نؤمن بإلهٍ واحد

في العالم القديم، كلُّ مدينة لها إلهها أو إلاهتها. ملقارت في صور، أدونيس في جبيل، جوبيتر في رومة، أرطاميس في أفسس... وكلُّ قبيلة لها إلهها، وكذلك كلُّ شعب. بعل في فينيقية وأوغاريت، هدد في دمشق ولدى الآراميِّين. أشور لدى الأشوريِّين، مردوك لدى البابليِّين. وبالقرب من فلسطين، كموش إله المؤابيِّين. ملكوم إله العمونيِّين (ما يقابل عمّان الحاليَّة في الأردنّ).

آلهة عديدة وإلاهات. ولكن، كما الملك واحد كذلك الإله في منطقة من المناطق. والإلهان يتَّفقان كما حصل خلال العهد بين يعقوب ولابان: الإله الإسرائيلي والإله الآراميّ. اتَّفق الشعبان فاتَّفق الإلهان. وهكذا صار الآلهة على صورة البشر. حين احتلَّ البابليُّون أورشليم اعتبروا أنَّ إلههم مردوك أقوى من "يهوه"، الربّ. وفي أيِّ حال، في أيَّامنا، أيُّ إله أقوى؟ إله هذه الطائفة أو تلك؟ إله هذا المذهب أو ذاك؟ أيُّ نبيٍّ أهمّ؟ وأيُّ شعب وأيُّ كتاب؟

أمَّا إيماننا فيقول: الله واحد وهو خلق الكون الواحد. والبشريَّة واحدة، حيث لا عبد ولا حرّ، لا رجل ولا امرأة، لا يهوديٌّ ولا يونانيّ، لا يونانيٌّ ولا إسكوتيّ. والكتاب يعود بنا رمزيًّا، كرجال، إلى آدم الذي هو مأخوذ من تراب الأرض، وكنساء، مثل حوَّاء التي هي أمُّ كلِّ حيّ. "خلق البشر كلَّهم من أصل واحد، وأسكنهم على وجه الأرض كلِّها" (أع 17: 26). أمَّا نحن فمساكين. نحسب هذا الإله لنا. فهو يحبُّنا ويُبغض الآخرين. يُحلُّنا في جنانه ويرسل الآخرين إلى جهنَّم النار.

منذ القديم أعلن سفر التثنية: "الربُّ إلهنا ربٌّ واحد. فأحبب الربَّ إلهك بكلِّ قلبك وبكلِّ نفسك وبكلِّ قدرتك" (6: 4-25). وتكرَّر الكلام عينه في الأناجيل. جاء أحد المعلِّمين يسأل يسوع. فقال له: "الربُّ إلهنا هو الربُّ الواحد" (مر 12: 30). هو يحبُّ الجميع ويطلب منَّا أن نحبَّ جميع البشر لأنَّهم كلَّهم عياله.


 

سفر الأعمال 17: 22-31

ولمّا وقفَ بولسُ في أريوسَ باغوس، قال: "أيُّها الرجالُ الأثينيّون، أنا ناظرٌ فيكم كلِّكم أنَّكم فاضلونَ أنتم في كلِّ شيء في مخافةِ الشياطين. فإذْ كنتُ أنا مُتجوِّلاً وناظرًا بيتَ عباداتِكم، وجدتُ مذبحًا واحدًا مكتوبًا عليه: مذبحُ الإلهِ المجهول. والآنَ فذاك الذي أنتم غيرُ عارفينه، وعابدون أنتم له، أنا مُبشِّرُكم به. هو الإلهُ الذي صنعَ العالمَ وكلَّ ما فيه، وهو ربُّ السماء والأرض الذي لا يقيمُ في هياكلَ صُنْعِ الأيدي. ولا تخدُمُه أيدي البشر، وهو لا يحتاجُ إلى شيء لأنَّه يَهبُ للناسِ كلِّهم الحياةَ والنفَس. ومِن أصلٍ واحدٍ صنعَ عالمَ البشرِ كلَّه بحيثُ يكونون ساكنينَ على وجهِ الأرضِ كلِّها، وفصلَ الأزمنةَ بأمرِه ووضعَ التخومَ لسُكنى البشر. بحيثُ يكونونَ طالبينَ الله ومتعقِّبين، وواجدينَه (انطلاقًا) من خلائقِه، لأنَّه أيضًا غيرُ بعيدٍ من كلِّ واحدٍ منّا. فبه نحنُ عائشونَ ومُتحرِّكونَ وموجودون، كما أيضًا أناسٌ من الحكماء عندكم قالوا: "منه ذرِّيَّتُنا."

"والآنَ أناسُ ذرِّيَّتِنا هم منَ الله، فما هو لائقٌ بنا أن نظنَّ أنَّ الذهبَ والفضَّة والحجر المنحوتَ بفنِّ البشرِ ومعرفتِهم، مشابهٌ للاهوت. فأزمنةَ الضلال أعبرَ الله، وفي هذا الزمانِ هو مُوصٍ الناسَ كلَّهم بأن يتوبَ كلُّ إنسانٍ في كلِّ مكان. لأنَّه أقامَ يومًا يُزمِعُ فيه أن يَدينَ الأرضَ كلَّها بالعدل، بيدِ الرجل الذي فرزَ، وأعادَ كلَّ إنسانٍ إلى الإيمانِ به إذْ أقامَه من بين الأموات."


 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM