مساوٍ للآب في الجوهر

كتب بولس إلى أهل فيلبِّي يدعوهم إلى التواضع. فجعل أمامهم صورة يسوع المسيح. نقطة الانطلاق: "هو في صورة الله". وهو "مساوٍ لله" (2: 6). هي عقيدة لا تسمح بالنقاش. وبعد ذلك، تكلَّم عن تواضع ابن الله الذي صار شبيهًا بالبشر، الذي صار إنسانًا. الذي صار عبدًا "طائعًا حتَّى الموت والموت على الصليب" (آ7–8). وبعد هذا الاتِّضاع صار له "اسم" مثل اسم الآب. وتمَّ له السجود كما السجود للآب، وأُعلن أنَّه الربُّ (آ9–11).

أين مساواة الابن للآب؟ على مستوى الجوهر، الآب هو الله والابن هو الله. قدرة واحدة، كينونة واحدة، محبَّة واحدة. ولكن يتميَّز الآب عن الابن بالأبوَّة، ويتميَّز الابن عن الآب بالبنوّة.

ولكن جاءت الفلسفة: كيف يكون اثنان في جوهرٍ واحد؟ فأُطلق لفظٌ يونانيٌّ "هوموأوسيُّوس" الذي اعتُبر قريبًا من فكر العهد الجديد. الابن هو من جوهر الآب لا "شبيه" بالآب. ولبث الجدال طويلاً حتَّى سنة 380 ومجيء الأمبراطور تيودوز إلى الحكم. أحزاب وأحزاب. كلُّ واحد يعتبر أنَّ فكره وحده الصحيح، والضلال عند الآخرين. أين تواضعُ المسيح الذي "أخلى ذاته"؟

ونعود إلى الأناجيل. ما يعمله الآب يعمله الابن أيضًا (يو 5: 19). الآب يُقيم الموتى، والابن أيضًا يُقيم الموتى (آ21). الديّان هو الابن، بعد أن ترك الآب الدينونة بين يديه (آ22).  مجدٌ واحد للآب وللابن. قال يسوع: "يمجِّد جميع الناس الابن كما يمجِّدون الآب. ومن لا يمجِّد الابن لا يمجِّد الآب الذي أرسله" (آ23). هنا نتذكَّر أنَّ التمجيد خاصٌّ بالله.

ويتواصل كلام يوحنّا الذي يحسبه بعض الكتَّاب العرب بأنَّه استعارة لا حقيقة. ما أهون هذا الموقف الذي يجعلنا خارج سرِّ الخلاص. ادخلوا ولا تخافوا. لا شكَّ في أنَّ الله يريد أن "يستولي" عليكم فتصبحوا له، إلاَّ إذا شئتم أن تُبقوا البابَ مغلَقًا. قال يسوع: "كما أنَّ الآب له الحياة في ذاته، كذلك أعطى الابن أن يكون مصدر الحياة" (آ16).

هذا كان إيمان الكنيسة الكبرى بالرغم من الهرطقات والتعاليم الضالَّة. وهذا هو إيمانُنا، ونحن نستعدُّ أن نموت ولا نتخلَّى عن هذا الإيمان. ففي مثل هذا الإيمان حياتُنا.

 

 

رسالة القدِّيس بولس إلى أهل فيلبّي 2: 4-11

 

فلا يهتمُّ إنسانٌ بنفسِه، بل كلُّ إنسانٍ برفيقِه. وفكِّروا في هذه بأنفسِكم، تلك التي هي أيضًا ليسوعَ المسيح. ذاك الذي كان في شبهِ الله ما حسب هذه اختطافًا أن يكون معادلَ الله. بل أفرغَ نفسَه وصورةَ العبدِ أخذ. وأضحى في صورةِ الناس وفي الهيئةِ وُجد مثل إنسانٍ وواضعَ نفسَه وأطاعَ حتّى الموتِ ولكن موتِ الصليب. من أجلِ هذا أكثرَ اللهُ فرفعَهُ ووهبَ له اسمًا أفضلَ من كلِّ الأسماء. بحيثُ تنحني باسمِ يسوعَ كلُّ ركبة، ما في السماء وما في الأرض وما تحتَ الأرض. ويعترفُ كلُّ لسانٍ أنَّ يسوعَ المسيحَ هو الربُّ لمجدِ الله أبيه.

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM