الفصل الحادي عشر الكلمة ومسيرتها أمس واليوم الأب بطرس موسى المخلصي
مقدّمة: الكلمة ومسيرتها أمس واليوم موضوع يدخل في صلب كتاب أعمال الرسل. هذه الكلمة، كلمة الله المتجسّدة، يسوع المسيح، هي حياة الكنيسة ومحرّكها. والأهمية التي نعطيها لموضوعنا هذا تكمن في أن هذه المسيرة، مسيرة إعلان الكلمة، لا يمكن أن تتوقف، لأنها تؤلّف معاً حياة الكنيسة وانطلاقتها نحو التجدد الدائم. نقسم بحثنا إلى ثلاث نقاط رئيسية: 1- ميزة الكلمة ومسيرتها. 2- الكلمة المعلنة هي شخص يسوع المسيح. 3- إعلان الكلمة اليوم (إستنتاجات راعوية).
1- ميزة الكلمة ومسيرتها إنّ ما يسترعي انتباهنا لدى قراءتنا كتاب أعمال الرسل وجود أربع آيات هي بمثابة موجز أو ملخّص عن نموّ وازدهار الكلمة. هذه الآيات التي ندعوها في الفن الأدبي بـ "لازمة" (refrain) هي: 6: 7؛ 12: 24؛ 13: 49؛ 19: 20. أ- أعمال 6: 7 "وكانت كلمة الرب تنمو، وعدد التلاميذ يزداد كثيراً في أورشليم. وأخذ جمع كثير من الكهنة يستجيبون للإيمان". مع بداية الفصل السادس يبدأ الجز الثاني من كتاب أعمال الرسل الذي فيه يظهر كيف ان إعلان البشرى والشهادة للمسيح الناهض من القبّر تنتقلان إلى خارج أورشليم ابتداء من اليهودية والسامرة. بالنسبة للآية 7 من الفصل السادس فانها تتضمّن ثلاثة عناصر: 1- كلمة الله تنمو. 2- عدد التلاميذ يتكاثر في أورشليم. 3- كثير من الكهنة استجابوا للإيمان. من الواضح، ان نموّ كلمة الله وازدياد عدد التلاميذ مردهما إلى تفرّغ الرسل لخدمة الكلمة وإلى اختيارهم سبعة شمامسة لاهتمام بالأمور المادية. ومن الملاحظ ان ازدياد عدد التلاميذ في هذه الآية لم يحُدث أيّ تذمّر كما حصل في الآية 1: "في تلك الأيام كثر عدد التلاميذ، فأخذ اليهود الهلّينيون يتذمّرون على العبرانيين لأن أراملهم يهملن في خدمة توزيع الأرزاق اليومية". جغرافيا نحن لم نزل في مدينة أورشليم ولهذه المدينة أهمية كبرى بالنسبة للقديس لوقا بقدر ما تحمل من معنى لاهوتي عميق. فإن إنجيل لوقا يبدأ، كما نعلم، في أورشليم وينتهي في أورشليم وكتاب أعمال الرسل يبدأ في أورشليم وينتهي في روما. نحن هنا مع ما يسمّى بلاهوت جغرافي أو بجغرافية لاهوتية. وهذه الآية الموجز مهمة جداً لأنها تبق الهدف الذي من أجله دوّن لوقا أعمال الرسل، أعني انتشار كلمة الله وازدياد عدد التلاميذ. ب- أعمال 12: 24 "وكانت كلمة الله تنمو وتنتشر". تقع الآية 24 من الفصل الثاني عشر في ختام رواية موت هيرودس؛ وتبيّن التضاد الموجود بين نيّة الملك في إبادة المبشرّين وبين نموّ كلمة الله وانتشارها. ونجد تشابهاً بين 6: 7 و12: 24 مع فارق بسيط: في الآية 24، كلمة الله هي الفاعل للفعلين ينتشر وينمو بينما في 6: 7 عدد التلاميذ هو الفاعل للفعل ينمو. ومن هنا نجد أن هناك مقارنة بين نموّ وانتشار كلمة الله وبين ازدياد عدد التلاميذ. كما نلاحظ ان هذا النمو لكلمة الربّ وازدياد عدد التلاميذ يرجعان إلى تأسيس الشمامسة السبعة (6: 7)، وإلى موت المُضطهد (12: 24). إن الإضطهاد غايته إبادة المسيحيين ولكن كلمة الله لاَ يمكن أن تُباد، بل على العكس، انها تنمو وتزدهر. ج- أعمال 13: 49. "وكانت كلمة الرب تنتشر في الناحية كلّها". تقع هذه الآية في نهاية القرار الذي أخذه بولس وبرنابا بالتوجه إلى الوثنيين ليعلنا لهم كلمة الله التي رفضها اليهود. وعلى الرغم من التشابه بين 6: 7 و12: 24 هذا الموجز 13: 49 يقدم لنا بعض التغييرات. 1- الفاعل هنا حسب أكثرية المخطوطات (ho logos tou kyriou) هو كلمة الرب، كلمة المسيح القائم من بين الأموات، وليست كلمة الله (ho logos tou theou) كما فيما سبق. 2- الفعل هو الله نفسه الذي يهتم بنشر الكلمة. 3- المكان ليس محدوداً. انه يتعدّى المنطقة الجغرافية حتى يصل إلى الأرض كلها. إن الآية 49 تبيّن ايضاً بنوع جلي نمو وانتشار الكلمة. وهذه الآية مهمة ايضاً لانها تدلت على الإنتقال من استعمال كلمة الله في العهد القديم إلى استعمال كلمة الرب في العهد الجديد، أي المسيح القائم من بين الأموات، الحاضر والفاعل في الكنيسة. د- أعمال 19: 20 "وهكذا كانت كلمة الرب تنمو وتشتدّ بقوة". تقع هذه الآية في نهاية موجز أوسع (19: 17- 20) يتكلّم عن مفاعيل الإيمان والتوبة. إن هذه الآية، بالمقارنة مع الآيات السابقة، تعطي بعض التغييرات، أهمها: ان كلمة الرب تنمو بقوة (kata kratos)؛ وكلمة الرب هنا أيضاً تعني يسوع المنتصر. كما ان استعمال الأفعال بصيغة المضارع يدل على استمرارية مسيرة الكلمة بالنموّ والإزدهار. والفعل "تشتدّ بقوة" يبرهن على مدى فاعلية هذه الكلمة وقدرتها. وهنا يخطر على بالنا قول النبي أشعيا: ان كلمة الله تعمل كالمطر وكالثلج اللذين يخصبان الأرض (أشعيا 55: 10- 11). في هذه الآية الموجز يشرح القديس لوقا الأحداث مستنتجاً بفرح كيفية انتشار الكلمة التي تنمو بقدرة الرب يسوع. نستنتج من خلال دراستنا السريعة لهذه الآيات الأربع الموجز انها من الممكن أن تكون المفتاح لشرح كتاب أعمال الرسل الذي كتب من أجل غاية واضحة ألا وهي توضيح مسيرة انتشار كلمة الله ونموّها ابتداء من أورشليم مروراً باليهودية والسامرة وصولاً إلى روما.
2- الكلمة المعلنة هي شخص يسوخ المسيح سوف ندرس في النقطة الثانية منٍ بحثنا خمسة نصوص اخترناها ومبتغانا لهذه الدراسة ليس تحليلاً كتابيا إنما تسليط الأضواء على الكلمة التي تحقّقت في شخص يسوع المسيح. أ- أعمال 13: 26- 32 "عظة بوليس في أنطاكيا بسيدية". مع الفصل الثالث عشر يبدأ القسم الثالث من أعمال الرسل. والآية 26 تدخلنا في صلب الموضوع: "إن كلمة الخلاص هذا إلينا نحن ارسلت". ولا بد من الإشارة ان كلمة الله في العهد القديم كانت تُعتبر واسطة للخلاص: يرسل يهوه كلمته ليشفي شعبه ويخلّصهم (راجع مز 107: 20). "أرسل كلمته فشفاهم ومن هلاكهم نجّاهم". وكلمة الخلاص هذا، أي يسوع المسيح، أتت إلى إسرائيل عبر نسل داود، حسب الوعد (راجع الآية 23)، ولكن لم يقبلها سكان أورشليم ورؤساؤها. يمكننا أن نستنتج من هذا النصّ ان كلمة الخلاص تحققت في شخص يسوع المسيح الذي فيه تمّت النبوءات وكمل الوعد. فالشهود والمبشّرون عليهم الواجب أن يدفعوا بمسيرة هذه الكلمة حتى أقاصي الأرض كلها (راجع آية 47). ب- أعمال 3: 1- 26 "بطرس يشفي مقعداً". ينتمي هذا النصّ إلى الجزء الأول من كتاب أعمال الرسل (1: 1- 5: 42) الذي يصوّر لنا نشأة الكنيسة في أورشليم ونموّها. يمكننا، في هذا المقطع، ملاحظة أمرين مختلفين: أولاً، صعود بطرس ويوحنا إلى الهيكل للصلاة، ثانياً، جلوس المقعد عند باب الهيكل لطلب الحسنة. وحالة المقعد تتعدّى العاهة الجسدية فهو أيضاً منبوذ دينياً؛ وجميع المصابين بالعاهات الجسدية يبعدون عن المشاركة في الصلوات وخدمة الهيكل لأنه كان يُعتقد ان الله قد بلاهم بهذا القصاص (راجع احبار 21: 17-23). المهم بالنسبة لموضوعنا الآية 6 التي فيها يطلب بطرس الكلام؛ والكلمة التي سيفوه بها هي كلمة ذات فاعلية قوية لأنها ستلفظ باسم يسوع المسيح الناصري. لدينا هنا قلب القيم رأساً على كعب: من الذهب والفضة إلى الإستشفاء التام، الى السير الصحيح. إن قوة اسم يسوع شفت كلياً المكرسح. والكلمة التي نطق بها بطرس باسم يسوع تحولت إلى قوة شفاء: "امشِ". ونلاحظ أيضاً أن الحركة التي قام بها بطرس هي في غاية الأهمية: "وأَمسكه بيده اليمنى وانهضه" (آية 7). إن الفعل (êgeiren) "انهض" هو عادة مخصص للدلالة على قيامة يسوع من بين الأموات، وهذا يعني ان الأعجوبة تأتي كنتيجة للقيامة وفي الوقت ذاته تكون رمزاً لها. ونلاحظ ان حالة المقعد بعد الشفاء قد تبدّلت كلياً. فنراه يمشي ويدخل الهيكل ليسبّح الله. وبفضل قدرة الكلمة التي شفته يدخل المقعد في حياة الجماعة الجديد (syn autois) التي نجد مختصراً لنشاطاتها في (2: 42- 46)، أي المواظبة على الصلاة وتمجيد الله. ويعترف بطرس في عظته ان الذي شدّد المقعد وأعطاه كمال الصحة هو الإيمان باسم يسوع. هذا الإيمان يمكننا الحصول عليه بالتوبة وتغيير الحياة (آية 19). وفي الآية 23، يستنتج بطرس ان الذين لا يسمعون الكلمة يستبعدون من الإنتماء إلى الشعب؛ ويكون على العكس ان الذين يسمعون الكلمة يؤلّفون معاً نواة الشعب الجديد. وهذه الآية تعلن مسبقاً ان الخلاص سيشمل الجميع دون وساطة إسرائيل التاريخية، لأن الشرط الأساسي للإنتماء إلى شعب الله هو الإصغاء إلى الكلمة، أي إلى المسيح. ج- أعمال 14: 8- 18 "بولس يشفي مقعداً في لسترة". يدخل هذا النصّ في تجوال بولس وبرنابا. يشفي بولس رجلاً كسيحاً مقعداً في لسترة ويغتنم فرصة إيمان الشعب بالأوثان ليعلن الإيمان بالله الحيّ وبوحدانيّته. هذا الخطاب يمكن اعتباره نموذجاً لتبشير الوثنيين. الآية 15 تدخلنا في صلب الموضوع، وتؤكد انه يجب أولاً ترك الأباطيل، أي عبادة الأوثان ومن ثم الإهتداء إلى الله الحيّ. ومع ان هذا النصّ لا ذكر فيه لموت وقيامة يسوع، فإنه يبيّن لنا كيف ان إعلان الكلمة يتكيّف مع حالات معيّنة: يجب الوصول أولاً إلى الإيمان بالله الحيّ والحقيقي ورفض عبادة الأوثان ومن ثم يأتي التبشير بالسيد المسيح. د- أعمال 2: 14- 36 "عظة بطرس الأولى بعد نزول الروح القدس على الرسل". نحن في هذا النصّ، أمام حدث العنصرة، حلول الروح القدس على التلاميذ. والأعجوبة التي حصلت مع التلاميذ، التكلّم بلغات مختلفة، أحدثت ردّة فعل مزدوجة لدى الحاضرين: إندهاشاً لما حصل، وشرحاً خاطئاً للأعجوبة، فقد اعتبرهم البعض ثمالى وسكارى. هذا الواقع أعطى الفرصة لبطرس ليعلن بخطابه، أمام جماعة مختلفة المذاهب، حقيقة الإيمان بيسوع المسيح المنتصر على الموت وان ما شاهدوه هو عمل الروح القدس الذي أفاضه يسوع بعد تمجيده على الرسل. ويركز بطرس في خطابه على العلاقة المتينة القائمة بين يسوع الناصري ويسوع المنتصر والقائم من بين الأموات، أي ان يسوع الذي صلبه رؤساء شعب اليهود هو نفسه الذي انتصر على الموت بعدما أقامه الله من بين الأموات. ولا يبحث بطرس في إعطاء الدلائل والبراهين على حدث القيامة، إنما يريد التأكيد ان يسوع القائم من بين الأموات، هو المسيح والرب المنتظر. 5- أعمال 10: 34-43 "عظة بطرس في بيت كورنيليوس". يتوجّه بطرس في هذا الخطاب إلى الوثنيين. ويلخّص فيه حياة يسوع العلنية التي انتهت بموته على الصليب ثم بقيامته المجيدة وانتصاره على الموت. الرسل كلّهم شهود لهذه الأحداث كلها. إن ما يهم موضوعنا هو الآية 36: "والكلمة الذي أرسَلَه إلى بني إسرائيل مبشّراً بالسلام عن يد يسوع المسيح، إنما هو ربّ الناس أجمعين". في هذه الآية نجد صعوبة في تحديد هوية الكلمة، بمعنى هل ان هذه الكلمة هي التي أُرسلت إلى إسرائيل قديماً (راجع مز 107: 20)، او انها الكلمة النبوية، او انها اخيراً الرسالة التي اعلنها يسوع في حياته؟ من خلال النص يتضح لنا ان الله ارسل كلمته ليعلن البشرى السارة عن يد يسوع المسيح لكل البشر على السواء. إن الله لا يفرّق بين الناس حتى ولو انه ارسل كلمته لأبناء إسرائيل فابنه يبقى سيداً للجميع؛ والكل دون تفرقة يمكنه الإشتراك في عمل الخلاص الذي حقّقه يسوع. ويصف لوقا عمل يسوع هذا بإنجيل السلام؛ فمع يسوع يأتي السلام على الأرض (لو 2: 14). ولذا فالكلمة المعلنة هي كلمة سلام بمقدار ما تخلق هذا الإنسجام بين الله والناس. أما عن دور الرسل فيكمن في أن يكونوا شهوداً لكل ما عمل يسوع؛ فالشهادة إذا هي من مقوّمات الرسالة. وفحوى هذه الشهادة يسوع المسيح؛ ليس فقط المسيح القائم وإنما أيضاً يسوع التاريخي الذي كان الرسل له شهود عيان. إذاً هناك ترابط بين يسوع المسيح والكنيسة؛ إذ ان التقليد التي ترتكز عليه الكنيسة فيما يخصّ الإيمان بيسوع هو مثبت على شهادة الرسل. هذا الإستنتاج مهم جداً لأن عمل يسوع اليوم يكتمل في الكنيسة. ويستخلص بطرس أنْ بيسوع المسيح فقط نجد الخلاص وليس بأعمال الشريعة. إنّ سّر يسوع لا يكمن فقط في انه مرسل من الله ومجترح العجائب والآيات، بل كونه يعطي أيضاً حياة جديدة لكل من يؤمن به. فلا يهمّ من بعد أن يكون الإنسان يهودياً أو وثنياً، ما يهمّ هو قبول رسالة المسيح والإيمان به.
3- إعلان الكلمة اليوم (إستنتاجات راعوية) من خلال البحث الذي قمنا به نستخلص بعض النقاط التي يمكن أن تكون لنا نوذجاً راعوياً لإعلان الكلمة اليوم والتبشير بها في كل أنحاء العالم. 1- التفرّغ لخدمة الكلمة. فلا يمكن للرسول الذي يكلّف بمهمة التبشير بالكلمة أن يكون مرتبكاً بأمور دنيوية كثيرة تعيقه عن رسالته. لدينا نموذج واضح في الجماعة المسيحية الأولى كيف انهم اختاروا الشمامسة للإهتمام بالأمور المادية بينما بقي الرسل مهتمين بالكرازة. 2- على غرار الرسل، المهم في إعلان الكلمة اليوم، أن نعطي الأولوية للمسيح لا لذواتنا. ولنتذكّر باننا دوماً خدام للكلمة. يفتخر بطرس إذ يعلن أن شفاء المقعد كان بفضل قدرة اسم يسوع المسيح؛ وبولس ايضاً لم يخجل بأن يعترف بضعفه بعدما شفى كسيحاً مقعداً في لسترة. ولكي يبقى المسيح هو المحور في الكرازة لا بدّ من أدن يتحلّى المبشِّر بالتواضع. 3- الإقتناع الثابت بأن كلمة الله التي أبشّر بها اليوم لها نفس الفاعلية والقدرة كما في الأمس. "يسوع هو هو اليوم والأمس". والكلمة التي أنطق بها اليوم لها نفس الفاعلية كما في الأمس على اجتراح العجائب والمعجزات. 4- إحترام البيئة والثقافة التي أحمل اليها كلمة الله، البشرى السارة. فالكنيسة اليوم تدعونا لأن نُدخل الإنجيل في عادات البيئة المتواجدين نحن فيها وفي ثقافة البلد. هذا ما شدّد عليه المجمع الفاتيكاني الثاني عندما دعى جميع المرسمين إلى التعمّق بثقافة وبعادات البلد المنوي تبشيره لكي يُصار فيما بعد إلى مسحنتها أي إلى إعادة تبشيرها بمفهوم الإنجيل. هذا ما ندعوه بالمثاقفة؛ ولدينا دليل واضح في أعمال الرسل على هذا الشيء عندما بشّر بولس الوثنيين في لسترة (أعمال 14: 8- 18). ممّا تقدّم، يتّضح لنا ان إعلان الكلمة هو الطابع الرسولي للكنيسة، لا بل هو حياتها وانطلاقتها نحو التجدّد الدائم؛ وساعة تتوقّف هذه المسيرة، مسيرة إعلان الكلمة، فإن الكنيسة ستكون في خطر كبير يهدّد هوّيتها وكيانها. فهل انا واعٍ لهذه المهمّة الجسيمة المناطة بي كوني معمّداً وبعمادي أصبح عضواً فعّالاً في الكنيسة؟ وهل اعتبر نفسي مرسلاً باسم الرب يسوع ومن قبل الكنيسة لخدمة البشارة؟ وهل أنا أيضاً مستعد لتحمّل هذه المسؤولية التي تنتظرني بأن أحمل الإنجيل وأبشّر به حتى أقاصي الأرض كلّها؟ تبقى هذه التساؤلات موضوع تأمل كبير لنا نستمدّ منه النشاط والقوة للسير قدماً من أجل تحقيق وصية الرب يسوع: "إذهبوا وتلمذوا جميع الأمم، وعمّدوهم باسم الآب والإبن والروح القدس، وعلّموهم أن يحفظوا كل ما أوصيتكم به، وهاءنذا معكم طوال الأيام إلى انقضاء الدهر. آمين" (متى 28: 19- 20).