الله الحنون الرحوم

مرّات نُحسُّ أنَّ الله ضعيف، وأنَّه لا يفعل ساعة ينبغي أن يفعل من أجل أولاده. ماذا ينتظر ليعاقب الأشرار – وضمنًا الآخرون هم الأشرار ونحن الأبرار – أهكذا يفعل الأب الذي يختلف عن آبائنا بقدر لا محدود؟ أهكذا تفعل الأمُّ التي تبدو ضعيفة  مرَّات عديدة، ولكنَّها القويَّة القويَّة في قلب أولادها؟

عن هذا الأب أعطانا يسوع صورة رائعة في مثَل الابن الضالّ: كنَّا ننتظر أن يعاقب الابنَ الأصغر بعد أن ترك البيتَ الوالديَّ وأخذ الميراث وبدَّده في حياة من الانفلات. كنَّا ننتظر أن ينزع عنه صفة "الابن" ولا يستقبله أكثر من أجير، كما طلب هو! أمَا كان الابن الأكبر على حقٍّ حين رفض استقبال أخيه والجلوس معه إلى المائدة الواحدة والمشاركة في الفرح؟

هذا منطق الناس، لا منطق الله. قال عنه النبيُّ هوشع: "أنا إله لا إنسان". أي أتصرَّف لا كما يتصرَّف البشر حيث الانتقام حاضر والبغض والحقد. أنا خلقتُ مدينة نينوى الكبيرة ولستُ مستعدًّا بأن أدمِّرها. أنا خالقٌ الإنسان على صورتي ومثالي، وكلُّ ما أنتظر من الخاطئ أن يعود. هو ابني ويبقى ابني، وأنا لا أأأتشوَّق إلاَّ لشيءٍ واحد، أن أضمَّه، أن أعيد له كرامته التي خسرها عندما ابتعد عنِّي.

وذاك ما فعل الأب – الذي يمثِّل الآب السماويّ- حين عاد ابنُه من البعيد. هو الرحمة ولا شيء غير الرحمة، ولو طالبناه بالعدالة. هو الحنان ولو أردناه كبيرًا فوق البشر. هو يحنُّ علينا، ينحني، يمشي معنا. هذا هو إلهنا.


 

إنجيل لوقا 15: 11-24

وقال لهم يسوع أيضًا: “رجل ما كانَ له ابنانِ اثنان. فقال له ابنُه الأصغر: "يا أبي، أعطِني قِسمَتي الواصلةَ لي من بيتِكَ." فقسمَ لهما مُقتناهُ. وبعد أيّامٍ قليلة، جمَعَ ابنُه ذاك الصغيرُ كلَّ شيء وصلَهُ وذهَبَ إلى مكانٍ بعيد، وهناك بدَّدَ مُقتناهُ بعدَ أن عاشَ مُبذِّرًا. وحين انتهى مِن كلِّ شيء كان له، كان جوعٌ عظيمٌ في المكانِ ذلك، فذهَبَ ولازمَ إنسانًا مِن أهلِ المدينةِ في ذلكِ المكان. وهو أرسلَهُ إلى القريةِ لرعايةِ الخنازير. وكان يَشتهي أن يملأَ بَطنَهُ مِن الخرّوبِ الذي كانَتِ الخنازيرُ آكلةً منه فما كان إنسانٌ يُعطيه. وإذ أتى لدى نفسِه قال: "كَمْ همُ الأجراءُ الآن في بيتِ أبي، الفاضلُ لهم الخبز، وأنا هنا لجوعي هالكٌ أنا." أقومُ وأذهبُ إلى أبي وأقولُ له: يا أبي، خطِئْتُ في السماء وقُدّامَكَ. ومنذُ الآن أنا غيرُ مُستحِقٍّ أن أُدعى ابنَكَ فاجعَلْني مِثلَ أجيرٍ مِن أجرائِكَ. وقام وأتى إلى بيتِه. وبينما هو بعيدٌ، رآه أبوه وتَرحَّم عليه وركَضَ فسقَطَ على عنقِهِ وقبَّلَه. فقالَ له ابنُه: "يا أبي، خطِئْتُ في السماء وقُدّامَكَ وأنا غيرُ مُستحِقٍّ أن أُدعى ابنَك." فقالَ أبوه لعبيدِه: "أَخرِجُوا الثوبَ الرئيسيَّ وألبسوه، وضَعُوا خاتَمًا في يدِه وأنعِلوه نَعلَين. وأتُوا بثورِ الفِطام واقتُلوهُ فنَأكُلَ ونَتلذَّذَ. فابْني هذا مَيتًا كانَ فعاشَ، وضائعًا كانَ فوُجِد." وشَرعوا يَتلذَّذون.


 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM