إلى فعل إيمان (آ 13 أ). وإنّ آ 12 ب و13 ب متوازيتان: إن الاعتراف الإيماني ينبع من فعل يهوه الذي سيفتح القبور. وهكذا يتدخّل الله ذاته في فعل تحرير شعبه. وإنّ آ 12 ج موازية للآية 13 ج ج: يدعو يهوه بيت إسرائيل "شعبي" ويؤكد أنه لم ينسَ عهده معه. إن إخراج شعبه من القبور يؤدّي إلى "إعادته" إلى أرضه. والقبور تشير إلى حالة المنفى الذي وقع فيه الشعب اليهودي في أرض بابل. يجب أن نشير هنا إلى فعل "صعد"، "ع ل ه"، الذي يُعيدنا إلى تقليد الخروج، عندما "أصعد" الله شعبه.
* تحيون فتعلمون
أ- 14- وأجعل روحي فيكم
ب- فتحيون
أ أ- وأجعلكم في أرضكم
ب ب- فتعلمون أني أنا الرب تكلّمت وأفعل، يقول الربّ.
إن العودة إلى أرض إسرائيل يجب أن تمرّ بالروح. وإنّ آ 14 (أ) وآ 14 (أ أ) تصفان عملين قام بهما يهوه لمصلحة إسرائيل؛ جعل روحه فيهم، وجعلهم في أرضهم. والروح في آ 14 (ب) يعطيهم الحياة. أما في آ 14 (ب ب) فسيصبح إسرائيل نشيطاً فاعلاً ويعرف يهوه مجدداً. وهذا سيتحقّق بعد معاينة فعاليّة كلمة يهوه، والشهادة لها؛ "تكلمت وأفعل" (14 ب ب). وبالإضافة إلى ذلك، فإنّ آ 14 هي جواب على السؤال الذي وجّهه يهوه إلى النبي في آ 3: "أتحيا هذه العظام"؟. إن روح الله (في آ 1)، هو ذاته في آ 14 أ. لذلك، فالبداية والنهاية متعلّقتان به، من مبادرته إلى نهاية مخطّطه الخلاصي لشعبه. وإنّ توجيه حزقيال بروح يهوه (آ 1)، يدلّ على حضور إله العهد عاملاً بكلمة نبيّه. وهذا النبي، المتّحد بالروح، ينقل الكلمة إلى شعبه إذ يخاطبه (آ 14). إن الكلمة مجتمعة مع الروح تصير حدثاً فاعلاً، خلاصياً وحاملاً الرجاء. ليس النبي مخلّصاً، بل مساهم تمرّ كلمة يهوه من خلاله.
* تلخيص
إن هذا النص هو من أشهر نصوص حزقيال. ونجد فيه، بشكل قويّ، تعزية الشعب الذي فقد الرجاء. إنّ النبي، بهذه الرؤيا، يردّ على وضع مأساوي تلا انهيار أوهام بيت إسرائيل. والروح الموعود في هذا الإطار، يتدخّل ليعطي الحياة لبني إسرائيل لكي يخلقهم من جديد. وهذا الخلق الجديد يتخذ شكل خروج من المنفى وعودة إلى البلاد. فبعد تدخّل روح يهوه، سيرجعون شعباً يرى في إلهه، ذلك القائل الفاعل بقوّة أكيدة.
يبقى 37: 1- 14 وعداً غير مقيّد بشروط، ودون دعوة إلى الارتداد أو إلى الطاعة. كل شيء متعلّق بمبادرة الله في مجانيتها. إن إرادة الله ترفض موت شعبه، إسرائيل، وتَلاشيه. فالله يريد خلاص هذا الشعب، لذلك يُرسل النبي، كعلامة محسوسة وواضحة للعلاقة بينه وبين شعبه. إنه مع حزقيال ليُحيي رجاء المنفيّين، ويعيد لوجودهم معناه.

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM