الفصل الثاني والثلاثون
دور أعمال الرسل
في التعليم المسيحي
الأخت وردة مكسور
من راهبات القلبين الأقدسين
هل يمكن للتعليم المسيحي أن يكون كتابياً؟ وما هو دور اعمال الرسل في هذا التعليم؟
لكي نجيب على هذه الأسئلة لا بدّ لنا من وضع بعض التحديدات الحديثة التي تساعد على فهم الأمور وتبسيطها.
"إذهبوا وتلمذو كل الأمم" يقول يسوع للرسل في إنجيل متّى 28. إذهبوا أي تحرّكوا وتلمذوا ليس فقط المؤمنين ولكن كل الأمم وهذه العملية هي عملية تربية الإيمان.
ما هي هذه التربية؟
إن عملية التربية المسيحية واسعة جداً، وتشمل كل الجهود التي تبذلها الكنيسة في خدمة الكلمة، من ليتورجيا، وصلاة، ووعظ، وتعليم، واحتفالات، وخدمات أخرى مختصّة بظروف معيّنة، وكلها تهدُفُ إلى نشر الإنجيل وإلى اللقاء بيسوع المسيح الكلمة والإتحاد به كما يقول البابا يوحنا بولس الثاني.
والتربية تتمّ على يد جماعة وضمن جماعة ومن أجل جماعة، وعليه فإن الجماعة المسيحية هي المكان الأول والأساسي الذي فيه ينمو الإيمان ويترعرع وينضج وهي البيئة الطبيعية لنقل الإيمان من جيل إلى جيل. فبدون الجماعة يظل الإيمان مبتوراً وهو بُشرى وقبوله مبشّرين ومساعدتهم على اكتشاف أسرار الله في الجماعة بالذات كما حدث على أيدي الرسل في أعمال الرسل بالذات، وكان الربّ "كل يوم يضمّ إلى الجماعة أولئك الذين ينالون الخلاص".
إنطلاقاً من هذه الحقيقة الأساسية تتفرعّ مسؤوليات التربية بحسب موقع كل فرد وكل فريق في الجماعة المؤمنة (الأسقف، الكاهن، الراهب، الراهبة، العلمانيون، المربّون...). وانطلاقاً من هذه الحقيقة أيضاً تتحدّد النواحي المميّزة لكل من الحقول التالية: الرعية، المدرسة، والعائلة والحركات الرسولية، وكلٌّ يكمّل عمل الكل، فلا المدرسة وحدها ولا الرعية وحدها ولا العائلة وحدها ولا الحركات وحدها كفيلة في عمل التربية هذا دون الآخرين.
كلٌّ عليه أن يشدّد على ناحية من هذه التربية دون إهمال النواحي الأخرى وكلٌّ عليه أن يحقّق عملية التربية ويكملها. والجماعةُ المؤمنةُ ككلّ هي المسؤولة الأولى.
فإذا كانت التربية هكذا، فما هو التعليم المسيحي وما هي علاقته بأعمال الرسل؟
بما أنّ كل المحاضرين قد استندوا إلى علم الكتاب المقدّس وتناولوا كلّ كتاب أعمال الرسل وعرضوا لنا كلَّ مستجدّاته، يعودُ إليّ أن أعرضَ موضوعَ التعليم المسيحي وأبرهن كيف يُمكن للمعلّم أن يستفيد من هذا في أخذ مواضيعه التعليمية أي إيجاد التسلسل العلمي الذي يعلّم البشارة الأولى ويعرّفنا إلى يسوع المسيح ويضع التلاميذ في أجواء حياة الكنيسة الأولى وعيشِ الأسرارِ ويساهمُ في إيجاد العلاقة بين أعماله الرسل وأعمالهِم.
إن التعليم المسيحي هو كشف سِّر المسيح وهو ناحية واحدة من التربية الدينية التي عرَّفنا عنها أعلاه والتي هي في أغلب الأحيان منوطة بالمدرسة أو بمراكز التعليم المسيحي وتتمّ بوقت محدّد قد يتراوح. بين الساعة أو الساعتين ويركّز هذا التعليم على شخصية يسوع المسيح إن كان كتابياً أو عقائدياً. فما هي علاقتُه بكتاب أعمال الرسل؟
لكي أُجيبَ عن هذا السؤال سأعودُ أولاً إلى منهج التعليم المسيحي الذي وُضِعَ في لبنان سنة 1980 بإشراف اللجنة الكاثوليكية للتعليم المسيحي لنتصفحه ونرى كيف تعامل مع أعمال الرسل أولاً ثم نعود إلى تحليل كتب التعليم التي طبعت بعد هذا المنهج.
1- المنهج العام
لقد استند هذا المنهج على الإرشاد الرسولي "في التعليم المسيحي" للبابا يوحنا بولس الثاني الذي يطالبُ بأن يكونَ التعليمُ منظّماً لا مرتجلاً، تبعاً لمنهج يُمَكِّنُهُ من الوصول إلى غاية معيّنةٍ، أعني بذلك أن يتناول جوهر الإيمان، وأن لا يدّعي التوسُّعَ لا جميع المسائلِ المطروحةِ وأن لا يتحوّل إلى دراسات لاهوتية ولا إلى تفسيراتٍ علميةٍ للكتاب المقدّس، بل أن يكونَ كاملاً منفتحاً على جميع مقوّمات الحياة.
لقد حاولت اللجنة أن تضع منهجاً متقيّداً بالجوهر ليكون مضمونُ الإيمان المسيحي معروفاً من قبل النشء في المراحل المدرسية الإبتدائية والمتوسطة والثانوية.
والهدفُ أن يُسلَّم التعليمُ بالنقاط الأساسية وأن يراعي نفسيةَ التلميذِ وذهنيّته وسَعَةَ تحصيلِه. وهذا المنهجُ يساهمُ في التنسيق بين تعليمِ المدارسِ كافّةً لتسهيلِ الأمرِ على التلميذ إذا انتقل من مدرسةٍ إلى أخرى.
تلك نظرةٌ سريعةٌ وشاملةٌ لهذا المنهج الذي لا يتوسّع بكل التفاصيل. والآن لِنتوقّف عند تعاطيه مع أعمال الرسل.
2- أعمال الرسل في منهج التعليم العام
- المنهج وأعمال الرسل
لقد ذكر المنهج أربع مراتٍ أعمال الرسل كمرجع للعمل. أولاً في الأسرار (الصف الثاني متوسط) وفي سِّر التثبيت (8: 15- 17) ثم في الكنيسة (الصف الثالث متوسط) حيث يطلبُ مقارنةً بين أعمال الرسل وبرج بابل في العهد القديم. وفي الصف الثاني ثانوي "في الكنيسة نحيا لأجلَ المسيح" حيثُ ركّزَ على كتاب أعمال الرسل "نظرات أولى إلى المسيح" في حياة المسيحيين الأولين ثم لا مفهومِ الكنيسة وفي مجمعِ أورشليم.
3- أعمال الرسل في كتب التعليم اللبنانية
أعرضُ الآن كتُبَ التعليم المسيحي، لا كلّها طبعاً وإنّما تلكَ التي إمّا جُدِّدَت طِباعتُها أو أنها طُبِعت بعد صدورِ المنهجِ مباشرةً:
- سلسلة حبّة الحنطة، الأخت ماري رينيه ديراني.
- سلسة الربّ نوري وخلاصي للأب حكيم.
- سلسلة طريق المحبّة، الآباء البلديين.
- سلسلة يسوع حياتنا، الأب انطوان الجميّل والأب يوسف ضرغام.
- سلسلة يسوع طريقنا، لراهبات القلبين الأقدسين.
نستثني سلسلتي سيدة العطايا والمشوّق للآباء البولسيين وسلسلة المطران شبيعه لأنهم لما يعيدوا الطباعة بعد صدور المنهج المذكور. وفيما يلي أعرُض فقط ما ورد حول أعمال الرسل دونَ البحث في كيفيةِ استعمال الكتاب المقدّس مهما كان الهدفُ من استعماله.
إن استعرضنا هذه الكتب نجدُ أنّ مرجع أعمال الرسل قد تكرّرَ فيها حوالي 70 مرة. وما يلفتُ انتباهنا هو أن الفصلَ الأَول قد تكرّر 15 مرّة من أصل السبعين في حين أنّ الفصل الثاني قد تكرّر 21 مرة وهذا يعني أنّ أكثر من نصف المراجع قد اقتصرت على الفصلين الأول والثاني اللذين يتحدثان عن الصعودِ والعنصرةِ وحياة المسيحيين الأوَّلين، في حين أنّ أعمال الرسل تحتوي 28 فصلاً. والجديرُ بالذكر أنّ الفصلين السابع والتاسع قد حازا أيضاً على بعضِ الإهتمام، فالسابع تَكرّر 6 مرّات وهو يتحدّث عن استشهادِ اسطفانس والفصل التاسع 6 مرّات وهو يتحدّثُ عن ارتدادِ بولس.
أمّا المراجعُ الإثنين وعشرين الباقيةُ فقد تفرّقت بين الفصولِ 3، 4، 6، 8، 10، 11، 15، 17، 18، 22، 23. وهي تتضمّن مواضيعَ متفرّقةَ وتأتي ليسَ في المرتبةِ الأولى للعرض ولكن أكثرها في باب اسمه "إقرأ أيضاً" أي يُترَكُ التلميذ حرّاً في قراءتها وهذا يعني في بعض الأحيان عدم القراءة.
ونذكر أيضاً أن بجض الكتب قد أخذ معلومات أعمال الرسل دون ذكر المرجع والبعض الآخر ذكر المرجع دون ذكر الفصل والآية مكتفياً بالقول: أعمال الرسل.
كلُّ ذلك يجعلُنا نفهم أنّ كتاب أعمال الرسل غيرُ معروفٍ جيداً، مع أنّه من الناحية المسيحانية وشخصية يسوع المسيح يحمل الكثير الكثير وأهمّها البشارة الكبرى: "إنّ يسوع الذي صلبتموه قد أقامَهُ الله...". ومن ناحية الأسرار وكيفية عيشها ومفاعيلها نجِدُ أسرار المعمودية والتثبيت والكهنوت والافخارستيا أي كسر الخبز إلخ.. فمرافقة الرسل في فترة حياتهم الأولى تُعلِمُنا بأهمّ العقائد والمعتقدات والحياة. ومن الناحية السردية والقصصية فكتابُ الرسل هو مغامرات شائقة، يسردُ فيها حياة الرسل وأشخاص عديدين ومغامراتهم بعد قيامة المسيح. وفي فجر المسيحية ننتقل من الخطب والوعظ والجماعات الكبرى إلى السجن والخوف ثم إلى الصلاة والأمل وإلى اللقاء إلخ.. وهكذا نعيش في أجواء المحبة وأجواء عمل الروح القدس في الأشخاص وفي الجماعة.
ففي كلّ الأحوالِ يعودُ الإستشهادُ بأعمال الرسل في كل السلسلات إلى ما طلبه المنهج وفي المواضيع التي ذكرناها في البداية.
والملاحظُ أنّ المؤلّفين قد استعانوا بأعمال الرسل كي تكونَ بمثابةِ برهانٍ أو سندٍ يدعمُ الموضوع أو الفكرة أو كمرجع يُمكِّنُ قراءته لمن يريدُ زيادة معلوماته ويُعرّف عن القديس بطرس وبولس والشهيد اسطفانس أو عمل الروح القدس بسّر التثبيت ولا نلاحظ في تلك الكتب توسّعاً في أعمال الرسل واتخاذها بحدّ ذاتها، أي ليست موضوعَ بحثٍ أو درسٍ كي نفهم ما تحملُ في طيّاتها منذُ الصغر من تعريفٍ عن شخصية المسيح والكنيسة، ومن مبادىء مسيحية، وإيمانية لا نجد مثيلَها في الكُتُبِ الأخرى.
أمّا سلسلة "يسوع طريقنا" فقد انفردت باتخاذها أعمال الرسل كمرجع أساسي للبحث في البشارة وفي حياة الكنيسة والأسرار. لم يكتب كتاب يسوع "يفتتح الملكوت" بهدف إعلانه بهذا المؤتمر ولكن حين حاولتُ الإجابة على السؤال المطروح التعليم المسيحي وأعمال الرسل وجدت أنّ هذا الكتاب يفي كتاب أعمال الرسل بعض حقوقه.
نلاحظ انه في الكتاب الأول ورد مرجع أعمال الرسل 8 مرات توزّعت بين الفصول: 1، 2، 4، 5، 7 و11 في الكتاب الثاني ورد مرجع أعمال الرسل 25 مرة توزعت بين الفصول:
1، 2، 3، 4، 5، 6، 7، 9، 11، 12، 13، 14، 15، 16، 20، 28 و30.
في الكتاب الثالث ورد مرجع أعمال الرسل 11 مرة توزّعت بين الفصول:
5، 6، 8، 10، 11، 16، 19، 20، 27.
وهكذا نستنتج أنه هناك تركيزاً قويّاً على كتاب أعمال الرسل في سلسلة "يسوع طريقنا" وهذا ما أظهره ورود هذا المرجع 44 مرّة في الكتب الثلاثة غطّت أعمال الرسل من فصلها الأول وحتى الفصل 28. فإذا أردنا أن نجمعها نجد أنّ الفصول التي مرّت في السنوات الثلاث هي:
1، 2، 3، 4، 5، 6، 7، 8، 9، 10، 11، 12، 13، 14، 15، 16، 19، 20، 27، 28.
والواقع أنّ هذه المراجع قد وردت كلها في بداية اللقاء بعنوان مراجع من الكتاب وهي ركيزة اللقاء ومحوره.
والجدير بالذكر أنّ الكتاب الثاني "يسوع يفتتح الملكوت" تناول كتاب أعمال الرسل دون سواه لدراسته دراسة مستفيضة في قسمه الثاني.
كتاب "يسوع يفتتح الملكوت"
إنّ كتاب يسوع يفتتح الملكوت لا هو الثاني من سلسلة يسوع طريقنا. يضمّ 28 لقاءً منها 14 لقاءً أُخذت من أعمال الرسل، بهدف أن يرى التلميذ كيف أن يسوع هو مؤسسّ الكنيسة وكيف أنّ الرسلَ يفعلون فعله بالذات: هو بشّر وهم يبشّرون، هو شفى المرضى وهم يشفون أيضاً، هو أقام الموتى وهم كذلك. إذاً هم يفعلونَ فعلَه، وبذلك تُكَوَّنُ الكنيسةُ التي هي جسدُ يسوعِ الفاعل. كيف وردت هذه المواضيع؟
فبهذه الطريقة نُظهر للتلاميذ كيفَ أنَّ العهدَ الجديد يُعرّفنا مباشرةً إلى أعمال هذا الشخص من ولادته إلى حياته في محيطه وإلى أعماله على هذه الأرض، أي كيف عاشَ يسوعُ حياتَنا فيعرّفُ المعلّمُ التلاميذَ، ويشرح لهم كلّ ما يخصّ يسوع الناصري كما فعل هو مع تلميذي عمّاوس.
فيتعرّفون إلى يسوع وعائلته وأعماله والأشخاص الذين عرفوه وتبعوه وشهدوا له، ويكون ذلك خطوة خطوة، مع تحديد هدف لكل لقاءً يكمّل ما سبق، فيتعرّفون أولاً إلى "يسوع" كما تعرّف إليه الرسُلُ بهدفِ أن يكتشفوه كي يقولوا "إنه حقاً المسيح ابن الله الحي". وهذه تُكَوَّن مسيرةُ الصفوفِ الإبتدائية والأول متوسّط.
ولكي نكتشِفَ هذا المسيح كابن لله نتفحّصُ أعمالَه، رسالَتَه، ونتعمّقُ بها: من السعي إلى فهم البشارة الأساسية التي أعلنها يسوع وهي "ملكوت الله" قد اقترب.
وقد أثبتَ يسوعُ هذه البشارة: بإتيانه المعجزات التي كانت بمثابةِ إعلان لهذا الملكوت، وبقلب المفاهيم السائدة رأساً على عقب: فإذا به يُهنّىء الفقراءَ ويُدينَ الأقوياءَ ويُطلق التطويباتِ التي هي مختصرٌ لهذا الملكوتِ. قبلَ يسوع، كان ملكوتُ الله مستقبلياً، لا علاقة له بما يجري اليوم على الأرض، أمّا بيسوع فقد أصبح بيننا.
فمع التلاميذ نسيرُ لاكتشاف هذه الآيات ونتبع يسوعَ بمسيرَتِه الإنسانيةِ من طرْدِ الشياطين إلى المعجزاتِ إلى شرْح أوصافِ الملكوت ثمّ إلى علاماتِ الملكوت السابقةِ التي ستقوم بها الكنيسةُ فيما بعد أي تحويلِ الماء إلى خمر وتكثير الخبز "إذ كانت الجموع تحيط به، والمكان القفرُ كان مأهولاً ومليئا بالخبزَ". بعد هذا الحدث تكلّم يسوع: "من أكل جسدي وشرب دمي" فحينئذٍ تركته الجموع حتى توجّه إلى تلاميذه: "وأنتم أيضاً تذهبون"؟
وإذ بقي التلاميذُ إخذ يهيّئهم ويعلّمهم لكي يتسلّموا الكنيسة بعد موته. ويقول لهم "إنّ السلطة خدمة" فمتى ذهَبْتُ فيا بطرس قوّى إخوتك إلخ... وبقي حولَه عددٌ صغيرٌ ... فكان يشفي المرضى، يُقيم الموتى يعلّم... ولكنه صُلِب ومات وقد خُيِّل للرسل أنّ كل شيء ماتَ معَهُ إذ إنّ الوعودَ السابقَة كما كانَ التلاميذُ ينتظرونهَا لم تَتِم. فها هو على الصليبِ مُعذب مائِتٌ، ورأوه بعينهم والبعض فرّوا وهربوا.
وهكذا قهر يسوع الموت، وأصبحت الحياة الدُنيا بداية الحياة الأبدية. والبرهان القاطع على أنّ الملكوت قد بدأ فهو قيامة يسوع من بين الأموات، وأعمال الرسل تبينّ لنا أن الكنيسة هي جسد المسيح الفاعل، أي تفعل فعله تماماً (أعمال 3: 16) ويهب الروح القدس للذين يؤمنون (أعمال 2: 38).
نبدأ باللقاء 14: "يكون شاهداً معنا على قيامته". ونلاحظُ أنَّ كلَّ العناوين تذكر آية من الفصل الذي سيعالَجَ وتذكِّر بصُلْبِ الموضوع. ففي هذا الفصل من أعمال الرسل 1: 12 نهدف إلى التعرّف إلى دور متيّا في بناء الكنيسة والتعرّفُ إلى دور كل شخص كعضو في الجماعة وهكذا يُعيد التلميذُ ميزاتِ الجماعة شفهياً.
نشاط: يصنعُ التلميذُ مكعّبا ويكتب اسمَهُ على ناحيةٍ منه ثم يضعُ كلُّ تلميذ مُكعّبهِ لبناءِ حائط. وبعد العملِ والتأمّلُ يسحب المعلّم مكعّباً من الأسفل ويلاحظ الجميعُ أنَّ كلّ واحدٍ له دورُه ومكانُه في الجماعة. ومن ينسحب يترُك فراغاً بعدَه مثل يهوذا...
اللقاء 15: "أليس هؤلاء المتكلّمون جليلين بأجمعهم"
(2: 1- 4)
(2: 22- 24)
الهدفُ من هذه المراجع أن يتفهّم التلميذُ أنَّ الروحَ القُدُسِ يفتتحُ زمن الكنيسةِ ويُطلقها ويُعِدُّها لرسالة ويفتحها على مختلف الشعوب واللغات: ويوفِدُها للرسالة كما كَشَف لنا كتابُ أعمال الرسل "وهو إنجيل الروح القدس" "وتكونون لي شهوداً... حتى أقاصي الأرض" (1: 8).
اللقاء 16: "وكانوا يواظبون على تعليم الرسل والمشاركة"
(2: 37- 47).
ويهدُفُ إلى أن يكتشف التلميذُ ما امتازَ به المسيحيون الأولون وأن يحفظُه غيباً ويختصُر هذا اللقاء بعد البحثِ بالأرقام والعمل الناشط وحياة المسيحيين بالكلمات التالية:
الكرازة- الحياة في الجماعة: المعمودية، كسر الخبز، الصلاة، التعليم المُلقى على المعمّدين الجدد، إتحاد القلوب وتقاسم الخيرات.
اللقاء 17: "لا فضّة عندي ولا ذهب"
(3: 1-10)
لل هنا نرى أن تحقيقَ الملكوتِ هو عملُ الرسلِ أنفسِهم بفضل القيامة، وذلك باسم يسوع وبقوّة من روحِه وقد شفى بطرسَ ويوحنا هذا المُقعَدَ باسم يسوع المسيح. "لا فضّة عندي ولا ذهب... ولكن باسم يسوع". وهكذا بعدَ هذا الشفاء أرادَ الحُكّامُ. أن يَمنَعوا بطرس ويوحنا من ذكرِ اسم يسوع... وكانوا يقولون لا نستطيعُ السكوتَ عن ذكر ما "رأينا وما سمعنا".
وكانوا لا يكفّون عن البشارة "باسم يسوع الناصري الذي صلبتموه أنتم فأقامه الله من بين الأموات، بهذا الإسم يقف أمامكم معافى..." وكانوا ممتلئين قوّة من الروح القدس.
اللقاء 18: "ربيّ يسوع تقبّل روحي"
(2:6-5 و 8-14)
(7: 51-53 و 3:8)
ومن أعمال الرسل أيضاً أن يموتَ الرسولُ كما مات اسطفانس وهو أوّلُ شهيدٍ مسيحيٍّ من أجل إيمانه بيسوع المسيح وكيف سارَ على خُطى المسيح وغَفَرَ لقاتليه، وحياة اسطفانس هي حياة كلّ واحد منا ومكانُه في الكنيسة مكانُ كلُّ واحدٍ أيضاً. ويُمكن عيشَ نشاطٍ يُبرهِن كيف أنّ لكلٍّ مكانه في بناء الكنيسة ونموّها كما ورد في كتب التعليم.
وفي أثناء تعرُّض المسيحيين الأولين لا0ضطهاد، كانوا يصلّون ويبشّرون بالإنجيل (4: 29 و 12: 25) تحلّوا بالثقة والثبات (4: 13 و31) كانوا صابرين ومثِلَ المسيح طلبوا من الله أن يصفح عن جلاّديهم (7: 60).
اللقاء 19: "شاول، شاول، لماذا تضطهدني؟"
وإذا خُيِّلَ. للتلميذِ بأنَّه كي يفعل فِعْلَ يسوع عليه فقط أن يكونَ من الرسل، ندرُسُ كيف أنّ شاول لم يكن من تلاميذِ يسوع أو من جماعة الرسل الأولى، ومع ذلك وبسبب إيمانه أصبح يفعلُ الأفعال نفسها التي كانوا هم يفعلونهَا من شفاءٍ وقدرةٍ على الشفاء. فهو رسول الرسل.
اللقاء 20: "فوثب يمشي"
لكي نفهم هذا الحدث نأخُذُ أعمال الرسل 14: 8-23: فوثب يمشي، إن بولس بعد ارتداده وانضمامه إلى الرسلِ أصبح يقومُ هو أيضاً بأعمالهم ويُبشّر بالملكوت، لقد ركّز بولس البشارة بالإله الحيّ الذي لم يتعرّف إليه الوثنيون بعد.
اللقاء 21: "طابيثة قومي"
(9: 36-43)
وبطرس أيضاً أقام الموتى: "طابيثة قومي" وبهذا العمل يرى التلاميذُ امتداداً لعملِ يسوع في الكنيسة اليوم، ويُمكن أن يقارنوا بين هذه الآية وآيات يسوع نفسه. مثلاً إحياء ابن أرملة نائين، وابنة يائيرس ولعازر.
اللقاء 22: "وكانت يدُ الربّ معهم"
من خلاله ستّة مراجع من أعمال الرسل يكتشفُ التلاميذُ هذه المراحلَ الأساسيّة في حياة الكنيسة، ليعودوا فيكتشفوا الركائزَ التي ساعدت على انتشارِ الإيمانِ المسيحيّ في العالم.
اللقاء 23: "ولكني لا أُبالي بحياتي يقول القدّيس بولس"
فمن خلال 12: 1- 5 و16: 19-23 و20: 22-37 و28: 16- 19 و30- 31 يتعرّفُ التلاميذُ إلى شهادة كلِّ الرسل ويتفهّمون معنى الشهادةِ والموتِ في سبيل الإنجيل. ويُطلَبُ منهم أيضاً أن يُقارنوا بين موت يسوع وموت الرسل وكلّنا يعلمُ أن كلاُّ من الرسل أخذ نصيبَه من الآلام والعذاب وكلّهم ضَحّوا بحياتهم في سبيلِ يسوع المسيح الذي ماتَ وقامَ. رافقت الإضطهاداتُ حياةَ الكنيسةِ وكانت الشهادةُ قوّة لانتشار الإيمان.
عُذِّبَ التلاميذ وقُتلوا ولكنْ لا سلطانَ للموتِ على المسيح القائم، لذلك نَمَت الكنيسة وانضمّت إليها جموعٌ كثيرة.
اللقاء 24: "ولم يفرّق بيننا وبينهم في شيء"
(15 :5-12)
يعرفُ التلاميذُ أنَّ الكنيسةَ منذُ نشأتِها حتى اليوم تعاني بعض الأحيان المشاكلَ وسوءَ التفاهم بين أعضائها، ولكنَّ الإتفاق بينهُم سيتمُّ بمعاونة الروح القدس وذلك ما حدثَ في مجمعِ أورشليم وهو أوّلُ مجمعِ مسيحيّ عُقِدَ للنظرِ في العقيدة والأخلاق.
اللقاء 25: "وكان جميع الذين آمنوا جماعة واحدة"
(2: 42-47 و4: 32- 35)
و(5: 12-16 و11: 22-26)
يتعرّفُ التلاميذُ من خلال هذا اللقاء إلى أنّ الجماعةَ المسيحيةَ الأولى هي صورةٌ لما يجب على الكنيسةِ أن تكون. وإذا كان الواقِعُ يخالِفُ هذه الصورة، إلاّ أنّها تساعدُنا على المضي قدماً لتحقيقها بفضل المحبّة الأخوية، والمشاركة في خيرات الأرض وتخطّي قسوة المرض بفضل الإيمان بيسوع المسيح وان الوسيلة التي تساعد الكنيسة كي تصل إلى هدفها في كسر الخبز أي الافخارستيا.
ويلي هذا كلّه لقاءان بعنوان: "لأنكم جميعكم واحد في يسوع المسيح" أي كيف تنشر الكنيسة على الأرض ملكوت الله وكيف كل عضو هو ملتزم بيسوع المسيح أي "أنتم جسد المسيح وكلّ واحد عضو منه". وإنّ الإنتماءَ إلى الكنيسةِ لا يكونُ إلاّ بالإنتماء إلى رعيّته.
النهاية
بالإختصار إنّ وجود سفر أعمال الرسل حَدَثٌ مهمّ وهو ركيزة التعليم ليس فقط في المعرفةِ ولكن في الحياةِ والعمل.
فقرِاءَتُه في العائلةِ ومع التلاميذِ سهلَةٌ جداً ومن المستحسنِ أن نَطلُبَها، كما طلَبها هذا الكتابُ أي "ملكوت الله والكنيسة" وقد عبرَّ الأهل عن حقيقة مشاعرهِم وانشراحِهم لاكتشافاتِهم بهذا المجال، وكذلك التلاميذ: "نريد أن نعيش حياةَ الرسل هذه". وقد توصّل البعض إلى المشاركة الفعلية مع المحتاجين.
وكان نوعٌ من الخوف يسيطر عليهم، ومريم أُمّه كانت معهم، فقيامَتُه من بين الأموات أعادت الثقة إلى نفوسِهم، وحلول الروح القدس أعطاهُم القوةَ والجرأةَ حتى يُعلنوا قيامَتَه والجسارةَ كي يُدافعوا عن إيمانهم أمامَ الحُكّام... وها هم بدورهم يعيشون بالجماعة فكانوا كُلُّهم قلباً واحداً يجتمعون لكسر الخبز "والصلاة" وكلٌّ يخطب بدوره أمام الجموع الفقيرة وكانوا يشفون المرضى وعرفوا أنهم يكوِّنون معاً جسد المسيح الفاعل أي الكنيسة التي أسّسها يسوعُ وسبَق ورأى نشأتها ومهّدَ لها بواسطة الرسل في أثناء حياته معهم على هذه الأرض، والكنيسة مفوّضَةٌ لحمل الملكوتِ والشهادة لَه وكلُّ إنسان له دوره في إنماء الكنيسة وعيش المحبّة والمساهمةِ في نموّ جسد المسيحِ السّري الذي لا نستطيع فهمَه إلاّ من خِلال أعمالِ الرسل.