نؤمن بإله...

دُعيَ ملحدٌ مرَّةً إلى الغداء عند أسرة مسيحيَّة. وقفوا كلُّهم وتلوا الصلاة قبل الطعام. تعجَّب الضيف. استهجن ما فعلت الأسرة، اعتبرها عائشة في الماضي. وعبَّر عن استهجانه. فأجابه الوالد: "في بيتنا فئتان. فئة تصلِّي قبل الأكل وبعده، لأنَّها تؤمن بإله منبع كلِّ الخيرات. فهو حاضر معنا، إذ قال: "إذا اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي، فأنا أكون في وسطهم." وفئة ثانية مؤلَّفة من الهرَّة والكلبة والغنمة. فهذه لا تصلِّي لأنَّها لا تعرف الله ولا تؤمن بوجوده. أو بالأحرى غريزتها تدلُّ على وجوده، كما قال المزمور: "وتزأر الأشبال للافتراس، والتماس طعامها من الله" (104: 21).

الله، كذا في اللغات الساميَّة، من عبريَّة وسريانيَّة وعربيَّة وغيرها. هي صفة ذاك القدير، الصلْب، مثل السنديان الذي لا شيءَ يزعزعه. فنحن لا نقدر أن نعطي اسمًا لله. متى الابن أعطى اسمًا لأبيه؟ فالعكس هو ما يحصل. ومتى الخليقة أعطت اسمًا للخالق، ومتى العبد يأمر السيِّد؟ نحن نتحدَّث إلى الله ونقول فقط "الاسم". أمَّا الصفات فهي عديدة: الربّ، الذي هو، العليّ، العظيم، الحنّان، الرحمن، الرحيم... صفات عديدة نقولها حين نتوجَّه إلى الله، ولكنَّنا لا نعطيه اسمًا...

كيف ندلُّ على إيماننا بالله؟ حين ندعوه وإن كنَّا لا نراه بعيوننا. وهذا واضح في المزامير، الذي تكون الكلمات الأولى، الله، الربّ...: "يا ربّ، ما أكثر خصومي!" (3: 2). "حين أدعوك أجبني يا إلهي، يا حافظ حقِّي" (4: 2). "أصغ يا ربُّ إلى كلامي" (5: 2). "يا ربّ، يا إلهي، بكَ احتميت" (7: 2). "أيُّها الربُّ سيِّدنا" (8: 2).

أجل، نؤمن بالله. نستند إليه. نجعل ثقتنا به. فالاتِّكال عليه خير من الاتِّكال على البشر.


 

سفر المزامير 8: 1-10

أيُّها الربُّ سيِّدنا، ما أعظمَ اسمَك في كلِّ الأرض!

تُغنِّي جلالك في السماواتِ أفواهُ الأطفالِ والرضَّع. تعزَّزتَ في وجهِ خصومِك وأخرستَ العدوَّ والمنتقم. أرى السماوات صنعُ أصابعِك والقمرَ والنجوم التي كوَّنتَها. فأقول: ما الإنسان حتّى تذكرَه؟ وابنُ آدمَ حتَّى تفتقدَه؟ نقصتَه عن الملائكة قليلاً، وبالمجدِ والكرامةِ كلَّلتَه. سلَّطتَه على أعمالِ يديك، وجعلتَ كلَّ شيء تحت قدميه: الغنمَ والبقرَ جميعًا، وبهائمَ البرِّ أيضًا، وطيرَ السماءِ وسمكَ البحرِ، وكلَّ ما يسيرُ في سبلِ المياه.

أيُّها الربُّ سيِّدنا، ما أعظمَ اسمَك في كلِّ الأرض!


 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM